الأحد 21 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وثائق «كوكب الشرق» فى قصر طليقة «يوسف وهبى»

على الرغم من الانتقادات التى نالها معرض «صوت مصر» المتزامن مع الذكرى الخمسين لرحيل سيدة الغناء العربى «أم كلثوم»، فإن العرض يمثل أهمية حقيقية بما حققه من تواصل الأجيال الشابة التى لم تعاصر المرحلة التاريخية بكل ما تحمله من فن أصيل ونضال وطنى مشهود كانت أم كلثوم خير من عبر عن هذه الفترة المهمة فى التاريخ القومى.



شمل المعرض بجانب اللوحات الفنية التى شارك بها عدد مختار من الفنانين التشكيليين المصريين - كان من الأفضل أن تكون هناك مسابقة فنية للتشكيليين بوجه عام لاختيار أفضل الأعمال المشاركة، لإعطاء زخم أكبر للعرض- شمل العرض بجانب الأعمال الفنية وثائق وأفيشات أفلام أم كلثوم وخطابات بخط يدها وبعضاً من مذكراتها..

 

المعرض أقيم بقصر عائشة فهمى -طليقة يوسف وهبى- بما يمثله من تاريخ فنى ممتد وما يحمله المبنى من عبق وإرث حضارى على ضفاف النيل بالزمالك بما يتلاءم مع الأهمية التاريخية والفنية والحضارية لجزء مهم من تاريخ مصر وعظمتها.

كان للصحافة المصرية نصيب كبير فى المعرض من خلال صفحات جرائد ومجلات أصلية وثقت مسيرة أيقونة الغناء العربي، ومقتنيات نادرة من متحف أم كلثوم.

 

 

 

ضم المعرض وثائق مهمة فى حياة كوكب الشرق فهناك المستخرج الرسمى لشهادة ميلادها والذى يظهر أنها ولدت عام 1904 وصورة البيت الذى عاشت فيه فى قرية طماى الزهايرة بمحافظة الدقهلية، وعرض صفحات من مذكراتها التى تحكى فيها ما تذكره عن أبيها وأمها التى لم تسمع منهما أى شكوى بصوت مسموع من الفقر والحرمان.. «لايكشفان عن هذا الضيق إلا بهمهمات بعد صلاة الفجر عندما يتصوران أننى وأخى نائمين لا نسمع شيئًا».. كشفت وثيقة عن شهرة أم كلثوة بتلاوة السيرة النبوية «عبارة عن  تعاقد والدها من أجل إحيائها ليلة فى كفر الشيخ ويؤكده الكارت الشخصى لها بصفتها مقرئة السيرة النبوية».

فى المعرض أيضًا بعض الإعلانات التى تقدم أم كلثوم لبعض أغنياتها مثل «إمتى الهوى ييجى سوا»  و«غصبن عنى» و«ليه عزيز دمعى تذله» وصورة لأول عقد لها مع الإذاعة المصرية عام 1934 مع عرض صور نادرة مع والدها وأخيها الشيخ خالد فى بدايتها الفنية بالكوفية والعقال، وصورة مع الشيخ أبو العلا محمد الذى كان بمثابة المعلم الأول لها والذى غير مجرى حياتها برحيلها معه إلى القاهرة.

يضم المعرض أفيشات أفلام أم كلثوم ومنها أفيش فيلم «دنانير» الذى قدمها ككبيرة مطربات الشرق والذى عرض بسينما «السامر بغزة».

كان الكاريكاتير المنشور فى الجرائد المصرية الذى نعى فيه أم كلثوم يوم رحيلها - لافتًا لزوار المعرض بما ضمه من رسوم لكبار فنانى الكاريكاتير مثل مصطفى حسين وصلاح جاهين ويوسف فرنسيس ومرثية الفنان الكبير حسين بيكار لها بالرسم والكتابة، عرض الاحتفال صفحات من مذكرات سيدة الغناء العربى بريشة الفنان الكبير . 

 أما عن الأعمال الفنية المشاركة فقد ضمت أعمالا لـ28 فنانًا ما بين تصوير ونحت نذكر منها لوحات : 

 

 

 

 الفنان الكبير سيف وانلى التى استلهم فيها العلاقة الخاصة بين أم كلثوم وفرقتها الموسيقية فى لوحة تعبيرية متميزة وهو المشهد الذى طالما استعاده محبو فن أم كلثوم لرؤيتهم حفلاتها المسجلة بالصورة، ولوحة الفنان الكبير صلاح طاهر التى جاءت كسيمفونية وضع موسيقاها رسام قدير برشاقة منقطعة النظير، وظهرت أم كلثوم بصورة مصاحبة للوحة وهى تراجع بعض لمساتها كأنها تراجع النوتة مع ملحنها.

 وكخير الأرض المصرية تقف لوحة الفنان د.عبدالوهاب عبدالمحسن شامخة بعظمة ووجه أم كلثوم بين حنايا أغصان شجرة التوت المقدسة عند قدماء المصريين، أما لوحة الفنان مصطفى رحمة فكانت احتفالاً ضمنيًا بـ«ثومة» من خلال جمهورها ومشاعرهم التى تفيض حيوية وملائكية.

 ومن رمال مصر وترابها أبدع الفنان الكبير أحمد رجب صقر لوحته  البديعة من وحى الراحلين العظام من أبناء هذا الوطن الغالى الذين أثروا مصر فى العلم والثقافة والفنون والذين أصبحوا ثرى هذا  الوطن وكانت بالطبع أم كلثوم فى مقدمة هذه القائمة بأعمالها الوطنية العظيمة.

 وعن ثلاثية الفنان الكبير حنفى محمود التى نفذها على أسطح شفافة ونسمع فيها آهات «الست» وتمنحنا من خلال ألوانه بعضًا من الشوق الشجى ولسان حال الفنان يقول: «صوتها يحمل عبق التراث وروح التجديد معًا، فيغدوا غناؤها لوحة نابضة الحياة وتجسيدًا صادقًا للمشاعر الإنسانية لتبقى أيقونة ثقافية وشعلة إلهام تزرع فى الوجدان الكبرياء والانتماء».

 

 

 

 معرض «صوت مصر» وإذا كان لم يبلغ حد الكمال فإن الجهد المبذول من قطاع الفنون بوزارة الثقافة الذى بدأ بحسن اختيار مكان العرض مرورًا  بالرؤية الفنية وفلسفة العرض بترتيب مكانى وزمانى وأيضا البحث التاريخى والتوثيق بما يحمله من جهد مضن فى البحث والتنقيب فى تاريخ مصر وما يمثله  فى تلك الحقبة التى عاشتها «صوت مصر» أم كلثوم وهو ما جعل العرض والاحتفالية حلقة شديدة الجذب لجماهير عريضة لمحبى فن سيدة الغناء بما يحمله من عظمة مصرية خالصة ورمز من رموز هذا الوطن الباقى بعظمائه المنتمين لهذه الأرض الغالية .. لكل هذا يحق للقائمين على هذه الاحتفالية التحية.