صورة إدريس على الجنيه

يرويها: محمد مصطفى كامل
التاريخ المصرى ملىء بالكثير من الحكايات التى ما زالت متداولة على ألسنة المصريين، ومن بينها حكاية «قصر البستان» أحد أشهر معالم وسط البلد، التى يحكيها محمد مصطفى كامل بلهجته الصعيدية، ويرى أن «وسط البلد» ليست مجرد شوارع، بل دفتر مفتوح لحكايات مصر، يقول محمد كامل: اسمها وسط البلد وأنا بقول أرض الأحلام.. فيها النفر يصبح ع غير ما نام، وقصر البستان كان أرض رؤيا وحلم.. بناه الخديوى إسماعيل، قصر من قصور العز والهيبة بين ميدان الإسماعيلية وميدان العتبة سنة 1873، وأهداه لزوجته وابنه فؤاد.
وجِه «إدريس» من الصعيد، صبى جناينى فى القصر، وبالرغم من صغر سنه.. كان ع الفلاحة دريان وللأصول فهمان…
وتمر الأيام ويتعزل الخديوى إسماعيل ويسافر مع ولده فؤاد، والقصر يهجره الأهل والخِلان ويفضل «إدريس» مكانه من السنين عَشرة، ولا هانت عليه العِشرة.. محافظ ع شغله ولا ليه دعوة مين سلطان ولا مين بطلان... ويرجع الأمير الغايب لقصره، ويتعين كبير ياوران، ويرقّى إدريس لـ«باش جناينى»، وف يوم ع غير العادة، ووسط ما الأمير متكدر وحزين من غدر الدنيا والأيام، يدخل عليه إدريس بيقول:
بُكره الأيام تعود.. وفؤاد يبقى سلطان.. وع البلاد يسود..
وحكى للأمير عن رؤية جاتله ف المنام 3 ليالى.. إنه الأمير حيصير سلطان!!
ضحك الأمير بعلو حسه وسأله: كِيف والسلطان حسين بصحة وعافية ومن بعده فيه ولده ولى عهد.. إنت مجنون؟ّ! يا إدريس؟ ع كلٍ لو بقيت سلطان.. حخلى صورتك ع الجنيه.
روحى يا أيام وتعالى، وف يوم وليلة، السلطان حسين يمرض، وما حدش من خلايفه يرضى بالسلطنة، وفؤاد ع البلاد ساد...

ويهدى إدريس «البكوية» ومن الفدادين 500.
وفضل فاكر وعده، وسنة 1926، يتطبع جنيه الفلاح وصورة إدريس عليه...
لكن الأحلام ما خلصتش!!
والقصر بقى وزارة خارجية.. وأول مقر للجامعة العربية، وللعلوم متحف...
وف يوم وليلة، الحلم قلب كابوس، وبجرة قلم القصر اتهد، ويصبح جراش فيه العربيات تدوس...