الأحد 21 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جواز على ورقة طلاق! محكمة تبطل العقد العرفى

حالة من الجدل أثيرت خلال الفترة الماضية بعدما أعلن القضاء بشكل واضح رفضه الاعتراف بالزواج العرفى، حتى لو كان موقعا من شهود.



 

قرار عدم الاعتداد بالزواج العرفى الذى قالت عنه محكمة الأسرة بأنه يفتقد لشروط الزواج الأساسية، والتى تعتمد بشكل واضح على الإشهار والإعلام بالزواج، وبما أن هذا الزواج يفتقد لشرط الإعلان فهو يضع الزوجين فى محل شك ويؤثر على حياتهما. 

واستندت المحكمة فى قرارها إلى الإحصائية التى أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا، وأعلن أن عدد الفتيات اللاتى تزوجن عرفيًا وتقدمن بعد ذلك لتوثيق الزواج دون أن يسبق لهن الزواج فى عام 2024 يبلغ 95 ألف فتاة وأعمارهن أقل 18 عامًا.

 

من جانبه قال خالد عبدالعزيز المستشار القانونى إن رفض الاعتراف بالزواج العرفى سببه زيادة عدد حالات الزواج ليشمل فتيات دون السن، اعتمادًا من الأهل على توثيق الزواج فى المستقبل. 

وأشار عبدالعزيز إلى أن هذا الحكم لن يمنع الزواج العرفى بشكل نهائى، لأن الزواج العرفى معترف به بين مصرى وأجنبية أو مصرية وأجنبى، والاعتراف به جائز ويتم توثيقه فى السفارة الخاصة بجنسية الطرف الآخر، مشيرًا إلى أن الزواج العرفى لا يضمن للزوجة أى حقوق تتعلق بالنفقة والمؤخر، بينما يقف القانون فى صفها للاعتراف بالطفل وإثبات نسبه. 

وأكدت أسماء الفخرانى إخصائى علم الاجتماع والإرشاد الأسرى أن الحكم يعتبر خطوة مهمة وإيجابية لحماية الشباب من الوقوع فى فخ الزواج العرفى الذى يترتب عليه العديد من الأزمات الأسرية، مشيرة إلى أن الجيل الجديد أصبح واعيًا وقادرًا على التمييز بين الأمور التى ستناسبه والتى ستجعله يمر بمشاكل وأزمات لذلك سيفكرون مرارًا وتكرارًا قبل الإقبال على الزواج العرفى. 

 

 

 

وأشارت أسماء إلى أن هذا الحكم سيقوم بحماية الآلاف من الفتيات فى القرى الريفية والصعيد، لأنه سيمنع الأهالى من ارتكاب جريمة زواج القاصرات دون وصولهن للسن القانونية الذى أقره القانون المصرى، مستغلين فى ذلك الزواج العرفى والثغرات القانونية التى تجبر القضاء على الاعتراف بهذه الزيجة حتى وإن لم تبلغ السن القانونية. 

وتابعت أسماء: «هناك بعض الحالات ستتضرر من هذا القرار الذى سيلغى صحة الزواج العرفى، مشيرة إلى أن هناك بعض السيدات تلجأ لهذا الشكل من الزواج بسبب ظروف خاصة تتعلق بكونها زوجة ثانية أو أمور أخرى تتعلق بالأبناء، حيث الإعلان عن الزواج فى محيط الدائرة المقربة فقط من أجل الحفاظ على العلاقة واستمرار نجاحها». 

الدكتور محمد هانى استشارى الصحة النفسية والعلاقات الزوجية وصف الحكم بأنه سينعكس بشكل إيجابى على المجتمع وسيخلصنا من أزمات الزواج العرفى الذى انتشر منذ فترة التسعينيات. 

لكن هانى رغم معارضته للزواج العرفى قال إن هناك استثناءات منها سيدات ورجال تجاوزوا سن الشباب بحيث يكون الزواج عرفيًا هو الحل الوحيد للارتباط بسبب مشاكل عائلية ومجتمعية. 

وقالت« ش. ج» إن شقيقتها اضطرت للزواج عرفيا بعدما رفض أولادها الذين انتهوا من دراستهم الجامعية تكرارها لتجربة الزواج على الرغم من انفصالها عن والدهم منذ سنوات، ولأنها كانت تريد أن تؤسس حياة خاصة لنفسها حتى لا تكبر فى العمر وتجد نفسها بمفردها دون عمل أو ونيس، اضطرت للزواج عرفيًا من أحد أقاربها، بعلم أفراد من الأسرة على أمل أن تستطيع إقناع أولادها فيما بعد ولتقوم بإتمام الزواج بشكل رسمى. 

الزواج العرفى الموثق كان اختيار «ن. م» لإتمام زواجها من زميلها فى العمل بعد رفض العائلة والمجتمع المحيط بهما إتمام هذا الزواج بسبب فارق العمر الذى تجاوز الـ15 عامًا، ولأنها كانت تشعر بالحب من الطرف الآخر وافقت على الزواج العرفى، ولسنوات طويلة استمتعت بحياة مستقرة وهادئة إلى أن أصبحت حاملاً وأصبح من الضرورى أن يتم إعلان الزواج للجميع لاستقبال الطفل، وعلى الرغم من صدمة الجميع بهذا الخبر لكن الثنائى تجاوزا التعليقات السلبية من الأسرة واستكملا حياتهما كما يحلو لهما.

من جانبه قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن الزواج فى الإسلام له مقدمات منها حسن الاختيار والإيجاب والقبول ثم الخطبة، وبعدها يتم تحديد اتفاقات المهر ومؤخر الصداق وخلافه، وتتم مقدمات الزواج فى الإشهار والزفاف والوليمة، وإذا توافرت هذه الأمور فى الزواج سواء كان شفاهة أو كتابة فهو زواج صحيح شرعًا حتى وإن لم يوثّق، لكنه فى هذه الحالة لا يعترف به قضائيًا. 

وأشار كريمة إلى أنه بتغير الزمان والقوانين أصبح ينصح بكتابة عقد الزواج لأنه يعود بالنفع على الزوجين وتحديدًا المرأة ويضمن حقوقها، لأنه يثبت النسب والميراث والنفقة وحسن العشرة وغيرها من الأمور الزوجية الضرورى توافرها بين الزوجين.

وأشاد «كريمة» بحكم المحكمة بعدم الاعتراف بعقود الزواج العرفى، مؤكدًا عدل ونزاهة القضاء المصرى الذى يشغله فى المقام الأول حفظ الحقوق ومنع الغش والنزاع، وقال: إن هذا الحكم هو خطوة استباقية للحد من المشاكل والأزمات قبل وقوعها بهدف الحفاظ على استقرار الأسرة.