أول اختبار للمعارضة

يرصد المشهد: إبراهيم جاب الله
وضعت المعارك والأجواء الساخنة التى تشهدها انتخابات مجلس النواب الأحزاب المعارضة والمستقلين أمام اختبار حقيقى لتواجدهم فى الشارع السياسى، خاصة مع وجود اتجاه قوى لضرورة تمثيل هذه القوى فى البرلمان المقبل بما يتيح التنوع السياسى تحت القبة.
تأتى هذه التوجهات مع تزايد الجدل فى الشارع السياسى حول دخول من يطلق عليهم «سماسرة الانتخابات» لمحاولة حجز مقاعد داخل مجلس النواب عن طريق الدخول على قائمة بعض الأحزاب مقابل تبرعات، ليصبح هناك اتجاه قوى ومطالبات بضرورة تمثيل المعارضة والمستقلين داخل البرلمان المقبل بما يغير الخريطة السياسية ويتيح التنوع السياسى فى المجلس، فى تجربة أشبه بالتكتلات السياسية التى كانت موجودة فى برلمان عام 2015؛ حيث كانت توجد قوى سياسية ومعارضة وطنية وشخصيات مستقلة تحت القبة لها دور مؤثر فى مناقشة التشريعات والرقابة على عمل الحكومة.
المشهد السياسى داخل مجلس النواب عام 2015 شهد تواجدًا كبيرًا للمستقلين، حيث ضم المجلس أكثر من 300 مقعد للمستقلين بينما كان نصيب الأحزاب يشهد تنوعًا أيضًا، حيث حصل وقتها حزب المصريين الأحرار على 65 مقعدًا ومستقبل وطن 51 مقعدًا والوفد 33 مقعدًا وحماة الوطن 17 مقعدًا والشعب الجمهورى 13 مقعدًا والمؤتمر 12 مقعدًا والنور 11 مقعدًا والمحافظين 6 مقاعد، بينما توزعت باقى المقاعد بين الأحزاب الأخرى منها «السلام الديمقراطى والحركة الوطنية والحرية والمصرى الديمقراطى» وغيرها.
كما ضم مجلس النواب فى ذلك التوقيت وجوهًا مستقلة ومعارضة بارزة من بينهم مرتضى منصور وتوفيق عكاشة والاثنان حصلا على أعلى الأصوات خلال الانتخابات، بجانب تواجد النواب هيثم الحريرى وخالد عبدالعزيز شعبان وعبدالحميد كمال ومحمد عبدالغنى وضياء الدين داود وهؤلاء شكلوا ما يسمى «تكتل 25 - 30» تحت القبة لصياغة رؤية موحدة فى التشريعات والقضايا التى تتم مناقشتها داخل المجلس، وهو ما دفع قوى سياسية لطرح فكرة تشكيل مجلس مشابه يكون فيه تمثيل كبير للمستقلين وأحزاب المعارضة.

على أرض الواقع وفى المعركة الحالية لانتخابات مجلس النواب التى تشتعل فيها المنافسة قبل إعلان الجدول الزمنى، لا تزال «القائمة الوطنية من أجل مصر» هى صاحبة التنظيم الأقوى وفرصتها أكبر فى الفوز فى الانتخابات المقبلة لما تمتلكه من كوادر حزبية بجانب وجود قدرة لدى الموجودين بالقائمة على تحمل تكاليف الدعاية الانتخابية والتحرك فى الدوائر المختلفة، فضلا عن تواجد شخصيات لها دور فى العمل السياسى والبرلمانى على مدار السنوات الماضية، وجاء تشكيل هذه القائمة فى انتخابات الشيوخ قويًا وتحقق لهم الفوز، وفى انتخابات النواب تسعى الأحزاب المشاركة فى التحالف الانتخابى وتشكيل القائمة الى اختيار ممثلين لهم تواجد كبير على الأرض فى الدوائر لضمان حصد مقاعد فى الانتخابات المقبلة التى سيتم خلال أيام إعلان كل التفاصيل الخاصة بمواعيد فتح باب الترشح وإجراء الانتخابات وغيرها، وتضم «القائمة الوطنية من أجل مصر» 13 حزبًا وكيانًا سياسيًا وهى: «مستقبل وطن، حماة وطن، الجبهة الوطنية، الشعب الجمهورى، الإصلاح والتنمية، المصرى الديمقراطى، العدل، الوفد، التجمع، المؤتمر، الحرية المصرى، إرادة جيل، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين».
تحركات وخلافات
التحركات القوية للأحزاب الموجودة بالقائمة الوطنية بجانب العمل والتنسيق على المقاعد الفردية لأحزاب مستقبل وطن والجبهة الوطنية وحماة الوطن والشعب الجمهورى، وضعت الأحزاب المعارضة والمستقلين فى اختبار ومأزق حقيقى أمام الناخبين فى الدوائر لتتنافس فى حصد مقاعد فى مجلس النواب المقبل؛ حيث تسابق أحزاب معارضة الزمن لمحاولة التوافق على تشكيل قائمة موحدة فى الانتخابات غير أن محاولاتها حتى الآن لم تحقق نتائج واضحة ولم يتم الإعلان عن أى أسماء أو مرشحين ضمن قائمة موحدة تخص هذه الأحزاب، وكل ما تحقق هو إعلان حزب المحافظين وحزب الدستور عن إطلاق تحالف انتخابى تحت مسمى «تحالف الطريق الحر» لخوض انتخابات مجلس النواب والتنسيق على المقاعد الفردية واختيار المرشحين الذين سيتم الدفع بهم، فيما لم يكن هناك أى اتفاقات على تشكيل قائمة موحدة تنافس «القائمة الوطنية من أجل مصر».
كما أعلنت أحزاب أخرى عن إطلاق حملات لدعوة الناخبين للمشاركة فى الانتخابات ومحاولة حصد أصوات حيث أعلن الدكتور هشام عنانى رئيس حزب المستقلين الجدد، إطلاق حملة تحت شعار «مشارك» والتى تهدف إلى تعزيز المشاركة الشعبية فى كل الاستحقاقات الدستورية، لافتًا إلى أن المشاركة ليست فقط حقًا دستوريًا؛ بل واجب وطنى على كل مواطن، بينما تستمر قوى وأحزاب أخرى فى التنسيق تحت مسمى «الائتلاف الوطنى» والذى يقوده حزب الجيل الديمقراطى ويضم أحزابًا أخرى منها الاتحاد والإصلاح والنهضة والمصرى القومى والمصرى العربى الاشتراكى.
وكشفت مصادر فى أحزاب المعارضة عن وجود خلافات على اختيار الأسماء المرشحة للمنافسة فى الانتخابات البرلمانية مما يهدد تواجدها بشكل كبير فى مجلس النواب المقبل، وحذرت المصادر من أن استمرار الصراعات بين قوى المعارضة قد يؤدى إلى فشل تحركاتها الفترة المقبلة خاصة أن هذه الأحزاب لم تتمكن من التنسيق فيما بينها أثناء انتخابات مجلس الشيوخ. وتابعت المصادر: هناك حالة تفكك فى المعارضة حاليًا بجانب عدم وجود تنظيم قوى لها على الأرض يمكنها من حصد الأصوات فضلا عن صراعاتها الداخلية والتنظيمية.
من جهته قال النائب عاطف مغاورى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع فى تصريحات خاصة، إن التنوع السياسى والحزبى داخل مجلس النواب أمر مطلوب خاصة فى المرحلة الحالية التى نحتاج فيها للاستماع لجميع الآراء ويجب أن يضم المجلس كوادر حزبية ومستقلين بما يثرى الحياة السياسية بوجود نواب يعبرون عن جميع فئات الشعب، كما أن كل حزب يمثل شريحة معينة أو يتبنى أفكارًا وبرامج سياسية تعبر عنه وعن أهدافه وبرنامجه تختلف عن الأحزاب الأخرى.
وأكد أن الأجواء السياسية حاليا تمثل فرصة أمام المعارضة والمستقلين للتواجد فى البرلمان المقبل بشرط أن يكون هناك نواب من المستقلين لهم تأثير واضح خلال الجلسات العامة ولجان المجلس عند مناقشة قضايا وتشريعات تمس مصالح جميع فئات المجتمع بجانب العمل فى مراقبة أداء الحكومة خاصة أن تعدد وجهات النظر، سوف يثرى النقاش حول التشريعات والقوانين بحيث يتم صياغتها بشكل أفضل.
وتابع: وجود المعارضة والمستقلين داخل البرلمان يمثل أهمية كبيرة فى مناقشة التشريعات ذات الطابع الجماهيرى منها قانون الإجراءات الجنائية خاصة أن ما طرحه النواب تحت القبة وقت مناقشة هذا القانون أثبت ضرورة وجود وجهات نظر مختلفة وآراء مختلفة ومتنوعة، لافتًا إلى أن الأزمات التى قد تواجه بعض التكتلات المعارضة فى الانتخابات الحالية هى عدم قدرتها على الإنفاق على الدعاية الانتخابية نظرا للأوضاع المادية الصعبة التى تواجهها.
وشدد على ضرورة محاولة الاستفادة من أقوى العناصر المؤهلة سواء من المستقلين أو المعارضة ومحاولة الدفع بها للفوز فى الانتخابات حتى تكون التجربة البرلمانية المقبلة ممثلة لكل الأطياف.