73 عامًا تحت «الراية المنصورة» العشق والثورة فى سينما يوليو

طارق مرسى
على طريقة منطق وقياس أرسطو الشهير الذى يتألف من مقدمة كبرى ومقدمة صغرى ونتيجة تلزم عن المقدمات, جاءت «العشرة» أفلام عن ثورة 23 يوليو التى نحتفل بمرور 73 عاما على قيامها.
المقدمة الكبرى تشمل مساوئ النظام الملكى والاستعمار الإنجليزى والمقدمات الصغرى تضم:
حرب فلسطين، وما قيل عن صفقة الأسلحة الفاسدة وحريق القاهرة فى 26 يناير 1952، والمقدمات كما هو واضح يقينية وترتبت عليها نتائج يقينية الصدق بل وتاريخية وتمثلت فى قيام الثورة بنجاح شعبى ساحق وتغيير وجه الحياة فى مصر.

الملاحظ أن معظم الأفلام دارت حول مقاومة الاحتلال فى العهد الملكى، والمفاجأة أن فيلم «فتاة من فلسطين» حمل البشارة الأولى قبل قيام الثورة الذى فضح الفساد الذى وصل إلى المتاجرة بدماء جنود مصر فى أرض المعركة بصفقة الأسلحة الفاسدة الذى انفردت به فى وقتها روزاليوسف.
قوة مصر الناعمة من جانبها بكافة أفرعها أعلنت حالة الطوارئ القصوى وقدمت مجموعة من الأفلام من عام 1955 وحتى عام 1971 ارتكزت جميعها على هذه المقدمات، بينما تعالت البيانات الغنائية بأصوات «أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وشادية» بأغنيات «على باب مصر» و«ياجمال يامثال الوطنية» و«ثورتنا المصرية» و«صورة» و«احنا الشعب».
فتاة من فلسطين
سينمائيًا كان هو أول فيلم بَشر بالثورة قبل اندلاعها بـ 4 سنوات وتحديدا فى عام النكبة (1948) على خلفية الأسلحة الفاسدة وهى قضية شهيرة ارتبطت بحدثين بارزين فى تاريخ مصر، الأول هزيمة حرب 1948 وقيام ثورة 23 يوليو 1952 التى أسفرت عن الإطاحة بالنظام الملكى وقيام الجمهورية، ويعود الفضل إلى الكاتب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس ومجلة روزاليوسف التى نشرت فى عدد رقم 149 بتاريخ 20 يونيو 1950 عن صفقات الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين، وكشف أوراق الصفقات المشبوهة إلى الرأى العام وفضح الفساد الذى وصل إلى المتاجرة بدماء جنود مصر فى أرض المعركة، ونجحت روزاليوسف فى تكوين ضغط شعبى كبير.
فيلم (فتاة من فلسطين) من إنتاج عزيزة أمير وشاركت فى كتابته مع يوسف جوهر وقام ببطولته وأخرجه محمود ذو الفقار ومعه سعاد محمد وتدور قصته حول طيار مصرى يذهب مع قوات من الجيش المصرى للدفاع عن فلسطين وقت الهجوم عليها من الصهاينة لاحتلالها، وفى إحدى الغارات تسقط طائرته فى قرية، وتعثر عليه (سلمي) مصابا فتأخذه لمنزلها هى وعائلتها لإنقاذه وهناك يعرف كل شيء عما يحدث للفلسطينيين، ومقاومتهم الشجاعة للغزاة، وأن المنزل تحول إلى مخزن سلاح للفدائيين الفلسطينيين، وبالطبع يعجب البطل المصرى بالبطلة الفلسطينية وتبدأ قصة حب بينهما.

الله معنا
فى عام 1955 قدمت السينما فيلم (الله معنا) بطولة فاتن حمامة وعماد حمدى وماجدة وهو أول فيلم بعد نجاح الثورة بعام واحد وبعد أن تجمد لمدة عامين بسبب تحفظ الرقابة على أحداثه التى تدور حول كفاح الضباط الأحرار للخلاص من العصر الملكى وفساده، ووجود اللواء محمد نجيب قائد الثورة الأول، ولكن تظلم مؤلفه إحسان عبدالقدوس ككاتب وأحمد بدرخان كمخرج وسيناريست دفع ناصر إلى رفع الظلم وحضور عرضه فى سينما ريڤولى بعد تجديدها جراء تأثرها بحريق القاهرة قبل الثورة بـ 6 أشهر.
أحداث الفيلم تبدأ عندما يذهب الضابط أحمد للمشاركة فى حرب فلسطين بعد أن يودع خطيبته ابنة عمه التاجر الثرى، يصاب الضابط ويبتر ذراعه، يعود مع عدد من الجرحى والمشوهين وهذا يؤدى إلى حركة تذمر بين رجال الجيش وأن هناك رجالًا وراء توريد الأسلحة الفاسدة للجيش منهم والد خطيبته نادية، ثم يتكون مجموعة من الضباط الأحرار الذين أخذوا على عاتقهم أن ينتقموا لوطنهم، يطلب عماد من نادية البحث فى أوراق والدها على دليل يؤيدهم.
رد قلبى
وفى عام 1957، قدمت السينما الفيلم الثالث «رد قلبى»، (الأكثر عرضا على الشاشات) وهو الفيلم التريند فى باقة سينما الثورة قصة الأديب يوسف السباعى، سيناريو وإخراج عز الذين ذو الفقار والذى يعتبره الكثيرون فيلم الثورة وفقا لقصته التى تقدم الفروق الاجتماعية الحادة من خلال ابن الريس عبدالواحد الجناينى الذى يزرع حديقة الباشا والذى يعيش فى مكان بالحديقة مع زوجته وابنه الذى عاش قصة حب مع بنت الباشا، الأميرة إنچى، لكنها تتحول لمأساة حين يكبر الاثنان، ويلاحظ شقيقها المتغطرس ابن الباشا تلك النظرات فيغضب ويقرر قتل على الذى كان قد نجح فى دخول الجيش، لكن هذا لا يقرّبه منها، بل تصمم أسرتها على تزويجها ممن يناسبها، وتقوم الثورة، وتتعدل الأحوال، ويهرب الباشا وابنه إلى الخارج.
فى بيتنا رجل
الفيلم الشهير الذى أنتج عام 1961 والثانى لإحسان عبدالقدوس، والسيناريست سيد عيسى، والمخرج هنرى بركات، بطولة عمر الشريف قبل أن يصبح عالميا، فى دور (إبراهيم حمدي) عضو جمعية سرية لمقاومة الإنجليز الذى قتل رئيس الوزراء المتواطئ معهم، وقبض عليه ودخل المستشفى لإصابته، فيهرب إلى منزل صديق له لا علاقة له بالسياسة هو محيى (حسن يوسف) وترحب به الأسرة، ويقرر أن يسعى لعمل ثان قبل سفره هو تدمير معسكر للإنجليز بالعباسية، وينجح، لكنه يصاب فى مقتل، ويكون سببا فى انضمام محيى وابن عمه لكتائب المقاومة.

صراع الأبطال
فى عام 1962 يقدم شكرى سرحان وسميرة أحمد فيلم «صراع الأبطال» تأليف وإنتاج عز الدين ذو الفقار إخراج توفيق صالح ويكشف فترة عصيبة مرت بها مصر فى عام 1947 عندما داهم قرى مصر مرض الكوليرا. يعين فى إحدى القرى الطبيب (شكرى) الذى حاول خدمة أهل القرية لينقذهم من الفقر والجوع. (عادل بيه) إقطاعى القرية يستغل أهلها ليعملوا فى أرضه بالسخرة ومن يعترض يسلمه إلى مستشفى الأمراض العقلية مستغلًا نفوذه.
لاوقت للحب
وفى عام 1963 قدمت السينما وجها آخر للمقاومة الثورية وهو فيلم «لاوقت للحب» بطولة فاتن حمامة ورشدى أباظة، وتدور أحداثه أثناء حريق القاهرة عام 1952، وحيث يتعرض مهندس متطوع فى كتائب الحرس القومى هو وزملاؤه للمطاردة من سلطات الاحتلال الإنجليزى للقبض عليهم، وتصبح معرفته بالمهندسة سببا فى دعمه هو وزملائه، وفى تكوين مجموعة جديدة ضد الإنجليز من خلالها وزميلاتها، الفيلم عن قصة للدكتور يوسف إدريس، وسيناريو لوسيان لامبرت، وإخراج صلاح أبو سيف وشارك فى التمثيل الكاتب صلاح جاهين.
الباب المفتوح
فى العام نفسه قدمت السينما فيلمًا ثانيًا عن المقاومة والثورة والمرأة وهو (الباب المفتوح) عن رواية للكاتبة لطيفة الزيات واخراج هنرى بركات وتدور حول (ليلي) ابنة الأسرة المتوسطة التى تذهب للجامعة لكن أستاذها يحاصرها حتى لا تتجاوب مع زملائها مقررا أن يتزوجها، أما والدها فيرفض أيضا أن يعطيها حرية التصرف مثل شقيقها، ويرفض مشاركتها فى المظاهرات ضد العدوان الثلاثى على مصر وفرق المقاومة الشعبية فى بورسعيد، ولا تجد الدعم إلا من صديق شقيقها (قام بدوره صالح سليم) الذى يدعم حريتها فتقرر الذهاب معه إلى بورسعيد للانضمام للمقاومة.
الأيدى الناعمة
فى عام 1963 قدمت السينما فيلما هو الأوفر حظا مع فيلم رد قلبى من حيث العرض التليفزيونى ويفتح قضية الصراع الطبقى أيضا عن قصة توفيق الحكيم سيناريو وحوار يوسف جوهر إخراج محمود ذوالفقار وبطولة أحمد مظهر وصباح وصلاح ذوالفقار ومريم فخر الدين وليلى طاهر، وتدور أحداثه حول نزع أملاك أحد الأثرياء، ويفلس ولا يبقى له سوى قصره. يتعرف بشاب حاصل على درجة الدكتوراه ولكنه عاطل، يقترح على الأمير أن يستغل القصر بتأجيره مفروشًا. للأمير ابنتان ينكر وجودهما لأن الابنة الكبرى قد تزوجت من مهندس بسيط والابنة الصغرى تبيع لوحاتها التى ترسمها، والفيلم احتل المركز رقم 77 فى قائمة أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.
غروب وشروق
وهو رائعة الكاتب جمال حماد وقدمه للسينما رأفت الميهى وأخرجه كمال الشيخ عام 1970 ويستعرض الفيلم صورة لا تنسى للاستبداد السياسى من خلال شخصية رجل القصر القوى عزمى باشا (محمود المليجي) وكيف كانت ابنته (سعاد حسني) سببا فى نهايته دون أن تقصد.

شىء فى صدرى
وفى عام (1971) عن قصة إحسان عبد القدوس وسيناريو وحوار رأفت الميهى، وإخراج كمال الشيخ بطولة رشدى أباظة وماجدة الخطيب أيضا، طرح آخر من استبداد الأغنياء بالفقراء قبل الثورة من خلال حسين باشا شاكر، المتسلق إحدى قمم السلطة. فى صراع عنيف مع الحكومة. وذلك بتعاونه مع المستعمر الإنجليزى، ومحاولة فرض نفوذه السياسى على أقرانه، يحاول السيطرة على أحد أقرانه محمد أفندى السيد ولا يستطيع أن يطويه تحت رايته، للندية والوطنية الجارفة لدى محمد أفندى.
