الضيافة البدوية .. يا مرحبتين بالعربان!

الكرم فى  بادية مطروح وقبائلها صفة من صفاتهم التى   مازالوا يتمسكون بها ويتفاخرون بها، ولا يقتصر كرم الضيافة فى  البادية على  الرجل الغريب فقط، ولكن لراحلته ودابته أيضاً، لذلك تجد أن البخل مذموم فى  مجتمعهم حتى  أنهم يضربون الأمثال والنوادر فى  البخلاء الذين لا يكرمون الضيوف.
ويروى  المذيع بإذاعة مطروح والمتخصص فى  البرامج الإخبارية والتراث «باسط أبوشناف» أن البدو اعتادوا على  إشعال النار فى  الليل ليهتدى  إليها من ضلّ سبيله فى  الصحراء، فيحسنون إليه ويكرمون وفادته ويرشدونه إلى  ضالته، أما من لا يُكرم الضيف فهو محتقرٌ فى  نظر البدويّ، ويُنظر إليه بإشفاق وكأنه إنسان شاذ فَقَدَ أخلاقه وتجرّد من صفاته.
ويضيف.. أن البدوى  يهتم بتربية الأغنام ليكرم ضيوفه، ومن أكثر الأنواع التى  يحرص على  تربيتها “البرقي” الذى  يكثر فى  المنطقة الواقعة بين مطروح وبرقة فى  ليبيا، ولأن نحر الذبيحة من أساسيات الكرم فهناك ذبح للأغنام إجبارى وواجب عند أهل البادية وهناك ذبح اختيارى.
ويقول أبوشناف إن هناك العديد من العادات والتقاليد المتعلقة بكرم الضيافة لدى أهل البادية، منها أن الضيف البعيد وعابر السبيل عندما يحل فى  مضاربهم ومنازلهم يذبحون له إكراماً له ثم تتم مساعدته وتوصيلة إلى  أسهل الطرق، ويذبح أيضاً للمولود القادم لبيت الجد لأول مرة، ويذبح للبنت حين زيارتها لبيت أهلها لأول مرة بعد الزواج، كما يذبح للحاج فى  السفر والعودة فيما يذبح شكرانة أى شكراً لله تعالى  للمرضى  والرجوع السالم.
ويوضح أن ذبيحة وطعام الضيف يختلف عن الطعام العادى اليومى، فلابد أولاً من تقطيع الذبيحة إلى  قطع معينة تعرف كل قطعه باسم مثل (ساق/ سهم/ شريكة/ عنفقة) وغيرها، وكل قطعة تقدم لشخص معين بمعنى  أن قطعة لحم المرأة تختلف عن الرجل، والرجل عن الطفل، والضيف الأهم فالأهم.
ويشير المذيع بإذاعة مطروح إلى أن طعام الوليمة يتكون من الأرز المضاف إليه لبن الخض الحامض، أما اللحم المطبوخ فيوضع عليه الكركم ويسميه البدوى  «البذار» حيث يكون لون الأرز أصفر.
ويحكى  أبو شناف أن إعداد القهوة وتقديمها للضيف من العادات الكريمة التى  يتمسك بها البدوى  ويفخر ويعتز بها، والضيف الذى  لا تقدم له القهوة يشعر بعدم التقدير والاحترام، ويرى  أنّ مضيفه قد قصّر فى  تقديم الواجب له.. ويؤكد المذيع بإذاعة مطروح أن أهل البادية يصفون الرجل الكريم بأنه «عامر بيت» أى  بيته دائماً عمار وبه ضيوف، ومن الأمثال المتعلقة بكرم الضيافة البدوي: «ضيف ليلة ما توريه فقرك» بمعنى  أن الضيف الذى  يمر عليك لليلة واحدة لابد أن يرى  منك كل خير ولا يرى  الفقر حتى  وإن قمت بالاستلاف لإكرامه، و«الجود من الموجود» أى  أن كَرَم الرجل منوط بحالته المادية، و«الضيف إن أقبل أمير وإن قعد أسير»، أى  أن الضيف عندما يُقبل فكأنه أمير، وإذا جلس فهو أسير عند مضيفه حتى يقدم له واجب الضيافة. •