سوق حرة آه.. فوضى لأ!
تحقيق تكتبه: بسمة مصطفى عمر
كلما ارتفع سعر الوقود فى مصر، اشتعلت الأسواق بزيادات متلاحقة وغير مبررة، تتجاوز بكثير حجم الزيادة الفعلية فى أسعار المحروقات، فيما رقابة الحكومة غائبة فى أغلب الأحيان!
فلم يعد تعديل أسعار الوقود قرارًا اقتصاديًا يمر مرور الكرام، بل أصبح حدثًا يعيد تشكيل المشهد المعيشى فى كل مرة يعلن فيها القرار.. فارتفاع أسعار المحروقات مهما بدا محدودًا، يفتح الباب أمام موجة غلاء تمتد من محطات الوقود إلى موائد الأسر المصرية، حيث ترتفع تكاليف النقل والإنتاج والتوزيع فى سلسلة لا تنتهى، فى حين أن الحكومة كثيرًا ما تتجاهل جهود تخفيف أية زيادة فى أسعار البنزين على السوق المصرية، سواء بالرقابة المشددة على الأسواق، أو بإجراءات أخرى تمنع فوضى انفلات الأسعار غير المبرر فى السوق.
صحيح أن السوق المصرية حرة ومفتوحة تحكمها آليات العرض والطلب، إلا أنه بعد كل رفع لأسعار البنزين تتحول قطاعات عريضة فيها إلى ساحة تسعير بلا ضوابط واضحة، تغيب فيها الرقابة الفاعلة، وتتصاعد فيها مبررات التجار.

وهنا نطرح سؤالًا جوهريًا، كيف يمكن تحقيق معادلة التوازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادى، وحماية المستهلك من فوضى الأسعار؟
فالحديث عن رفع أسعار الوقود لا يتوقف عند محطات البنزين، بل يمتد إلى عمق الأسواق، حيث تبدأ معركة التسعير من جديد، وبينما تتحدث الحكومة عن «أثر محدود» لقراراتها، وتبرر الزيادات بأنها «تصحيح اقتصادى»، يواجه المواطن موجة غلاء لا تعكس الزيادة الفعلية فى تكلفة النقل أو الإنتاج، بعد رفع أسعار المحروقات، وفى المقابل يواصل بعض التجار المبالغة فى الأسعار، مستغلين غياب آلية رقابية واضحة، تحدد هوامش الربح المسموح بها.
ولذلك تتساءل مجلة «صباح الخير»، إلى أى مدى ترتفع أسعار السلع فعليًا نتيجة زيادة الوقود؟
ولماذا تنعكس الزيادات فى أسعار البنزين والسولار إلى قفزات غير مبررة وغير منطقية فى الأسعار؟ وما الفرق بين السوق «الحر» الذى تديره القواعد، والسوق «الفوضوى» الذى تحكمه الأهواء والمضاربة؟
ضعف الرقابة
قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن كل ارتفاع فى أسعار المحروقات والمواد البترولية، تعقبه زيادة مبالغ فيها فى أسعار البضائع بالأسواق المصرية، رغم أن الزيادات فى الوقود محدودة نسبيًا أو على الأقل بنسبة مئوية محسوبة.

ويضيف: كانت آخر مرة زيادة فى أسعار السلع زيادات غير منطقية فى إبريل الماضى، وكان الارتفاع ما بين 12 و15%، إلا أن الارتفاع الفعلى فى أسعار السلع والخدمات تراوح بين 50 و70%.
ويرجع الخبير الاقتصادى السبب الرئيسى لهذه المفارقة إلى ضعف الرقابة الحكومية، وغياب آليات الضبط الفعالة فى الأسواق، وتمادى بعض التجار فى استغلال ارتفاع أسعار البنزين لزيادة أسعار للسلع زيادات غير منطقية.
ويوضح الدكتور رشاد، بمثال قطاع النقل، فعندما ترتفع أسعار البنزين بنسبة 12%، فإن الزيادة المنطقية فى تعريفة النقل الجماعى لا تتجاوز 1%، نظرًا لتوزيع تكلفة الوقود على عدد كبير من الركاب، إلا أن الواقع يشهد قفزات غير مبررة فى التعريفة تصل فى بعض الخطوط إلى 50% أو أكثر، دون وجود رقابة حقيقية فى المواقف أو الطرق، وهذا الفراغ الرقابى يبرر لمقدمى الخدمة فرض زيادات على المواطنين دون رادع قانونى.
جشع التجار
وأضاف رشاد عبده، أن جشع بعض التجار يمثل عاملًا مؤثرًا، فحين كان سعر الدولار فى السوق السوداء نحو 72 جنيهًا، كان التجار يبررون ارتفاع الأسعار بكلفة الاستيراد، ومع انخفاض سعر الدولار إلى نحو 48-49 جنيهًا فى البنوك، لم تنخفض الأسعار، بحجة الخوف من تقلبات سعر الصرف، وهذا السلوك يعكس مخالفة واضحة لتعظيم الربح، دون مراعاة للظروف المعيشية للمواطن، وهنا لا بد من التساؤل عن دور الحكومة وأجهزتها.
يؤكد رشاد عبده، أن ارتفاع أسعار الوقود يؤثر بشكل مباشر فى جميع مفاصل الاقتصاد، بدءًا من الفلاح الذى يستخدم السولار فى تشغيل المعدات الزراعية، مرورًا بتكلفة نقل السلع من الحقول إلى الأسواق، وصولًا إلى المعلمين، والجزارين، وأصحاب الخدمات، فيمثل الوقود عنصرًا أساسيًا فى كل مراحل الإنتاج، وسلاسل التوريد والتوزيع، مما يجعل أى زيادة به سببًا فى رفع كلفة المعيشة على المواطنين فما بالك لو تمادى التجار فى مزيد من الزيادات فى الأسعار؟!

يرى عبده أن الحلول تبدأ بتفعيل منظومة الرقابة الحكومية، على الأسواق بصورة حقيقية ومستمرة، وهى أبسط الإجراءات المفروضة من الحكومة لتخفيف أثر رفع أسعار البنزين ومشتقاته على الأسرة المصرية، مع وجود آليات محاسبة واضحة.
وقال عبده إن مبادرات الدولة مثل «أهلًا رمضان» و«أهلًا مدارس» تساهم فى خفض الأسعار بنسبة تتراوح بين 25 و30%، لكن الدولة تستطيع التوسع، وتحويل تلك المبادرات إلى آليات مستمرة لتوفير السلع بأسعار منخفضة على مدار العام، مستفيدة من قدرتها على الاستيراد بأسعار تنافسية، ومن شبكات التوزيع الكبيرة التابعة لها مع ضرورة تنفيذ الحكومة لكل ما يجب من إجراءات لضمان عدم التلاعب بالأسعار أو تمادى التجار فى عمليات تسعير عشوائى بحجج مختلفة منها على سبيل المثال ارتفاع أسعار البنزين.
تسعير عشوائي
أحمد شيحة، الرئيس السابق لشعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، قال إن المحروقات تمثل جزءًا من تكلفة الإنتاج والنقل وليست كل التكلفة.
موضحًا أن ارتفاع سعر البنزين أو السولار يترجم إلى زيادة محدودة لا تتجاوز عادة 5 إلى 10% من هذا الجزء فقط، وليس من إجمالى تكلفة السلعة.
وأضاف، أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى حجم الزيادة نفسها، بل فى طريقة التعامل العشوائية لدى بعض التجار مع التسعير، حيث يقوم بعض التجار أو سائقى النقل، بتحميل كامل الزيادة على السعر النهائى للمستهلك، رغم أن الزيادة الفعلية لا تمثل سوى جزء بسيط من التكلفة الكلية.

فى رأى شيحة أن المسئولية حكومية، خاصة أن غياب آلية رقابية فعالة، يجعل السيطرة على الأسعار صعبة، نظرًا لتعدد حلقات التداول واتساع نطاق السوق، قائلًا: من الصعب متابعة كافة وسائل النقل أو كل منشأة على حدة، فالسوق تضم ملايين العاملين، وآلاف المركبات والمنشآت.
وأكد شيحة أن الزيادة العادلة فى الأسعار، يجب أن تحسب بنفس نسبة ارتفاع المحروقات على الجزء الخاص بها فقط، فإذا كانت المحروقات تمثل 30% من تكلفة المنتج وزادت بنسبة 10%، فإن الزيادة الحقيقية فى السعر لا تتعدى 3%، لكن الواقع أن البعض يضرب الزيادة على السعر الكامل، مما يخلق تضخمًا غير مبرر.
وأشار إلى أن التاجر متلقٍ للتكلفة، حيث إن الزيادات تبدأ من المصنع والنقل ورسوم الطرق، ثم تحمل على التاجر الذى يضيف نسبته المعتادة، موضحًا أن الأمر لا يتوقف على سعر الوقود وحده، بل يتداخل معه عوامل أخرى مثل رسوم الطرق والموانئ والتشغيل.
وقال شيحة، إن السوق الحرة فى غياب الرقابة الفعالة -وهى من أكبر واجبات الحكومة بكافة أجهزتها- تتحول إلى فوضى تسعير عشوائى، حيث يستغل بعض التجار هذه المساحة لتحقيق أرباح إضافية غير مبررة.
ودعا شيحة إلى ضرورة تفعيل آليات واضحة بين الحكومة والجهات الفاعلة فى السوق، للحد من الموجات التضخمية الناتجة عن أى زيادة فى المحروقات.
تصحيح تلقائى
الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى قال لـ«صباح الخير» إن أى زيادة فى أسعار الطاقة تنعكس بالضرورة على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، موضحًا أن كل ارتفاع فى مدخلات الإنتاج يقابله ارتفاع فى الأسعار، وهو ما يجعل من الضرورى قياس نسبة الزيادة بدقة قبل الحكم على حجم التأثيرات.
وأوضح أن السوق المصرية بطبيعتها، تتجاوب سريعًا مع الارتفاعات أكثر من تجاوبها مع الانخفاضات، وهو ما يجعل تحديد الأسعار فى مثل هذه الفترات، مرهونًا بتوازن معقد بين انخفاض سعر الدولار من ناحية، وارتفاع تكلفة الطاقة من ناحية أخرى.
وقال جاب الله، إن آليات العرض والطلب لا تفتح الباب أو لا تمنح الفرص أمام فوضى التسعير بل تخلق حالة من التصحيح الذاتى داخل السوق، فإذا بالغ تاجر فى رفع الأسعار، يندفع منافسون آخرون لتقديم نفس المنتج بجودة مماثلة وسعر أقل، ما يضطر الأول إلى التراجع حفاظًا على حصته السوقية، ومن الصعب أن تستمر حالة من الفوضى فى سوق حرة، فالسعر المنافس هو ما يفرض نفسه دائمًا.
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن السوق الحرة لا تضمن توازنًا لحظيًا، لكنها قادرة على تصحيح الانحرافات السعرية خلال فترة قصيرة، حتى فى حال وجود تفاهمات أو اتفاقات غير رسمية بين بعض التجار، فبمجرد دخول منافسين بأسعار أقل، تتراجع الأسعار تدريجيًا إلى مستويات أقرب للواقع.
وعن آلية تحديد الأسعار لدى التجار وما الطرق التى يسعرون بها السلع؟ وعلى أى أساس؟ وهل للحكومة دخل فى التسعير؟ أوضح جاب الله، أن مرحلة تقلبات سعر الصرف السابقة كانت تدفع كثيرًا من التجار إلى تسعير عشوائى تحسبًا لأى ارتفاع مفاجئ فى التكلفة، ووضع «هامش أمان» يغطى المخاطر وغالبًا ما كانت هوامش الأمان تلك عالية ومبالغ فيها، لكن مع تحسن استقرار سعر الصرف، لابد أن تكون آليات التسعير أكثر انضباطًا.
وفيما يتعلق بدور الدولة، لفت الخبير الاقتصادى، إلى أن العلاقة بين الحكومة والتجار ليست قائمة على الإلزام القانونى بهوامش ربح محددة، وإنما على تفاهمات وشراكات داخل مبادرات تنموية، وضرب مثالًا بمبادرات لدعم قطاعات معينة، حيث تشترط الحكومة على المؤسسات المشاركة، الحفاظ على العمالة أو خفض الأسعار مقابل الاستفادة من الدعم.

تعريفة الوقود
المستشار الاقتصادى العربى أبوطالب، رئيس الائتلاف العام للتموين والتجارة الداخلية بمصر، قال إن سوق السلع فى مصر تخضع بشكل رئيسى لآليات السوق الحرة، الأمر الذى يجعل أى زيادة فى أسعار الوقود ذات تأثير مباشر على تكلفة الإنتاج والنقل، وبالتالى على أسعار السلع النهائية المطروحة للمستهلك بشكل طبيعي.
وأضاف: يجب أن ندرك جيدًا أن الأسواق حرة فيما يتعلق بالتكيف والتسعير، فالوقود سلعة استراتيجية تدخل فى تشغيل المصانع ونقل العاملين، وكذلك فى حركة نقل البضائع من الشركات إلى الأسواق، وبالتالى فإن أى زيادة فى سعره تنعكس مباشرة على تكلفة المنتج النهائى.
وقال: الزيادات فى الأسعار لا تقتصر فقط على تكاليف الطاقة، بل تمتد لتشمل أيضًا ارتفاع تكلفة أجور العاملين، ووسائل انتقالهم من وإلى مواقع العمل، ما يؤدى فى النهاية إلى زيادة الأسعار بنفس نسبة الارتفاع فى التكلفة تقريبًا.
وأوضح أن سولار النقل يعد من السلع الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن المنتج هو من يحدد سعر السلع، وفقًا لتكلفته وهيكل مصروفاته، فلا يوجد سقف محدد لنسبة الزيادة التى تفرضها الشركات أو المصانع عند ارتفاع أسعار الوقود.
فى الوقت الذى لا تتدخل فيه الدولة لتحديد أسعار السلع الخاضعة للسوق الحرة، ودورها يقتصر فقط على الرقابة على جودة المنتج، ومدى مطابقته للمواصفات القياسية، وسلامة تخزينه وتداوله.
سألناه: ما الذى يمكن أن تقوم به الحكومة فى حالة الزيادات غير المبررة فى أسعار السلع؟
قال: السوق الحرة لا تخضع لأى تحديد رسمى للأسعار، حيث تضع كل شركة تسعيرها وفقًا لسياستها الداخلية، واستثنى من ذلك السلع التى تخضع للتسعير الجبرى، مثل الخبز، والوقود، والأدوية، والسلع التموينية، بالإضافة إلى بعض السلع التى تحدد الشركات المنتجة نفسها أسعارها للمستهلك مثل الجرائد والسجائر.
لكن أبوطالب، أشار إلى أن الحكومة بدأت فعلًا فى إيجاد بدائل والتوسع فى استخدام وسائل نقل بديلة أقل تكلفة من السيارات والطائرات، مثل النقل النهرى والبحرى والسكك الحديدية، وذلك ضمن منظومة حكومية بتكليف مباشر من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بهدف تقليل الضغط الناتج عن ارتفاع أسعار المحروقات.
لكن أبوطالب يعود ليقر بأن بعض التجار، يستغلون الظروف لتحقيق أرباح غير مبررة، وهناك من يعمد إلى حبس السلع وتعطيش السوق لزيادة الطلب، ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار أضعافًا مضاعفة، حيث تصل الزيادات إلى 100 أو 200%.
وأضاف: «هؤلاء يخزنون السلع ويحتكرون بيعها لفرض الأسعار التى يريدونها على المستهلكين، وفى حال ضبطهم، تصادر الكميات ويحالون إلى النيابة العامة بتهم الاحتكار».
ويضيف: «هناك نوعان من التجار، الأول يرفع الأسعار بنسبة تتناسب مع الزيادة الفعلية فى التكلفة، أما الثانى فهو جشع يسعى لاستغلال الأزمة لتحقيق مكاسب مضاعفة».
ويعود أبوطالب، للتأكيد على جهود الدولة للعمل على حماية الفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار من خلال فتح الأسواق، والشوادر وتنظيم المبادرات لخفض الأسعار، بالتعاون مع الشركات المنتجة، لتقليل حلقات التداول.
وأشار إلى برامج الدعم المباشرة، وقرارات تصدرها وزارة التموين والتجارة الداخلية بتعليمات من رئيس الجمهورية، تستهدف زيادة أعداد المستفيدين من بطاقات التموين ودعم الفئات الأكثر احتياجًا مثل ذوى الإعاقة، الأرامل، المطلقات، والأسر محدودة الدخل.
ومن جانبه وجه أبوطالب، رسالة للمواطنين، بالترشيد فى الاستهلاك وشراء الاحتياجات الفعلية بعيدًا عن التخزين المفرط للسلع، لأن ذلك - كما قال - يؤدى إلى تقليل المعروض فى السوق، وارتفاع الأسعار وفقًا لسياسة العرض والطلب.
كما أكد أهمية وعى المستهلك بحقوقه، والإبلاغ عن أى مخالفات للجهات المختصة، فالمستهلك هو الطرف الأقوى فى معادلة السوق.
وقود بلا منطق
الاعتماد على الوقود الحفرى أصبح عبئًا متزايدًا على الدولة والمواطن، هكذا بدأ الدكتور هانى النقراشى، خبير الطاقة العالمى، عضو المجلس الاستشارى لرئيس الجمهورية، تحليله لتداعيات الزيادات فى أسعار البنزين، مؤكدًا أن الإصلاح الحقيقى فى ملف الطاقة لا يتحقق إلا بالتحول إلى مصادر نظيفة ومستدامة.
وأوضح الدكتور النقراشى، أن سعر البنزين فى مصر يحدد وفق معادلة اقتصادية دقيقة تضم 4 عناصر رئيسية أولاً: سعر النفط الخام الذى يتغير يوميًا، حيث وصل فى 9 أكتوبر 2025 ما بين 62.5 و66 دولارًا للبرميل «159 لترًا»، أى ما يعادل نحو 20 جنيهًا مصريًا للتر الواحد عند احتساب سعر صرف الدولار بـ50 جنيهًا.
وثانيًا: تكلفة التكرير التى تتراوح بين 1 و2 جنيه للتر حسب نوع الوقود، وثالثًا: تكلفة النقل وهى نحو 0.5 جنيه للتر، وفى المرتبة الرابعة يتحدد سعر البنزين حسب المصروفات الإدارية وأجور العاملين بمحطات الوقود بنحو 0.5 جنيه للتر لتصل التكلفة الحقيقية للتر البنزين إلى نحو 22–23 جنيهًا، أى أن الفارق بين التكلفة وسعر البيع يمثل مقدار الدعم الذى تتحمله الدولة.
وأشار النقراشى إلى أن معظم دول العالم لا تدعم الوقود السائل، بل تفرض عليه ضرائب، موضحًا أن سعر بنزين 95 فى ألمانيا يعادل 92 جنيهًا مصريًا للتر الواحد، مشيرًا إلى أن توقيت وقيمة الزيادة فى الأسعار، تحددهما تقلبات السوق العالمية، وحجم المخصصات المتاحة للدعم، الذى ينتقص بدوره من ميزانيات قطاعات حيوية، مثل التعليم والصحة والمواصلات.
وحول ما إذا كانت زيادة أسعار البنزين تبرر موجات غير مبررة فى زيارة الأسعار، قال النقراشى، إن نقل السلع يتم بسيارات النقل التى تعمل بالديزل «السولار»، وهو الوقود الذى يحظى بأكبر نصيب من الدعم الحكومى، موضحًا أن تكلفة الوقود فى النقل تختلف باختلاف كفاءة التشغيل والمسافة.
وأكد أن الاعتماد على الشاحنات لمسافات طويلة، مثل نقل البضائع من الإسكندرية إلى أسوان، يمثل تبذيرًا غير مبرر، فى ظل وجود بديل اقتصادى أكثر كفاءة، وهو نقل البضائع عبر السكك الحديدية.
قائلًا: إن هذا «الإسراف» يؤدى فى النهاية إلى رفع الأسعار، والإفلاس التدريجى لمن لا يراجع أسلوبه الإنتاجى.