السبت 20 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سيناريوهات الحياة خارج كوكب الأرض

انهزام المريخ الذى يمكن أن يستضيف الإنسان للحياة عليه؟!



تشير آخر عينات المريخ إلى عالم كان غلافه الجوى أكثر سُمكًا فى الماضى ويتضح ذلك من أنواع المعادن التى تشكلت وطريقة الصخور.

الخلاف على قابلية الحياة بصورة أفضل للإنسان على كوكب غير الأرض هو أهم خلاف فى علم الفلك الحديث.

احتدم هذا الخلاف مؤخرًا أكثر من أى وقت بعد ظهور شركات الفضاء الخاصة وأهمها شركة «سبيس إكس» التى يملكها الملياردير ورجل الأعمال الأمريكى إيلون ماسك، وتبعه وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، إذ دعم هذان الرجلان فكرة استعمار البشر للمريخ أكثر من فكرة عودة الإنسان برحلات مأهولة للقمر، التى كانت تؤيدها «ناسا» والمجتمع العلمى الأمريكى.

أما الجديد فى هذا النزاع بين القمر والمريخ - وبعيدًا عن الهرج والمرج - فهو بدء تحليل عينات من صخور القمر والمريخ بشكل علمى دقيق، وذلك بحثًا عن أى نوع حقيقى من الحياة.

كلمة العلم

بين هذا وذاك يقول العلم كلمته الفصل فى هذا الشأن ليرجح كفة أحدهما إما القمر أو المريخ فى استضافة الحياة البشرية خلال القرون أو ربما العقود القليلة المقبلة.

لذلك نسأل، إلى أين وصل سباق جمع العينات من القمر والمريخ؟ وماذا تقول النتائج بعد تحليلها للمرة الأولى بشكل علمي؟

الإجابة باختصار هى أن هذه العينات ترسم صورة متباينة للكوكبين، فعينات القمر تعكس صورة لعالم كان يعج بالنشاط البركاني، ولكنه أصبح ميتًا منذ مليارات السنين.

ولا تظهر الصخور أى علامات على معادن متحولة بفعل الماء أو مركبات عضوية أو أى بصمات كيماوية نتوقعها من العمليات البيولوجية، بينما النيازك المريخية تلقى بتلميحات مفاجئة للغاية.

شغل القمر خيال الإنسان الشاعرى قرونًا من الزمن، واحتل صورة وجدانية فى عقولنا أكثر من كونها علمية، ويبدو أنه سيظل كذلك!

فالعينات من القمر وفق بعض العلماء تقول إن الحياة هناك شبه مستحيلة.

وتشبه عينات القمر «كبسولات زمنية من النظام الشمسى المبكر، محفوظة فى حالتها الأصلية لعدم وجود غلاف جوى أو ماء لتغييرها».

ورغماً عن ذلك تشير الاكتشافات الحديثة للجليد المائى فى فوهات بركانية مظلمة بصورة دائمة إلى أن القمر قد لا يكون خاليًا من الحياة كما كنا نعتقد. وأنه «يمكن لهذه الرواسب المتجمدة، التى جرى اكتشافها من خلال تحليل العينات والاستشعار من بعد، أن توفر الموارد التى ستحتاج إليها المستعمرات القمرية المستقبلية للبقاء».

وبينما تسابقت المواقع العلمية فى إعادة نشر هذه المادة العلمية تحت عناوين متباينة، فقد كتبت ماريا فيث ساليجومبا بدورها على إحدى صفحات الموقع العلمى المتخصص (ديسكفر وايلد ساينس)، قصة تحت عنوان «القمر مقابل المريخ: ما تكشفه عينات الكواكب عن قابلية الحياة».

واستهلت الكاتبة الأمريكية قصتها بالقول، «تتسابق وكالات الفضاء حول العالم لجمع عينات من القمر والمريخ لسبب وجيه، فقد جلبت بعثات أبولو التابعة لناسا 842 رطلاً من المواد القمرية بين عامى 1969 و1972، بينما نقلت البعثات الأحدث نيازك مريخية وعينات مباشرة من المركبات الجوالة».

وتضيف، «هذه ليست مجرد صخور جميلة للعرض، فكل ذرة غبار وكل شظية بلورية تحمل أدلة حول إمكان بقاء الحياة على هذه العوالم».

وتواصل بعثات تشانج إى الصينية ومركبة بيرسيفيرانس التابعة لـ«ناسا» هذا البحث عن الكنز، إذ من المحتمل أن تعيد كل عينة صياغة فهمنا لصلاحية الحياة على أحد الكوكبين، وفق ساليجومبا.

يقول العلماء إن علينا أن نتخيل أمر تحليل المعلومات كأنه بمثابة قراءة كتاب منقوش على الحجر، إذ تكشف كل صفحة أسرارًا عن الماء والغلاف الجوى وأساسات الحياة.

النيازك المريخية

من الواضح أن للمريخ أسراره الكثيرة.

فالعلماء يقولون إن الكوكب الأحمر كان يلقى إلينا حرفيًا منذ القدم بعض صخوره على شكل نيازك تحتضنها الأرض وذلك حتى قبل بدء فكرة التقاط وجمع عينات من الكواكب لدراستها.

فقبل أن نرسل مركبة جوالة إلى المريخ، كانت قطع من الكوكب الأحمر تتساقط فى أحضاننا.

وعثر على النيازك المريخية، التى انطلقت من الكوكب نتيجة اصطدامات الكويكبات منذ ملايين السنين، فى القارة القطبية الجنوبية والصحارى حول العالم.

وتحوى هذه الصخور التى تسافر عبر الفضاء على معادن لا تتشكل إلا بوجود الماء، بما فى ذلك معادن الطين والكبريتات.

حتى إن بعضها يظهر علامات على وجود مركبات عضوية. وعلى رغم أن العلماء يجادلون فيما إذا كانت هذه المركبات قد أتت من المريخ أم من تلوث هنا على الأرض، أثار نيزك شهير الشهير جدلاً فى التسعينيات، عندما ادعى باحثون أنه يحوى بكتيريا مريخية متحجرة.

ورغم أن معظم العلماء يشككون الآن فى هذا التفسير، تثبت هذه النيازك الآن أن المريخ كان يتمتع فى الماضى بظروف أشبه بظروف الأرض، أكثر بكثير من الصحراء المتجمدة التى نراها اليوم على سطحه.

بخصوص الماء وكونه عاملًا حاسمًا للحياة تقول العينات وفق وايلد ساينس «كل عينة من القمر والمريخ تخبرنا بأمر بالغ الأهمية عن الماء، والقصص متباينة تمامًا. فتظهر عينات القمر عالمًا فقد مياهه مبكرًا وكاملًا، ولم تبشر إلا الاكتشافات الحديثة للجليد فى الفوهات القطبية بالأمل بوجود الماء.

أما عينات المريخ فتشير إلى ماضٍ مائى دام مئات الملايين من الأعوام. واستدل العلماء على ذلك من خلال دراسات وضحت طريقة تشكيل المعادن الطينية الموجودة فى الصخور».

نقلاً عن إندبندنت