لماذا يتجدد جدل 451 فهرنهايت
ليلة عصيبة فى بيت فيلسوف

تابع تفاصيلها: د. هانى حجاج
«لو طُلب منى وصف «المثقف المثالى ذو الأنا الصغيرة» بالنسبة لى، لقلتُ: شخصٌ يستطيع أن يبدأ أمسيته بقراءة شكسبير، ثم يتابع قراءة فو مانشو وجيمس بوند، ثم يركض مع ديلان توماس، ثم يواصل الركض مع روبرت فروست، ثم يمرح مع موليير وشو، ثم يستمع إلى ييتس، ثم يشاهد «كل شىء فى العائلة» وجونى كارسون، ثم ينهى صباحه مع لورين آيزلى وبرتراند راسل ومجموعة الرسوم المتحركة الكاملة لـ«جونى هارت».
هذا ما كتبه «راى برادبرى».
نُشرت رواية برادبرى «فهرنهايت 451» منذ أكثر من سبعين عامًا، بالتحديد عام 1953، ومع ذلك لا تزال تُثير الجدل.
الرواية حظرها العديد من مجالس المدارس والمكتبات والمؤسسات الأخرى فى جميع أنحاء الولايات المتحدة - وهو مصيرٌ مثيرٌ للسخرية لرواية تتناول الرقابة الأدبية.
فى 13 مارس 1954، كتب الفيلسوف برتراند راسل رسالة إلى دار نشر برادبرى فى لندن يُشيد فيها برواية «فهرنهايت 451»، وأرفق بها صورة له وهو يمسك غليونه، ونسخة من الكتاب على ذراع كرسى القراءة.
كتب راسل: عزيزتى السيدة سيمون، شكرًا لكِ على رسالتكِ المؤرخة فى 8 مارس وعلى كتاب راى برادبرى «فهرنهايت 451»، لقد قرأتُ الكتاب الآن ووجدتُه مؤثرًا، إنّ صورة المجتمع المستقبلى التى يصوّرها ممكنةٌ للغاية، يسعدنى أن أراه فى أى وقت يناسبنا، وربما تطلبين منه الاتصال بى عند عودته من أيرلندا، لنتمكن من تحديد موعد.
مع خالص التحيات، راسل.
دون علم راسل، كان برادبرى يكره السفر جوًا ونادرًا ما يغادر الولايات المتحدة - فى الواقع موجودًا فى أيرلندا (حيث سافر مؤخرًا بحرًا من أمريكا للعمل مع المخرج جون هيوستن على سيناريو فيلم مقتبس من رواية موبى ديك)، بل كان فى لندن آنذاك، فى طريقه للانضمام إلى عائلته فى إجازة فى إيطاليا.
بعد قراءة الرسالة فى مكتب ناشره بلندن، اتصل برادبرى بالرقم المذكور وتحدث مع راسل، وأخبره أنه يود مقابلته، ولكن لسوء الحظ، كان ذلك فى اليوم تحديدًا، 11 أبريل 1954، إذ كان عليه مغادرة لندن فى اليوم التالى لمقابلة زوجته وبناته فى صقلية.
خشى برادبرى أن يكون مغرورًا لإصراره على الزيارة فى هذه المدة القصيرة، لكنه سُرّ عندما قال راسل إن الأمر سيكون على ما يرام.
وصف برادبرى زيارته فى فصل بعنوان «اللورد راسل والحقير» ضمن مجموعة مقالاته عام 2005 بعنوان «برادبرى يتحدث: رحيل مبكر من القبر، بعيد جدًا عن النجوم».
وكتب: «فى تمام الساعة السابعة مساءً، غادرت محطة فيكتوريا، واندفعتُ بسرعة كبيرة جدًا إلى الأمام لألتقى بأعظم عقل حى فى العالم.
وفى الطريق، تلقيتُ ضربة موجعة.
يا إلهى، ماذا أقول للورد راسل؟ أهلاً؟ كيف حالك؟ ما الجديد؟ مع السلامة وحزن شديد! ذابت روحى حتى كادت أن تنبت لى أجنحة».
برادبرى، الرجل الذى تعلّم ذاتيًا ولم يلتحق بالجامعة قط، والذى أقرّ صراحةً بأن معظم معرفته بالفلسفة جاءت من قراءة كتاب راسل «تاريخ الفلسفة الغربية».
كان يخشى أن يُسأل عن رأيه فى نيتشه أو شوبنهاور، أو الأسوأ من ذلك كله، سارتر، الذى حاول مؤخرًا قراءة روايته «الغثيان»، «لينتهى به الأمر بمشاعر تليق بالعنوان».
ولحسن حظ برادبرى، لم يُطرح موضوع الفلسفة أبدًا خلال الاجتماع القصير - وهو أمرٌ كان محظوظًا نوعًا ما، لأنه، وفقًا لكاتب سيرة برادبرى، جوناثان إيلر كان الفيلسوف الذى كان أكثر ما يثير اهتمامه هو هنرى برجسون، الذى كانت آراؤه الميتافيزيقية حول الزمان والمكان مُعارضة تمامًا لـ منزل راسل.
فتح راسل باب شقته، وسرعان ما عرّف برادبرى على زوجته إديث.
فى ذكريات برادبرى عن الزيارة، تُصوَّر كشخصية صامتة فى الغالب، تجلس وتُحيك فى الخلفية مثل مدام ديفارج بينما كان الرجلان يتحدثان.
ومثل معظم الأمريكيين فى ذلك الوقت، لم يكن برادبرى من مُحبى شرب الشاى، وقد انزعج من المشروب «المُحلَّب والمُحلَّى بكثافة» الذى قدّمه له مُضيفه، لكنه كان مُهذَّبًا بما يكفى لشربه على أى حال.
ولكى يُحبط نقاشًا فكريًا عميقًا شعر بأنه غير مُستعد للخوض فيه، ابتكر برادبرى حيلة افتتاحية رائعة - مُشيدًا بمجموعات راسل القصصية الأخيرة، «الشيطان فى الضواحى»، و«كوابيس الشخصيات البارزة وقصص أخرى».
قال مُبتهجًا: «يا لورد راسل، لقد تنبأت لأصدقائى منذ سنوات أنه إذا... لو حوّلتَ موهبتك إلى القصص القصيرة، لكانت على طريقة هـ. ج. ويلز الخيالية والخيالية العلمية. كيف يُمكن لمفكر أن يكتب إلا بأسلوب علمى فلسفى؟
بعبارة أخرى، أمعن فى المبالغة: بصفته كاتبًا بارعًا فى القصص القصيرة، وأدرك برادبرى أن هذه لم تكن فى الواقع إحدى نقاط قوة راسل.
لكن راسل كان مسرورًا، قائلًا: «بالتأكيد، أنت محق تمامًا».
برادبرى، مُدرك أن مبيعات الكتب لم تُحقق مبيعاتٍ تُضاهى مبيعات أعمال راسل غير الروائية، أو لم تحظَ بقبولٍ النقاد.
أضاف: «بما أننى كنتُ من القلائل فى الولايات المتحدة الأمريكية الذين اشتروا حكاياته، فقد أصبحتُ خبيرًا نادرًا، وشرحتُ مزاياها». فى الواقع، وجد أن مُقدمات القصص مُحفزة للتفكير، لكن تصوير الشخصيات فيها كان ضعيفًا، والأماكن فيها سطحية: «كان برتراند راسل، باختصار، هاوٍ لامع، يسعى، لكنه نادرًا ما يجد، التأثير الدرامى، الذى لا يتحقق إلا من خلال إثارة خيالاتٍ رائعة، لكنه يفشل فى تجسيدها فى حياةٍ مُرضية».
لم يكن هذا نقدًا يُوجّهه للمؤلف بصوتٍ عالٍ.
«هل كنتُ مُخادعًا؟ لا، ببساطة شابٌّ مُتحمسٌ لإرضاء الأستاذ».
تجدر الإشارة إلى أن برادبرى كان، كما وصف نفسه بأنه شاب، تصرفًا كريمًا إلى حد ما؛ لكنه كان أصغر بخمسين عامًا تقريبًا من راسل، الذى كان آنذاك فى الثانية والثمانين من عمره، لذا ربما شعر بصغر سنه بالمقارنة.
أنقذ راسل زائره بقلب الطاولة عليه، وسأله عن عمله فى سيناريو «موبى ديك» وكيف يُمكن للمرء أن يحاول تحويل رواية كلاسيكية كهذه إلى فيلم.
يتكون جزء كبير من بقية المقال من وصف برادبرى لكيفية تعامله هو وهيوستن مع هذه المشكلة، مشيرًا إلى أن سذاجته هى التى دفعته إلى القيام بهذه المهمة الجسيمة.
«عند هذه النقطة، توقفت الليدى راسل عن حياكتها الصامتة، ونظرت إليّ بنظرة ثابتة لا هوادة فيها، وقالت: «دعونا لا نكون ساذجين للغاية، أليس كذلك؟» وظلت صامتة طوال إقامتى».
راسل أنقذه مرة أخرى بطرح المزيد من الأسئلة عليه حول «أسرار صناعة الأفلام».
كان آل راسل مهتمين بإمكانية تكييف قصص برتراند القصيرة للشاشة الكبيرة؛ لكن برادبرى، الذى يعود إليه الفضل الوحيد فى كتابة سيناريو فيلم «موبى ديك»، كان يجهل تمامًا ترتيب هذه الأمور، إذ اختاره هيوستن خصيصًا ليكون كاتب السيناريو، ولم تكن لديه أى نصيحة بشأن ما يجب فعله لتكييف أعماله للسينما.

انتهى المساء على خير؛ ثم اضطر برادبرى إلى الإسراع لملاقاة آخر قطار عائد إلى فندقه. لكنه لم يستطع إلا أن يلاحظ أن اللقاء لم يكن ميمونًا كما كان يأمل. يختتم مقاله عنه بتأملات: «فى قطار العودة المسرع إلى لندن، لعنتُ كل ما تجرأت على قوله، تمامًا كما فى تلك الليالى التى كنتُ فيها، وأنا أوصل شابة إلى منزلها من فيلم رخيص، أتردد عند بابها وأتراجع دون أن أضغط على يدها، أو أسحق صدرها، أو أقبّل أنفها، ثم ألعن، وألعن إرادتى الجبانة، عائدًا إلى المنزل، وحيدًا، وحيدًا دائمًا، صامتًا وبائسًا».
هذا الشعور بأنه لم تكن هناك صلة قوية كما تمنى، يؤكده إيلر فى سيرته الذاتية؛ يقتبس رسالة كتبها برادبرى إلى صديق بعد ذلك بوقت قصير: «ربما التقيت براسل فى أمسية عادية. ربما لم يكن لديّ ما أقدمه له، لأنى كنتُ مقيدًا بنفسى».
على أى حال، مع أنها كانت أمسية جميلة، إلا أنها لم تكن ذلك الشعور الذى يغمرك برغوة الشمبانيا خلف عينيك وأنت تتحدث إلى أشخاص تشعر معهم بالراحة حقًا».
لم يلتقِ الرجلان مجددًا، وينهى برادبرى مقالته متذكرًا لقاءهما الوحيد بالاعتراف بأنه «حتى فى كتابة هذا، فإن كبت سذاجتى هو فعل آخر من أفعال الكبرياء الذى تُعتبر الليدى راسل بمثابة كاهنة اعترافى».
إذا كانت ذكريات برادبرى، المكتوبة بعد عقود من وقوعها، دقيقة بالفعل، فهناك شعور بضياع فرصة، فبالإضافة إلى عمل برادبرى على رواية موبى ديك، كان هناك موضوع آخر بدا من الطبيعى مناقشته.
رواية برادبرى الحالية الأكثر مبيعًا «فهرنهايت 451» والتحذيرات الواردة فيها التى وجدها راسل «ممكنة للغاية».
لا شك أن أحد أسباب إعجاب راسل برواية «فهرنهايت 451» بما يكفى لدعوته مؤلفها لمقابلته هو ظهوره فيها شخصيًا. نقرأ قرب نهاية الرواية: «يعيش بعضنا فى بلدات صغيرة. الفصل الأول من رواية ثورو «والدن» فى غرين ريفر، والفصل الثانى فى ويلو فارم، مين. هناك بلدة واحدة فى ماريلاند، يسكنها سبعة وعشرون شخصًا فقط، ولن تمسها قنبلة أبدًا، وهذه هى المقالات الكاملة لرجل يُدعى برتراند راسل. خذ تلك البلدة، تقريبًا، واقلب الصفحات، صفحات كثيرة لشخص واحد».
كتب برادبرى فى مذكراته عن زيارته أن عبقرية راسل «تكمن فى المقال، فى عظمته ودقته، وليس فى تصوير الشخصيات أو تصوير المشاهد الرئيسية».
ولعل هذا هو سبب كون مقالات راسل هى ما تذكره الرواية.
كان برادبرى نفسه معروفًا فى أوساط الخيال العلمى، لكنه لم يكن مشهورًا عالميًا بعد عام 1953، عندما ألّف الكتاب جزئيًا احتجاجًا على تحقيقات لجنة الأنشطة غير الأمريكية فى مجلس النواب آنذاك، إلى جانب تحقيقات السيناتور جوزيف مكارثى بشأن الشيوعيين والمخربين المزعومين، والتى اعتبرها برادبرى حملةً حديثةً لتشويه سمعة الحزب. وعلى غرار راسل، المعارض للنظام الشمولى للاتحاد السوفيتى، عارض برادبرى، مثل راسل، استخدام الأساليب الشمولية فى مجتمع ديمقراطى.
يشير ديفيد سيد إلى أن «برادبرى أوضح مرارًا وتكرارًا هدف روايته، معتبرًا إياها هجومًا مباشرًا على ما دافع عنه (مكارثي). وفى مقابلة عام 1970، توسع برادبرى فى هذا الأمر قائلًا: «حسنًا، حدث كل ذلك خلال عهد جوزيف مكارثى... جلس الجميع وسمحوا لمكارثى بأن يُلقى بثقله، ولم يكن أحد شجاعًا، لذلك غضبتُ من الأمر برمته وقلتُ فى نفسى إننى لم أوافق على حرق الكتب؛ لم أوافق عليه عندما فعل هتلر ذلك، فلماذا أتعرض للتهديد من قِبل مكارثي؟».
فهرنهايت 451 - «درجة الحرارة التى يشتعل عندها الورق ويحترق» كما ورد فى افتتاحيتها - هى قصة مجتمع ديستوبى مستقبلى، حيث المبانى مقاومة للحريق، ولا يُخمد رجال الإطفاء الحرائق بل يُشعلونها، مُحرقين ما يُفترض أنه أدب تخريبى بأوامر من الدولة. الشخصية الرئيسية، مونتاج، رجل إطفاء يُفتن بما أُمر بإتلافه، فيُخفى نسخة من الكتاب المقدس.
القصة مُبشّرةٌ بشكلٍ مُخيف، بشاشاتٍ كبيرةٍ فى منازل الجميع، ومشاهدينَ مُخدّرى العقول مُشبعين بالترفيه المُتواصل، ومراقبةٍ مُستمرةٍ للمواطنين.
تُسلّم زوجته مونتاجًا للسلطات، لكنه يهرب قبل أن يُدمّر «هجومٌ نوويٌّ محدود» مدينته.
يلتقى بمجموعة من زملائه المنشقين، الذين يخبرونه أن هناك أشخاصًا مثلهم فى جميع أنحاء المجتمع، ممن حفظوا العديد من الأعمال (بما فى ذلك مقالات راسل) لحفظها للأجيال القادمة، وأنه يجب عليه الانضمام إليهم فى جهودهم: «وعندما تنتهى الحرب، يومًا ما، فى عام ما، يمكن كتابة الكتب مرة أخرى، وسيتم استدعاء الناس، واحدًا تلو الآخر، لتلاوة ما يعرفونه، وسنضعه فى الطباعة حتى عصر مظلم آخر، عندما قد نضطر إلى إعادة الأمر برمته مرة أخرى.
ولكن هذا هو الشىء الرائع فى الرجل؛ لا يُحبطه أو يشعر بالاشمئزاز أبدًا لدرجة أنه يتخلى عن تكرار الأمر، لأنه يعلم جيدًا أنه مهم ويستحق العناء».
اشتهرت الرواية، واستمرت فى بيع أعداد كبيرة حتى يومنا هذا، ولا تزال أشهر أعمال برادبرى، وما زال الجدل يتجدد حولها بأكثر من طريقة من آن لآخر.
هذا ليس مفاجئًا، لأن الرقابة لا تزال موضوعًا حاضرًا دائمًا، كما يؤكد سيد: «بالنظر إلى موضوع فهرنهايت 451، فمن المفارقات الكبرى أنه فى عام 1967، ودون علم برادبرى، قام محررو دار نشر بالانتين بمراجعة الرواية لإصدارها فى المدرسة الثانوية، وحذفوا منها الإشارات إلى العُرى وشرب الخمر والشتائم. وعلى الرغم من استعادة النص الأصلى عام 1980، إلا أن قبول الرواية فى الفصول الدراسية لا يزال محل نقاش واسع فى مجالس إدارة المدارس الثانوية الأمريكية».
لذا، يبدو من الغريب ألا تكون الحاجة الدائمة للدفاع عن حرية التعبير من بين القضايا التى ناقشها برادبرى وراسل خلال لقائهما الوحيد، مع ذلك، كانت الزيارة قصيرة، وقد لا تكون ذكريات برادبرى التى تلت سنوات عديدة دقيقة تمامًا.

على الرغم من معاناة برادبرى من معارضته للمكارثية، وخضوعه للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالى، وإلغاء السلطات العديد من محاضراته بشكل غير متوقع بعد نشر الرواية، إلا أن تفسيره الخاص لمعنى رواية «فهرنهايت 451» تغير بمرور الوقت.
ووفقًا لإيلر، قدم برادبرى أسبابًا مختلفة لدوافعه لكتابتها، ولأهمية استمرارها فى رأيه.
ومثل العديد من الليبراليين (ولكن على عكس راسل)، أصبح برادبرى محافظًا بشكل متزايد مع تقدمه فى السن، وبحلول الوقت الذى بلغ فيه الثمانينيات من عمره، كان يمتدح الرؤساء رونالد ريجان و«الرئيسين بوش الأب والابن»، ويجادل بأن روايته كانت تحذيرًا من مخاطر الصوابية السياسية.
مهما كانت نوايا برادبرى وقت كتابة هذه الرواية، فإن رواية «فهرنهايت 451» لا تزال ذات أهمية. يستمر حظر الكتب، بل وحرقها، من اليسار واليمين على حد سواء.
علاوة على ذلك، تكتسب الحاجة إلى الدفاع عن محو الأمية - وهو موضوع محورى آخر فى رواية «فهرنهايت 451» - أهمية أكبر فى العصر الرقمى.
كان التليفزيون فى بداياته عندما وصف الكتاب الشاشات العملاقة وبرامج الترفيه المتواصلة على مدار الساعة، يكتب سيد أن «تعليقات برادبرى المتقطعة على روايته دأبت على التأكيد على أهمية استمرار تفاعلها النقدى مع وسائل الإعلام حتى بعد انقضاء جنون العظمة الذى ساد حقبة مكارثى».
فى مقابلة عام 1998، صرّح بأن «كل شىء تقريبًا فى فهرنهايت 451 قد نشأ، بطريقة أو بأخرى - تأثير التليفزيون، وصعود الأخبار التليفزيونية المحلية، وإهمال التعليم».
وفى عام 2007، بمناسبة حصوله على جائزة بوليتزر، نفى أن تكون الرواية تتعلق بالرقابة الحكومية بقدر ما تتعلق بـ«كيف يُدمر التليفزيون الاهتمام بقراءة الأدب».
يحدث هذا من خلال بث «حقائق موجزة»، وهى أكوام من المعلومات عديمة الفائدة دون سياق».
ويضيف سيد أن برادبرى لم ينظر إلى روايته على أنها تنبؤ بالمستقبل، بل كتحذير من احتمالات مستقبلية.
من الجميل أن نعرف أن برتراند راسل لعب دورًا فى إلهام راى برادبرى فى دفاعه عن حرية الفكر، وأن من يقرأ الآن رواية «فهرنهايت 451» سيرى إشارة إلى «رجل يُدعى برتراند راسل»، وقد يُلهمه ذلك بدوره لقراءة مقالاته المُجمّعة وأعماله الأخرى، وربما حتى رواياته!