الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الجنس فى الحب.. كالماء فى الورد

الجنس فى الحب.. كالماء فى الورد
الجنس فى الحب.. كالماء فى الورد


كانت البداية عندما سألت نفسي: لماذا يطلق الناس فى الخارج على الجنس ممارسة الحب أوMaking Love  ؟؟ هل فكرت يوما فى سر العلاقة بين الحب والجنس؟ فإذا كان الحب عاطفة، والجنس غريزة، فما العلاقة؟!
 هل هما وجهان لعملة واحدة، أم أنهما علاقة تكاملية؟ هل من الممكن أن يحدث حب دون أن تؤدى العلاقة إلى الجنس؟ والعكس: هل يمكن أن تحدث علاقة جنسية بدون أن تسبقها أية مشاعر للحب؟.. أردت أن أعرف الإجابة، فنزلت إلى المجتمع الأنثوى والذكورى لأعرف نظرتهما للحب، وعلاقته بالجنس.


فى أثناء بحثى وجدت دراسة أمريكية حديثة نشرت بموقع «الحب ثقافة» التابع لإذاعة هولندا العالمية، تفيد أن العلاقة الجنسية قبل الزواج تولد عدم الثقة، وأثبتت أن العلاقة الجنسية التى تكون قبل الحب أو الزواج مبعثها مرض نفسى، لأن دافعها فى حقيقة الأمر، إما أن الشاب يريد إثبات رجولته، وإما سعى الفتاة لشراء الاكتفاء العاطفى بتقديم جسدها، أو الإثارة بدافع الشهوة، لكن من يظن أنه عن طريق الجنس يستطيع الاحتفاظ بالطرف الآخر حتى يتزوجا.. فهو مخطئ.
• الحب أولا
تحدثت مع سهام- 34عاما، متزوجة منذ 3سنوات - فقالت لي: لا أتصور الجنس بدون حب، فكيف أكون بين يدى رجل، ولا أشعر تجاهه بأى عاطفة، فلابد أن أشعر بالحب لكى أمارس الجنس، وأعتقد أن المرأة عندما تغصب على ممارسة الجنس مع شخص لا تبادله الحب، تشعر بأبشع شعور على وجه الأرض، لذلك عندما يتقدم رجل للزواج من امرأة لابد أن تحبه، وتتقبله وتتخيل نفسها معه، حتى تتمكن من ممارسة الحب بعكس الرجل الذى من الممكن أن يتزوج امرأة لم يحبها بعد، يتقبلها فقط، ويحدث الزواج، ويمارس معها الجنس ثم يشعر بالحب..وهذا ملخص مقولة الآباء والأجداد التى نسمعها دوما: الحب يأتى بعد الزواج، فهم يقصدون أن العلاقة الجنسية تولد حبا واحتواء، لكنى لست من أنصار ما يقوله هؤلاء، فالحب لابد أن يكون قبل الجنس لأننا بنى آدمين، ولسنا حيوانات.
• الانجذاب
أما رامي-44 عاما، فيقول: أرفض من يصور الرجل على أنه حيوان يمارس الحب مع أى امرأة بدون وجود مشاعر حب، فهناك «شعرة بسيطة» توقعنا فى الخطأ، وتجعلنا نحكم على الأشياء بدون أن نفهمها فهما صحيحا، فالرجل لا يستطيع إقامة علاقة جنسية مع امرأة لم يشعر نحوها بأى انجذاب، صحيح أنه من الممكن أن يقيم علاقة مع فتاة لم يصل معها لدرجة الحب الكامل، لكن الأساس هو وجود انجذاب يحرك مشاعرى ويثيرنى لكى أقوم معها بعلاقة..وأنا عن نفسى تزوجت فى عمر الـ34، وكان قد سبق لى المرور بتجارب كثيرة حب وجنس، والحقيقة أننى مارست الجنس مع فتيات لم أصل معهن لدرجة حب كبيرة، لكننى فى نفس الوقت لم أقم علاقة أبدا مع واحدة لم أنجذب إليها بتاتًا، وجربت بعد الزواج العلاقة الجنسية القائمة على الحب، ووجدتها أفضل بكثير، أو بالمعنى الأدق لا مقارنة بينها وبين العلاقات الأخرى..ففى رأيى أن من يقيم علاقة جنسية بدون حب أو على الأقل انجذاب، فإن لديه شراهة جنسية، ومرضا نفسيا، مثل الحيوان الذى تحركه غرائزه.
• الوردة والجنس
يختلف معه خالد -33 عاما، فيقول: الحب بدون جنس لا يدوم لأنه ليس له معنى، فكيف تكون عندك وردة ولا تسقيها، فالماء بالنسبة للورد كالجنس بالنسبة للحب، والدليل هو طلاق اثنين بعد قصة حب طويلة والسبب عدم توافقهما فى حياتهما الجنسية معا.
فأنا من الممكن أن أعيش تجربة جنسية تجعلنى أحب بطلتها، فإذا عشق رجل امرأة فى العلاقة.. فلن يستطيع الاستغناء عنها، ومن ثم يبدأ التعود عليها، فيتولد لديه الحب، لكن لو ظل يحب فتاة لفترة طويلة بدون ممارسة جنس فبالتأكيد سيذبل الحب ويموت، وعلينا أن نصارح أنفسنا ولا نتشدق بعبارات رنانة فقط، فجميعنا يعرف أن مجتمعنا يفكر فى الجنس طوال الوقت، وحتى الرجل عندما يتقدم لامرأة للزواج منها، فإنه يختارها على أساس جنسى بجانب الأخلاق والدين، لكنه لا يغفل أبدا شكلها وملامح جسدها، كذلك فالمرأة تنظر للرجل، وترى إن كانت ستستطيع إقامة علاقة جسدية معه أم لا.
• خدعوك فقالوا
ذهبت إلى أ.د يسرى عبدالمحسن-أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، وسألته: هناك طبيعة خاصة للحب، والجنس، ماهي؟ فأجابنى، قائلا: يهيأ للناس أن الحب والجنس وجهان لعملة واحدة، لكن بالنظر والتمعن نجد أن الجنس منفصل عن الحب بطبيعة تعريفهما وتكوينهما، فالجنس علاقة حسية مادية مرتبطة بالرغبة المتبادلة من الطرفين تحركها عوامل بيولوجية مرتبطة بالغدد والهرمونات..أما الحب فهو مشاعر عاطفية تصدر عن الجهاز العاطفى الموجود أساسا فى المخ، الذى يتكون من عدة مراكز تكون مسئولة عن لغة التعبير، والتقارب الوجدانى العاطفى بين الجنسين، ثم يستجيب الجسد لهذا الشعور النابع من المخ، وهى المسئولة أيضا عن ضربات القلب، والرعشة واللهفة وغيرها من الأعراض التى تشير لتحرك العاطفة المتولدة من الحب..وعندما استفسرت عن سر العلاقة الشائكة بين الجنس والحب، أوضح لى قائلا: الجنس من الممكن أن يعزز الحب، لكن فى إطاره المشروع بين الزوج والزوجة، وهو الإطار الذى حدده الله عز وجل، أما أن يكون الجنس مؤكدا للحب، فلا يمكن ذلك، لأن الجنس يشبع الشهوة والرغبة بين الطرفين، ولا يؤكد الحب..لكن كما قلت سابقا، لو ارتبط الجنس والحب يكون الجنس عاملا مساعدا على توطيد العلاقة والتهاب المشاعر، وتأكيد التواصل بين الطرفين، لكن أن يؤدى الجنس إلى حب ليس أبدا بالضرورة.
سألته: وماذا عن المقولة التى تقول: المرأة تعطى جنسا لتأخذ حبا.. والرجل يعطى حبا ليأخذ جنسا؟
أجابني: هذه المقولة غير صحيحة، لأن الجنس إشباع، وغريزة فطرية تلح عليه فى وقت معين، وتحتاج إلى إشباع عند الطرفين المرأة مثل الرجل، لكن الاختلاف يكون فى الحب فتعبير المرأة عن عواطفها أكثر، وانفعالاتها ومشاعرها أشد وأقوى وأكثر من الرجل، لأن الرجل بطبيعته التكوينية يستطيع التحكم فى انفعالاته ومشاعره إلى حد كبير عن المرأة، فجهاز المرأة العاطفى والوجدانى أكثر حساسية، وأشد سخونة ونشاطا. •