الأربعاء 3 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سوق الشياكة جبر؟!

لا يُعد أحدث متجر للعلامة الفرنسية للسلع الفاخرة «لويس فيتون» فى مدينة شنغهاى الصينية متجرا رئيسيا فاخرا عاديا، بل يعطى لمحة عن الأفكار الجديدة التى باتت تتبعها شركات القطاع لتحفيز أعمالها.



ويقدّم متجر «ذا لويس»، الذى يبلغ ارتفاعه 30 مترا، بتصميمه على شكل سفينة، تجربة فريدة، ويضم مساحة عرض ومقهى فى شارع نانجينج رود التجارى بوسط مدينة شنغهاي. ولا شك أن المتجر، الذى افتُتح مؤخرا، سيجذب حشودا متحمسة لنشر صور واجهته اللامعة ومعروضاته الجاهزة للتصوير على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن لويس فويتون، المملوكة لشركة «أل.فى.إم.إتش» الفرنسية، تأمل أيضا فى تحفيز المبيعات بين المستهلكين الصينيين الذين تباطأ إنفاقهم على السلع الفاخرة.

وتتماشى استراتيجية أعمال «أل.فى.إم.إتش» مع تحول أوسع نطاقا بين تجار التجزئة للسلع الفاخرة من نموذج المعاملات، حيث يبيع المتجر السلع للعملاء فقط، إلى جذب الزبائن من خلال «تجارب» تُحفّز النمو فى نهاية المطاف.

وتواجه الماركات التجارية الفاخرة، التى اعتمدت لسنوات على ازدهار المبيعات فى الصين لدعم نموها العالمى وطموحاتها، مخاطر كبيرة، لكنها تواجه الآن تباطؤا فى الطلب فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم.

وانخفض حجم السوق الصينية بأكثر من 18 فى المئة العام الماضى إلى نحو 350 مليار يوان (48.8 مليار دولار)، ومن المتوقع أن تشهد المبيعات أداءً ثابتا فى عام 2025، وفقا لتقديرات شركة باين الاستشارية العالمية.

ويُقر زينو هيملينجر، رئيس قسم التجزئة فى الصين لدى شركة «سي.آر.بي.إى» لخدمات العقارات، بأن قطاع السلع الفاخرة فى الصين ككل قد تأثر سلبا مؤخرا، إلا أنه يعتقد أن هذا التباطؤ كان متوقعًا.

وقال لوكالة أنباء رويترز «إذا نظرت إلى الشركات الكبرى، مثل «أل.فى.إم.إتش وكيرينج وريشمونت وهيرمس، فقد ضاعفت أرباحها ثلاث مرات تقريبا فى غضون خمس سنوات». وأضاف «فى مرحلة ما، يحدث توازن، فلا يوجد سوى قدر محدود من النمو، ولا يوجد سوى قدر محدود من الإنتاج».

 

 
 
 

 

وفى الربع الأول من 2025، انخفضت إيرادات «أل.فى.إم.إتش» فى المنطقة التى تشمل الصين بنسبة 11 فى المئة على أساس سنوي، حيث تُمثل آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء اليابان، 30 فى المئة من إجمالى مبيعات المجموعة.

وشدد المستهلكون الصينيون، الذين تضرروا بشدة من حالة عدم اليقين الاقتصادى الأوسع نطاقا وتباطؤ سوق العقارات المطول، إنفاقهم على المشتريات التقديرية، من بينها حقائب اليد الفاخرة ذات العلامات التجارية.

وتؤكد ناتالى تشين، البالغة من العمر 31 عاما، من شنغهاي، أنها تمتلك بالفعل ما يكفى من «الأشياء» وقد أعادت توجيه جزء كبير من الأموال التى كانت تستخدمها سابقا لشراء السلع الفاخرة للسفر.

وأضافت «بصراحة، لا أعتقد أن شراء حقيبة أخرى سيُحسّن حياتى». وزارت بالفعل مطعما جديدا افتتحته العلامة التجارية برادا فى شنغهاي، وتعتزم تجربة مقهى لويس فويتون الجديد مع صديقاتها.

وقالت «إنه يُضفى شعورًا مختلفًا عن مجرد التواجد فى مركز تجاري»، مع أنها لم تكن متأكدة من أن المتجر، الذى على شكل سفينة، سيشجعها على شراء أى شيء سوى القهوة والكعك.

ومع ذلك، تستشعر العلامات الفاخرة فرصةً طويلة الأجل لزيادة مبيعاتها، ففى حين يتراجع الإقبال على السلع الفاخرة الشخصية فى الصين وحول العالم، متأثرا بالضغوط الاقتصادية وتراجع الأسعار، ترتفع معدلات مبيعات «السلع التجريبية»، وفقا لشركة باين. وسلّطت باين الضوء على طفرة فى تجارب الضيافة الفاخرة الشخصية وارتفاع مبيعات المطاعم الفاخرة فى تقريرها الربيعى الفاخر.

وعلى سبيل المثال، فى عام 2024، سينخفض إجمالى سوق السلع الفاخرة الشخصية عالميا بنسبة تتراوح بين واحد و3 فى المئة، رغم ارتفاع الإنفاق على السلع الفاخرة التجريبية بنسبة 5، وفقا لباين.

ويشير بحث جديد أصدرته شركة «سافيلز»، الاستشارية العقارية، فى وقت سابق من هذا الشهر إلى هذا باعتباره اتجاها جديدا ومهما فيما تصفه بسوق السلع الفاخرة «المتطور» فى الصين.

وذكر البحث أن الباحثين عن التجارب ينجذبون إلى المزيد من نقاط التواصل مع العلامات التجارية الفاخرة التجريبية، من المطاعم إلى صالون بريفيه، وهى صالات خاصة بحجز المواعيد فقط لكبار الشخصيات.

وقال باتريس نوردي، الرئيس التنفيذى لشركة ترايكترى للاستشارات الابتكارية، إن «جميع العلامات تغلق متاجرها، لكن تلك التى تستطيع تحمل التكاليف تفتتح متاجر رئيسية كبيرة أو تقيم بعض الفعاليات أو المعارض الكبرى للحفاظ على حضورها القوى». وهذه الخطوة تُعدّ أساسا للنجاح المستقبلى مع انتعاش السوق، بحسب نوردى الذى يدير أعمال شركته من مقرها فى شنغهاى.

وأغلقت ماركات، مثل «بالنسياجا إلى شانيل ولويس فويتون وبرادا»، متاجر فى الصين منذ النصف الثانى من العام الماضي. وصرح هيملينجر بأن  العلامة العالمية جوتشى فى طريقها لإغلاق 10 متاجر فى السوق هذا العام.

وافتتحت العلامة الأشهر «ديور»،  وهى الشريكة المُستقرة للويس فويتون، مقهى فى مدينة تشنجدو فى وقت سابق هذا العام، وفى مارس، افتتحت برادا مطعما من تصميم وونج كار واى فى مساحتها الثقافية رونج تشاى فى شنغهاي.

وقامت شركة تيفانى آند كو مؤخرا بتقليص حجم متجر كبير فى وسط مدينة شنغهاي، ولكنها افتتحت أيضا فى مارس متجرا رئيسيا جديدا من ثلاثة طوابق فى تشنجدو. ويرى نوردى أنه بينما يُطلق الكثيرون على هذا التوجه «تجارة التجزئة التجريبية»، إلا أنه فى الواقع يُشير إلى أمر أعمق بكثير.

وقال «أعتقد أنها طريقة للنظر إلى زبونك، إما كشخص سيشترى المنتجات، أو كفرد يسعى لعيش حياة أكثر إشباعا.

إذا لم يكن هدفك مجرد تزويد عميلك بالمنتجات الاستهلاكية، بل أكثر من ذلك، فقد تجد صدىً أقوى لديه».

وفى حين أن إغلاق متاجر فاخرة بارزة فى الصين أثار تكهنات بأن العلامات التجارية تُقلل استثماراتها فى سوق آخذة فى التباطؤ، يعتقد هيملينجر أن القصة الحقيقية أكثر دقة، مما يشير إلى إعادة تنظيم استراتيجى للموارد، وليس تراجعا فى السوق.

وقال «عليك ترسيخ مفهوم الندرة، والندرة تأتى مع الندرة. عندما يكون لديك 80 أو 90 متجرًا فى سوق واحدة، لم يعد الأمر يبدو نادرا، بل يبدو وكأنه اتجاه سائد».

نقلا عن اندبندنت عربية