السيسى: الحلول العسكرية وفرض الأمر الواقع مصيرهما الفشل.. وستكون العواقب وخيمة
كلمة للتاريخ فى قمة استثنائية
متابعة المندوب الرئاسى: ياسمين خلف
تأكيدًا على تضامن مصر الكامل مع دولة قطر الشقيقة، حكومةً وشعبًا، وتجسيدًا لموقفها الثابت فى الوقوف إلى جانب الأشقاء فى مواجهة العدوان الإسرائيلى على الدوحة، الذى يُعد انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والأعراف الدولية، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التى استضافتها العاصمة القطرية.
وألقى الرئيس كلمة استعرض فيها رؤية القاهرة تجاه مستجدات الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا ثوابت السياسة المصرية فى دعم الأمن والاستقرار الإقليمى، كما عقد الرئيس عددًا من اللقاءات الثنائية على هامش القمة، لبحث سبل تعزيز التعاون والتنسيق المشترك.
وقال الرئيس خلال كلمته: أود بداية، أن أعبر عن خالص التقدير، لأخى صاحب السمو الشيخ «تميم بن حمد آل ثانى»، ودولة قطر الشقيقة، على استضافة هذه القمة المهمة، التى تنعقد فى توقيت بالغ الدقة، وفى ظل تحديات جسام تواجهها المنطقة، التى تسعى إسرائيل لتحويلها إلى ساحة مستباحة للاعتداءات، بما يهدد الاستقرار فى المنطقة بأسرها، ويشكل إخلالًا خطيرًا بالسلم والأمن الدوليين، وبالقواعد المستقرة للنظام الدولى.
كما أود أن أنقل إلى قيادة قطر وشعبها الشقيق, تضامن مصر الكامل وتضافرها مع أشقائها، فى مواجهة العدوان الإسرائيلى الآثم، الذى شهدته الأجواء والأراضى القطرية والذى يمثل انتهاكًا جسيمًا، لأحكام القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، ويعد سابقة خطيرة، وتهديدًا للأمن القومى العربى والإسلامى.

أضاف الرئيس: دعونى أؤكد هنا بوضوح، أن هذا العدوان إنما يعكس بجلاء، أن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت أى منطق سياسى أو عسكرى، وتخطت كافة الخطوط الحمراء.. وأن أعرب عن الإدانة، بأشد وأقسى العبارات لهذا العدوان الإسرائيلى، على سيادة وأمن دولة عربية، تضطلع بدور محورى فى جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق النار فى غزة، وإنهاء الحرب والمعاناة غير المسبوقة، التى يمر بها الشعب الفلسطينى الشقيق.
وتابع: كما أحذر من أن ما نشهده من سلوك إسرائيلى منفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمى، من شأنه توسيع رقعة الصراع، ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به.. أو السكوت عنه.
وأكمل: بينما تدعو مصر المجتمع الدولى، إلى تحمل مسئولياته الأخلاقية والقانونية، لضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات، وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة، بما يقتضيه ذلك، من محاسبة ضرورية للمسئولين، عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة «الإفلات من العقاب» التى باتت سائدة أمام الممارسات الإسرائيلية.. فإنه بات واضحا، أن النهج العدوانى الذى يتبناه الجانب الإسرائيلى، إنما يحمل فى طياته نية مبيتة، لإفشال كافة فرص تحقيق التهدئة، والتوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى .. كما أن هذا التوجه؛ يشى بغياب أى إرادة سياسية لدى إسرائيل، للتحرك الجدى فى اتجاه إحلال السلام فى المنطقة.
وأردف: إن على إسرائيل أن تستوعب، أن أمنها وسلامتها، لن يتحققا بسياسات القوة والاعتداء، بل بالالتزام بالقانون الدولى، واحترام سيادة الدول العربية والإسلامية.. وأن سيادة تلك الدول، لا يمكن أن تمس تحت أى ذريعة، وهذه مبادئ غير قابلة للمساومة.
ومن ثم؛ على العالم كله، إدراك أن سياسات إسرائيل، تقوض فرص السلام بالمنطقة، وتضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، والأعراف المستقرة والقيم الإنسانية.. وأن استمرار هذا السلوك، لن يجلب سوى المزيد من التوتر، وعدم الاستقرار للمنطقة بأسرها، على نحو سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولى.
وأكمل الرئيس السيسى قائلاً: ولشعب إسرائيل أقول: «إن ما يجرى حاليًا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أى فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة.. وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعًا بلا استثناء.. فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم حينها .. بلا جدوى».
وشدد على أن الحلول العسكرية، وإجهاض جهود الوساطة، والاستمرار عوضًا عن ذلك، فى محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة، لن يحقق الأمن لأى طرف.. مشيرًا إلى أن مصر ستواصل دعمها الثابت لصمود الشعب الفلسطينى على أرضه، وتمسكه بهويته وحقوقه المشروعة، طبقًا للقانون الدولى، والتصدى لمحاولة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف.. سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو ضم الأرض، أو عن طريق التهجير، أو غيرها من صور اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.. عبر استخدام عناوين ومبررات، لا يمكن قبولها بأى حال من الأحوال.
ومجددًا تأكيد مصر رفضها الكامل، لأى مقترحات من شأنها تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. فمثل هذه الأطروحات، ليس لها أساس قانونى أو أخلاقى، ولن تؤدى سوى إلى توسيع رقعة الصراع، وهو أمر من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
وتابع الرئيس: لقد آن الأوان للتعامل بجدية وحسم مع القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الاستقرار فى المنطقة. إن الحل العادل والشامل للقضية المركزية للعالمين العربى والإسلامى، يقوم على إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها «القدس الشرقية»، وفى هذا الإطار؛ أؤكد على تطلع مصر، إلى أن يمثل مؤتمر حل الدولتين، الذى سيعقد، على هامش الشق رفيع المستوى، لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، محطة مفصلية، على طريق تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، خاصة من خلال الاعتراف بدولة فلسطين.
وجدد الرئيس الدعوة للاعتراف الفورى بدولة فلسطين، من جانب جميع الدول التى لم تقدم على هذه الخطوة بعد، باعتبار ذلك السبيل الوحيد، من أجل الحفاظ على حل الدولتين.
واختتم الرئيس كلمته قائلاً: يجب أن تغير مواقفنا من نظرة العدو نحونا، ليرى أن أى دولة عربية، مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام.. وهذه النظرة كى تتغير، فهى تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغٍ، ويتحسب أى مغامر.. فقد أصبح لزامًا علينا فى هذا الظرف التاريخى الدقيق، إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكننا جميعًا من مواجهة التحديات الكبرى، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التى تحيط بنا.. حيث إن إقامة مثل هذه الآلية الآن، تمثل السبيل لتعزيز جبهتنا، وقدرتنا على التصدى للتحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من خطوات، لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة. ومصر كعهدها دائمًا؛ تمد يدها لكل جهد صادق، يحقق سلاما عادلاً ، ويدعم أمن واستقرار العالمين العربى والإسلامى.