هيبة الأمة.. وقدسية السماء

د.شاهندة الباجورى
فى ظل المتغيرات الدولية والإقليمية التى يشهدها العالم، والحروب على مسرح الأحداث العالمى تراءى للقاصى والدانى ضرورة امتلاك مصر أقوى وأهم الأسلحة التى تحمى أمنها القومى، ومن أهم هذه الأسلحة منظومة الدفاع الجوى التى كانت سلاحا رئيسيا فى الحرب بين إسرائيل وإيران، وكذلك الهند وباكستان.
و تحتفل مصر هذه الأيام بالعيد الـ55 للدفاع الجوى المصرى الذى أسقطت فيه القوات المسلحة المصرية 12 طائرة من الفانتوم الإسرائيلية يوم 30 يونيه عام 1970، ومنذ ذلك التاريخ أصبح سلاح الدفاع الجوى المصرى القوة الرابعة فى القوات المسلحة المصرية، فضلا عن كونه من أهم أسلحة الدفاع الجوى فى العالم.

وبهذه المناسبة تحدث الفريق ياسر الطودى قائد قوات الدفاع الجوى عن أهم الأسلحة الحديثة التى انضمت لسلاح الدفاع الجوى المصرى، وبعث برسالة طمأنة للشعب المصرى، مؤكدا أن سماءنا يحرسها خيرة مقاتلى الجيش المصرى.. رجال الدفاع الجوى.
وقال الفريق ياسر الطودى: نحتفل بالذكرى الخامسة والخمسين لعيد قوات الدفاع الجوى، الذى يعد بمثابة الوفاء والإجلال للشُهداء والرواد الأوائل..أبطال قوات الدفاع الجوى الذين ضحوا بأرواحهم وأجسادهم فى سبيل الوطن، وسجلوا فى سجل المجد والشرف بطولات عظيمة لتعلوا رايات الوطن خفاقة.
لقد سطر رجال الدفاع الجوى بأحرف من نور صفحات مضيئة فى تاريخ العسكرية المصرية بالإعلان عن اكتمال بناء حائط الصواريخ على امتداد جبهة قناة السويس.
فخلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو عام 1970، انطلقت صواريخ الدفاع الجوى لتفاجئ أحدث مقاتلات العدو التى تهاوت على جبهة القتال وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم معلنة مولد القوة الرابعة قوات الدفاع الجوى، كخط الدفاع الحاسم عن سماء الوطن وسيادتها. واتخذت قوات الدفاع الجوى يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 عيداً لها، لِتُسطر قوات الدفاع الجوى أروع الصفحات، وتضع اللبنة الأولى فى صرح الانتصار العظيم للجيش المصرى خِلال حرب أكتوبر 1973م. ومن هنا أتوجه بالتحية لرجال الدفاع الجوى المرابطين فى كافة ربوع الوطن متحملين مسئولية الدفاع عن سماء مصر بإخلاص وإقتدار ليل نهار، سلما وحربا.
وقال الفريق الطودى: أبرزت العمليات العسكرية الأخيرة ظهور مراكز ثقل جديدة تحسم النتائج منها: التفوق الجوى عن طريق امتلاك المقاتلات الحديثة والمصممة بتكنولوجيا الإخفاء ومزودة برادارات متطورة ومجهزة بنقاط تعليق متعددة لحمل الذخائر الذكية فائقة الدقة، تطلق من بعد ولها القدرة على اختراق التحصينات وتؤمن أعمال قتالها طائرات (قيادة وسيطرة، الحرب الإلكترونية) وتصاحبها طائرات التزود بالوقود لتنفيذ عمليات جوية بعيدة المدى بأقصى حمولة تسليح دون الحاجة للعودة إلى قواعدها والاستخدام المكثف للطائرات الموجهة بدون طيار متعددة المهام يتم إطلاقها بكثافات كبيرة لإرباك القيادة والسيطرة واستنزاف الذخائر الصاروخية.

وهناك أيضا التفوق الصاروخى عن طريق التوسع فى تنفيذ الضربات الصاروخية (باليستية / طوافة) ذات السرعات الفرط صوتية والقدرة العالية على المناورة، ومتعددة الرءوس الحربية.
بالإضافة إلى التفوق التكنولوجى من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعى فى نظم التسليح الجوى أدى إلى حدوث طفرة هائلة فى دقة الإصابة وتجنب مناطق عمل وسائل الدفاع الجوى وتنفيذ هجمات سيبرانية على البنية التحتية والمعلوماتية قبل شن الضربات الجوية / الصاروخية لشل وإرباك أنظمة الاتصالات ونظم المعلومات ومراكز القيادة والسيطرة وتنفيذ العمليات النفسية بكافة الوسائل (المرئية، المسموعة، وسائل التواصل الاجتماعى ) للتأثير المعنوى على القوات والرأى العام وتماسك الجبهة الداخلية.
وكل ذلك يعتمد على التأمين بالمعلومات الدقيقة لرصد وتحديد مواقع الدفاع الجوى وإعداد بنك بالأهداف المخطط استهدافها ببدء العمليات - زرع العملاء فى مواقع متقدمة بالعمق للتأثير على القواعد الجوية ووسائل دجو وتعليم أهداف الضربة للتوجيه الدقيق للذخائر الجوية.
الفرد المقاتل
وعن العنصر البشرى الذى أثبتت خبرات الحروب المصرية أنه سر نجاح القوات المسلحة، أكد الفريق ياسر الطودى أن قيادة قوات الدفاع الجوى تدرك أن الثروة الحقيقية تكمن فى الفرد المقاتل الذى يعتبر الركيزة الأساسية للمنظومة القتالية لقوات الدفاع الجوى، وبناء على ذلك، خططنا لتطوير مهارات وقدرات الفرد المقاتل من خلال مسارين: الأول، إعادة صياغة شخصية الفرد المقاتل، فقمنا بالبناء الفكرى للفرد المقاتل وتشكيل ثقافة الإدراك لتكوين شخصية تتميز بحسن الخلق والتمسك بالقيم وتتصف بالولاء، الانتماء، حب الوطن والاستعداد للتضحية والفداء عن الأرض من خلال خطة توعية لغرس وتنمية وترسيخ الفهم الصحيح والفكر المعتدل للأديان السماوية والقيم والمثل الأخلاقية وبما يحقق حماية الفرد المقاتل وتحصينه ضد الحروب النفسية، والأفكار المتطرفة والهدامة، وكذلك مجابهة التأثير السلبى لمواقع التواصل الاجتماعى وشبكة المعلومات الدولية، بالإضافة إلى الاهتمام بالعوامل النفسية للمقاتل التى لها تأثير على روحه المعنوية وتبعث فيه روح القتال وقهر العدو والإيمان بالنصر وتزوده بالقوة والقدرة على التغلب على المصاعب والعقبات.

وعن المسار الثانى قال: تطوير العملية التعليمية التدريبية للفرد المقاتل، فقد تم إعداد خطة شاملة تتماشى مع أساليب التدريب الحديثة لتطوير العملية التعليمية بقوات الدفاع الجوى بهدف الوصول إلى المواصفات المنشودة للفرد المقاتل (فنياً وبدنياً وانضباطياً ) من خلال تطوير الدورات المؤهلة للضباط وضباط الصف بانتهاج استراتيجية التعليم التفاعلى باستخدام تطبيقات مستحدثة وتنفيذ معسكرات تدريب مركزة بمركز التدريب التكتيكى لقوات الدفاع الجوى لرفع كفاءة المعدات وتنمية القدرات القتالية والتوسع فى استخدام المقلدات الحديثة وتدريب الأفراد على الرمايات التخصصية فى ظروف مشابهة للعمليات الحقيقية وانتقاء أفضل المدربين للعمل فى وحدة التدريب المشترك لتدريب الأفراد المستجدين وتقييم أدائهم وانتقائهم وتوزيعهم بما يتلاءم مع طبيعة المهام التى سيكلفون بها، وكذلك تأهيل الضباط بالخارج للتعرف على فكر وأسلوب استخدام أنظمة الدفاع الجوى الحديثة وإجراء التدريبات المشتركة لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب تخطيط إدارة العمليات للدول العربية والأجنبية.
تدريبات مشتركة
أشار الفريق ياسر الطودى إلى حرص قوات الدفاع الجوى على زيادة محاور التعاون العسكرى مع نظائرها بالدول الشقيقة الصديقة فى كافة المجالات مثل التدريب عن طريق استضافة الطلبة من الدول الشقيقة والصديقة بكلية الدفاع الجوى للتأهيل بعلوم الدفاع الجوى والمواد الهندسية، وتبادل إيفاد الضباط لحضور فرق التأهيل العامة التخصصية والدورات، ودورات أركان حرب التخصصية فى مجال الدفاع الجوى لدراسة العلوم العسكرية الحديثة بمعهد الدفاع الجوى .
وأيضا تبادل الزيارات لأعضاء هيئة التدريس والدارسين مع الدول الصديقة والشقيقة لتبادل الخبرات فى مجال أساليب التعليم والتدريب الحديثة. وتنفيذ تدريبات مشتركة لأنظمة الصواريخ والمدفعية مثل: التدريب المصرى الأمريكى (النجم الساطع)، والتدريب المصرى الروسى (سهم الصداقة)، التدريب المصرى اليونانى (ميدوزا)، التدريب المصرى الفرنسى (كليوباترا)، والتدريب المصرى الباكستانى (حماة السماء)، التدريب المصرى السعودى (تبوك)، التدريب المصرى الأردنى (العقبة)، وتبادل إيفاد ضباط وقادة وحدات دفاع جوى للتعايش بوحدات دجو المتماثلة لتبادل الخبرات العملية.
إضافة إلى تبادل الخبرات فى مجال التأمين الفنى لأنظمة الدفاع الجوى المتماثلة باستغلال الإمكانيات المتطورة والكوادر المؤهلة فى التدريب، والإصلاح، ورفع الكفاءة وإطالة أعمار المعدات.
أما فى مجال العمليات، فقال الفريق الطودى: نحرص على تبادل الخبرات فى أساليب التخطيط لتوفير الدفاع الجوى عن الأهداف الحيوية، وعقد ورش عمل على مستوى المتخصصين فى مجال مجابهة التهديدات الجوية الحديثة (للطائرات الموجهة بدون طيار، الصواريخ الطوافة البالستية).
وبالنسبة لمجال البحوث الفنية والتطوير نعمل على تبادل الزيارات للمراكز البحثية، وعقد ورش عمل لتبادل الخبرات فى مجالات (حل المشاكل الفنية وتوفير مقومات التأمين الفنى للأنظمة المتعذر إصلاحها المتوقف إنتاجها ببلد المنشأ).

الكفاءة القتالية
أشار الفريق ياسر الطودى إلى أن التطور الهائل فى أسلوب الحصول على المعلومات وتعدد مصادر الحصول عليها أدى إلى عدم وجود أسرار عن أنظمة التسليح فى معظم دول العالم، ففى عصر السماوات المفتوحة أصبح العالم قرية صغيرة وتعددت وسائل الحصول على المعلومات سواء بالأقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الإلكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية.بالإضافة إلى وجود الأنظمة الحديثة القادرة على التحليل الفورى للمعلومة باستخدام الذكاء الاصطناعى مما يجعل المعلومة متاحة أمام من يريدها .
ونحن لدينا يقين بأن السر لا يكمن فيما نمتلكه من أنظمة حديثة ولكن يكمن فى القدرة على تطوير فكر الاستخدام بطريقة غير نمطية وبما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة عالية .
وفى الختام بعث الفريق ياسر الطودى رسالة طمأنة للشعب المصرى، قائلا: نحن كرجال عسكريين نعمل طبقاً لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة، ونهتم بكل ما يجرى حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة، والتهديدات التى تتعرض لها كافة الاتجاهات الآن وما تثيره من قلق بشأن المستقبل، ولكن تظل دائماً وأبداً القوات المسلحة ملتزمة بأهدافها وبرامجها وأسلوبها للمحافظة على كفاءتها القتالية فى أوقات السلم والحرب. وعندما نتحدث عن الاستعداد القتالى لقوات الدفاع الجوى، فإننا نتحدث عن الهدف الدائم والمستمر لهذه القوات بحيث تكون قادرة فى مختلف الظروف على تنفيذ مهامها بنجاح، ويتم تحقيق الاستعداد القتالى العالى والدائم من خلال الحفاظ على حالات وأوضاع استعداد متقدمة تكون عليها القوات طبقاً لحسابات ومعايير فى غايه الدقة، ودائما نضع نصب أعيننا الإعداد والتجهيز باستشراف الغد وبالتطوير المستمر وأضاف: أؤكد للشعب المصرى أن قيادتنا السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة تولى قوات الدفاع الجوى كافة الدعم لضمان التطوير والتحديث المستمر بكافة أسلحة ومعدات قوات الدفاع الجوى لامتلاك القدرة وعلى المستوى الذى يليق بالدولة المصرية.

وأود أن أطمئن الشعب المصرى بأن قوات الدفاع الجوى القوة الرابعة فى القوات المسلحة تعمل ليل نهار سلماً وحرباً فى كل ربوع مصر عازمة على حماية سمائها ضد كل من تسول له نفسه الاقتراب منها ونعاهد الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة والفريق أول عبدالمجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى على أن نسير قدماً فى تطوير وتحديث قوات الدفاع الجوى، وأن نظل دوما جنوداً أوفياء حافظين العهد مضحين بكل غال ونفيس، نحفظ للأمة هيبتها ولسماء مصر قدسيتها لتظل مصر درعاً لأمتنا العربية.