التحـرش.. أسرار مكتومة.. لطفولة مرعوبة!

د. محمد محمود العطار
عرف التحرش الجنسى ضد الأطفال طريقه إلى مجتمعاتنا العربية بوتيرة متصاعدة مع ثورة الإعلام الجديد وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
والتحرش الجنسى لا يحدث فجأة ولا بدون مقدمات، بل يرسم المتحرش خطة قصيرة أو متوسطة المدى للإيقاع بالطفل وممارسة التحرش الجنسى عليه مستغلاً صغر سنه وضعفه وخلو المكان من أى دليل ضده، والمكان قد يكون روضة للأطفال أو مدرسة أو محلاً تجارياً أو بيتاً للجيران.. أو ما شابه ذلك، أما الزمن فيكون عادة خفية عن الأعين، وفى مكان مظلم بعيدًا عن كل مفاجأة غير سعيدة بالنسبة للمتحرش.
وتبدأ محاولات التحرش عادة بمداعبة المتحرش للطفل أو أن يطلب منه لمس أعضائه الخاصة محاولاً إقناعه بأن الأمر مجرد لعبة مسلية وأنهما سيشتريان بعض الحلوى التى يفضلها مثلاً طالما تنتهى اللعبة، فالتحرش بالطفل يتم عن طريق التودد أو الترغيب، وفى إطار من الحنان والرعاية ومن خلال تقديم الهدايا والنقود وغير ذلك.. ونادرًا ما يستخدم المتحرش القوة مع الطفل، الأمر الذى يثير شكوكاً حول ذلك، وفى الغالب يلجأ لذلك عندما يضطر خوفًا من افتضاح أمره.
ولأن المعتدى يعلم أن سلوكه مخالف للشرع والعرف والقانون، فإنه يبذل كل ما فى وسعه لإقناع الطفل بالعواقب الوخيمة التى ستقع إذا انكشف السر، وقد يستخدم المعتدون تهديدات شخصية ضد الطفل إذا أفشى السر. ولا غرابة أن يؤثر بعض الأطفال ضحايا التحرش الجنسى الصمت بعد كل هذا الترويع والتهديد.

البنات أكثر؟!
التحرش الجنسى هو نوع من أنواع السلوك العدوانى المتعمد وغير المرغوب فيه مما قد يسبب إيذاء جنسيًا أو نفسيًًا أو بدنيًا أو حتى أخلاقيًا للضحية. والتحرش الجنسى فعل جنسى يفرض على الطفل الذى يكون لديه نقص فى النمو المعرفى والانفعالى والنضج، ويعنى قدرة الشخص على إغراء الطفل على الدخول فى علاقة مبنية على التمايز فى السن والقوة بين المعتدى والضحية.
أما عن حجم ومعدلات انتشار هذا الفعل فهى غير معروفة، لأن غالبية ضحايا التحرش الجنسى لا يتكلمون ولا يكشفون عنها للآخرين، ومن ثم لا توجد إحصاءات وبيانات دقيقة حول مدى شيوع التحرش الجنسى على الأطفال، ولعل من الأسباب التى تؤدى إلى صعوبة تحديد الحجم الحقيقى للظاهرة هو أن التحرش الجنسى على للأطفال يكون مصحوبًا عادة بتهديدات من المعتدى للضحية بالضرب أو العقاب أو القتل فى حالة الكشف والإفصاح عنها لأحد أو بتخويفه بأن الوالدين قد يعاقبونه إذا عُرف الأمر، ومن ثم قد تزداد ظاهرة التحرش الجنسى بسبب الكتمان والسرية التى تكتنف هذه الظاهرة.
ومن الأسباب الأخرى فى صعوبة تقدير حجم هذه الظاهرة الشعور بالخزى والعار المصاحب لهذه الظاهرة، والحفاظ على سمعة العائلة وكذلك سمعة الطفل نفسه.
ويتعرض الأطفال بين السابعة والثالثة عشرة للقدر الأكبر من احتمالات التعرض للتحرش الجنسي، على الرغم من أن التقارير تؤكد على ما يقارب من ربع إجمالى الحالات تكون من أطفال دون الخامسة. والشائع أن الفتيات يتعرضن للتحرش أكثر من الفتيان. ومع ذلك لا ينبغى أن نقلل من حجم التحرش الجنسى التى يتعرض لها الفتيان.
إن الكثير من الكتاب والباحثين يرون أن الأرقام والإحصاءات التى تظهر مختلف هذه الظاهرة حتى هذه اللحظة لا تمثل الحقيقة والواقع.