الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«وطنى» .. جريدة فتحت كل الأبواب المغلقة

«وطنى» .. جريدة فتحت كل الأبواب المغلقة
«وطنى» .. جريدة فتحت كل الأبواب المغلقة


كتبت: عبير فؤاد
لم يكن الأقباط قبل 60 عاما يجدون ما يعبر عن مشاكلهم وقضاياهم وأفكارهم بشكل رسمى، وكان المنفذ الوحيد الذى  يطلون به على  مشاكلهم وقضاياهم هو المجلات الدورية التى  تصدرها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، كانت مجلة مدارس الأحد هى  التى  توزع فى  كل كنائس مصر.
 
إلى أن فتح أنطون سيدهم بابا كبيرا بمثابة طاقة نور للأقباط وهو إصدار صحيفة يعبر فيها زملاؤه الوطنيون عن آرائهم وأفكارهم ويتصدون للقضايا المطروحة على الساحة، بالإضافة لتقديمهم خدمة صحفية ذات مستوى راق ومتميز للقارئ فى جميع المجالات السياسية - الاجتماعية - الثقافية والأدبية والفنية.
ولمن لا يعرف أنطون سيدهم، فهو رجل إعلامى كبير منحه الرئيس جمال عبدالناصر نوط الامتياز فى العمل الاجتماعى عام 1966 ثم بعد وفاته مباشرة 22 - 5 - 1995 منحه الرئيس محمد حسنى مبارك وسام العلوم والفنون من الطبقة الثانية.
بدأ انطون فى عقد اجتماعات عديدة فى مكتبه لترتيب خطوات إصدار الجريدة، وحينما جاء دور اختيار الاسم تم الاتفاق مع الأعضاء المشاركين على (وطنى) على أن يضاف إليه بيت الشعر المعروف لأمير الشعراء أحمد شوقي:
وطنى لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتنى إليه فى الخلد نفسي 
وتم الاتفاق مع عزيز ميرزا رئيس تحرير الأهرام السابق لتولى رئاسة التحرير، وكان أنطون سيدهم صاحب امتياز الجريدة، وشكل من المتعاونين معه والمؤمنين بفكرته شركة مساهمة سماها شركة الجرائد المصورة المصرية، وتولى هو رئاسة مجلس إدارتها.
وجاهد أنطون سيدهم كثيرا حتى حصل على حق امتياز إصدار وطني.
واستمرت الجريدة على نهج وفكر الأستاذ أنطون سيدهم تصدر بانتظام صباح كل أحد مع المزيد من التطور.. تناوب على رئاسة تحريرها كل من:
عزيز ميرزا أول رئيس تحرير 21 / 12 / 1958 - 13 / 8 / 1961
 أما آخر رئيس تحرير فهو
المهندس . يوسف سيدهم 1 / 7 / 1999 حتى الآن.

• وطنى والمواطنة

ويعد وضع المواطنة على رأس الدستور المصرى أعظم انتصار لجهاد وطنى من أجل حقوق المواطنة.. فقد نالت وطنى شرف فتح هذا الملف المسكوت عنه فى وقت لم يكن فيه معيار المواطنة مطروحا إعلاميا.
اهتمت الجريدة بأقباط المهجر فأصبح بداخل العدد ملحق باللغة الإنجليزية وآخر بالفرنسية لمزيد من التواصل مع المصريين بالخارج.
كان للكنيسة نصيب كبير من صفحات الجريدة.. فأصبحت الجريدة بجانب دورها الوطنى فى التوعية والتثقيف لها أيضا دور روحى من خلال نشر مقالات للآباء المطارنة والأساقفة والكهنة وأيضا المقال الثابت للمتنيح قداسة البابا شنودة الثالث.

بعد الرحيل

كان أنطون سيدهم يرفض الحديث عن نفسه، لكن بعد رحيله كان يجب حفظ سيرة هذا الرجل فى كتاب يخلد مجهوده.
فتم إصدار كتاب «أنطون سيدهم الوطن والأقباط ملفات لم تغلق» من إعداد نبيل عدلى، وتقديم يوسف سيدهم، وهو الصادر عن سلسلة كتاب وطنى ليكون علامة مضيئة للشباب يلتمسون من خلاله طريقهم صوب النجاح، سواء على المستوى الشخصى أو الوطنى، ففى اقتفاء مسيرة الرجل العديد من المحطات أجملها النجاح وأروعها القدرة على تخطى المحن والصعاب وأبدعها صدق الوطنية والانتماء.
الكتاب ركز على الملامح الرئيسية فى مسيرة رائد «وطني»، وضم 288 مقالا سطرها بقلمه.
ومواقف تحمل فكرة ذكرتها سامية سيدهم ضمن مذكراتها عن أنطون سيدهم الأب والمواطن والمحب لوطنه، الموقف الأول كان فى الأيام الأخيرة من حياته، حيث كان مريضا، وسافر إلى الخارج لإجراء عملية جراحية، وفيما كان أحد الرهبان يحدثه عن الإيمان وقوة الشفاعة والكنيسة، نهض أبى من رقدته وصمته وتملكه حماس غريب وهو يقول: «أنا اسمى أنطون على اسم الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة فى مصر والعالم كله.. أنا من مصر وكنيستى هى الكنيسة القبطية التى أسسها مارمرقس الرسول، وكنيستنا هى أعرق كنيسة فى العالم، هكذا كان اعتزاز أبى بمصريته وكنيسته حتى فى أشد لحظات مرضه».

• سوء معاملة الأقباط

يستعرض الكتاب العديد من المقالات التى سطرها الراحل أنطون سيدهم بقلمه الذهبى ففى مقاله سوء معاملة الأقباط، يقول فيها: «كتبت قبل سفرى للخارج عن الخط الهمايونى، وآثاره السيئة على الأقباط، فكم يتحملون من مشاق للحصول على قرار جمهورى ببناء كنيسة لهم! أما عن الاعتداءات المستمرة من الجماعات فقد أصبحت سمة هذه الأيام، إذ إن جرائد المعارضة تنشر تفاصيل الأحداث المؤلمة من تهديد للأقباط والاعتداء عليهم بالضرب والقتل.. ثم نهب متاجرهم وحرقها وتخريب مساكنهم، والاعتداء على النساء والأطفال. لقد أصبحت هذه المآسى أشواكا مؤلمة فى حياة أقباط مصر، وبالرغم من الكتابة فى هذا الموضوع مرات كثيرة، فإن الحكومة لم تحرك ساكنا، ولم تتخذ أى إجراء سواء بخصوص ما يعانيه الأقباط فى إنشاء وترميم كنائسهم أو بالقيام بتخطيط فعال لإنهاء الاعتداءات على هؤلاء الأقباط المسالمين.

• رائد إصدار الصحف

كتب شريف جاب الله مقالا فى الأهرام الاقتصادى عن أنطون سيدهم تحت عنوان «عظماء ظلمهم التاريخ» أكد فيه أن هناك روادا للصحافة والإعلام بخس بحقهم ومن بينهم أنطون سيدهم صاحب جريدة وطنى الذى كان صاحب أنشطة اقتصادية ومالية وخدمية إلى جانب كونه رائدا من رواد إصدار الصحف وتوفير عناصر استمرارها ونجاحها.
فجريدة وطنى لا تندرج فى قائمة الصحافة الدينية بالمعنى التقليدى للمصطلح، ولا يعنى هذا أنها لا تتطرق إلى القضايا والهموم المسيحية وهموم المواطن المصرى المسيحى سياسيا واجتماعيا وثقافيا، ولكنها بعيدة كل البعد عن الانغلاق على الذى يحول دون انتشارها فى الأوساط المسيحية فقط فهى تجربة صحفية ناضجة متماسكة متوازنة.

• الحفيدة

ويفصح الكاتب عن أروع ما سطر بصفحات «وطنى» فى عام 2008 احتفالا بسنة اليوبيل الذهبى للجريدة تلك الرسالة التى خطت سطورها «تارى» حفيدة يوسف سيدهم، والرسالة تحفة أدبية فكرية استقرأها للمستقبل «أشرف رمسيسس» قارئ وطنى بأسيوط ونسبت للطفلة من افتراض الكاتب.. فماذا قالت «تاري»، وهى افتراضيا بلغت من العمر خمسة وعشرين عاما، ومن ثم تحتفل باليوبيل الماسى لتأسيس وطني: «فى بداية مقالى اليوم أتوجه بالعرفان وجزيل الشكر للراحل العظيم أنطون سيدهم جد أمى على مجهوداته العظيمة فى تأسيس جريدة وطنى منذ 75 عاما، كما أتوجه إلى المهندس يوسف سيدهم جدى أطال الله عمره على مواصلته لرسالة وطنى.وجاء الدور علىّ مواصلة الرسالة، فأنا شابة أعشق الصحافة والكتابة. ومن خلال متابعتى للأعداد القديمة من جريدة وطنى وجدت سلسلة مقالات بعنوان «قراءة فى ملف الأمور المسكوت عنها»، ووجدت أن كل ما كتب منذ نحو ربع قرن تحقق بالفعل اليوم على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال لا الحصر جاءت حركة تعيينات المحافظين بوجود 8 محافظين أقباط. تم إلغاء خانة الدين من الأوراق الرسمية. إجراءات ترميم وبناء الكنائس باتت سهلة للغاية. تم تدريس الحقبة القبطية فى مادة التاريخ، أما أسعد خبر سمعته هذا العام، فهو إطلاق اسم الراحل أنطون سيدهم على أحد شوارع.
 مشوار حياة الراحل أنطون سيدهم، حيث غلف هذا الحوار الكثير من الشجن والحنين من استدعاء الذكريات فنراها تقول كما جاء بالنص: «كل شيء فى حياة أنطون كان منظما والأدوار الأسرية محددة ومعروفة، فكان يوم الأحد له طابع خاص؛ لأن أنطون كان مرتبطا جدا بالكنيسة ومحبا جدا لطقوسها وملتزما بأصوامها مهما كانت حالته الصحية. أما فيما يخص معاملة ،الأبناء فكان مشجعا لهم على القراءة، وكان يناقش معهم ميزانية شراء أى مستلزمات أما المتعلقة بالكتب فكان لها الأولوية.. وكان حنونا جدا معهم رغم شخصيته المهيبة والحازمة.

• جوائز

تحصد وطنى كل عام العديد من جوائز نقابة الصحفيين.
فقد فازت الزميلة حنان فكرى علم 2013 بعضوية مجلس النقابة كأول امرأة قبطية.. كما حصل العديد من أبناء «وطنى» على العديد من الجوائز.•