إبادة ممنهجة لتصفية القضية

متابعة المندوب الرئاسي: ياسمين خلف
بقصر الاتحادية، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى, رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية لوونج كوونج، حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمية، وتم عزف السلامين الوطنيين لجمهورية مصر العربية ولجمهورية فيتنام الاشتراكية. وعقد الرئيسان اجتماعًا مغلقًا، أعقبته جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدى البلدين؛ حيث تباحث الجانبان حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والبناء على الزخم الذى تشهده العلاقات فى الفترة الأخيرة، خاصة فى المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والتعليمية والسياحية.
وشهد الرئيسان التوقيع على مذكرتى تفاهم فى مجالى التنمية المحلية والتنمية الاقتصادية، كما عقدا مؤتمرًا صحفيًا عقب المباحثات، استعرضا خلاله نتائج المباحثات.
وخلال كلمته فى مؤتمر صحفى عقب اللقاء قال الرئيس السيسى:
فخامة الرئيس لوونج كوونج، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية.. أرحب بكم والوفد المرافق لفخامتكم فى زيارتكم الهامة إلى جمهورية مصر العربية، التى تأتى فى إطار جهودنا لدفع مسيرة العلاقات الثنائية، والبناء على الزخم الذى تشهده. كما أجدد التهنئة على توليكم منصبكم كرئيس لجمهورية فيتنام الاشتراكية منذ أكتوبر 2024.. فخامة الرئيس.. نحن على ثقة بأن مسيرتكم ستكون حافلة بالإنجازات، ونتطلع إلى العمل معًا لتعزيز أواصر التعاون بين الحكومتين والشعبين الصديقين.
وأشار الرئيس إلى أن المباحثات تناولت الوضع الراهن فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك الجهود المصرية لوقف التصعيد فى المنطقة، وإنهاء الحرب فى غزة ودعم الشعب الفلسطينى لنيل حقوقه المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال الرئيس: اسمحوا لى فى هذا الإطار، وفيما يخص قضية معبر رفح، يجب أن يكون واضحًا للجميع أن الحرب الدائرة فى غزة لم تعد حربًا لتحقيق أهداف سياسية أو إطلاق سراح رهائن فقط، فقد تجاوزت هذه الحرب، أى منطق أو مبرر وأصبحت حربًا للتجويع والإبادة الجماعية، وأيضًا تصفية القضية الفلسطينية.

وأوضح: اسمحوا لى هنا.. إن ما أقوله ليس موجهًا للرأى العام فى مصر ولا للرأى العام بالمنطقة، ولكنه موجه للرأى العام فى العالم كله.. الحقيقة أن حياة الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، ويمكن فى الضفة الغربية أيضًا، تُستخدم الآن كورقة سياسية للمساومة.. والضمير الإنسانى يقف متفرجًا، ومعه المجتمع الدولى، على ما يتم فى قطاع غزة.. وهنا يجب أن أشير إلى نقطة مهمة جدًا.. أنه خلال الشهور أو الأسابيع القليلة الماضية، حدث الكثير من الكلام حول الدور المصرى فيما يخص إدخال المساعدات، وسبق وتحدثتُ فى هذا الموضوع، وتتحدث وسائل الإعلام عنه، لكننى سأؤكده بتفاصيل أكثر.
وواصل كلمته، قائلا: قطاع غزة يربطه بالعالم الخارجى خمسة منافذ، منها منفذ رفح، وباقى المنافذ مع إسرائيل. منفذ رفح لم يتم غلقه أثناء هذه الحرب، ولا من قبل ذلك. هذه نقطة.. والنقطة الثانية.. أنه خلال 20 عامًا تقريبًا.. كان دور مصر هو محاولة عدم اشتعال الموقف فى قطاع غزة، وكان دورنا دائمًا هو محاولة تهدئة أى اقتتال محتمل بين القطاع وإسرائيل، لأننا كان لدينا التقدير أن أى اقتتال سيكون تأثيره مدمرًا على القطاع بشكل أو بآخر، وهذا ما كنا نبذله خلال السنوات الماضية، ولم ينته ذلك فى الحرب الأخيرة، فهذه الحرب الخامسة التى تقوم فيها مصر بدور إيجابى وفاعل لوقف الحرب.
وأضاف الرئيس: قمنا بهذا الدور منذ 7 أكتوبر حتى الآن، لأننا نسعى بجهد شديد لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات وأيضًا إطلاق سراح الرهائن والأسرى. هذا دور لم ينته. ولكننى خلال الأسابيع الماضية وجدتُ أن هناك شكلًا من أشكال الإفلاس فى هذا الموضوع. وقيل أن المساعدات لا تدخل عبر المعبر بسبب مصر وأن مصر تمنع دخولها.. وهذا أمر غريب للغاية.. فالمعبر لم يغلق، وتم تدميره أربع مرات أثناء الحرب الأخيرة.. ونحن نقوم بعملية ترميمه وإصلاحه مرة أخرى حتى وصلت القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من المنفذ.. هذا المنفذ جزء منه على الحدود المصرية -أى الأراضى المصرية-والجزء الثانى داخل الأراضى الفلسطينية، والمعبر كان يمكن أن يُدخل مساعدات طالما لم تتواجد قوات إسرائيلية متمركزة على الجانب الآخر الخاص بالجانب الفلسطينى. هذه هى القضية.. وحينما نتحدث ونبذل الجهد مع شركائنا فى قطر والولايات المتحدة الأمريكية.. كان الهدف إيقاف الحرب، وإدخال المساعدات، والإفراج عن الرهائن. هذا الدور لم ينته، ولكن اليوم وأنا أتحدث إليكم، وخلال شهور طويلة مضت، هناك أكثر من 5 آلاف شاحنة متواجدة الآن على الأراضى المصرية محملة بالمساعدات، مع الوضع فى الاعتبار أن أكثر من 70% من المساعدات التى تم تقديمها للقطاع خلال 21 شهرًا كانت تقدمها مصر.
والقضية الآن هى إدخال أكبر حجم من المساعدات لأشقائنا الفلسطينيين حيث أننا نرى أن هناك إبادة ممنهجة فى القطاع لتصفية القضية.. وبالتالي، فقد ناديتُ سابقًا وكان ندائى للعالم أجمع، وللأوروبيين، وكان ندائى أيضًا للرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» وأكرره مرة أخرى، وسوف أكرر هذا النداء فى كل مرة حتى تقف هذه الحرب ويتم إدخال المساعدات إلى القطاع.
وتابع، قبل الحرب، كان يدخل من مصر 600 إلى 700 شاحنة محملة بالأغذية والمواد المطلوبة لإعاشة نحو 2.3 مليون من الفلسطينيين. وتصوروا أن يتم تقليل هذه الكمية لدرجة الصفر على مدى الـ21 شهرا الماضية.. والوضع الذى ترونه الآن فى القطاع ناجم عن ذلك، وليس ناجمًا عن أن مصر قد تخلت فى دورها فى إدخال المساعدات أو أنها تشارك فى حصار القطاع.. هذا أمر خطير ومهم جدًا، ويجب أن يعلم الناس -ليس فقط فى مصر- وإنما فى العالم أجمع.. أن ذلك هو إفلاس ممن يدعون هذه الادعاءات على مصر. نحن مستعدون لإدخال كميات أكثر من ذلك بمرات من أجل إغاثة الشعب الفلسطيني، وندعو إلى وقف الحرب، ونبذل كل جهدنا، وسنستمر فى هذا.
وقال الرئيس: أود أن أقول لكل من يسمعنا أن التاريخ سوف يتوقف كثيرًا وسيحاسب وسيحاكم أشخاصا كثيرين ودولا كثيرة على موقفهم من هذه الحرب. وسيتوقف التاريخ، ولن يظل الضمير الإنسانى صامتًا بهذه الطريقة.
وأكد الرئيس أن مصر ستظل دومًا بوابة لدخول المساعدات، وليست بوابة لتهجير الشعب الفلسطينى. نحن موقفنا واضح. نحن مستعدون لإدخال المساعدات فى كل الأوقات، ولكننا غير مستعدين لاستقبال أو تهجير الفلسطينيين من أرضهم. هناك من له هدف آخر.. وهو تشتيت الانتباه عن المسئول الفعلى عن الوضع المأساوى الفلسطينى.
وأكمل الرئيس قائلا: أود فى هذا الصدد أن أثمن الموقف الفيتنامى الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، وموقفنا المشترك الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، والداعى إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى فى قطاع غزة، والبدء فى إعادة الإعمار، وصولًا إلى حل شامل ودائم يستند إلى مبادئ الشرعية الدولية ويضمن الأمن والاستقرار فى المنطقة.