الأربعاء 19 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
المتحف المصرى الكبير.. بوابة جديدة للتاريخ الإنسانى

المتحف المصرى الكبير.. بوابة جديدة للتاريخ الإنسانى

أمر مهم أن تتجه أنظار العالم إلى مصر بمناسبة افتتاح المتحف المصرى الكبير. الحدث التاريخى الذى من المنتظر أن يفتح أبواب الحديث عن الحضارة المصرية القديمة بكل أشكالها وعن مصر المشاركة والمساهمة عبر التاريخ فى إثراء حضارات العالم وثقافة شعوبها. ومن هنا نجد الاهتمام وتسليط الأضواء على ما تم اكتشافه وما تم العثور عليه عبر عقود طويلة.. وما يتم عرضه والتواصل معه من خلال أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.



إنه الملك توت الذى أبهر العالم وأمريكا على وجه الخصوص بدءا من عشرينيات القرن الماضى مع اكتشاف مقبرته عام 1922. عشرات من قاعات السينما والمسارح على امتداد الولايات المتحدة تم بناءها بطراز معمارى فرعونى معبد بأعمدة وزهور اللوتس وكل ما يرمز لمصر. انه الملك توت (عنخ آمون) الذى بدأت زياراته لمدن أمريكية عديدة تتكرر بدءا من بداية الستينيات. سواء بقطع أثرية أو معارض صور تتفاعل وتتشابك بأشكال فنية تاريخية تحكى ما حدث وتعطى للزائر فرصة لكى يعيش من جديد التجربة المصرية القديمة. ما يبهر الأمريكى فى القرن الحادى والعشرين مثلما كان يبهره فى القرن العشرين هو بناء المصريين للأهرامات وفنون التحنيط وأسراره.

افتتاح المتحف المصرى الكبير يثير من جديد لدى الأمريكى الشغوف بثقافات العالم أن يهتم من جديد بمفهوم البعث الحياة ما بعد الموت الخروج إلى النهار فى مصر القديمة. ويبرز من جديد أهمية وقيمة كتاب «فجر الضمير» من تأليف جيمس بريستد عالم الآثار الأمريكى العاشق لمصر . وبالتأكيد هناك أسماء عديدة ساهمت وتساهم من خلال اكتشافاتها وأبحاثها فى معرفة أعمق وأشمل لما فعله وتركه من آثار أجدادنا المصريين.

 

ريشة : أحمد جعيصة
ريشة : أحمد جعيصة

 

ولا شك أن عالم الآثار المصرية القديمة د.زاهى حواس بجولاته المتعددة لكافة المدن الأمريكية وبالطبع محاضراته الشيقة والممتعة عن الملك توت والأهرامات وعبقرية المعمار الفرعونى .. واسهامات المصرى القديم وابداعاته زاد من معرفة أجيال مختلفة من الشعب الأمريكى على مر العقود بمن هو المصرى وماهية الحضارة المصرية القديمة.

كما أن مجلة «ناشيونال جيوجرافيك» الأمريكية الشهيرة والصادرة عن المؤسسة العلمية والتعليمية العريقة بنفس الاسم جزء رئيسى من اهتماماتها الحضارة المصرية القديمة وتثقيف الصغار والكبار بمكونات ومقومات هذه الحضارة. المجلة عمرها 137 سنة وعدد مشتركيها بالملايين. وكل مرة تكون صورة الغلاف ذات صلة بالحضارة المصرية القديمة (كما أكد أحد رؤساء تحريرها) يكون العدد أكثر مبيعًا.

إن كل هذه الملامح المختلفة من جاذبية الحضارة المصرية القديمة جديرة بالاهتمام والاستثمار من أجل توعية العالم من جديد بعظمة مصر الحضارة والدور والاشعاع والانسانية.

 احتفال واشنطني

بهذه المناسبة التاريخية نظّمت سفارة جمهورية مصر العربية فى واشنطن حفل استقبال لعرض افتتاح المتحف المصرى الكبير فى مركز كينيدى للثقافة والفنون من خلال بث مباشر من القاهرة على شاشات ضخمة، وقد شهد هذا الاحتفال الواشنطنى حضورًا مميزا من ممثلى الكونجرس والإدارة الأمريكية والسفراء المعتمدين فى واشنطن، إلى جانب عدد من أعضاء الجالية المصرية وشخصيات بارزة من المجتمعين الثقافى والاقتصادى وأيضا من أعضاء مراكز الفكر والبحث والإعلام.

وقد أكد السفير معتز زهران، سفير مصر لدى الولايات المتحدة فى كلمة له أن المتحف المصرى الكبير يمثل مشروع القرن الثقافى لمصر والعالم، باعتباره بوابة جديدة للتاريخ الإنسانى تجمع بين الأصالة والمعاصرة والتجديد، وتُجسّد رؤية مصر فى تقديم تراثها للعالم بروح مبتكرة.

 

 

 

وجدير بالذكر أن بالتوازى مع هذا الحفل، نظم المكتب الثقافى والتعليمى المصرى (برئاسة د نرمين صبري) عددًا من الفعاليات الثقافية الموازية لمشاهدة البث المباشر لافتتاح المتحف المصرى الكبير فى عدد من المؤسسات الأكاديمية والثقافية المرموقة بالولايات المتحدة، شملت متحف «يال بيبودي» بجامعة «ييل» فى ولاية كونيتيكت، ومتحف الآثار بجامعة جونز هوبكنز فى بالتيمور، ومتحف «كيلسي» بجامعة ميشيجان، ومتحف العلوم الطبيعية فى مدينة هيوستن بولاية تكساس، ومتحف «روزكروشيان» فى ولاية كاليفورنيا، بالإضافة إلى شراكة مع منظمة «وورلد آرتست إكسبيرين» فى ولايتى ماريلاند وبنسلفانيا، ولجنة المدن التوأم بالتيمور–الأقصر- الإسكندرية، فضلًا عن مكتبة «برات» العامة فى بالتيمور.

 حتى نحمى الذاكرة

طالما نتذكر فلا يجب أن يفوتنا كتاب «فجر الضمير» الكتاب القيم الفريد من نوعه والذى كتبه ونشره عالم الآثار الأمريكى جيمس برستد. وقد صدر فى يناير 1933. وقد نشرت الترجمة العربية لهذا الكتاب عام 1956 (بعد 23 عاما) وقد قام بترجمتها الأثرى المصرى سليم حسن.

وتقول صفحات التاريخ أن فى إطار المبادرة الدولية لإنقاذ أبو سمبل افتتحت جاكلين كينيدى زوجة الرئيس الأمريكى رقم 35 عرضا خاصا لكنوز الملك توت عنخ آمون فى واشنطن عام 1961 وكانت أول زيارة للملك توت لأمريكا. وذلك بحضور د ثروت عكاشة وزير الثقافة المصرى وسفير مصر لدى أمريكا آنذاك د مصطفى كامل. 

العرض تضمن 34 قطعة أثرية صغيرة من محتويات مقبرة توت عنخ آمون التى تم اكتشافها عام 1922.جاكلين كينيدى كانت أيضا وراء اختيار معبد دندور كهدية من مصر لأمريكا فى عام 1965 وذلك لمساهمة أمريكا فى إنقاذ معبد أبو سمبل. ومعبد «دندور» يتواجد فى متحف المتروبوليتان الشهير بنيويورك منذ 1978.