قرية ذكية بمشاركة أوغندا وتنزانيا

محمد عبد العاطي وريشة خضر حسن
تطور جديد بدأت تشهده العلاقات المصرية الأفريقية بدخول استثمارات من نوع جديد داخل القارة السمراء، وذلك بعد الإعلان عن مساهمة مصر فى مشروع إنشاء القرى الذكية والدخول إلى كل من أوغندا وتنزانيا والتحول بعد ذلك إلى دول أخرى مع اقتراب الأنشطة وضع خطة للإنشاء، وذلك نظرا لأهمية تبادل الخبرات والعلاقات الدبلوماسية والتجارية مع دول الكوميسا وحوض النيل، ولكن هل يمكن لمصر أن تكون دولة مصدرة للتكنولوجيا أم مجرد عارضة لها فقط !
وتمثل خطوة إنشاء القرية الذكية نقلة نوعية فى العلاقات مع القارة الأفريقية لاسيما أن أغلب الدول تتسم بالفقر الشديد، وبالتالى هناك عزوف عن اللجوء للوسائل التكنولوجية فى تلك البلاد .
• نظم التأسيس
بداية تحدث عمرو علوبة، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الفائزة بتحالف مع شركة القرى الذكية التى ستسهم فى تنفيذ المشروع فى كل من أوغندا وتنزانيا أن اللجوء إلى مثل هذه الاستثمارات سيزيد من فرص عرض التكنولوجيا المصرية فى أفريقيا خصوصاً فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.. وفى مصر هناك مراكز للتطوير والأبحاث متعلقة بتلك الصناعة وذلك بإشراف عدد من الشركات العالمية وكلها خبرات يمكن نقلها إلى هناك من أجل استفادة الدول الأفريقية وتبادل الخبرات والمعلومات مما يعزز فرض الدولة لسيطرتها هناك .
وأشار علوبة إلى أن الدعم الفنى لعدد من الشركات العالمية لأفريقيا وجنوب أوروبا يخرج من مصر وهى دلالة على أن هناك الكثير من الخبرات التى يمكن أن تصنع التكنولوجيا لدول أفريقيا بتكلفة معقولة وبمواصفات عالية وهى وسيلة لتنمية الصناعة المصرية، فضلا عن وجود شركات عالمية نجحت فى جمع أكثر من 300 مبرمج مصرى لصناعة عدد من برامج القيادة للحواسب الآلية للسيارات وهى صناعة دقيقة ولا يمكن الاستغناء عنها فى الوقت الحالى، وهو ما يمكن استغلاله فى تنمية القرى الذكية فى أفريقيا .
• اعتراف رسمى
ومن جهته أكد السفير جمال بيومى - أحد كبار الدبلوماسيين الذين عملوا فى أفريقيا - أن مصر حاليا تملك الكثير من الخبرات فى المجال الرقمى بدليل أن الدكتور أحمد نظيف أعلن عندما كان يتولى رئاسة وزراء مصر أن هناك اتجاها لتصدير التكنولوجيا الرقمية إلى وخصوصاً فى مجال البرمجيات. كما أن الدكتور عاطف حلمى، وزير الاتصالات الحالى أكد منذ عدة أيام أن الصناعة التكنولوجية تقدمت للغاية فى الفترة الأخيرة، ونحن نحتل الدولة الأولى فى المنطقة فى صناعة البرمجيات .
وأشار بيومى إلى أن هناك اتجاها من رجال أعمال للدخول فى صفقات لتعريب الكثير من البرامج لخدمة العرب والمسلمين فى آسيا وأفريقيا، ويرى الدكتور إبراهيم عبدالله أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية أن وجود القرية الذكية فى مصر أكسب مصر الكثير من الخبرات للتعامل فى هذا المجال فى أفريقيا كذلك وجود عدد لا بأس به من الخبرات يمكنها الدخول سريعا إلى السوق.
وأشار عبدالله إلى أن الاستثمارات المصرية فى هذا المجال تهدف فى نهاية المطاف إلى صناعة بنية أساسية للدول الأفريقية يمكن أن يرتكزوا عليها فى حياتهم.
وأضاف عبدالله أن مشكلة أفريقيا أن لديها الكثير من المعلومات، ولكن لا تجيد توظيفها، وبالتالى فهو لديه مشكلة فى إصدار الإحصائيات الدقيقة عن حياته المعيشية سواء الزراعة أو الصناعة أو التجارة، وبالتالى فإن الدور الرئيسى لمصر هناك سيكون فى المقام الأول هو إنشاء إطار واضح المعالم يمكن من خلاله أن تعمل الحكومات فى أفريقيا على اتخاذ القرارات الاقتصادية، وبالتالى فإن الربح ليس الهدف الرئيسى فى ذلك المشروع .
• الاستفادة المبكرة
وأكد الدكتور فاروق شقوير المدير التنفيذى السابق لبنك التنمية الأفريقية أن اتجاه مصر للاستثمار التكنولوجى فى أفريقيا سيسهل عليها الكثير من الخطوات بداية من سهولة استخدام العملة الأفريقية الموحدة فى شرق أفريقيا والمقرر إصدارها فى أفريقيا والمخطط لها عام 2020، مما يسهل من مهام المصارف المصرية هناك.
وأكمل شقوير حديثه قائلا: إنه يجب على الدولة دعم هذا التوجه من خلال استخدام الأنشطة المكملة داخل القارة، حيث يجب أن يكون الدخول إلى أفريقيا متكاملا، فعلى سبيل المثال هناك مؤسسات مصرية يمكنها أن تتفاعل مع هذا التوجه بداية من وزارة الشباب والرياضة والأزهر الشريف ووزارة الخارجية ووزارة الاستثمار ووزارة الزراعة وغيرها.
وتابع شقوير أنه إذا ما أضفنا إلى تلك المؤسسات ما ستستثمره مصر فى القرى الذكية داخل أفريقيا ستكون بمثابة الدعم لكل تلك المؤسسات فى عملها داخل القارة السمراء .. خاصة أن الأجندة التى اعتمدها الاتحاد الأفريقى والتى ستكتمل فى عام 2063 قد أكد خلالها أن الدول الأفريقية ستحمل فيزا موحدة يمكن من خلالها دخول أى دولة داخل الاتحاد، وذلك وفقا لما هو معمول به فى أوروبا، ومن هنا تأتى ضرورة التعمق فى أفريقيا من خلال مجالى التجارة والتكنولوجيا للاستفادة مبكرا من القرارات التى اعتمدها الاتحاد الأفريقى .
ومن جهته أكد عماد البرنس أحد رجال الأعمال المهتمين بالعمل فى أفريقيا أن مصر حاليا تحتل مكانة رفيعة بين الدولة الأفريقية فى التكنولوجيا وتقنياتها وتطبيقاتها، والتفكير فى اللجوء إلى ذلك الاستثمار فى الوقت الحالى هو دعم للموقف السياسى المصرى الذى يدخل فى مفاوضات مع دول حوض النيل خاصة إثيوبيا بسبب سد النهضة.
وأشار البرنس إلى أن الاستثمار فى أفريقيا واعد مضيفا أن السوق هناك بحاجة إلى مزيد من الجهد والعمل ومصر لديها الخبرات اللازمة لإدارة القرى الذكية وتشغيلها والعمل على الاستفادة المتبادلة وفتح آفاق جديدة فى أفريقيا قائمة على المصالح المتبادلة لاسيما أن القارة السمراء بها الكثير من الموارد اللازمة لعمل استثمارات ضخمة. •