الخميس 16 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قطار الفراعنة يصل المحطة الرابعة

المنتخب المصرى المشارك فى مونديال 1934
المنتخب المصرى المشارك فى مونديال 1934

عرفت مصر طريق كأس العالم ثلاث مرات على مدار تاريخها، فى إيطاليا مرتين (1934و1990)، ثم بعد طول انتظار فى روسيا (2018)، لكن منتخب الفراعنة كان لديه الكثير  من الفرص للتأهل إلى منافسات كأس العالم فى أكثر من مرة، ولكن الحظ العاثر وقف أمامنا فى أغلبها، وبدا نظام التأهل بشكله الجديد فرصة لا تعوض للوصول للمرة الرابعة فى التاريخ.



 

 

 

أول مشاركة لمصر فى 1934

 

تأهلت مصر للتصفيات فى عام 1934 ووقعت القرعة أمام فلسطين، وفازت فى الذهاب 7/1 بالقاهرة، والإياب فى القدس انتصر الفراعنة (4/1)، لتتأهل إلى كأس العالم الذى أقيم فى إيطاليا، ليكون ذلك بمثابة أول وصول لها.

خاضت مصر مباراة وحيدة أمام المجر وخسرت (4/2)، فى مدينة نابولى بصافرة من الإيطالى رينالدو بارلاسينا، وودعت البطولة، وسجل هدفى مصر النجم عبدالرحمن فوزى الذى يتساوى حاليًا مع محمد صلاح مهاجم ليفربول الإنجليزى كهدافين للفراعنة فى المونديال.

ووقتها كانت مصر تملك جيلًا ماهرًا من اللاعبين ولسوء الحظ أنها تواجهت أمام المجر بكل ما لها وقتها من عنفوان كروى كبير وشهرة واسعة بفضل نجومها وربما لو كان المنافس مختلفًا لكانت فرصة كبيرة للذهاب للأدوار التالية.

وتحدث شيرين فوزى عضو مجلس إدارة الزمالك الأسبق عن والده عبدالرحمن فوزى فى هذه الحقبة من الزمن حيث قال لـ«صباح الخير»: «الجيل القديم من كرة القدم كان يتمتع بمهارة فائقة وقدرة على التحكم بالكرة، ولديه موهبة فطرية».

وواصل: «كان والدى يغرق الكرة فى دلو من المياه حتى تكتسب وزنًا زائدًا ثم يسددها على المرمى وذلك خلال التدريبات، مما أكسب قدميه قوة كبيرة فى التعامل مع الحجم العادى لها خلال المباريات، وهو أحد أسرار تفوقه، وكان يتميز بالتصويب من خارج منطقة الجزاء، وقدمه اليمنى فى قوة اليسرى لا يمكن أن تميز بينهما».

 

 

وأضاف: «تألُّق والدى مع منتخب مصر كان نتيجته وصول عرض احتراف للعب فى إيطاليا، ولكن والدى رفض الرحيل خارج مصر، ووقتها كان الجيل الذى ينتمى له مميزًا جدًا حيث كان يقوده مختار التتش أسطورة النادى الأهلى الراحل».

وضمت قائمة منتخب مصر وقتها جيلًا من أساطير كرة القدم فى الثلاثينيات من القرن الماضى من بينهم مختار التتش وعبدالرحمن فوزى ومحمد لطيف ومصطفى منصور وحسن الفار وشارلى حميدو وإسماعيل رأفت وحسن راغب ومصطفى طه ومحمد حسن، وقاد الفريق فنيًا الإسكتلندى جيمس ماكراي.

 

 

إيطاليا 1990

 

فى إيطاليا أيضًا، وصل منتخب مصر إلى كأس العالم 1990 برأسية من حسام حسن فى التصفيات، وللمصادفة هو المدير الفنى الذى وصل بالمنتخب إلى مونديال قارة أمريكا الشمالية 2026.. وبقيادة الجنرال الراحل محمود الجوهرى، خاض الفراعنة ثلاث مباريات فى إيطاليا، حيث تعادل بهدف لمثله أمام هولندا وسجل مجدى عبدالغنى من ركلة جزاء، ووقتها كانت الطواحين البرتقالية تملك سلسلة كبيرة من الأسماء المميزة منهم ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك ريكارد ورونالد كومان.

ثم تعادل سلبيًا أمام أيرلندا الشمالية وخسر أمام إنجلترا بهدف نظيف ليودع التصفيات ولكن كانت المستويات متقاربة نوعًا ما رغم أن الفرق التى واجهها تنتمى إلى قارة أوروبا، فى حين كان لدى مصر الكثير من النجوم مثل مجدى عبدالغنى وحسام وإبراهيم حسن، وأحمد رمزى وجمال عبدالحميد وأشرف قاسم وعلاء ميهوب وأحمد شوبير وأحمد الكأس وهشام يكن وأسامة عرابى.

ومن جهته علق شادى محمد نجم الأهلى السابق ومنتخب مصر على الفارق بين كرة القدم فى الماضى والحاضر حيث قال لـ«صباح الخير»: «اللعبة فى الماضى كانت تعتمد بدرجة كبيرة على المهارة، أما فى الوقت الحالى فتميل إلى استخدام التكتيك».. وأضاف : «فى الماضى كان كل اللاعبين فى المنتخبات من أصحاب المهارات العالية، وكل منتخب يمكنك أن تتذكر منه أكثر من نجم، لكن فى الوقت الحالى الوضع أصبح مختلفًا، فقلت المهارة».

 

 

 

مونديال روسيا

 

تأهلت مصر إلى منافسات كأس العالم 2018، حيث جاءت قرعتها فى مجموعة تضم روسيا البلد المستضيف وأوروجواى والسعودية، ولم تنجح فى الفوز بأى مباراة أو جمع نقاط وخرجت من الدور الأول ليستمر غياب الفراعنة عن الأدوار الإقصائية. 

ووقتها تعرض منتخب مصر لسلسلة من الأحداث غير الطيبة بداية من إصابة النجم الأول محمد صلاح فى الكتف خلال نهائى دورى أبطال أوروبا أمام ريال مدريد واستدعى الأمر الخضوع لعلاج تحفظى على أمل اللحاق بمباريات المونديال.

واضطر منتخب مصر للإقامة بعيدًا عن ملعب المباراة مما تسبب فى ضغط كبير وإجهاد على اللاعبين خلال المباريات، وفى الوقت نفسه لم يكن هناك تنظيم جيد فيما كان الجمهور مشغولًا بالنجم صلاح الذى كان يتألق بقوة مع ليفربول.

وخسر منتخب مصر أول مباراة له فى المونديال أمام أوروجواى بهدف نظيف، ثم انهزم أمام روسيا بثلاثة أهداف لهدف، وبعدها أخفق بنتيجة 2/1 أمام السعودية ليخرج خالى الوفاض، ووقتها كان يتولى المسئولية الفنية له الأرجنتينى هيكتور كوبر.. وتبقى أمام مصر فرصة الذهاب إلى كأس العالم فى قارة أمريكا الشمالية لمحو الصورة السيئة التى تعرض لها فى المونديال على مدار تاريخه لا سيما أن نسخة كأس العالم 2022 شهدت وصول المغرب إلى نصف النهائى باعتباره أول بلد عربى يحقق هذا الإنجار لأول مرة فى تاريخه.

 

 

 

الفرص الضائعة

 

فى عام 1930 استضافت أوروجواى منافسات كأس العالم لأول مرة، وبناء على دعوة من رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» الفرنسى جول ريميه، تأهل الفراعنة بشكل مباشر إلى المونديال، ولكن كانت هناك مشكلة كبيرة فى ذلك الوقت.

وصلت سفينة خاصة من «الفيفا» كى يستقلها نجوم مصر، لكن تردد أن البلاد اعتذرت بسبب بعد المسافة، حيث سيضطر الفريق لقضاء 20 يومًا فى البحر من أجل الوصول إلى أوروجواي، وفى رواية أخرى تردد أن الفريق تأخر على موعد الرحلة ولم يسافروا لذلك السبب، ووقتها لم يكن هناك أى تصفيات مؤهلة، وغاب الفراعنة عن الموعد.

أما فى عام 1938 فأقيمت منافسات كأس العالم فى فرنسا، ووقعت مصر فى التصفيات أمام رومانيا ومن الملاحظ أن كل قارة لم يكن لها أى مقاعد محددة عكس الوضع الحالي، ووقتها طلب الاتحاد المصرى لكرة القدم من الاتحاد الدولي، تحديد موعد آخر للمباراة لأنه يتعارض مع نهار شهر رمضان.

ولم ينتظر الاتحاد المصرى رد «فيفا»، والغريب أنه  فى نفس التوقيت أقيمت مباراة بين منتخبى مصر وفريق فيرست فيينا النمساوى حيث جرى اعتماد الفراعنة منسحبين من التصفيات لأن الاعتبارات الدينية التى جرى التذرع بها لم تكن فى الحسبان وقت تنظيم المباراة الودية.

وعقب هذه النسخة لم تقم أى منافسات لبطولة كأس العالم عامى 1942، و1946 بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية وما تعرضت له أوروبا من تدمير شديد.

وكان طبيعيًا أن تقام منافسات 1950 خارج أوروبا بسبب المعاناة التى تعرضت لها أوروبا بسبب الحرب العالمية الثانية فاستضافتها البرازيل، ولم يشارك منتخب مصر فى التصفيات مجددًا بسبب بعد المسافة ومشقة السفر إلى القارة الجنوبية.

ثم استضافت سويسرا منافسات كأس العالم 1954، وأوقعت القرعة مصر فى مواجهة العملاق الإيطالي، حيث خسرنا فى الذهاب بالقاهرة بهدفين لهدف ثم فى الإياب بخمسة أهداف لهدف بمدينة ميلانو، ليبتعد الحلم من جديد.

وفى نسخة 1958 التى استضافتها السويد، كانت مصر على موعد مع فلسطين فى التصفيات، والفائز سيواجه إسرائيل، فقررت القيادة السياسية وقتها الانسحاب والابتعاد مرة أخرى عن بطولات كأس العالم وكانت هذه المرة لأسباب سياسية.

وذهبت من جديد منافسات كأس العالم إلى قارة أمريكا الجنوبية حيث استضافتها تشيلي، عام 1962، ولكن هذه المرة وافقت مصر على المشاركة دون التذرع بعامل بعد المسافة مثلما حدث فى أوروجواى والبرازيل، ولكن التصفيات أوقعت مصر والسودان وجهًا لوجه، والفائز منهما سيذهب ليلعب مع أحد فرق أوروبا وكان الاعتراض بأن القارة السمراء لم يكن لها مقعد مباشر مؤهل للمونديال.

وانسحبت مصر والسودان اعتراضًا على هذا النظام الظالم من الاتحاد الدولى لكرة القدم، وجرى تسجيل السبب بأنه ناتج عن الرياح الموسمية، ولكن «فيفا» فهم القرار وجرى منح قارة إفريقيا بعدها مقعدًا مؤهلًا إلى منافسات كأس العالم.

وفازت إنجلترا بتنظيم كأس العالم 1966، ووقتها انسحبت فرق القارة السمراء اعتراضًا على الاحتلال الإنجليزى الذى كان سببًا فى تدمير الكثير من الدول الإفريقية ومن بين الدول التى لم تشارك فى التصفيات مصر.

وحصلت المكسيك على شرف تنظيم كأس العالم 1970، ولكن قبلها تعرضت مصر لنكسة 1967، وجرى الإعداد لحرب الاستنزاف، ثم انتصار 1973، ومن ثم جرى الانسحاب من التصفيات.

كل ذلك يفسر غياب منتخب مصر عن منافسات  كأس العالم فى الكثير من المناسبات فى الماضي، رغم أن الوصول لم يكن صعبًا مقارنة بما كانت تملكه من مهارات كبيرة ولاعبين متميزين فى عالم كرة القدم.  

وخلال تصفيات إفريقيا عام 1994، تسببت واقعة «الطوبة» التى سقطت فى الملعب وأصابت الحارس الزيمبابوى بروس جروبيلار بإعادة مباراة مصر وزيمبابوى فى فرنسا وانتهت بالتعادل السلبى فضاعت فرصة الفراعنة فى الوصول إلى مونديال الولايات المتحدة الأمريكية.

وبخلاف ذلك كانت أمام مصر سلسلة طويلة من المباريات مع منتخبات أشرس خاصة  تونس أو المغرب أو الجزائر من جانب شمال القارة، أو غانا والكوت ديفوار من فرق غرب إفريقيا المتميزة فكانت النتيجة فى صالح المنافسين.