الإثنين 18 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هل للحب تاريخ صلاحية؟ دراسة عالمية: الحب يدوم ثلاث سنوات

هل للحب تاريخ صلاحية؟  دراسة عالمية: الحب يدوم  ثلاث سنوات
هل للحب تاريخ صلاحية؟ دراسة عالمية: الحب يدوم ثلاث سنوات


 نظرت لنفسى فى المرآة، فسرحت طويلا، وسألتها: ترى هل سيظل حبه فى قلبى بنفس الدرجة؟ هل ستنظر لى عيناه دائما بنفس نظرة الشوق واللهفة، أم ستعتادني؟ هل تشعرنى كلمة بحبك بالرعشة مثل المرة الأولى التى قالها فيها، أم سيأتى اليوم الذى أشتاق فيه لإحساس أول لمسة، وأول نظرة اختلسناها معا من خلف البشر.. تساؤلات طرحتها على قلبى فى أول مرة يخفق فيها.. خفت من النتيجة، وأكثر ما أخافنى هو معظم النماذج التى آراها حولى من الأصدقاء والأقارب، فالكل يؤكد على أن الحب لا يبقى على شاكلته،سواء توج بالزواج أو استمر على حاله فإما أن تنهى صلاحيته تدريجيا مع الوقت، أو يتحول إلى عشرة طيبة إذا اتفق الطرفان على ذلك، والبعض يقول إن الحب تنتهى صلاحيته مع أول أيام الزواج.. سؤال احترت فيه، لكنى تركته للأيام تجيب عنه.
نزلت إلى عالم المحبين، وسألتهم: هل للحب صلاحية؟!، فانقسمت الآراء بين هو وهي
فقال هو: الحب صلاحيته تنتهى وقت أن تبدأ المرأة بتصدير الملل والنكد والغيرة، فردت هى بأن الحب ينتهى عندما يقرر الرجل ذلك، ويبدأ بشعور الملل، وتنظر عينه لأخرى تميزها روح التغيير.
أثناء بحثى وجدت دراسة عالمية حديثة ظهرت فى فرنسا تقول إن الشعور بالحب لا يدوم أكثر من ثلاث سنوات، وأن الشعور بالحب يحدث عندما يفرز المخ كوكتيل من الهرمونات تصاحبه سعادة لاتوصف، ثم ما تلبث أن تقل وتتلاشى مع الملل والزمن، ووقتها تتضح العيوب ويبدأ الندم، لكن الدراسة قالت أيضا إنه هناك حالات من الأزواج يقومون بتحفيز هرمون يسمى بهرمون الأوسيتوسين الذى يزيد من الشعور بالحب، ويبتكرون أشياء تذكرهم بأيام الحب الأولي، ليحافظوا على حبهم.
•  حب وخلص
سألت فتيات ورجالاً عن مدى اقتناعهم بصلاحية الحب من عدمه، فبدأت بسلمى فتاة فى العقد الثالث من عمرها.. تعرفت عليها فى الجامعة، جذبت انتباهى على تعليقاتها على الأكونت الخاص بها فى الفيس بوك، فبعد أن كانت تملأ الدنيا تعليقات رومانسية وحبًا بمعنى الكلمة تحولت تعليقاتها إلى غدر وبعد وفراق ولوم، وفجأة مسحت كل الأولاد من عندها. انتابنى الفضول لمعرفة سر التحول الرهيب فى حياتها، فحاولت التحدث معها، وفاجأتني.
قالت لي: هذه هى النتيجة الطبيعية لما حدث معي، فأنا كنت أعيش أجمل قصة حب فى الدنيا.. استمرت سبع سنوات، فنحن جيران، وكنا فى مدرسة واحدة، ودخلنا الجامعة سويا، كنا لا نفترق تقريبا إلا وقت النوم، رفضت كل من تقدموا لخطبتي، فقد كنا نخطط حياتنا سويا وكان يعمل ويعطى لى كل مرتبه أدخره، كل الناس كانت عارفة إننا لبعض، لكن دائما كنت بسأل نفسي: يا ترى هفضل على طول عايشة فى السعادة ديه، وكأن القدر رد عليَّ أخيرا.. بدأ يتغير وبدأ يبتعد عنى يوما بعد الآخر، وزادت الفجوة ولا أعرف السبب، حاولت أنقذ حبي..صدقينى بذلت كل ما فى وسعى لإنقاذه لكن كان بيبعد يوم بعد التاني، حتى جاء يوم، وقال لي: إحنا لازم نفترق.. صدقينى ده أحسن لك قبل ما يكون أحسن لي. صدمني.. «وجعنى أوي»، الدنيا خلصت من قدامي، اتصدم أصحابنا لما عرفوا، سألوه؟ ذبحنى رده أكتر. عارفة قال لهم إيه!.
قال لهم: حاسس إنى ما بقتش بحبها، مبسوط من غيرها، وهى كمان هاتبقى مبسوطة من غيري.. خلاص مابقتش أقدر أسعدها.. حبنا خلص، ومش هنقدر نحب بعض أكتر من الحب اللى حبناه طوال السبع سنوات.
سألتنى سلمي: تفتكرى فيه حب بيخلص، ولا هو حب انتهت صلاحيته؟!
•  لا يعرف الصلاحية
أحمد خطاب زوج وأب لطفلين ومتزوج من تسع سنوات بعد حب نشأ وترعرع فى العمل توج بعدها بالزواج، سألته: هل مشاعرك نحو زوجتك تغيرت بمرور السنوات؟، فأجابني: الحب لا يتغير، لكن المشاعر تهدأ بعض الشيء، فمن غير الممكن أن تظل اللهفة والحب بنفس القدر الذى كانت عليه فى أول سنة أو أول سنتين، وهذا ليس معناه أن الحب تنتهى صلاحيته، فالحب الحقيقى ليس له صلاحية على الإطلاق، لكن إذا سألنا أنفسنا، واستخدمنا العقل، أو حتى القلب، هل أول نظرة وأول لمسة يكون شعورها أو إحساسها مثل النظرات اللاحقة؟ بالطبع لا، وهذا طبيعى عند الناس كلها، لكن يبقى الحب حبا، وتبقى العاطفة عاطفة.
لكن من يترك حبيبه بعد فترة، ويدعى أنه بدأ يشعر بالملل، وأن قصة حبهم انتهت صلاحيتها، فإما أنه لم يكن حبا من البداية، أو أنهم غير مدركين للتغيرات الطبيعية التى تطرأ على الإنسان نفسه وعلى أى علاقة، ويظنون أنه لم يكن حبا.
.. توافقه زوجته سارة فيما يقوله، وتضيف أنه من الممكن إذا شعر الحبيبان أو الزوجان بتسرب الملل إلى حياتهما، فليبتكروا أشياء جديدة لم يعتادوا عليها، أو يغيرا شكل تعاملاتهام مع بعضهم البعض ، فما المانع أن يفاجئا بعضهما البعض برحلة أو وردة، أو قصيدة شعر، أو حتى رسالة حب، وقتها سيسترجعان كل مشاعر الحب والشوق واللهفة، وأنصح كل من يفكر فى إنهاء علاقة حبه لأنه يظن أنها انتهت ألا يتسرع لأن تذبذب العلاقات وصعودها وهبوطها غير مرتبط بتاتا بمقدار الحب، لكنها مرتبطة بحالة التعود وطبيعة البشر أنفسهم.
•  وهم الصلاحية
سألت د.نادية رضوان- أستاذ علم الاجتماع، هل للحب تاريخ صلاحية؟ فأجابتني، قائلة: إذا أردنا معرفة الإجابة، فلنتبع المنطق والبحث العلمي، فنحن فى العالم نتكون من فئات من أطفال، وكبار، وشباب، إذا استبعدنا الأطفال سنجد أننا حوالى 3تريليونات، كل واحد منا له قصة مختلفة عن الآخر، فوراء كل باب قصة حتى فى البيت الواحد قصتى مع زوجى أو حبيبى تختلف عن قصة أختى أو أخي، أو حتى أبى وأمي، فكيف نضع الجميع فى حكم واحد، ونعمم عليهم أى قاعدة؟!!.
وهناك أركان تجعل الحب يستمر، وأركان لا تجعله يستمر، فاللهفة والشوق والوله والنظرة واللمسة أحاسيس مراهقة وقتية لها مرحلة يعيش فيها الطرفان فترة ثم تنتهي، ثم يبدأ الحب الحقيقى الذى يتسم بتحمل المسئولية ومراعاة وإسعاد الطرف الآخر، ووضع الحبيب نفسه مكان نصفه الثاني، يتخيل نفسه إذا خانه أو جرحه، فماذا سيكون رد فعله؟، فكلها عوامل تجعل الحب أبديًا.. ليس صحيحا أن يكون الرجل هو دائما الآمر الناهي، والمطاع ويلقى بجميع الأعباء على المرأة، عليه أن يسمعها، ويقدرها ويحترمها، ويحفظها ويحافظ على كرامتها، ويقدر تعبها، نفس الأمر بالنسبة إليها فعليها أن تتعلم متى تتكلم، ومتى تصمت، وعليهم أن يتعلموا كيف يكونون أصدقاء، وكيف يتشاركون القرار، وهذا مهم جدا، فلا يوجد قرار منفرد للرجل لأنها شريك أساسى وأولى معه.. لكن بالنسبة للدراسة العالمية، فلا نستطيع تطبيقها فى مصر لأن الظروف مختلفة والطبائع متغيرة، فنحن لدينا إشكالية واضحة وهى أنه بمجرد أن يغلق على الطرفين باب واحد، كزوجين أو غير ذلك، يكشف القناع ويظهر كل واحد على حقيقته الأصلية، لكنهم فى الخارج يتعايشون أولا، ثم يفكرون فى الحب أو الزواج.. ولذا فأنا أرى أنه لا يوجد صلاحية للحب، والدليل أن هناك أزواجًا يظلون متزوجين لأكثر من أربعين عاما، ويستمر الحب والتوافق بينهم، وهناك زوجان ينفصلان من الشهر الأول على الرغم من أن قصة الحب التى كانت تجمعهما قوية جدا لدرجة محاربة الأهل من أجل الزواج، لكن بمجرد أن يغلق عليهم باب واحد يرى كل منهم شخص مختلف يستحيل العيش معه.. سألتها أيضا: وماذا عما يسمى بهرشة السنة السابعة التى اتفق عدد من الأزواج عليها، وقالوا إنه فى السنة السابعة من العلاقة ينتهى الحب، وتحدث حالة من الملل، ودائما تكون المرأة هى المدانة والمطالبة فى نفس الوقت بالتغيير.
قالت لي: إنه لا يوجد ما يسمى بهرشة السنة السابعة، فهى وهم لا أساس له من الصحة فى العلم أو الدراسات الموجودة، فحتى أسميها قاعدة لابد أن آتى بعدد من الأزواج، وأتابعهم لمدة سبع سنوات، وعند السنة السابعة أجرى عليهم التجارب التى تثبت هذا، لكن بدون ذلك لا أستطيع أن أعممها، فنحن فى مجتمع إذا قال أحد فيه شيئًا، اتخذها باقى الناس قاعدة.. أما عن بعض الرجال الذين يطالبون المرأة دائما بالتغيير حتى لا يشعر بالملل، فالحقيقة أننا مجتمع متناقض بطبيعته، وغير سوي، يفهم الناس فيه الدين ويفسرون على حسب أهوائهم المزاجية، فالرجل فسر الآية التى تبيح له تعدد الزوجات خطأً، وذلك حسب أمزجة البعض، لكن الحقيقة أن الرجل يسأل نفسه دائما: لماذا أكل من طبق واحد، ومسموح لى الأكل من عدة أطباق، وبالتالى يأخذ مسألة الملل وضرورة أن تغير المرأة من نفسها، ويتناسى أنه الآخر عليه أن بغير من نفسه ويتجدد لأن الست مثل الرجل لها مشاعر وأحاسيس، وأشياء تفضلها.
 وأخيرا، فالحب يبدأ فى الانتهاء عندما يتسرب العند والكبر ممزوجا بالأنانية وعندما يبدأ كل طرف فى الأخذ فقط، والتعنت فى العطاء لأنه كالنبتة الصغيرة إذا روتها حنانا ورعاية تطرح السعادة الدائمة والحب الأبدي، وإن روتها إهمالا فتجنيها حبا قصير العمر.•