فى مصر مخترعون من ذهب
يارا سامي
وجوه تشع بالذكاء والنبوغ؛ تحلم بالحصول على فرصة واحدة للخروج من بطن العتمة إلى أوج النور.. ترغب فى يد مسئولة تؤمن بقدراتها العلمية ولا تدفعها للهجرة إلى بلاد تقدر وتعى جيدًا العقول العلمية وتتبنى مشروعاتها وتبذل المليارات من أجل إنجاح المنظومة العلمية.
هذا ما تنبهت إليه أكاديمية البحث العلمى وحاولت فى سياستها الجديدة أن تتجنب الوقوع فى نفس الفخ الطارد للعقول المصرية حيث افتتحت أكاديمية البحث العلمى برئاسة دكتور محمود صقر، وتحت رعاية رئيس الوزراء وبحضور وزير البحث العلمى دكتور شريف حماد ورؤساء الجامعات والمراكز والمعاهد البحثية والمستثمرين ورجال الأعمال معرض القاهرة الدولى الأول للابتكار، حيث عرض 100 نموذج أولى للابتكار والاختراع.. كانت «صباح الخير» بين العارضين الشباب و الاختراعات الشابة.
• خلخلة طمى السد العالى
كانت الجولة الأولى مع مريم أحمد بيومى بنت جميلة صغيرة فى الصف الأول الثانوى بإحدى مدارس محافظة المنوفية؛ إذا نظرت إليها منذ الوهلة الأولى أشعت عيناها ببريق النبوغ والعبقرية تحدثت عن مشروعها «خلخلة الطمى المتراكم خلف السد العالى واستخراج الذهب منه» قائلة: المشكلة عندنا أن الطمى متراكم فى بحيرة ناصر وخلف السد العالى وحاولت العديد من الشركات إخراج هذا الطمى بواسطة الآلية العادية المستخدمة فى ذلك وهى «التكريك» ولكن لم تنجح هذه الشركات فى إخراجها لأن طبيعة الطمى عندنا فى مصر مسننة، وبمجرد نزول أى آلة فى الطمى تتآكل وتتوقف ولا تستطيع إكمال المهمة.
وأنا فى مشروعى أخذت عينة من طمى السد العالى واعتمدت على تكوين الطمى نفسه واعتمدت أيضا على المعلومة العلمية القائلة بأن جسيمات السيليكون تحمل خاصية طرد المغناطيس وعندما تتعرض هذه الجسيمات إلى المجال المغناطيسى تقف بشكل عمودى على المجال المغناطيسى، وبذلك يتم توزيع الطمى فى كل المياه دون استخدام أى آلات أو إهدار أى آلة وبعد ذلك يتم شفط الطمى بأى آلة وبذلك يتم إخراج الطمى دون أى تكلفة أو إهدار أى آلة.
أما الجزء الثانى من المشروع فهو استخراج الذهب من طمى السد وذلك حيث أثبت العديد من الدراسات أن طمى السد العالى يزخر بالذهب وهناك طريقتان: الأولى، من خلال خلط الذهب والزئبق وبعد ذلك يتم فصلهما حراريا فى غرفة مغلقة لأن بخار الزئبق سام جدا وبعد ذلك يتم تكثيف هذا البخار ومن ثم إعادة استخدامه بدون إهدار ونحصل بعدها على الذهب ولكن هذه الطريقة مكلفة جدا.. وبذلك توصلت إلى الطريقة الثانية والتى استخدمت فيها مدرة الفلاح التى يفصل فيها القمح عن القش.. واستخدمت الآلة التى تعتمد على فرق الكثافة بين الطمى والذهب وبذلك استطعت فصل الذهب عن الطمى وبالتالى استطعت أن أحصل على الطمى والذهب بدون أى تكلفة.
وعن نظامها فى العمل تقول، أجرى التجارب والاختبارات فى المنزل، حيث امتلك معملا صغيرا على «قدى»، كذلك أود أن أشير إلى دعم أبى وأمى لى فهما من يصطحبانى إلى المعامل ويزودانى بالكتب من المكتبات العلمية وكذلك كنت استعين بالكتب الدراسية لأخى الأكبر عندما كان فى الثانوية العامة، وكنت أنا فى الصف الثالث الإعدادى، حيث كنت أجد فى كتبه شرحا وافيا لكل ما أريده عن علم الجزيئات خاصة السيليكون.
الجدير بالذكر أن مريم حصلت على عدة شهادات تقدير وجوائز دولية من منظمة المخترعين بإندونيسيا ومنظمة المخترعين العالمية، وجائزة خاصة من كندا وأخرى من الاتحاد السوفيتى.. وستشارك فى مسابقة فى تايوان الشهر المقبل ستمثل مصر والوطن العربى فيها بدعم من وزارة الشباب والرياضة.. وعن حلمها فى المستقبل، تقول مريم نفسى أعمل فى مجال النانو تكنولوجى وأكون عالمة مثل دكتور زويل.
• الأرز الهجين
دكتور عمرو محمد رضا قسم بحوث الأرز بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية يقول: «بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمى ووزارة التموين أطلقنا مبادرة هدفها إدخال تكنولوجيا جديدة وهى الأرز الهجين من أجل زيادة إنتاجية محصول الأرز فى مصر.. هذه التكنولوجيا تم استخدامها فى الصين والهند وفيتنام والفلبين.
فى مصر؛ بدأ مركز الأرز فى إدخال هذه التكنولوجيا حتى عام 2004 واستطعنا إنتاج أول أصناف هجين وتم توزيعها على المزارعين فى عام 2005.
وعن المبادرة؛ يقول دكتور عمرو: «نريد استغلال الأراضى الملحية والأراضى التى تقل فيها نسبة المياه والتى تزيد فيها نسبة الجفاف لزراعة الأرز الهجين لأنها تجود فيها وبما أن الأصناف الهجينية إنتاجيتها عالية تصل إلى حوالى طن أو طن ونصف عن الأصناف العادية فإذا تم تعميم زراعة هذه السلالة وإذا تمت زيادة مساحتها إلى 250 ألف فدان وإذا حصلت من الفدان الواحد على إنتاجية من مليون إلى مليون ونصف وبالتالى سنحصل على إنتاجية تزيد بنسبة حوالى من 4 إلى 5 ملايين طن أرز شعير؛ فإن هذه الزيادة فى الإنتاج سيقابلها تقليل فى المساحة حوالى (30) ألف فدان وعندما تتوفر لدى هذه المساحة لزراعة الأرز سيواكبها توفير من 4 ملايين متر مكعب مياه إلى 6ملايين متر مكعب.. هذه المياه الموفرة يمكن استغلالها فى زراعات أخرى يتم استيرادها مثل الذرة وبذلك نصل إلى الاكتفاء الذاتى.
هذا هو هدفنا من المبادرة هو توفير الإنتاجية والمساحة والمياه وأيضا توفير فرص عمل كثيرة للشباب وأيضا توفير مساحة الأرض المخصصة لإنتاج التقاوى للأرض؛ لأن الفدان فى أرز الهجين يزرع بـ 10 كجم للفدان أما فى الأرز العادى.
• منظف «تشتيت»:
محمد إسماعيل، خريج كلية العلوم بجامعة عين شمس بقسم ميكرو بيولوجى الكيميائية، وشاب لا تفارقه ابتسامته استطاع بمساعدة أخيه التوءم التوصل إلى حل قد يساعد تفادى وقوع خلل بيئى خاصة فى البيئة البحرية.. وعن مشروعه يتحدث قائلا: «ابتكرت منظفا يزيل الأحبار والشحوم مثل المازوت من الملابس والسيليكون والغراء فى نفس الوقت من مادة واحدة درجة حمضيتها 7% فقط أى مثلها مثل المياه لا تؤثر على اليدين مثل الصابون الذى يزيد على 12% .. إلى جانب أن هذا المنظف يعمل على تشتيت النفط فى البحر أى تفتيت طبقات النفط العازلة الناتجة عن تسرب نفطى أو غرق ناقلات الزيت فى البحار ومن المعروف أن المواد التى تستخدم فى تشتيت البقعة الزيتية تتم بشكل رأسى وبذلك تغوص البقعة النفطية فى أعماق البحر مما يتسبب فى موت العديد من الكائنات الحية أما المنتج الذى اخترعناه فهو يفتت البقعة بشكل أفقى ويطفو على سطح البحر ويكون عرضة أكثر للشمس مع البكتيريا الموجودة فى المياه فتكسر الزيت وتتغذى عليه مما يزيد عملية التحلل الخاصة به.. وبالفعل أجرينا تحاليل لدراسة تأثير المنظف على الكائنات النباتية على سطح البحر ووجدنا أنه لم يؤثر عليها فهو منتج غير سام وصديق للبيئة وغير مشتعل ولا يبعث أى أبخرة من شأنها الإضرار بالإنسان كذلك لا يتسبب فى أى تأثير على يد الانسان.. والحمد لله حصلت على براءة اختراع من أكاديمية البحث العلمى، ونجحت أنا وأخى التوءم فى تصدير هذا المنتج إلى الخارج من خلال شركتنا التى أسسناها فى السعودية مع مستثمر أجنبى.
• ROV
بمجرد النظرة الأولى لمى عزت تشعر أنها فتاة «كول» ولا تمت للعلم أو الاختراع بأى صلة فهى بنت محبة للحياة وتحب أن تعيش سنها بكل تفاصيله وعندما تحدثت إليها عرفت أنها تعشق المخاطرة وروح المغامرة.. هى فى الصف الثالث الثانوى شعبة علمى رياضة من محافظة المنصورة تعمل ضمن فريق divergent team المكون من 6 أشخاص بمساعدة المهندس عمرو العلوى.. توصل هذا الفريق إلى ابتكار غواصة يمكنها الغوص تحت أعماق سحيقة وتتحمل الضغط العالى وتجرى مهمات لا يستطيع على الإنسان إنجازها مثل تصليح كابلات الإنترنت ومجالات البترول.
عن ابتكار فريقها تقول مى عزت: «صممنا غواصة بسيطة وغير معقدة والعنصر البشرى الوحيد بها هو أن الإنسان يتحكم بها عن بعد من فوق سطح الماء عن طريق اللابتوب أو ريموت لكنها ليست لاسلكية.. هذه الغواصة تستطيع أن تغوص أكثر من 10 أمتار تحت الماء عملها الأساسى استكشافى كما أنها مزودة بذراع تستخدم فى أعمال الصيانة والإصلاح.. كذلك يمكنها قياس أبعاد «الجبال الجليدية لتحدد مدى خطورتها على حقل البترول أو هكذا.
وأهم ما يميز هذه الغواصة هو تصميمها البسيط، حيث يمكن فكه وتركيبه فى 10 دقائق؛ وفيما يتعلق بمشكلات الغواصات فإن كبرى هذه المشاكل هى العزل والطفو وتغلبنا على مشكلة العزل بوضع الإلكترونيات داخل الكبسولة البلاستيكية المعزولة من الأساس.. أما بالنسبة للطفو فكان الحل بوضع قطع الألومينيوم أسفل الغواصة حتى يكون وزن الغواصة فى المياه «صفر» نظريا ولكن عمليا هى قريبة من الصفر وهذا ما يسهل عملية التحكم فيها.•