قلة أدب.. مش وجهة نظر
مـرة أخرى.. بلاوى «التيك توك»

د.محمد محمود العطار
مع دخول عصر التكنولوجيا وتسارع وتيرة تطورها، أصبح جهاز الكمبيوتر اللوحى وسيلة لا غنى عنها للطفل فى مرحلة الدراسة، كما أصبح الهاتف المحمول وسيلة للطفل تسمح له بالاتصال بالإنترنت للتفاعل مع الألعاب الإلكترونية والاستمتاع بالمقاطع الصوتية والفيديوهات وغيرهما من التطبيقات التى يمكن تحميلها ومن بينها «التيك توك»، وأصبح طبيعيًا أن تستهوى مقاطع التيك توك القصيرة حياة الطفل.
ولـ«التيك توك» خصائص كثيرة تؤثر على منظومة القيم الاجتماعية تتمثل فى مجانية التحميل، حرية التعبير، تنوع محتوى الفيديوهات، سهولة المشاركة، سرعة انتشار المحتوى، الربح من الفيديوهات.

ولم يعد غريبًا أن ينجذب أطفال الجيل الحالى نحو تطبيق التيك توك على حساب اللعب، حيث باتوا يفضلونه، واعتادوا عليه ليطغى ويفرض نفسه عليهم، بحيث أننا نستطيع القول أنه أصبح جزءًا من نمط حياتهم اليومية، وأصبح الشغل الشاغل لأطفال اليوم حتى أنه استحوذ على عقولهم واهتماماتهم.
وقد يصادف الأطفال فيديوهات غير مناسبة من خلال تطبيق التيك توك من حيث المستوى الأخلاقى والقيمى، حيث تهدد مقاطع التيك توك الأطفال على مختلف حياتهم العمرية باكتساب ثقافة العنف وشتى أنواع القتال والبعض منها يعرض لقطات لا تتناسب مع عمرهم وتخدش الحياء.
وهناك مخاطر لمقاطع التيك توك على الطفل من حيث دورها فى حوادث العنف المدرسى لما تحتويه بعض هذه المقاطع من مشاهد عنف، كما أن هناك مجموعة من الآثار الصحية السلبية كمشكلات البصر والسمع وفقدان الشهية، وتواجه الأسر معاناة حقيقية نتيجة سهر الأطفال فى مشاهدة تلك المقاطع، الأمر الذى يؤثر على المستوى الدراسى لهم، وكذلك ضعف التفكير لديهم والتركيز، كذلك مضيعة للوقت والطاقة حيث تستحوذ هذه المقاطع على وقت وعقول الأطفال، كما تتسبب فى عدة مشكلات داخل الأسر، كضعف التواصل الأسرى بين أفراد الأسرة، وبروز نزعة الأنانية والفردية لدى الأطفال، كما أن مشاهدة «التيك توك» تصنع طفلًا غير اجتماعي، يميل للعزلة والبعد عن المشاركة الاجتماعية، وعدم القدرة على التكيف مع الآخرين، الشعور بالقلق والتوتر باستمرار، كما تنمى لدى الأطفال عدم الشعور بالوقت وأهميته بسبب الجلوس طويلًا أمامها.
مرحلة الطفولة مرحلة حرجة جدًا تنافس مرحلة المراهقة فى حساسيتها ودقتها، ففيها تبنى القيم والمبادئ، وهى المرحلة التى نغرس فيها التعاليم الأخلاقية فى قلوب أطفالنا، ومع الأسف نحن نهدر هذه المرحلة المهمة من عمر أطفالنا فى مشاهدة «التيك توك» لساعات طويلة دون رقيب، فأطفال اليوم يركضون خلف كل جهاز حديث، وأصبح الأطفال فى عالمنا العربى والإسلامى فى حاجة ماسة إلى حماية عاجلة فى ظل التطور التقنى من أجل حماية أطفالنا من مخاطر «التيك توك».
إن التصدى لبعض هذه المقاطع من تطبيق التيك توك لا يتأتى فرديًا وإنما عن طريق جهود جماعية، رسمية وأهلية، وذلك من خلال تفعيل دور هيئات الرقابة الحكومية والمختصة فى مراقبة ما يعرض على مواقع التيك توك، وسن التشريعات والقوانين التى تمنع بث مقاطع مخالفة، كما يجب على الآباء والأمهات إعطاء الأطفال المزيد من الوقت والاهتمام والحب والحنان، والعمل على إدخال الطمأنينة والراحة النفسية إلى قلوبهم، والعمل على تنمية ثقتهم بأنفسهم، وعلى المعلمين والمعلمات إيجاد بدائل وأنشطة وألعاب تمنح الطفل المتعة كالتى يشعر بها عند جلوسه لمشاهدة «التيك توك».
كما يتوجب على الأسرة استخدام الحوار المستمر مع الطفل وتشجيع الطفل على التحدث معهم من خلال تثقيف الطفل وتوعيته وتزويده ببعض المعلومات المبسطة حول كيفيه التعامل مع تطبيقات الإنترنت، وعدم ترك الطفل دون رقابة مع تخصيص وقت كاف يوميًا يقضيه الوالدان مع أطفالهما من أجل مواجهة خطر «التيك توك».