الإثنين 23 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سماح.. عروسة من غير عريس!

سماح.. عروسة من   غير عريس!
سماح.. عروسة من غير عريس!


سماح، فتاة مصرية، قررت أن تتحدى نظرة المجتمع للبنت عبر المواجهة، وسيلتها فى ذلك خبرتها العملية والعلمية فى مجال المسرح لتحطيم «التابوهات» التى ترسخت فى وجدان المجتمع، فقررت ارتداء فستان الزفاف والنزول به إلى الشارع لتواجه الناس، فى تحد للطقس الاجتماعى المعتاد «عروسة وعريس».. لتصبح عروسة فقط من غير عريس، ولسان حالها «أنا صرخة فى وجهكم».

• من أنت؟
- أنا سماح عماد حمدى، أنا من مواليد 1988، خريجة آداب قسم ديكور مسرح، دفعة 2009، حاليا أعد الماجستير فى «فن الأداء»، ودراستى هذه لها علاقة بموضوع الفستان، ومازلت فى مرحلة البحث ويفترض أن أنتهى منها هذا العام، عملت فى المسرح بالأوبرا مع الأستاذ خالد جلال، وعملت بشكل موازٍ فى شركات «الإنتريور» التصميم الداخلى، كمصممة ومنفذة أثاث.
• متى خطرت بذهنك هذه الفكرة؟
- منذ أيام الدراسة وأنا معترضة على أشياء كثيرة تحدث بالمجتمع، معترضة على الطريقة التى يتم تقييمنا بها، والقيود والقوالب التى نصنف بها الآخرين، وفيما يتعلق بقولبة البنت فى قالب العروسة، فهذا كان نموذجا على الرفض للكثير من الأمور.. فمنذ البداية البنت تدرس الدراسة التى يختارها لها الآخرون وتشتغل الشغلانة اللى هما عاوزينها وتلبس بالطريقة اللى هما عاوزينها، وتفكر بالطريقة اللى هما عاوزينها، وأخيرا تتجوز بالطريقة اللى هما عاوزينها من الشخص اللى هما يوافقوا عليه.. وبالنسبة لى.. لأ.. أنا هكون الشخص اللى أن عاوزاه مش اللى إنتو عاوزينو.. لأن النفع والضرر يعود على أنا. 
• ما موقف أسرتك؟
- إذا كانت الأسرة بتضغط.. فهى بتضغط عشان بيسمعوا كلام الناس اللى طول الوقت بيتكلموا.. هى بتلبس كدا ليه، هى بتخرج كدا ليه، هى ليه بترجع فى الوقت ده، الدراسة دى وحشة، ومستقبلها وحش، هى ليه ما اتجوزتش لحد دلوقتى، أكيد فيها حاجة معيوبة،  دايما الأذهان تتجه للشىء السلبى، مفيش حد بيحترم الخصوصية.
• إذن.. هذا ما دفعك لارتداء الفستان والنزول به إلى الشارع؟
- أكيد.. فبالإضافة للتراكمات المجتمعية،  ابتدينا نكبر.. عدينا السن.. ما هى الناس بدأت تتكلم، وناس تسألنى.. إنتى لى بترفضى.. طب ليه مش عاوزاه يشوفك.. وأسئلة كثيرة متلاحقة، وأصلا إنتو إيه علاقتكم، وتكون إجاباتى متعلقة بنجاحى العلمى والعملى، لأن هذا ما أستطيع التخطيط له، لكن لا أستطيع التخطيط لكيفية التلاقى روحيا مع شخص، ففى هذا تعد سافر على أقدارنا.. بعض صديقاتى يحكين لى أنها تجبر على مقابلة فلان.. أو الخطوبة من علان، وفى النهاية الأمر يصل بالبنات لمرحلة الاكتئاب، ولك أن تتخيل نفسية البنت وهى تسمع كلاما مثل «انتى معيوبة».. «انتى فى حاجة فى شرفك أو فى أخلاقك».
• ومن أين أحضرت الفستان؟
- فى أول مرة تصوير أخدته من إحدى قريباتى، وفى الثانية قمت بتجميعه.
• .. نزلت إلى الشارع بالفستان مرتين؟
ـ أيوه.. لأن فى كل مرة الفكرة كانت بتتبلور فى ذهنى كعمل فنى، فى المرة الأولى كان الأمر فى إطار الانفعال، ورغبتى فى أن أصدم الناس، وأن أنزل إليهم لأقول «لا». وهى بمثابة مرحلة الأداء، مثل الفنان الذى يريد رسم لوحة ما ليعبر عن رأيه، فأصبح هو نفسه اللوحة لكنها متحركة، وهذا الأمر متعلق بدراستى، فى المرة الثانية، بعد تبلور الفكرة، كنت فى حاجة إلى تجهيزات أخرى، فقمت بتجميع الفستان بنفسى، وخرجت من منطقتى وذهبت إلى الأماكن التى تعودت الذهاب إليها، وفى المرتين قمت بالتصوير بالفستان، خصوصا أننى كنت حريصة فى المرة الثانية على الناحية الشكلية، ومصداقية أكثر.
• هل تصفين تجربتك بالثورة؟
- أنا بطبعى متمردة على أمور كثيرة تحدث حولنا، بمعنى نحن تربينا بشكل معين وبمفهوم معين فى كل شىء، لكن فى مرحلة ما لابد أن نعيد تقييم هذه الأمور كلها، فستجد أشياء ومفاهيم تجاوز عمرها المائة عام ومازالت الناس تحيا بها، وهى مفاهيم تعطل طاقاتنا وطموحاتنا، فهل المطلوب أن أعطل طموحى لمجرد أن الناس بتتكلم.
• أول رد فعل على ارتدائك الفستان؟
- كان صديقى المخرج التليفزيونى محمد حسان، ذهبت إليه بالصور.. فاندهش وقال «هذا الأمر جرىء جدا»، وبدأ يفكر معى فى كيفية استغلال الأمر فنيا، حتى قمت بإعداد فيلم «فيديو آرت» تم عرضه فى صالون الشباب، وحصل على جائزة.
حالة التشجيع الثانية كانت من أستاذى وأبى الروحى خالد حافظ كوميسير صالون الشباب، الذى انبهر بالتجربة وبالتنفيذ وأضاف فكرة «التجهيز الفراغى».. وهو التصوير ومعه اللافتة التى تمثل صرختى.   
• وماذا عن شعورك بعد تنفيذ الفكرة؟
- تخلصت من ثقل وعبء كبير، وبالتالى تخلصت من عبء مواجهة الناس، ولسان حالى «أنا مش هاممنى رأيكو.. أنا مكملة فى طريقى.. حياتى مش هتقف عشانكو».. «انتو المذنبين فى حقى مش أنا». 
• عروسة من عريس.. ما التعليقات التى سمعتها؟ 
- طبعا.. مثل «هو عريسك سابك وهرب ولا إيه.. هى بتدور على عريس.. هو طلع ما بيعرفش.. ألبس بدلة وآجى معاكى»، وفى المترو «هو عريسك فى عربية الرجالة». وعملوالى زفة بسيطة.
• وكيف كان رد فعلك؟
- كنت متجاهلة الأمر تماما.. لأن بطبيعة الحال الناس دائما تعترض قبل ارتدائى الفستان وبعده.
• كنت تحملين لافتة مكتوبا عليها «هل لديكم رغبات أخرى».. فهل وارد أن تحملى لافتة مكتوبا عليها «مطلوب عريس»؟
- لا طبعا.. أنا لست ضد أن البنت تقول للولد أنا عاوزة أرتبط بيك، لكن مش لدرجة إنها تكتبها على لافتة، لأن فى النهاية الارتباط أمر خاص جدا.
• هل لديك تابوهات أخرى؟
- كثيرة.. وللأسف أغلبها يتعلق بالبنت وآلامها.
• ألم يكن هدفك الشهرة؟
- بالطبع لا.. وإلاكنت دعوت الصحف والقنوات وقت التصوير فى الشارع ليرصدوا الأمر.
• هل كنت تنتقمين أم تسخرين؟
- لا.. أنا كنت أواجه المجتمع.. لأن الجميع يفكر بطريقة «أنا صح».. وإذا كان هناك شخص مختلف عنا.. فهو بالضرورة غلط ..لا «أنا صح.. وأنت صح».. لكن معطياتنا مختلفة، كنت أريد أن أقول للآخر «أنا أرفض تدخلك.. وأرفض تعميم فكرتك عليّ.. فنزولى كان مواجهة بالرفض».
• ما رسالتك إلى من تعانى الأمر نفسه؟ 
- أنت أكبر بكثير من أن تختزلى فى فكرة، أو أن تكونى وسيلة لخدمة أو لتحقيق هدف أى أحد أو رغبات أى أحد، وقولى لأى حد عنده فكرة عاوز يفرضها عليكى.. لو كانت فكرتك ناجحة فهى تناسبك أنت لا أنا، ولازم تبنى نفسك فكريا كويس، وماديا أيضا، لأننا للأسف أى بنت تتعرض لضغوط حتى توافق على أمور لا تريدها لمجرد أنها لا تمتلك الإمكانيات، ولم تتربّ منذ صغرها على الاستقلالية، لأن صاحب رأس المال هو دائما المتحكم فى كل القرارات، سواء الأسرة أو الزوج أو المدير فى العمل.. لأن عندك حياة واحدة بس.
وأخيرا.. أريد أن أسجل ملحوظة.. هذه التجربة أثبتت لى أهمية الفن فى التغيير، فالجميع تناول الأمر إعلاميا بوجهة نظر «إلحق.. فيه أراجوز ظهر تعالى نتكلم عنه»، لدرجة أننى رفضت أن أجيب عن الكثير من الأسئلة فى الفضائيات.  
مثلا أحدهم سألنى «إنتى شايفة السن المناسبة للجواز إمتى»، «إيه مواصفات فتى أحلامك»، فما علاقة هذا بالرسالة التى أريد توصيلها، بشكل آخر «وإنت مالك». •