رجب المرشدى
الجماعة تبشر بـعدم استقرار دولى قبل تصنيفها إرهابية فى أمريكا
هل يحرق الإخوان الـعالم؟
«إن لم تستح فاصنع ما شئت»، هذا ملخص بيان تنظيم الإخوان الإرهابى على توقيع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا ببدء مسار لتصنيف أفرع الإخوان فى مصر، والأردن ولبنان، كـ«منظمات إرهابية»، فى خطوة تسرع بنهاية الجماعة بعد نحو قرن على تأسيسها.
البيان الذى يحمل تهديدًا للولايات المتحدة والعالم بمزيد من «عدم الاستقرار» يحمل أيضًا رجاء بالتراجع عن القرار ويدعى «المظلومية» كعهد التنظيم الدائم رغم تلطخ يديه بدماء الأبرياء ليس فى مصر فقط بل دول المنطقة والعالم، فالتنظيم ليس «الأب الروحي» بل هو «الأب الفعلي» والمسئول عن كل الجرائم التى ترتكب باسم الإسلام.
يحتاج بيان الجماعة الذى صدر على صفحاتها الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إلى تحليل وتفنيد حتى لا تستمر الجماعة فى عمليات الزيف التى تقوم بها، وأن تواصل تصدير استهدافها بأنه «استهداف الإسلام» وكأنها هى المعبرة عن الإسلام الذى لم تلتزم بتعاليمه حتى قال مؤسسها حسن البنا إنهم «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين».
يرفض التنظيم القرار الأمريكى بدعوى أن المراجعة لتنظيم الإخوان ومحاولات تصنيفه سبقها ثلاث محاولات فى عهد الرئيس باراك أوباما سنة 2015م، وكذلك فى سنة 2017، وسنة 2018م. لكنها فشلت نتيجة قلة الأدلة القانونية.. ولكن التحرك الأخير للرئيس الأمريكى سبقه سجل دموى من الجماعة كما سبقه قرار حاكم ولاية تكساس الأمريكية الحاكم الجمهورى جريج أبوت والتى تضم واحدة من أكبر الجاليات المسلمة فى الجنوب الأمريكى، إدراج جماعة «الإخوان المسلمين» ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير» ضمن قائمتها الخاصة بـ«المنظمات الإرهابية الأجنبية» و«المنظمات الإجرامية العابرة للحدود» فيما يعتبر أول ضربة غير فيدرالية للتنظيم وفروعه داخل الولايات المتحدة رغم نفى بيان الإخوان «كذبًا» بأن ليس لها «فروع»، مؤكدة أن «التنظيمات الإخوانية المستقلة فى بعض الدول الإسلامية فى عناصر أيديولوجية إسلامية مشتركة».

وكعادتها فى تهديد كل من يعارضها أو يستهدفها كما فعلت فى سنة حكمها الأسود فى مصر من مجازر فى حق الشعب الذى قال لها «لا» متمسكة بحكمها الفاشى للبلاد.. يهدد بيان الإخوان بمزيد من العنف وننقل ما ذكره نصًا: «إن هذا الأمر التنفيذى يشكّل سابقةً خطيرةً.. فتصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTOs) وإرهابيين عالميين مُصنّفين بشكل خاص (SDGTs) يُقوّض الأمن القومى الأمريكى والاستقرار الإقليمي»، هذا الإعلان الرسمى بعدم الاستقرار الإقليمى والعالمى هو إعلان مباشر بالحرب واستهداف المنطقة، وللأسف ستدفع الشعوب العربية الثمن من خلال موجة عنف جديدة سيقوم بها التنظيم وفروعه الممتدة فى عدد من الدول سواء كانت خلايا نائمة، أو ذئابًا منفردة، أو استهدافات مباشرة لمصالح الدول.
ويستكمل البيان تهديده «إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فى التمسك بمبادئها الخاصة بالإجراءات القانونية الواجبة والشفافية والإنصاف، فإنه يتحتم عليها أن تتواصل بشكل مباشر وشفاف مع الممثلين الشرعيين لكل حركة من الحركات التى تسعى إلى تصنيفها»، هذه الدعوة للحوار الجديد بين الإخوان والإدارة الأمريكية كما حدث فى فترات سابقة بين إدارة أوباما والتنظيم سواء من خلال الدعم الذى تم تقديمه من دعم سياسى ومعنوى للتنظيم للسيطرة على مقاليد المنطقة وهو ما أفشلته الثورات الوطنية بداية من ثورة 30 يونيو 2013.
البيان الذى أصدرته الجماعة للرد على القرار الأمريكى بدراسة حظرها فى مصر والأردن ولبنان لم ترد فيه الجماعة على وجودها فى هذه البلاد رغم قرار حظرها فى مصر والأردن، بل تدافع عن وجودها فى الولايات المتحدة فقط، وحسب البيان «فليس لجماعة الإخوان أى تنظيم أو فرع أو تمثيل لها فى أى مكان فى داخل الولايات المتحدة» فى تناقض غير مفهوم كيف تدافع الجماعة عن نفسها وتدعى أن ليست لها فروع فى أمريكا، وتطالب واشنطن بإلغاء قرار حظرها!
أما مسالة عدم التواجد الإخوانى فى أمريكا فهناك عدد من الوثائق الإخوانية تؤطر التواجد الإخواني، كانت المنظمات الإخوانية فى أمريكا فى هذه الفترة مشابهة لمنظماتها فى أوروبا، إلا أنها كانت أكثر نخبوية، حيث بدأ ظهورها بإنشاء رابطة الطلبة المسلمين MSA فى سنة 1963م، ثم شهدت انتقال المعهد العالمى للفكر الإسلامى إلى أراضيها سنة 1983، ثم شهدت تأسيس الجمعية الإسلامية فى شمال أمريكاISNA، ثم تأسست لجنة الشئون الإسلامية الأمريكية CAIR عام 1994.
الإخوان فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال ثمانينيات القرن الماضى من خلال تشكيل الأسر فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، وتمثلت مهمة كل أسرة فى تثبيت جذورها فى المنطقة التى هى فيها من خلال التأثير على أكبر عدد من المحيطين، والاهتمام بالقادمين الجدد التابعين للجماعة إلى الولايات المتحدة، كذلك إنشاء المدراس والمساجد والعيادات لتوسيع نفوذهم داخل المجتمع، ومنها رابطة الطلاب المسلمين MSN التى أسسها الإخوان، وهى من أهم المؤسسات التى نشطت فى الجامعات الأمريكية، وخرج منها حوالى 600 رابطة طلابية.
لو تم تطبيق قرار حظر تنظيم الإخوان كمنظمة إرهابية، سيكون خطوة كبرى تتجاوز البعد الرمزى وتدخل فى صلب إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الإسلام السياسى ومع ذلك، يبقى تنفيذه قانونيًا أمرًا معقدًا للغاية، وقد يُثير ارتدادات كبيرة داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث يقدم دعمًا إضافيًا للدول الأوروبية التى تتجه لتشديد الرقابة على الجماعات المرتبطة بالإخوان.
وبهذه الخطوة تنتقل إدارة ترامب الجديدة نحو مواجهة شاملة مع الإسلام السياسي، ويتحول ملف الإخوان إلى أداة سياسية وأمنية ستستخدمها واشنطن فى رسم توازنات المرحلة المقبلة.
