الأحد 19 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
اتجاه الريح وأجواء المزاج الأمريكى!

اتجاه الريح وأجواء المزاج الأمريكى!

من حين لآخر أحب أن ألجأ لقراءة استطلاعات الرأى فى محاولة منى لتأمل المشهد الأمريكى بنظرة ربما تكون أشمل وأحيانًا أعمق. استطلاعات الرأى تعد من أدوات «جس نبض» و«رسم قلب» الرأى العام الأمريكى بشكل عام، ولا شك أنها تساعد فى فهم تفاصيل المزاج العام الأمريكى. ما قد نسميه أحيانًا بمتابعة ومراقبة اتجاه الريح فى أجواء الشعور العام أو الرأى العام. 



وبالطبع استطلاعات الرأى يمكن أن تثق أو تشكك فيها كيفما تشاء أو كيفما تقرأ. وذلك حسب الجهة التى تجريها وحسب حجم المشاركين فيها أو الذين يتم الاستعانة بهم فى تحديد توجهاتهم وتفسير اختياراتهم وتحليل مزاجهم كرأى عام بكافة مكوناته.

مركز بيو للأبحاث بواشنطن يتمتع بمصداقية كبيرة فى رصد واستطلاع الآراء اكتسبها على مدى أكثر من عشرين عامًا. إنه يراقب ويتابع ويحلل آراء وتوجهات الرأى العام فى أمريكا وفى العالم أحيانًا فيما يخص كافة تفاصيل الحياة. 

فى بداية الشهر الجارى أكتوبر 2025 رصد مركز بيو كيف يرى الأمريكيون إسرائيل بعد عامين من 7 أكتوبر 2023 بعد عامين من «حرب إسرائيل حماس» كما قالت. بالمناسبة هذا التوصيف تحديدًا التزمت به وسائل الإعلام بشكل عام وإن تحررت منه بعد فترة وذلك حسب ما جرى فى غزة على أرض الواقع وتفاقم المأساة الإنسانية. 

وتبين من استطلاع للرأى لبيو أن نحو أربعة من عشرة أمريكان (من البالغين) 39 فى المئة يرون أن إسرائيل تمادت وبالغت فى استعمال القوة ضد الفلسطينيين هذه النسبة كانت 27 فى المئة فى نهاية عام 2023 وارتفعت إلى 31 فى المئة عام 2024. كما أن 59 فى المئة منهم لهم رأى سلبى تجاه الحكومة الإسرائيلية ورئيسها. وكما أن 33 فى المئة منهم فقط يرون أن الإمداد العسكرى الأمريكى لإسرائيل كثير جدًا. Too Much. ويجب أن أذكر هنا أن فى الرد على أغلب الأسئلة فى هذا الاستطلاع هناك على الأقل 35 فى المئة فضلوا إجابة «لست متأكدًا» Not sure. 

أما صحيفة «واشنطن بوست» وعلى صفحتها الأولى لعدد الأحد 5 أكتوبر 2025 نشرت استطلاعًا للرأى أجرته تبين منه أن الكثير من اليهود الأمريكان لا يقبلون أو لا يعتمدون طريقة إسرائيل فى إدارة الحرب فى غزة. وأن 61 فى المئة منهم يرون أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وأن أربعة من عشرة منهم يقولون إن اسرائيل مذنبة بجريمة الإبادة ضد الفلسطينيين. وذكرت بوست أن هذه الفجوة المتنامية بين اليهود الأمريكان وإسرائيل فى المواقف ووجهات النظر قد تكون لها عواقب فيما يتعلق بسياسات أمريكا تجاه إسرائيل. بالتأكيد هناك تأثير ما ولكن ما مدى هذا التأثير لا يجب التهويل منه والمتابع للمشهد ولمثل هذه الأرقام لا يجب أن يقفز للاستنتاجات قد تتلاشى مع مرور الأيام. 

وبالرجوع إلى مركز بيو .. واستطلاعات الرأى به وبعض المؤشرات العامة لاتجاه الريح .. وذبذبات المزاج العام نجد:  

أولًا: أن الأمريكان يرون الرئيس ترامب ونائبه فانس وأيضًا قيادات الكونجرس من كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى بطريقة سلبية أكثر منها إيجابية.

ريشة: خضر حسن
ريشة: خضر حسن

 

ثانيًا: بشكل عام هناك تشكيك فى أداء أغلب أجنحة الحكم فى الولايات المتحدة. وبالتأكيد الانقسام أو الاستقطاب الأيديولوجى له دوره فى تحريك المؤشرات سلبًا أو إيجابًا، فالجمهوريون لهم هذا العام شعور إيجابى أفضل تجاه وزارة العدل وإف بى آى، فى حين هناك شعور سلبى لدى الديمقراطيين خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المهاجرين والأقليات واستعمال العنف مع المتظاهرين أو المطالبين بحماية حقوقهم المدنية.

ثالثًا: ثلاثة من أربعة من البالغين فى أمريكا أى نحو 74 فى المئة منهم يرون أن الأحوال الاقتصادية تعتبر ضعيفة أو ربما فقيرة.. بشكل عام.

رابعًا: واحد من خمسة من الأمريكيين يحصلون على الأخبار أى يعرفون ماذا يجرى فى حياتهم من تيك توك.. يصل عدد مستخدمى تيك توك فى أمريكا إلى 136 مليونًا.

خامسًا: 42 فى المئة من مستخدمى السوشيال ميديا قالوا إن ما يتابعونه من خلال هذا المسمى بالتواصل الاجتماعى مهم وحيوى بالنسبة لهم للمشاركة والمتابعة فى أمور سياسية واجتماعية، وأيضًا للتواصل مع من يفكرون مثلهم ويجمعهم مزاج مشترك.

وفى سياق متصل أظهر استطلاع للرأى أجرته مؤخرًا مؤسسة جالوب الشهيرة للأبحاث واستطلاعات الرأى أن نسبة ثقة الأمريكان تجاه وسائل الإعلام التقليدية من صحافة وإذاعة وشبكات تليفزيون تصل إلى 28 فى المئة فقط .. وكانت هذه النسبة 40 فى المئة منذ خمس سنوات هبطت إلى 31 فى المئة العام الماضي. وحرصت جالوب على التذكير بأن استطلاع الرأى الخاص بوسائل الإعلام التقليدية انطلق فى بداية السبعينيات وكانت نسبة الثقة تتراوح ما بين 68 و72 فى المئة.

ولافت للانتباه أن نسبة الثقة لدى الجمهوريين تجاه وسائل الإعلام لا تزيد على 8 فى المئة فقط .. ولم تزد النسبة على 21 فى المئة منذ عام 2015.  

قراءة استطلاعات الرأى وأرقامها عملية شيقة ومفيدة تكشف الكثير من تفاصيل الحياة الأمريكية وكيف يعيشها الأمريكى وكيف تراها الأمريكية؟.. وكلها أرقام ومؤشرات ونسب إيجابية وسلبية!