الأربعاء 17 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«العلاج المقدس»

محمود فؤاد
محمود فؤاد

يبقى المرض لحظة فارقة.. يوقف الزمن، فلحظة دخول قسم الطوارئ الطبية فى أى مستشفى، لا يبقى فيها للإنسان سوى سؤال واحد، هل ستمد له يد لإنقاذه، أم سيترك على سرير الانتظار رهينة فاتورة لم يسددها بعد؟



فى عام 2014 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء، وقتها المهندس إبراهيم محلب، رقم 1063، ليكفل العلاج المجانى لمدة 48 ساعة فى جميع المستشفيات حكومية أو خاصة، لأى حالة طوارئ، ولكن جاءت وفاة الإعلامية عبير الأباصيري، داخل أحد المستشفيات، بعد رفض إعطائها حقنة إذابة جلطة، قيمتها 1400 جنيه، قبل أن تدفع ثمنها، حسب بعض أصدقائها فى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعيد للواجهة السؤال المؤلم، هل يشترى الحق فى الحياة بالمال؟

وأمام الحادث الذى أصدرت وزارة الصحة بيانًا بشأنه أكدت فيه قيام المستشفى بكل ما يلزم لإنقاذ حياة المريضة، وأعلن الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، عن تفعيل القرار بعد 11 عامًا من صدوره، مؤكدًا أن حق المواطن فى العلاج الطارئ مقدس، وأن الدولة لن تسمح بعد الآن بترك مريض يموت، لأنه لا يملك ثمن الحقنة أو تكلفة العملية.

ووضعت الوزارة خطًا أحمر لا يسمح لأى أحد بتجاوزه، وهو «طلب أى أموال من مريض طوارئ واعتبارها جريمة»، ويصدر قرار بغلق المستشفى الخاص فورًا دون إنذار، على أن يحال مسئولو المستشفى للتحقيق، فالرسالة واضحة ولا أحد فوق القانون، وحياة الإنسان ليست بندًا تفاوضيًا فى دفتر حسابات أى منشأة.

ووضعت وزارة الصحة تعريفًا دقيقًا للحالات المستحقة للعلاج المجانى، وهى:

توقف القلب أو التنفس، النزيف الحاد أو الصدمة الدموية، الجلطات الدماغية والقلبية، إصابات الحوادث الكبرى، الحروق الشديدة، حالات التسمم الحاد، فقدان الوعى أو الاختناق.

وقالت الوزارة إن أى حالة تمثل تهديدًا للحياة أو أحد الأعضاء الحيوية، توصف بأنها طارئة، وعليه واجب المستشفى الأول هو التقييم الفوري، وتقديم العلاج العاجل حتى استقرار المريض، دون شروط مالية أو تأجيل.

لم يترك قرار رئيس الوزراء فى 2014 ثغرة للهروب، وأصبح واجب التنفيذ على كل مستشفى «حكومى أو خاص»، باستقبال الحالة فورًا، أما واجب التقييم، فهو إجراء فرز طبى عاجل لتحديد خطورة الحالة، وواجب العلاج، هو تقديم التدخل اللازم لاستقرار حالة المريض.

أما إذا تبين أن الحالة ليست طارئة، فهنا يسقط الالتزام بالعلاج المجاني، ولكن بعد أن يكون المريض قد حظى بالتقييم الطبى العاجل.

وقال محمود فؤاد رئيس جمعية الحق فى الدواء إن الطوارئ لا تمنح رفاهية التفكير ولا تحتمل المساومة، فهى سباق بين الحياة والموت، وبين الحق فى العلاج وسوء استغلاله، ومن هنا يتحول أى قرار ينظم هذه اللحظات إلى مسألة حياة أو موت وليس مجرد ورق إدارى.