
أحمد سعيد كامل
أين «الالتزام الحزبى»؟!
ونحن على أعتاب السباق المحموم للانتخابات البرلمانية 2025، تلاحظ فى الفترة الأخيرة وجود أزمات داخلية عنيفة داخل بعض الأحزاب، وصلت لتقديم بعض القيادات فى عديد الأمانات بالمحافظات لاستقالاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضًا على عدم اختيارهم لتمثيل أحزابهم فى انتخابات مجلس النواب القادمة، وظهر ذلك مؤخرًا، وليس أخيرًا فى حزب حماة وطن، وهو ثانى الأحزاب حصولًا على مقاعد فى انتخابات مجلس الشيوخ المنتهية منذ أيام برصيد 44 مقعدًا، خلف حزب مستقبل وطن الذى تصدر القائمة بعدد 104 نواب.
تلك الاستقالات ما هى إلا حلقة فى سلسلة عدم الالتزام الحزبى، التى ضربت بعض الأحزاب، والسبب الرئيسى يرجع لأن بعض القيادات دخلوا تلك الأحزاب من البداية وأعينهم على مصلحتهم الشخصية وليست المصلحة العامة للمواطن والحزب.
فالالتزام الحزبى يعنى تعهد العضو المنتمى للحزب بالالتزام ببرنامج الحزب وقراراته وسياسته العامة، وأسلوب تنفيذ تلك القرارات، وإذا ما قارنا التعريف بما يتم على الأرض فلن نجد تعهدًا، ولا التزامًا، فبعض الأحزاب يهمها فى المقام الأول تبرعات الأعضاء، ثم عدد العضوية، وعدد المقرات فى المقام الثالث، ولا تشغل بالها لا بمبادئ الحزب ولا تعهداته ولا سياساته.
للالتزام الحزبى صورتان الأولى أيديولوجية متعلقة بالجانب الفكرى للحزب وسياساته ورؤيته والقواعد المنظمة له، وهذه لا اختلاف عليها بديهيًا لأنها من الأبجديات فى أى حزب.
أما الثانية فهى الجانب الأكثر حركية وارتباطًا بالمواقف السياسية المتعلقة بالشئون الداخلية والخارجية للدولة، والمتمثلة فى التزام العضو بقرارات الحزب وخاصة فيما يتعلق بترشيح الحزب لأعضائه فى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة، سواء شيوخ أو نواب أو محليات.
بالنظر لما سبق وتطبيقه على أرض الواقع نجد أن غالبية الأحزاب تنسف نفسها بنفسها، ويبدأ سلم الفشل من لحظة انضمام الأعضاء للحزب، فحين يتم اختيار أمين للحزب بإحدى المحافظات تبدأ سلسلة المشاكل، فالأمين ملزم بتشكيل أمانات المراكز، ولأنه لا طاقة له بالتدقيق فى الاختيار وبذل بعض المجهود فى البحث والتحرىعمن يختارهم، وغالبًا يقوم بالاستسهال إما باختيار أسماء تقليدية معروفة، وغالبيتهم من بقايا القيادات التقليدية القديمة، أو اختيار أمناء للمراكز من أهل الثقة (الأصحاب والأقارب)، ويسرى نفس الأمر بعد ذلك على اختيار أمناء للمراكز ثم لأمناء الوحدات الحزبية بالقرى وهكذا، فتكون السلسلة كلها قائمة على الأقارب والمعارف والصداقات وبعض المصالح، ونتاج هذا الوضع يظهر بوضوح عندما يتم مثلًا اختيار مرشح للحزب لا يتوافق مع رغبة أمين المحافظة أو المركز فتبدأ حلقة الانهيار. وهو ما شاهدناه ونشاهده وسنشاهده من حملات استقالات جماعية فى بعض الأحزاب فى المواسم الانتخابية المختلفة.
وحتى تستقيم الأمور، ونتخطى تلك الأزمات علينا إعادة تشكيل الكيانات الحزبية بما يلائم المرحلة التى تعيشها مصر، وهى مرحلة من الحساسية بمكان لا وقت فيها لهراءات ولا مراهقات بعض الأحزاب، فالمرحلة تتطلب من الجميع التكاتف والاصطفاف خلف القيادة السياسية فى أحلك مراحل الدولة المصرية خطورة، وترك المصالح الشخصية والمكاسب على حساب الوطن جانبًا.