
توماس جورجسيان
روبرت ردفورد.. عاشق السينما والطبيعة
ما قرأته وشاهدته فى الأيام الأخيرة من احتفاء بقيمة وقامة روبرت ردفورد وبصماته فى عالم السينما ساهم بالتأكيد فى تحقيق معرفة أعمق وأشمل بالنجم الشهير وما فعله وما أضافه للأفلام - تمثيلًا وإخراجًا وإنتاجًا وتبنيًا للمواهب الجديدة من كل أنحاء العالم، ومساهمًا فى إنتاج وتوزيع الأفلام المستقلة. رحل ردفورد عن عالمنا يوم 16 سبتمبر 2025 وكان فى الـ89 من عمره.
ما لفت نظرى أيضًا ما تم استخدامه من كلمات فى وصف ردفورد وإرثه السينمائى مثل «أيقونة السينما».. و«معبود الشاشة» و«من كان جميلًا فى كل شىء». لذلك جذب الانتباه ونال الإعجاب وحظى بالاحترام. وبدا هذا واضحًا خاصة لدى من تعاملوا معه وجهًا لوجه ولم يكونوا قلة، لأن روبرت ردفورد تواجد معهم ومعهن بحضوره وأدواره ومساهماته لأهل الإبداع والسينما خلال ستة عقود.
تعامُل الصحف الكبرى وعلى رأسها نيويورك تايمز يؤكد لنا ضرورة الاهتمام وأهمية التذكير بما حققه النجم فى حياته. صفحتان كاملتان (مع بدء التغطية من الصفحة الأولى) فى اليوم التالى لوفاته تتناولان حياة الفنان المبدع وتحتفيان بما تركه من إرث وأثر فى نفوس الناس. ولم تتوقف الصحيفة بعد اليوم التالى لوفاته عن تسليط الأضواء عليه، إذ خصصت مساحات كبرى لتاريخه السينمائى وذكرياته مع أهل السينما وماذا أضاف روبرت ردفورد للحياة السينمائية بإطلاقه مهرجان صندانس للأفلام المستقلة والوثائقية.
ووسط هذا الكم الهائل والمبهر من الاحتفاء. بالطبع يجذب الانتباه بعض الأمور التى تكشف شخصية ردفورد.. وعلاقاته الغنية التى كانت موضع التحية والتقدير.
عشاق السينما توقفوا كثيرًا أمام أدواره المتنوعة اللافتة للانتباه. وأيضًا أمام الثنائى ردفورد وبول نيومان وظهورهما معًا فى فيلمين فقط ـ أولهما (Butch Cassidy and the Sundance KId 1969) وثانيهما (Sting 1973) وهما معًا كانت تربطهما صداقة قوية امتدت لعقود.. وكان نيومان أكبر من ردفورد بـ11 سنة! وتوقف عشاق السينما أيضًا أمام دور روبرت ردفورد فى فيلم ـ All the President>s Men وتمثيله لدور بوب وودورد الصحفى الشهير بواشنطن بوست. والفيلم يتناول فضيحة ووترجيت التى تورط فيها الرئيس نيكسون واستقال بسببها وبالتأكيد بسبب تبنى صحيفة واشنطن بوست للقضية وكشفها لكل تفاصيل الفضيحة من خلال متابعة ومطاردة صحفية مكثفة قام بها وودورد وزميله فى الصحيفة كارل برنستين.
روبرت ردفورد الذى غادر دنيانا مؤخرًا عشق السينما وعشق أيضًا الطبيعة، وعاش بين أحضانها. عاش قريبًا من جبال يوتا حيث وجد نفسه هناك بعيدًا عن عالم هوليوود الصاخب بأضوائه البراقة الخادعة. وعاش وسط هدوء المساحات الشاسعة وموسيقى جريان المياه وغناء الطيور.. وتعامل مع كل هذا بكل حب وتقدير وامتنان. فى صندانس بولاية يوتا ـ أنشأ عام 1981 معهدًا ثم مهرجانًا للأفلام المستقلة.. أفلام تتناول قضايا تتجاهلها السينما التجارية ويتم إنتاجها بميزانيات صغيرة مقارنة بما تقدمه هوليوود من أفلام بلوكباسترز - ذات الإنتاج الضخم والإيرادات الكبرى.
عدد الأفلام الذى لعب فيها ردفورد أدوارًا تجاوز الـ50 فيلمًا. وقد أخرج تسعة أفلام. أول فيلم أخرجه Ordinary People فاز بأوسكار أحسن فيلم عام 1981.
ما لفت نظرى أيضًا كلمات الرثاء أو الاحتفاء بحياة ردفورد التى كتبتها ممثلات قمن بأدوار معه.. وهو قد ترك لديهن ذكريات إنسانية جميلة وحميمة ظلت معهن رغم مرور سنوات عديدة. كيف يمكن أن أنسى روبرت ردفورد وهو الذي.. هكذا تعددت الأوصاف والذكريات مع باربرا سترايسند وجين فوندا وميريل ستريب وديمى مور.. وسكارليت جوهانسن.
مع باربرا كانت معرفة وصداقة وعلاقة حميمة تشكلت وتعمقت مع تصوير فيلم The Way We Were (كما كنا - 1973) الذى أبهر عشاق السينما والحب فى العالم.. وهى تودع «بوب»(كما تناديه) وضعت بوستًا لصورة لهما أبيض وأسود من الفيلم وقالت إن كل يوم أثناء التصوير كنا فى حالة انتعاش وإثارة.. ومتعة خالصة. هو كان يعشق عالم الخيول وأنا لدى حساسية من الخيول، بوب كان لديه كاريزما وذكى ودائمًا مثير للاهتمام.. كان فريدًا من نوعه.

أما سكارليت جوهانسن فقد كانت فى الـ13 من عمرها عندما مثلت فى فيلم (The Horse Whisperer 1998) تذكرت مخرج الفيلم ردفورد بالقول: بوب علمنى ما هو التمثيل ووجهنى كيف أتعمق وأنا أتعامل مع دوري.. وبسبب كرمه وصبره تعزز لدى فهمى للتمثيل وأنا ممتنة لذلك.
إنها حياة حافلة عاشها روبرت ردفورد.. وقضايا عامة كثيرة تبناها وهو راغب فى أن يحقق التغيير المطلوب نحو الأفضل. مستقبل البيئة أيضًا شغل وقته واهتماماته ولذا ساهم فى مبادرات لحماية الطبيعة وزيادة وعى الناس بأهمية وضرورة الاهتمام بالطبيعة وأخذ الخطوات المطلوبة للحد من تلوثها.. قبل فوات الأوان.