خريطة التكتلات السياسية

قرأ المشهد: إبراهيم جاب الله
تفاصيل «القائمة والفردى» فى انتخابات الشيوخ
منافسة قوية شهدتها انتخابات مجلس الشيوخ على مدار أيام التصويت فى الخارج والداخل, التى تنافس فيها 428 مرشحًا بالنظام الفردى، بينهم 186 مرشحًا مستقلًا و242 من أصل 469 مرشحًا تقدموا بأوراق ترشحهم، بينما تضمنت القائمة النهائية أسماء 100 مرشح بنظام القوائم ومثلهم احتياطيا.
ومع المشاركة القوية ضمن القائمة وعلى المقاعد الفردية من مرشحى الأحزاب التى تمثل فرس الرهان داخل الغرفة الثانية للبرلمان, نظرًا لاستحواذها على أغلبية المقاعد فى المجالس السابقة، اتضحت ملامح الخريطة السياسية أو موازين القوى بمجلس الشيوخ، حيث تتوزع المقاعد ضمن «القائمة الوطنية من أجل مصر» التى تضم 12 حزبًا سياسيًا إلى جانب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين وتهدف إلى وجود تمثيل واسع وتوازن سياسى بالمجلس،

وقد ترسم الخريطة السياسية لمجلس الشيوخ القادم؛ حيث بلغ عدد مرشحى حزب مستقبل وطن ضمن القائمة 44 مرشحًا، وحماة الوطن 19 مرشحًا، والجبهة الوطنية 12 مرشحًا، والمصرى الديمقراطى 5 والشعب الجمهورى 5 مرشحين وتتوزع باقى المقاعد بين 4 و2 ومرشح واحد لباقى الأحزاب ضمن القائمة.
بينما على المقاعد الفردية خاض حزب مستقبل وطن المنافسة على ما يقرب من 60% وينافسه بقوة حزبا الجبهة الوطنية وحماة الوطن، بجانب دفع عدد من الأحزاب الأخرى منها الإصلاح والنهضة والجيل والعدل والمؤتمر والنور وغيرها بمرشحين على المقاعد الفردية، وسعى حزب مستقبل وطن لتعزيز حضوره البرلمانى داخل الغرفة الثانية للبرلمان ويبدو أنه سيكون صاحب الأغلبية البرلمانية بالمجلس القادم ليحافظ على مكانته تحت القبة، مستندًا إلى قوته التنظيمية وخبراته السابقة وما يمتلكه من قاعدة تنظيمية واسعة وشبكة من الكوادر والقيادات المحلية التى شاركت فى إدارة حملات انتخابية سابقة، بينما حزب حماة الوطن قد يحسم المنافسة فى عدد من الدوائر من خلال التواجد القوى فى محافظات شمال سيناء ومطروح والوادى الجديد وعدد من المحافظات الأخرى، فضلا عن منافسة حزب الجبهة الوطنية بشكل قوي.
ويبقى التأثير الأهم فى تشكيل القوى السياسية بعد إعلان الفائزين من المرشحين المستقلين وكذلك المعينين والذين يصدر قرار رئاسى بأسمائهم لتكتمل ملامح الخريطة السياسية دخل مجلس الشيوخ.

مزيج الشباب والخبراء
ورغم أن مجلس الشيوخ رأيه استشارى؛ فإن دوره محورى فى إثراء النقاش حول السياسات العامة واقتراح التعديلات على التشريعات المهمة وتقديم رؤية استراتيجية فى مختلف الملفات التى تمس حياة المواطنين، ويضم المجلس خبرات فى مختلف التخصصات، لكن كان من الواضح أن عددًا كبيرًا من الشباب خاض تجربة انتخابات مجلس الشيوخ بما طرح تساؤلًا حول تأثير ذلك على أداء المجلس، وهل يثرى الشباب العمل تحت القبة؟ وما هى الكتل السياسية المؤثرة فى المجلس القادم؟
الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، قال فى تصريحات خاصة لـ«صباح الخير» إن المؤشرات الأولية لتشكيل مجلس الشيوخ المقبل تُرجح أن نجاح القائمة الوطنية من أجل مصر حصد النسبة المقررة قانونًا بالحصول على 5% من أصوات الناخبين، فى ظل غياب أى قوائم أخرى منافسة، مشيرًا إلى أن هذه القائمة تضم عددًا من الأحزاب ذات قاعدة جماهيرية وخبرات سياسية متنوعة التى تحظى بقبول شعبى وهو ما يمكنها من المنافسة بقوة على المقاعد الفردية، لكن وفقا لعدد المرشحين الذى يدفع به كل حزب قد يكون حزب مستقبل وطن الأقرب لحصد الأغلبية البرلمانية.
وأكد «محسب»، أن وجود أغلبية منظمة داخل المجلس يمنح العمل البرلمانى قدرًا من الاستقرار، ويُسهل الوصول إلى توصيات داعمة لمسارات التنمية والإصلاح، مشيرًا إلى أن التركيبة الحزبية الحالية تعكس توجهًا نحو التوافق الوطنى وتغليب المصلحة العامة، متوقعًا أن يكون تمثيل المعارضة داخل المجلس محدودًا من حيث العدد والتأثير، بسبب تشتت الكيانات المعارضة، وعدم وجود تنسيق كافٍ بينها فى خوض الانتخابات، قائلا: «لكن فى الحقيقة أن وجود صوت معارض رشيد يثرى العمل البرلمانى ويعزز التوازن السياسي».
وفيما يتعلق بالمستقلين، أشار «محسب»، إلى أنهم يمثلون قطاعًا معتبرًا من المرشحين، لكن تأثيرهم الفعلى داخل المجلس سيعتمد على مدى قدرتهم على التنسيق والتكتل حول أجندة واضحة، لافتًا إلى أن غياب التنظيم قد يقلل من فاعلية هذا التيار داخل المجلس.
وعن مشاركة الشباب، أوضح عضو مجلس النواب، أن الدفع بعدد كبير من الشباب فى هذه الدورة يُعد أمرًا مبشرًا وإيجابيًا، خاصة أن الشباب بات يمتلك أدوات جديدة فى الفهم والتفاعل مع قضايا الوطن، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن التجربة البرلمانية تحتاج إلى مزيج من الحماس والخبرة، قائلًا: «لا بد أن يكون هناك توازن بين الطموح الشبابى والتجربة العملية لضمان فاعلية حقيقية فى الأداء التشريعى والاستشارى».
وأشار «محسب»، إلى أن الأحزاب والقوى السياسية تُعول كثيرًا على مجلس الشيوخ القادم، فى دعم التوجهات الوطنية، وصياغة رؤى تشريعية متماسكة تخدم قضايا المواطن، موضحًا أن هناك ملفات رئيسية ستحظى بالأولوية خلال الدورة المقبلة، وعلى رأسها التشريعات الخاصة بالتعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، مشددًا على أن مجلس الشيوخ يُمثل ركيزة أساسية فى البناء المؤسسى للدولة، وأن الرهان الحقيقى يتمثل فى أن يعكس تشكيله التنوع المجتمعى والفكري، ويكون داعمًا جادًا للمسار الوطنى خلال المرحلة المقبلة.
بينما أكد الدكتور هشام عبدالعزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة فى تصريحات خاصة لـ«صباح الخير» أن تشكيل الكتل السياسية ولجان مجلس الشيوخ القادم تتوقف على إعلان نتيجة المقاعد الفردية بشكل نهائى وكذلك أسماء من سيتم تعيينهم بقرار رئاسى فى مجلس الشيوخ، لافتًا إلى أن القائمة الوطنية من أجل مصر لم تضم معظم الأحزاب التى كانت مشاركة فى الحوار الوطنى، رغم أن هناك أحزابًا لها نواب أقوياء يمارسون العمل البرلمانى منها حزب الإصلاح والنهضة الذى كان لديه 4 نواب أكثر نشاطًا فى البرلمان.
وأشار إلى أن وجود المعارضة داخل المجلس يثرى العمل البرلمانى، ويجب مراعاة ذلك فى التعيينات المنتظرة لتمثيل جميع التيارات السياسية وضم خبرات ومستقلين وكذلك الأحزاب التى لم تكن ممثلة بالقائمة، بالإضافة إلى سياسيين لديهم مقدرة على إثراء التجربة البرلمانية وإحداث تغيير حقيقى فى مجلس الشيوخ.

ويختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بترسيخ دعائم الديمقراطية ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطى وتوسيع مجالاته، ونص قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020 على اختصاصات المجلس، حيث يؤخذ رأى مجلس الشيوخ فى الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية ويجب على مجلس الشيوخ أن يبلغ رئيس الجمهورية ومجلس النواب برأيه فى هذه الأمور على النحو الذى تنظمه اللائحة الداخلية للمجلس.