
توماس جورجسيان
الحرب التجارية العالمية.. والمنافسة حول القهوة
الحرب التجارية ما بين أمريكا ودول العالم مستمرة. الرئيس ترامب ما زال فى حالة مواجهة ومصادمة مع صناع القرار فى العالم من أجل التوصل إلى صفقة تكون لصالح أمريكا واقتصادها (كما يقول ترامب). هذه المعارك المتتالية بجميع تفاصيلها موضع اهتمام من جميع وسائل الإعلام والصحف والمجلات الأمريكية خاصة أنها اعتادت ألا تكتفى بالأخبار وماذا حدث؟ وتريد أن تعرف ما وراء الأخبار وكيف حدث ما حدث؟!. وبالتالى ماذا دار ويدور فى كواليس القرارات السياسية والاقتصادية فى هذه الحرب الشرسة التى قرر ترامب أن يخوضها مهما كان الثمن.
وبالتأكيد الوصول إلى صفقات يحتاج إلى توافقات تأخذ فى الاعتبار ليس فقط أرقام التجارة المتبادلة أرقام التصدير وأرقام الاستيراد. بل أيضًا المصالح المتبادلة بين الطرفين. ففى صفقة الاتحاد الأوروبى مع أمريكا والاتفاق على 15 فى المائة نسبة التعريفة الجمركية تم الأخذ فى الحسبان أيضًا ملفات التعاون أو المشاركة ما بين الطرفين. ومنها قضايا أمن أوروبا والملف الأوكرانى والتعاون فيما بينهما حول كيفية التعامل مع روسيا وإيران.وحسب التوقعات فإن نسبة تطبيق التعريفات على الدول بشكل عام سوف تتراوح ما بين 15 و35 فى المائة.
ما نراه وما نقرؤه فى الإعلام الأمريكى لا يقتصر على ما يجرى الآن. هناك محاولات جادة لقراءة ما قد يأتى فيما بعد. تبعات هذه الصفقات على الطرفين وكيف سيتعامل معها كل طرف. لا تتردد بعض التقارير فى التحذير من زيادة الأسعار بالنسبة لبعض السلع. كما أنها تقدم تصورات لكيفية تعامل المنتج للسلعة والمستهلك لها بالمستجدات التى سوف تأتى ما بعد هذه المواجهات والمفاوضات الصعبة التى تبنتها واشنطن وهى تتعامل مع واقع تجارى عالمى سوف يبدأ فى فرض إرادته على البشرية. وهذا ما يتطلع إليه ترامب ويتحدث عنه كثيرًا، ودائمًا فى باله الصين والهند، القوتين الكبيرتين فى الاقتصاد العالمى والمنافسة التجارية.
ما لفت الانتباه فى الأوساط الاقتصادية والتجارية أسلوب واستراتيجية اليابان فى تفاوضها التجارى مع الرئيس ترامب والاتفاق حول صفقة كبرى. إذ نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرًا إخباريًا على صفحتها الأولى مؤخرًا يتناول ما قررته الحكومة اليابانية وليس شركات خاصة من استثمار 550 مليار دولار فى أمريكا. وحسب ما ذكرته الصحيفة الأمريكية سوف يتم استثمار الأموال فى صناعات استراتيجية ضخمة ومنها الطاقة وصناعة أشباه الموصلات وبناء السفن.
وذكرت أن الرئيس ترامب هو الذى سيقوم بتحديد المشروعات التى سيتم الاستثمار فيها.
وقالت «وول ستريت جورنال» إن 90 فى المائة من أرباح مشروعات الاستثمار اليابانية سوف تحصل عليها الحكومة الأمريكية. وكانت شركة استثمارية يابانية «سوفتبانك» قررت من قبل استثمار 500 مليار دولار فى مشروع ذكاء اصطناعى أمريكى اسمه «ستارجيت».
فى هذا المشهد العالمى الأمريكى نحن نقرأ المؤشرات أو الأخبار التى تحمل معها المزيد من الاحتمالات والتوقعات حول المستقبل. ويتأكد لنا دور الصحف والمجلات فى حياتنا، فى طرح العديد من القضايا على الرأى العام وعلى صانع القرار أيضًا. الهدف من هذا الطرح جذب الانتباه ثم تسليط الأضواء على الأمور والاقتراب منها ومعرفة تفاصيلها وأيضًا تحديد ما يمكن القيام به من أجل احتواء المصاعب والتعامل معها وصولاً لحلحلة الأمور.. وإزالة العقبات التى تعوق تسوية الأزمات.

هذا الدور الذى تسعى الصحيفة أو المجلة أن تؤديه يحتاج بلا شك لحرص وخيال وجدية ودأب وعمل متواصل.. وكل هذا ينعكس على صفحاتها ويشعر به القارئ ويثمنه. والأهم يفهم ما يحدث حوله وكيف سيؤثر على حياته.
المنافسة الصينية - الأمريكية حول القهوة
يبدو أن سلسلة المقاهى الصينية Luckin Coffee قررت أن تنافس ستارباكس فى أراضيها الأمريكية. وقد افتتحت محلين/ كوفى شوب فى مانهاتن بنيويورك يوم 30 يونيو الماضى. بالمناسبة يقدر عدد محلات كوفى شوب ستارباكس على امتداد الولايات المتحدة بنحو 17 ألفًا.
السلسلة الصينية تسعى إلى جذب عشاق القهوة عن طريق سبل لم تفلح فيها ستارباكس كما يقال. أسعار أقل للقهوة.
مثلًَا ما تشتريه من ستارباكس بـ6 دولارات قد تجده لدى لاكين كوفى بنحو دولارين، كما أن لديها تطبيقًا على المحمول يسهل ويسرع من عملية الحصول على الطلب دون وسيط. وطبعًا تحرص الشركة الصينية على بيان تميزها واختلافها تحديدًا عن ستارباكس. الشركة الأمريكية الكبرى المنتشرة وبشدة فى جميع دول العالم.
ستارباكس كمقهى أو كوفى شوب أو مكان للالتقاء واحتساء القهوة أدخلت مفهوما جديدا لشرب القهوة (بدلاً من الشاى) والتردد على المقاهى فى الصين. وقد تم افتتاح أول كوفى شوب لها فى عام 1999. وقد وصل عدد مقاهيها فى عام 2023 إلى ستة آلاف و800 كوفى شوب فى الصين، فى حين أن لاكين كوفى (التى أنشئت عام 2017) كانت لديها فى عام 2023 نحو 16.200 كوفى شوب فى الصين ووصل عددها فى الوقت الحالى إلى أكثر من 24 ألفًا.
الشركة الصينية وهى تنتشر فى الصين بالتأكيد تريد أن تتوسع فى أمريكا وفى دول أخرى مستفيدة من نجاحها المتميز فى بلدها العملاق. كيف؟ ومتى؟ هذا هو السؤال.
صحيفة وول ستريت جورنال وهى تتحدث عن المواجهة الصينية الأمريكية فى مجال القهوة لم تتردد فى الحديث بلغة الأرقام. إذ ذكرت أن أرباح ستارباكس فى عام 2024 وصلت إلى 36.2 مليار دولار فى حين ما حققته لاكين كان 4.7 مليار دولار فقط.
الأرقام تتحدث وتقول، وعشاق القهوة بكل أنواعها يزدادون عددًا وانتشارًا.. وصرفًا للأموال!!