الأربعاء 22 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

القيادة الحقيقية ليست فى شن الحروب.. وإنما فى القدرة على إنهائها

فلتكن «غزة» آخر حروب الشرق الأوسط

من أرض السلام «شرم الشيخ» وفى لحظة تاريخية فارقة، اجتمع عدد من قادة وزعماء العالم لإعلان «اتفاق شرم الشيخ» لإنهاء الحرب فى قطاع غزة، بعد عامين من المعاناة وصلت لحد الكارثة الإنسانية..



طويت بعد هذا الاجتماع صفحة الحرب والجوع والعوز وتبدأ صفحة جديدة فى تاريخ الشرق الأوسط بفضل القيادة السياسية المصرية وجهد الشركاء والوسطاء فى الولايات المتحدة وقطر وتركيا وغيرها. 

ورحب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى بداية كلمته للقمة بالقادة المشاركين قائلًا:

 أرحب بكم جميعًا، فى «قمة شرم الشيخ للسلام»، فى هذه اللحظة التاريخية الفارقة، التى شهدنا فيها معًا، التوصل لاتفاق شرم الشيخ «لإنهاء الحرب فى غزة»، وميلاد بارقة الأمل، فى أن يغلق هذا الاتفاق، صفحة أليمة فى تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط.. ويمنح شعوب المنطقة، التى أنهكتها الصراعات، غدًا أفضل.

وقال الرئيس: اليوم نستقبل القيادة الشجاعة المحبة للسلام، والذى ساهمت جهوده فى إنهاء الصراع، وتحقيق الأمن والتنمية فى منطقتنا، بل وفى العالم أجمع.

وتابع: اسمحوا لى أن أدعو فخامة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» إلى الانضمام إلى قادة العالم الداعين إلى السلام.. وأود أن أعرب عن تقديرنا البالغ لكم، وقيادتكم الحكيمة لتلك المسيرة، فى ظل ظرف بالغ الدقة، بما انعكس فى طرح خطتكم، لإنهاء هذه الحرب المأساوية والتى خسرت معها الإنسانية الكثير.

وأضاف: أود أن أشكر شركاءنا فى الولايات المتحدة وتركيا وقطر على جهودهم المخلصة، وأعيد التأكيد على دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسى اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد، نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى طى صفحة الصراع والعيش بأمان.

وواصل: لقد أثبتم؛ فخامة الرئيس أن القيادة الحقيقية ليست فى شن الحروب، وإنما فى القدرة على إنهائها.. ونحن على ثقة فى قيادتكم لتنفيذ الاتفاق الحالى وتنفيذ خطتكم بكافة مراحلها.. فخامة الرئيس.. فلتكن حرب غزة آخر الحروب فى الشرق الأوسط.

وأكمل: لقد دشنت مصر مسار السلام فى الشرق الأوسط قبل ما يقارب نصف قرن، وتحديدًا فى نوفمبر عام 1977، عندما أقدم الرئيس أنور السادات - رحمه الله - بخطى ثابتة غير مسبوقة فى تاريخ المنطقة، وبادر بزيارة تاريخية إلى القدس.. ومنذ تلك اللحظة، أطلقت مصر عهدًا جديدًا أهدى الأجيال اللاحقة فرصة للحياة، وأثبت أن أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط.. واليوم تعيد مصر التأكيد، ومعها شقيقاتها العربية والإسلامية، على أن السلام يظل خيارنا الاستراتيجي.. وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة فى الحقوق.

وأكد الرئيس أنه من هذا المنطلق، وإذا كانت شعوب المنطقة، وما زالت، تنعم جميعها بحقها فى دولها الوطنية المستقلة، فإن الشعب الفلسطينى ليس استثناءً.. فهو أيضًا له حق فى أن يقرر مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبلٍ لا يخيم عليه شبح الحرب، وحق فى أن ينعم بالحرية والعيش فى دولته المستقلة.. دولة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، فى سلام وأمن واعترافٍ متبادل.

واسترسل قائلًا: إن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد.. وإننى إذ أغتنم هذه المناسبة، لأتوجه بنداء إلى شعب إسرائيل، وأقول:

فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي.. دعونا نتطلع سويًا لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا معًا.. مدوا أيديكم لنتعاون فى تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة.

وقال الرئيس: فخامة الرئيس ترامب، علينا أن نتوقف عند مشاهد الارتياح والسعادة، التى عمت سواءً فى شوارع غزة أو الشارع الإسرائيلى أو فى العالم كله على حد سواء، عقب التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بفضل مبادرتكم الحكيمة.. فهى دليل آخر على أن الخيار المشترك للشعوب هو السلام.

وتابع: كما نقدر لكم اهتمامكم باستعادة الحياة فى غزة، وستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء، خلال الأيام القادمة على وضع الأسس المشتركة للمضى قدمًا فى إعادة إعمار القطاع دون إبطاء، ونعتزم فى هذا السياق استضافة مؤتمر التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، والذى سيبنى على خطتكم لإنهاء الحرب فى غزة، وذلك فى سبيل توفير سبل الحياة للفلسطينيين على أرضهم ومنحهم الأمل.. فالسلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار.

وأردف: إننا نستشرف مستقبلًا مشرقًا لمنطقتنا تُبنى مدنه بالأمل بدلًا من أن تُدفن ذكريات أصحابها تحت الأنقاض.. فأمامنا فرصة تاريخية فريدة، ربما تكون الأخيرة، للوصول إلى شرق أوسط خالٍ من كل ما يهدد استقراره وتقدمه.. شرق أوسط تنعم فيه جميع شعوبه بالسلام والعيش الكريم ضمن حدود آمنة، وحقوق مصانة.. شرق أوسط منيع ضد الإرهاب والتطرف.. شرق أوسط خالٍ من جميع أسلحة الدمار الشامل.. هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذى تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليميًا ودوليًا.

وأضاف: إن اتفاق اليوم يمهد الطريق لذلك، ويتعين تثبيته وتنفيذ كافة مراحله، والوصول إلى تنفيذ حل الدولتين على نحو يضمن رؤيتنا المشتركة فى تجسيد التعاون المشترك بين جميع شعوب المنطقة، بل والتكامل بين جميع دولها.

واختتم الرئيس كلمته قائلًا: قبل أن أختم كلمتى، وتقديرًا لجهود الرئيس دونالد ترامب، فإننى أود أن أعلن أمام الحضور الكريم قرار مصر إهداء فخامته «قلادة النيل»، وهى الأرفع والأعظم شأنًا وقدرًا بين الأوسمة المصرية، وتمنح لرؤساء الدول ولمن يقدمون خدمات جليلة للإنسانية.