رؤية مصرية من 5 محاور لتنمية أفريقيا
لم نهدد إثيوبيا رغم خلافنا معها
رحب الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالوزراء ورؤساء الوفود الأفريقية، وممثلى مفوضية الاتحاد الأفريقى والتجمعات الإقليمية، المشاركين فى أعمال المؤتمر الوزارى الثانى لمنتدى الشراكة «روسيا - أفريقيا»، الذى تستضيفه مصر.
واستهل الرئيس الاجتماع الذى حضره الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج فى كلمته بهذه المناسبة بالتأكيد على أن هذا اللقاء يُجسد أهمية تعزيز أواصر التعاون من أجل تحقيق أهداف السلم والأمن والتنمية، وفقًا «لأجندة 2063: أفريقيا التى نريد»، ويؤكد أهمية الشراكات الاستراتيجية للاتحاد الأفريقى مع كافة القوى الدولية المحورية.
وقال الرئيس: إنه رغم الجهود التى تبذلها دولنا، لا تزال التنمية فى أفريقيا تواجه العديد من التحديات؛ من بينها ضعف البنية التحتية، ونقص التمويل، وارتفاع المخاطر.
وأشار إلى أن الرؤية المصرية للتنمية فى أفريقيا ترتكز على خمسة محاور هى: أولًا: دعم تنفيذ الممرات الاستراتيجية والمناطق اللوجيستية، ثانيًا: تعزيز التعاون فى مجال الطاقة والربط الكهربائى، ثالثًا: دعم التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى، رابعًا: تعزيز التجارة البينية الأفريقية، خامسًا: تعزيز التعاون فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى.
ولفت إلى أنه وفى سبيل تحقيق رؤيتنا للتنمية فى أفريقيا، تحرص مصر على توظيف مختلف أدوات التعاون المتاحة، بما فى ذلك تشجيع الشركات المصرية على توسيع استثماراتها وشراكاتها فى الدول الأفريقية، كما أطلقت مصر وكالة لضمان الصادرات والاستثمارات فى أفريقيا دعمًا لهذا المسار، وبناء على ذلك؛ بلغ إجمالى الاستثمارات المصرية فى أفريقيا ما يتجاوز 12 مليار دولار، وتجاوز إجمالى معدلات التبادل التجارى مع القارة الأفريقية 10 مليارات دولار.

وأضاف: تواصل مصر دعمها لبرامج بناء القدرات والتنمية البشرية فى أفريقيا، من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى نفذت أكثر من 700 برنامج تدريبى فى المجالات المختلفة، ووفقاً لأولويات الدول الأفريقية الشقيقة.
وتابع: تؤمن مصر بأهمية العمل المشترك لتحقيق الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد المشتركة العابرة للحدود، بما فى ذلك الموارد المائية المشتركة.. ومن ثم؛ فلا مجال لأى إجراءات أحادية، من شأنها الإضرار بحقوق الدول المتشاطئة فى الأنهار العابرة للحدود، أو تقويض فرص التعاون وتحقيق المنفعة المشتركة.
وأكمل: بحكم انتماء مصر - بالجغرافيا والتاريخ - إلى منطقة حوض النيل، فقد حرصت مصر عبر عقود على التعاون مع دول الحوض الشقيقة لتحقيق الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد المائية وفقاً لقواعد القانون الدولى، سواء من خلال التعاون فى إنشاء السدود أو تنفيذ مشروعات للتنمية المشتركة.
وأردف: كما دعمت مصر مؤخرًا عددًا من المشروعات، فى إطار مبادرة حوض النيل، وأطلقت آلية تمويلية لدعم المشروعات المائية ومشروعات البنية التحتية فى دول حوض النيل الجنوبى انطلاقاً من إيماننا بالحق المشترك لجميع شعوب دول الحوض فى التنمية مع عدم إحداث ضرر لدول المصب.. وعلى ضوء الارتباط الوثيق بين مصر ومنطقة القرن الأفريقى، تشدد مصر على أهمية تحقيق واستدامة الاستقرار فى تلك المنطقة، وضمان أمن الملاحة فى البحر الأحمر، باعتبارهما عنصرين أساسيين للأمن الإقليمى والدولي.
وقال الرئيس: من هذا المنطلق؛ تعتزم مصر المشاركة فى بعثة الاتحاد الأفريقى الجديدة فى الصومال «أوصوم»، كما تبذل جهوداً مضنية فى سبيل توفير التمويل اللازم للبعثة.. واستنادًا إلى تجربتها فى مكافحة الإرهاب، تحرص مصر على تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية الشقيقة لمواجهة هذه الظاهرة الخبيثة، من خلال مقاربة شاملة؛ تراعى الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية والاجتماعية، بما فى ذلك من خلال دور الأزهر الشريف، وبرامج مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام.
وشدد الرئيس على التزام مصر بدعم عمل مؤسسات الاتحاد الأفريقى، خاصة التى تستضيفها، بما فى ذلك من خلال دعم دخول هذه المؤسسات فى شراكات لتنفيذ برامج ومشروعات فعالة تلبى تطلعات شعوب بلادنا.. كما بذلت مصر وستبذل كل جهد ممكن، فى إطار ريادتها لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، ورئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد، لدعم جهود التنمية وحشد التمويل للمشروعات القارية الطموحة، فضلاً عن تنفيذ مشروعات وبرامج إعادة الإعمار فى المناطق الخارجة من النزاعات.. وستواصل مصر الدفاع عن المواقف والرؤى الأفريقية فى مختلف المحافل الإقليمية والدولية، ولا سيما إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقاً لتوافق أوزولوينى وإعلان سرت، فضلاً عن العمل على إصلاح هياكل التمويل الدولية، وتحقيق تمثيل أكثر عدالة للقارة فى مؤسسات الحوكمة العالمية.
واختتم الرئيس كلمته قائلًا: أود أن أعرب عن تقديرى لمشاركتكم فى هذا اللقاء، وأن أنقل تحياتى إلى أشقائى من قادة الدول والحكومات الأفريقية، مع تمنياتى لكم بزيارة موفقة إلى القاهرة، وبمناقشات مثمرة تسهم فى دعم مسيرة العمل الأفريقى المشترك.
حوار تفاعلى
وعقب ذلك أجرى الرئيس السيسى حوارًا تفاعليًا مع المشاركين، أعرب خلاله عن سعادته بلقائهم، مؤكدًا تطلعه إلى حياة أفضل لشعوب القارة. موضحًا أن أفريقيا تمتلك من الموارد الطبيعية والبشرية ما يؤهلها لاحتلال المكانة التى تستحقها عالميًا، مشددًا على أن التحديات التى تواجهها القارة معروفة، وأن الأهم هو كيفية إدارة وتنفيذ الخطط اللازمة لتجاوزها. وضرب مثالًا بثراء بعض الدول الأفريقية بالثروة الحيوانية، التى تستدعى وجود صناعة لحوم متقدمة لتحقيق الاكتفاء الذاتى بالقارة من اللحوم والتصدير. كما أشار إلى أن كميات الأمطار والمياه فى أفريقيا تفوق احتياجاتها، شريطة إدارتها واستخدامها بكفاءة، مؤكدًا أن غياب الاستقرار والأمن يمثل العقبة الأكبر أمام جذب الاستثمارات.
وشدد الرئيس على ضرورة بذل كل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار، محذرًا من أن غياب ذلك يزيد من مخاطر الائتمان، معرباً عن تمنياته لجميع دول وشعوب القارة بالاستقرار والتنمية والازدهار، ومؤكدًا أن استقرار أى دولة أفريقية يجب ألا يكون على حساب مصالح دولة أخرى.
وأضاف الرئيس أن مصر، خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى عام 2019، طالبت بضرورة توفير بنية أساسية مناسبة للدول الأفريقية، خاصة خلال لقاءاته مع قادة الدول الأوروبية والغربية بالمحافل الدولية والإقليمية المختلفة.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع إثيوبيا، أكد الرئيس السيسى أن مصر لا تواجه أى إشكالية مع الأشقاء هناك، وأن مطلبها الوحيد هو عدم المساس بحقوقها فى مياه النيل، والتوصل إلى اتفاق قانونى وملزم بشأن السد الإثيوبي.
وأوضح أن سياسة مصر ثابتة وتقوم على عدم التدخل فى شئون الدول وعدم زعزعة استقرارها، مشيرًا إلى أن مصر، رغم خلافها مع إثيوبيا، لم توجه أبدًا أى تهديد لها، إيمانًا منها بأن الخلافات تُحل عبر الحوار والحلول السياسية.
كما شدد على أهمية البنية الأساسية القوية فى أفريقيا، باعتبارها ركيزة لتحقيق الاستقرار وتقليص النزاعات ودفع عجلة التقدم، مؤكدًا أن ذلك يمنح الشعوب الأمل، وأن الحلول العسكرية لا تمثل مخرجًا للأزمات، بل إن الحلول السياسية هى السبيل الأمثل.
من جانبهم، أعرب الوزراء المشاركون فى كلماتهم عن تقديرهم لمصر وجهودها فى إحلال السلام بالقارة الأفريقية والشرق الأوسط، وكذلك فى دعم التنمية والتقدم بالقارة. وأكدوا تطلعهم لمواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لدول أفريقيا لتحقيق التنمية والرخاء، مثمنين فى هذا الصدد الدور الرائد للرئيس السيسى شخصيًا، فضلًا عن المشروعات التنموية التى تنفذها مصر وشركاتها فى مختلف الدول الأفريقية.