ماذا سيفعل «بيت الخبرة التشريعية»؟

يجيب عن السؤال: إبراهيم جاب الله
ينتظر المصريون اليوم «الثلاثاء»، الإعلان الرسمى لنتيجة الجولة الأولى بانتخابات مجلس الشيوخ 2025، بعد المنافسة التى شهدتها الدوائر المختلفة وسط إقبال على التصويت كشف حجم الوعى لدى المواطنين بأهمية الاصطفاف الوطنى فى ظل الظروف الإقليمية الصعبة التى تمر بها المنطقة.
الاصطفاف الوطنى يلقى بالتبعية مسئولية كبيرة على النواب الجدد، لكن قبل الدخول فى تفاصيل المهام المنتظرة للأعضاء بمجلس الشيوخ، نتطرق إلى الإشادات الدولية من قبل البعثات التى شاركت فى مراقبة الانتخابات وكذلك من منظمات المجتمع المدنى والتى أكدت العديد من الملاحظات الإيجابية خلال سير العملية الانتخابية، من بينها حرص الهيئة الوطنية للانتخابات على اتخاذ إجراءات للتيسير على الناخبين وإقبال على عدد من اللجان للمشاركة فى التصويت بينما كانت التجاوزات غير مؤثرة فى سير العملية الانتخابية والتى من بينها رصد دعاية انتخابية أمام اللجان.
والإجراءات التى تمت فى الانتخابات ترتب عليها إصدار غرف عمليات الأحزاب تقارير تشيد بالعملية الانتخابية سواء الأحزاب السياسية، ومنها «مستقبل وطن والجبهة الوطنية وحماة الوطن وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» والتى تابعت سير العملية الانتخابية على مدار يومى التصويت فى الداخل، وأكدت التقارير الصادرة عن هذه الكيانات انتظام الإجراءات داخل اللجان وحسن التنظيم الذى وفرته الهيئة الوطنية للانتخابات إلى جانب الإقبال الملحوظ من المواطنين بمختلف فئاتهم العمرية بما يعكس وعى الشعب المصرى وإدراكه لأهمية المشاركة فى هذا الاستحقاق الدستورى، كما كشفت تقارير الأحزاب أن التنسيق بين مؤسسات الدولة ساهم فى خروج العملية الانتخابية بصورة مشرفة وسط التزام تام بمعايير النزاهة والشفافية.

وأكدت تقارير منظمات المجتمع المدنى والبعثات الدولية التى شاركت فى مراقبة انتخابات مجلس الشيوخ 2025 أنه كان هناك مستوى عالٍ من التنظيم والشفافية بجانب إشادات بمستوى المراقبين وإصدار تقارير قائمة على مبادئ حقوق الإنسان والمعايير الدولية للنزاهة الانتخابية، خاصة أنه كان هناك جيل جديد من المراقبين الشباب الواعين بدورهم وقدموا تجربة مراقبة حقيقية قائمة على الحياد باستخدام أدوات احترافية واستقلالية تامة بجانب من لديهم خبرات سابقة فى مراقبة العملية الانتخابية على مدار سنوات، بالإضافة إلى فرق ميدانية انتشرت بجميع المحافظات لرصد ما يحدث على مدار أيام التصويت.
تقارير منظمات المجتمع المدنى التى تم إصدارها حول سير العملية الانتخابية أكدت أن الانتخابات لم تتعرض لأى توجيه أو تزييف يؤثر على نزاهتها، كما رصدت وجود معايير الشفافية والعدالة والمساواة بين الجميع، وهو ما يعنى الالتزام بما نصت عليه الإجراءات التنفيذية التى حددها القانون بصورة واضحة، وأوضحت تقارير المنظمات أن أصوات الناخبين كانت معبرة عن إرادة الشعب الذى خرج من أجل تثبيت دعائم الاستقرار والحفاظ على المكتسبات التى حققتها الدولة المصرية على مدار سنوات مضت.
ورصدت تقارير المجلس القومى لحقوق الإنسان لتوثيق ومتابعة سير الانتخابات ورصد أى شكاوى، من خلال المتابعة الميدانية فى اليومين الأول والثانى للانتخابات بالداخل، ارتفاع نسبة مشاركة السيدات وكبار السن وذوى الإعاقة وتمت الإشادة بالجهود المبذولة لتوفير وسائل الدعم والمساعدة لهم داخل اللجان، بالإضافة إلى توفير الأطقم الطبية تحسبًا لأى طوارئ صحية بما عكس التزام الدولة بضمان حق الجميع فى المشاركة دون عوائق.
فى الوقت ذاته أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن انتخابات مجلس الشيوخ والأجواء الإيجابية التى شهدتها على مدار أيام التصويت والإعداد والتجهيز الجيد للانتخابات قبلها هى رسالة استقرار وسط التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، كما كان هناك زخم إعلامى دولى متواصل من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ورصدت التغطية الدولية إقبالًا ملحوظًا وطوابير للناخبين وسط انتظام التصويت وجاهزية الهيئة الوطنية للانتخابات للعملية الانتخابية.
مهام واختصاصات
وبعد ما شهدته الانتخابات من أجواء إيجابية وإقبال من الناخبين بشهادة الأحزاب والمنظمات التى تابعت الانتخابات، يبقى أمام مجلس الشيوخ مسئولية كبيرة على عاتق النواب الجدد فى الغرفة الثانية للبرلمان فهذا المجلس كما وصفه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء هو مركز الفكر وعقل الدولة وله كل التقدير.
ومن ضمن اختصاصات مجلس الشيوخ ومهامه التى حددها القانون رقم 141 لسنة 2020 فى المادة السابعة التى تتحدث عن اختصاصات المجلس فإن الغرفة الثانية للبرلمان من مهامها دراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوطيد دعائم الديمقراطية ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة وتعميق النظام الديمقراطى، وتوسيع مجالاته.
كما نص القانون فى المادة الثامنة على أن يؤخذ رأى مجلس الشيوخ فى عدة أمور وأهمها الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور و مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وكذلك ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية، ويجب على مجلس الشيوخ أن يبلغ رئيس الجمهورية ومجلس النواب برأيه فى هذه الأمور على النحو الذى تنظمه اللائحة الداخلية للمجلس.

وبهذه الاختصاصات يصبح دور مجلس الشيوخ بمثابة تمهيد الطريق لإحكام القوانين التى يصدرها مجلس النواب أو مشروعات القوانين المقترحة من الحكومة وخروجها بشكل أكثر انضباطًا مع فتح الطريق أمام الحوار المجتمعى وأصحاب الخبرة الموجودين فى المجلس، ورصدت دراسة حديثة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أهمية مجلس الشيوخ وأبرز الجهود التى قدمها خلال الفترة الماضية فى خمس دورات انعقاد والتى تمثلت فى 186 جلسة ناقش فيها 40 مشروع قانون و93 طلب مناقشة عامة و919 اقتراحًا برغبة من النواب.
السيد القصير الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية أكد على الأهمية الكبيرة لمجلس الشيوخ ووصفه بأنه «بيت الخبرة التشريعية»، وأشار إلى أن المجلس يضم قامات محترمة قادرة على تقديم الرأى فى القوانين والتشريعات المقدمة من الدولة أو مجلس النواب، كما أن مجلس الشيوخ له وزنه وقيمته فى العملية التشريعية وهو يمثل جزءًا أساسيًا من مؤسسات الدولة.
وهناك العديد من المهام التشريعية أمام مجلس الشيوخ القادم منها ما يتعلق بملف الاستثمار وبرامج الحماية الاجتماعية ومشروعات البنية التحتية، ومدن الجيل الرابع التى تعد طفرة حقيقية فى مجال العقارات وشبكات الطرق والمرافق والموانئ والمطارات وغيرها.
من جهته، قال عبدالناصر قنديل الأمين العام المساعد لحزب التجمع وخبير النظم والتشريعات البرلمانية فى تصريحات لـ«صباح الخير» إن مجلس الشيوخ مر بالعديد من المحطات التاريخية الهامة حتى تشكيل مجلس الشيوخ بعد تعديلات فى الدستور عام 2019 ويعد البرلمان المصرى هو أقدم مؤسسة تشريعية فى الوطن العربى.
وأكد أن مجلس الشيوخ القادم عليه دور كبير فى إطار اختصاصاته التى حددها القانون والدستور لمناقشة عدد من التشريعات والقضايا المهمة التى تخدم المواطنين، من بينها ما يتعلق بقضايا التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وقوانين تهم المنظومة الطبية، وكذلك ما يتعلق بأطراف العمل من أجل إرساء التوازن والعدالة بين أطراف علاقات العمل بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطنى، بالإضافة إلى تقنين أوضاع بعض مخالفات البناء والتصالح فيها لتحقيق التوازن بين المصلحة الخاصة للمواطنين والمصلحة العامة للدولة.
وتابع: أمام مجلس الشيوخ مهام كثيرة أيضًا لمناقشة الدراسات البرلمانية المتعلقة بالنمو السكانى وتنمية الأسرة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومستقبل سياسات الحماية الاجتماعية وغيرها من القضايا التى ننتظر من مجلس الشيوخ مناقشتها باعتباره مركز الفكر وبيت الخبرة الذى يقدم كل ما لديه من خبرات لضبط التشريعات قبل تقديمها لمجلس النواب.