القدرة والقوة

ملحمة تابعتها: د. شاهندة الباجورى
منذ أن اتخذت القيادة السياسية القرار التاريخى بمساندة الشعب المصرى، وتخليصه من خفافيش الظلام فى 30 يونيو 2013، وحمت مصر من سرقتها والسطو على أرضها.. أرض التجلى الإلهى. اتخذت الدولة خطوات سباقة نحو الجمهورية الجديدة، ومن أهم هذه الخطوات؛ تنويع مصادر السلاح، وإعادة تشكيل وتسليح القوات المسلحة حتى تستطيع مجابهة ومواكبة الأحداث العالمية المتلاحقة والتوترات والتهديدات التى أصبحت تحيط بالأمن القومى المصرى من جميع الاتجاهات الاستراتيجية، فضلاً عن عدم استخدام السلاح كورقة ضغط سياسية كما حدث من الولايات المتحدة الأمريكية إبان ثورة 30 يونيو.

فى السطور القادمة نستعرض لكم أهم الأسلحة التى حصل عليها الجيش المصرى وأعاد تسليح قواته بها حتى استطاع أن يصبح فى مصاف جيوش العالم المتقدم، كما نسلط الضوء على الأسلحة التى قامت مصر بتصنيعها على أرضها بأيدى أبنائها بنسبة 100%، وبناء القواعد العسكرية المصرية التى اتخذتها الدولة كدرع وقوة ردع ضد أى مخاطر تهدد الأمن القومى على جميع الاتجاهات الاستراتيجية. والتقينا عددا من الخبراء العسكريين ليجيبوا عن السؤال الذى نطرحه: كيف غيرت مصر استراتيجيتها العسكرية فى 12 عاما؟
لنشات (SAR-1700)
تعد لنشات البحث والإنقاذ من طراز (SAR-1700).. أحدث الصفقات التى استلمتها القوات البحرية المصرية من الاتحاد الأوروبى نهاية شهر إبريل المنصرم عام 2025، وتم رفع العلم المصرى على اللنشات إيذانًا بدخولها الخدمة بالقوات البحرية التى تشهد خلال الآونة الأخيرة طفرة تكنولوجية هائلة فى منظومات التسليح والكفاءة القتالية وفقًا لأحدث النظم العالمية، مما يؤكد حرص القوات المسلحة على دعم قدرات الأسطول البحرى المصرى لتعزيز الأمن والاستقرار فى مناطق عمل القوات البحرية. وتعد لنشات البحث والإنقاذ من طراز (SAR-1700) من أحدث الوحدات المتطورة فى البحث والإنقاذ، وتعد بمثابة إضافة جديدة لقواتنا البحرية.
الفرقاطات.. والغواصات
كما حرصت القوات المسلحة فى استراتيجيتها الجديدة لتطوير ملف التسليح على تزويد القوات البحرية بالفرقاطات- متعددة المهام، حيث تعد الفرقاطة من أهم القطع البحرية التى تمتلكها الجيوش القوية، لأنها متعددة المهام الجديدة، لها قدرة على الإبحار لمسافة (6800) ميل بحرى، وتصل سرعتها القصوى إلى (28) عقدة، ويبلغ طولها الكلى (121.6) متر، وتصل إزاحتها إلى (3931) طنًا، كما تتمتع بالعديد من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التى تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر وقت السلم والحرب، وكذلك مكافحة التهديدات المختلفة البحرية (سطحية - جوية - تحت السطح)، ومكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وتأمين مصادر الثروات الطبيعية المختلفة للدولة بالبحر، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية ودعم قدرتها على حماية الأمن القومى المصـرى.

فى 2017.. تسلمت القوات المسلحة الوحدة الشبحية الأولى من طراز «جوويند» التى تم بناؤها بشركة «نافال جروب» الفرنسية، إيذانًا بدخولها الخدمة بالقوات البحرية، وتم رفع العلم المصرى عليها تحت اسم الفرقاطة «سجم الفاتح» والتى تعد واحدة من أصل 4 وحدات شبحية تم التعاقد عليها بين مصر وفرنسا، حيث تم بناء الأولى بدولة فرنسا، وتم بناء باقى الوحدات الثلاث بترسانة الإسكندرية وبالسواعد والعقول المصرية بالتعاون مع الجانب الفرنسى.
كما تعاقدت مصر مع ألمانيا عام 2018 على شراء أربع فرقاطات طراز(MEKO-A200)، وأطلقت على الفرقاطة الأولى «العزيز» التى تتميز بالقدرة على تأمين خطوط الملاحة البحرية مع تأمين السفن التجارية المارة بها، وتنفيذ عمليات الدعم الإنسانى بالمناطق المنكوبة، وقد تم إعداد وتأهيل الأطقم التخصصية والفنية العاملة على الوحدة الجديدة فى توقيت قياسى، وفقًا لبرنامج متزامن تم تنفيذه على مرحلتين بمصر وألمانيا، وقد اعتبرت الفرقاطة «العزيز» الأكثر تطورًا فى السلاح البحرى المصـرى لتعزيز قدرته على تحقيق الأمن البحرى وحماية الحدود والمصالح الاقتصادية فى البحرين الأحمر والمتوسط، فضلا عن الوصول إلى قوة ردع توفر حرية الملاحة البحرية الآمنة فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة.
كما تم التعاقد بين مصر وإيطاليا على شراء فرقاطتين من طراز فريم بيرجامینى، تسملت مصر الأولى فى نهاية 2020، وهى الفرقاطة «الجلالة» التى تتميز بالقدرة على الإبحار لمسافة (6000) ميل بحرى، وتتمتع بالعديد من الخصائص التقنية ومنظومات التسليح الحديثة التى تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية بالبحر، مما يجعلها بمثابة إضافة تكنولوجية هائلة لإمكانات القوات البحرية.
ثم تسلمت مصر الفرقاطة الثانية «برنيس» عام 2021، التى تم بناؤها بشركة «فينكانتييرى» الإيطالية وفقًا لأحدث النظم العالمية فى منظومات التسليح والكفاءة القتالية.
وبتلك الفرقاطات استطاعت القوات المسلحة تنفيذ استراتيجية شاملة لتطوير وتحديث الأسطول البحرى المصـرى لتعزيز الأمن والاستقرار فى مناطق عمل القوات البحرية، ودعم قدرته على مواجهة التحديات والمخاطر الحالية التى تشهدها المنطقة.

كما اهتمت مصر بإدخال أحدث الغواصات الحربية، مثل: صفقة الغواصات (s-44) من طراز (209 / 1400)، التى تعد من أهم التعاقدات والتى وقعت وحصلت عليها مصر، وزودت بها الأسطول البحرى، فقد استلمت مصر بموجب التعاقد مع ألمانيا أربع غواصات من نفس الطراز خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2021، وقد مثَّل اقتناء الغواصة (S-44) ومثيلاتها نقلة غير مسبوقة للقوات البحرية المصرية مما ساهم فى رفع تصنيفها عالميًا، فقد تم بناء الغواصة s-44 بترسانة شركة «تيسين كروب» بمدينة كييل الألمانية، حيث تم إعداد وتأهيل الأطقم التخصصية والفنية العاملة على هذه الغواصات فى توقيتات قياسية، وفقًا لبرنامج متزامن بكل من مصر وألمانيا للإلمام بأحدث ما وصل إليه العالم من تكنولوجيا الغواصات.
وقد كان لمصر السبق فى دخول سلاح الغواصات كأول دولة فى الشرق الأوسط وإفريقيا، وأن هذا النوع من الغواصات هو تنفيذ لاستراتيجية عسكرية مصرية تهدف لتطوير القدرة على مواجهة التحديات والمخاطر التى تشهدها المنطقة، وللحفاظ على مقدرات الوطن وتحقيق السيطرة الكاملة على السواحل المصرية الممتدة بالبحرين الأحمر والمتوسط.
مقاتلات الرافال والسوخوى
ومنذ اليوم الأول للرئيس عبدالفتاح السيسى، وجه بضرورة امتلاك القوات الجوية المصرية لطائرات الرافال الفرنسية، ولذلك تعد صفقة طائرات الرافال المقاتلة من أهم التعاقدات التى قامت بها الدولة فى ملف التسليح، حيث استلمت مصر من فرنسا 24 مقاتلة على أربع دفعات، الدفعة الأولى كانت يوم 21 يوليو 2015، والثانية فى 26 يناير 2016، والثالثة فى 5 إبريل 2017 والرابعة 26 يوليو 2017، وبعد ذلك وقعّت مع فرنسا عام 2021 عقد توريد 30 طائرة طراز رافال جديدة، ليصبح إجمالى طائرات الرافال التى تمتلكها مصر 54 طائرة، وتم وضع العلم المصرى عليها لتصبح مصرية بالكامل.

كما تعاقدت مصر على شراء دفعة من مقاتلات الطيران سوخوى - 35 روسية الصنع، وعلى الرغم من أن أمريكا قد لوحت بقانون كاتسا، لكن القيادة السياسية مضت قدما، ووقعت مع روسيا عقدا لتوريد 24 مقاتلة من هذا الطراز. المسترال
ومن أهم المعدات التى قامت مصر بشرائها فى الـ12 عامًا المنصرمة، حاملة الطائرات «المسترال» التى تعد قاعدة عسكرية متحركة، فقد حصلت مصر على المسترال الأولى «جمال عبدالناصر» فى يونيو 2016، ثم انضمت المسترال الثانية «أنور السادات» إلى أسطول القوات البحرية المصرية فى شهر سبتمبر من نفس العام، لتصبح لدى مصر حاملتان طائرات، مع الوضع فى الاعتبار أن الجيوش القوية فقط هى من لديها حاملات طائرات، لأن المسترال ليست حاملة طائرات فحسب، بل هى قاعدة عسكرية متنقلة مساحة سطحها الإجمالية 5200 متر مربع، تستطيع حمل 13 دبابة، و110 عربات مدرعة، و16 هليكوبتر ثقيلة، أو 35 هليكوبتر خفيفة، فضلا عن الكتلة البشرية التى تستطيع استيعابها، وتحتوى أيضا على منظومة شديدة التطور لسلاح الدفاع الجوى، كما أنها مزودة بمنظومة منظومات رادارية ملاحية وجوية.
وتعد المسترال فرنسية الصنع، لكن مصر طلبت من روسيا تولى تسليحها وإمدادها بمنظومة صواريخ بعيدة المدى، ومنظومة دفاع جوى ورادارات متطورة الصنع، فاعتُبرت من أقوى حاملات الطائرات البرمائية فى العالم.
تسليح بسواعد مصرية
ولم تكتفِ مصر بصفقات الأسلحة التى حصلت عليها من مختلف الدول المتقدمة عسكريا، بل حشدت جهودها لإنتاج أسلحة محلية الصنع بأيد وسواعد مصرية، بدأتها بخطوة التصنيع المشترك، حيث أحدث نقلة تكنولوجية كبيرة فى تطوير التصنيع، بما تتطلبه من أجهزة ومعدات وتأهيل عنصر بشرى يجعله قادرًا على تصنيع وحدات جديدة تساهم فى رفع القدرات القتالية للقوات المسلحة، وتتمكن الأيدى العاملة المصرية من اكتساب الخبرات والحصول على المعرفة والخبرة من الشريك الأجنبى حتى وصلت إلى مرحلة التصنيع بأيدى مصرية بنسبة 100%.
وكان أحدثها أو التى أعلنت عنها القوات البحرية فى الخامس من يونيو الشهر الجارى هى القاطرة الأولى (رأس الحكمة) من طراز أزيموث (RASTR 3200) ASD، التى تم بناؤها داخل ترسانة الإسكندرية بالتعاون مع هيئة الإشراف الفرنسية (BV) وذلك ضمن عقد الاتفاق بين القوات البحرية وشركة ترسانة الإسكندرية.
وتتميز القاطرة (ASD) بسعرها التنافسى وزيادة قوة الشد التى تبلغ (85) طنًّا، وسهولة المناورة والتحكم مع تجهيزها بمعدات من كبرى الشركات العالمية فى ذلك المجال. وتهدف شركة ترسانة الإسكندرية للمنافسة فى سوق القاطرات العالمية بهذا الطراز لأول مرة فى مجال صناعة القاطرات البحرية بمصر وأن تكون مركزًا لبناء وإنتاج هذا النوع من القاطرات لمختلف البلدان خلال المرحلة المقبلة.

وخير مثال على ذلك أيضا، الفرقاطة «المعز» التى انتهت شركة ترسانة الإسكندرية من بنائها فى 12 مايو 2019، والفرقاطة جويند الأقصر- الفرقاطة الخامسة التى تم بناؤها على أرض الوطن فى ترسانة الإسكندرية فى 2020 بالتعاون مع شركة «naval group» التى تعد إحدى قلاع الصناعة الفرنسية فى تكنولوجيا بناء وتصنيع السفن». وفى يناير 2021 انضمت للخدمة الفرقاطة (بورسعيد) التى تم بناؤها هى الأخرى فى شركة ترسانة الإسكندرية بسواعد مصرية 100%.
والطائرة «نوت» التى خطفت الأنظار فى إيديكس بنسخته الثانية عام 2021، حيث إنها أحدث طائرة مصرية بدون طيار من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع، فهى ليست طائرة قتال وحسب، بل طائرة استطلاع أيضا بدون طيار متوسطة الارتفاع طويلة المدى، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ مهام قتالية. وتصل سرعة الطائرة إلى 180 كيلومترًا فى الساعة، ويمكنها البقاء فى الجو لمدة 10 ساعات، ويمكنها القيام بالعمليات الخاصة ومهمات المراقبة ومهمات المساعدة الإنسانية إضافة لعمليات مراقبة الحدود. ولديها القدرة على تنفيذ مهام متنوعة منها الاستطلاع التكتيكى وتحديد الأهداف وتصحيح نيران المدفعية، وتمييز وتتبع الأهداف. كما أنها مجهزة بكاميرا كهرومغناطيسية (تلفزيونيو - رقمية)، وتبلغ أقصى حمولة لها 50 كجم.
وهناك أيضا الرشاش متعدد الأغراض عيار 7.62 MM 51 X، الذى يتكون من 265 مكونًا ويتم تصنيعه بالمصانع الحربية فى مصر، فضلا عن لنشات المرور الساحلى فى ترسانة القوات البحرية بالإسكندرية.
الفرقاطة الجبار ميكو.. مصرية بالكامل
وكانت مفاجأة النسخة الثالثة من المعرض الدولى للصناعات الدفاعية «إيديكس 2023»، تدشين الرئيس عبدالفتاح السيسي- القائد الأعلى للقوات المسلحة للفرقاطة «سجم الجبار 910»، وهيّ أول فرقاطة بحرية مصرية تُصنع بالكامل محليًا، من طراز (MEKO-A200). وتعد الفرقاطة «الجبار» أكبر قطعة بحرية يتم تصنيعها محليًا بنسبة 100%، وجرى تصنيعها داخل ترسانة الإسكندرية، فى مدة قياسية لم تتجاوز عامين.
وتعتبر «الجبار» واحدة من أقوى قطع السطح ضمن المجموعات القتالية المرافقة لحاملات المروحيات التى تعد هى بدورها، قاطرة للنقل التعبوى الاستراتيجى خارج الحدود ومراكز قيادة وسيطرة عائمة فى البحار، كما أنها تتمتع بعدد من المواصفات والقدرات الخاصة، حيث يبلغ طولها 221 مترا وعرضها 16.34 متر، وتمتاز بالقدرة على الإبحار لمسافة 7200 ميل بحرى، وتبلغ سرعتها القصوى 27.5 عقدة بحرية، وتتضمن منظومات تسليح حديثة تمكنها من تنفيذ جميع المهام القتالية فى السلم والحرب، ومكافحة جميع التهديدات السطحية والجوية وتحت السطح.

وتتسلح الفرقاطة الجبار بمدفع رئيسى ثقيل عيار 127 ملل من طراز ليوناردو، و32 صاروخ دفاع جوى طراز ميكا، و16 صاروخًا، ويشمل تسليحها كذلك مدفعًا خفيفًا 20 ملل، ومدفعى دفاع جوى صغير، وتوربيدات خفيفة وثقيلة، وقذيفتين للأعماق السطحية، وقاربين خفيفين للقوات الخاصة، وإمكانية حمل طائرتين هليكوبتر.
ومن أهم القطع مصرية الصنع أيضا، راجمة الصواريخ المصرية «رعد 200» التى تم الإعلان عنها فى إيديكس 2023، وهى أول راجمة صواريخ تُصنع بأياد مصرية، تستطيع أن تحمل صواريخ بوزن 1980 كيلوجرامًا، ومعدل إطلاق الصواريخ منها 30 صاروخًا كل 15 ثانية، ويصل مداها حتى 45 كيلومترًا.
وهناك سلاح الذخائر الجوية المصرى الجديد المسمى «حافظ» بأربعة مستويات، والمدرعة سينا - 200، والطائرة «30 يونيو» أحدث طائرة مصرية بدون طيار، وهى طائرة استطلاع وقتال بدون طيار متوسطة الارتفاع طويلة المدى، ويمكنها القيام بمهام الاستطلاع إضافة إلى قدرتها على تنفيذ مهام قتالية وتصل سرعة الطائرة إلى 218 كم فى الساعة، ويمكنها البقاء فى الجو لأكثر من 24ساعة، وتصل حمولتها إلى 1 طن وعند الاقلاع تصل طن ونصف الطن، ويمكنها القيام بالعمليات الخاصة ومهمات المراقبة ومهمات المساعدة الإنسانية، إضافة لعمليات مراقبة الحدود.
وأيضًا الطائرة «6 أكتوبر» وهى طائرة استطلاع بدون طيار، وتبلغ أقصى سرعة لها 260 كيلومترًا/ الساعة، ويمكنها أن تُحلق لمدة 30 ساعة متواصلة بمدى عمل 240 كيلومترًا، وهى النموذج المطور من الطائرة بدون طيار 30 يونيو.
وهكذا تمضى مصر قدمًا فى تسليح قواتها المسلحة بأحدث المعدات والأسلحة المتطورة تكنولوجيا للحفاظ على أمنها القومى، وحدودها فى ظل ما تشهده الساحة الإقليمية والعالمية من توترات وحروب تقليدية، وغير تقليدية تهدد استقرار المنطقة.
القواعد العسكرية المصرية
وفى الوقت الذى حرصت فيه القوات المسلحة على امتلاك أهم وأحدث قطع عسكرية، فضلا عن قيامها بتصنيع وإنتاج أسلحة بسواعد مصرية 100%، قامت ببناء القواعد العسكرية المصرية الخالصة، لتأمين حدود الدولة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، ومن أهم هذه القواعد:
- قاعدة محمد نجيب العسكرية:
كانت البداية عندما صدرت التوجيهات عام 2015 بتحويل المدينة العسكرية القديمة بالإسكندرية بمنطقة الحمام التى كان قد تم إنشاؤها عام 1993إلى قاعدة متكاملة تحت مسمى اللواء- محمد نجيب.
وعلى مدار عامين سطرت الهيئة الهندسية ملحمة جديدة تضاف إلى ملاحم قواتنا المسلحة المصرية، فتم بناء القاعدة التى تعتبر أكبر قاعدة مصرية فى إفريقيا والشرق الأوسط، يصاحبها امتلاك قاعدة صناعية وإنتاجية بالغة التطور تحقق الاكتفاء الذاتى للقوات المسلحة، وتلبى جزءًا من متطلبات السوق المحلية وتخفيف العبء عن كاهل المواطن المصرى.
فأصبحت قاعدة محمد نجيب العسكرية إنجازًا جديدًا يضاف إلى إنجازات القوات المسلحة كمًا ونوعًا، فتم إنشاؤها فى إطار استراتيجية التطوير والتحديث الشامل القوات المسلحة، وتم دعم القاعدة بوحدات إدارية وفنية جديدة، وإعادة تمركز عدد من الوحدات التابعة للمنطقة الشمالية العسكرية بداخلها بما يعزز من قدرتها على تأمين المناطق الحيوية بنطاق مسئوليتها غرب مدينة الإسكندرية ومنطقة الساحل الشمالى التى من بينها محطة الضبعة النووية وحقول البترول وميناء مرسى الحمراء ومدينة العلمين الجديدة وغيرها.

وقامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإنشاء جميع مبانى الوحدات المتمركزة بالقاعدة بإجمالى (1155) مبنى ومنشأة، وتطوير وتوسعة الطرق الخارجية والداخلية بالقاعدة بطول اثنين وسبعين كم منها وصلة الطريق الساحلى بطول أحد عشر ونصف كم، وطريق البرقان بطول اثنى عشر ونصف كم، ووصلة العميد بطول أربعة عشر ونصف كم، والباقى طرق داخل القاعدة.
كما تم إنشاء أربع بوابات رئيسية وثمانى بوابات داخلية للوحدات، كما اشتملت الإنشاءات الجديدة على إعادة تمركز فوجًا لنقل الدبابات يسع نحو أربعمائة وواحد وخمسين ناقلة حديثة لنقل الدبابات الثقيلة من منطقة العامرية، كذلك إعادة تمركز وحدات أخرى من منطقة كنج مريوط ليكتمل الكيان العسكرى داخل القاعدة.
ولتحقيق منظومة التدريب القتالى تم إنشاء (72) ميدانًا متكاملًا شمل مجمعًا لميادين التدريب التخصصى وميادين رماية الأسلحة الصغيرة، ومجمعًا لميادين الرماية التكتيكية الإلكترونية باستخدام أحدث نظم ومقلدات الرماية، كذلك تطوير ورفع كفاءة وتوسعة منصة الإنزال البحرى بمنطقة العُميد. وامتد التطوير الإدارى بقاعدة محمد نجيب ليشمل إنشاء المدينة السكنية المخصصة للتدريبات المشتركة التى تقام بها الآن.
- قاعدة برنيس العسكرية:
فى منتصف شهر يناير عام 2020، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى- القائد الأعلى للقوات المسلحة قاعدة برنيس العسكرية أو «رأس بناس»، الواقعة جنوب شرق البحر الأحمر، والـمجاورة لمطار برنيس الحربى شرق أسوان.
وقد أقيمت قاعدة برنيس فى أقل من عام على مساحة 150 ألف فدان، وتعتبر ثانى قاعدة عسكرية فى مصر، وأكبر قاعدة بحرية وجوية فى البحر الأحمر، حيث تضم عددًا من الممرات كل منها بطول 3 آلاف متر وعرض من 30 إلى 45 مترًا، بالإضافة لعدد من دشم الطائرات ذات تحصين عالٍ، وهنجر عام لصيانة وإصلاح الطائرات.
كما تضم قاعدة جوية تشمل 45 مبنى ومنطقة إدارية تشمل 51 مبنى، إلى جانب قاعدة بحرية متطورة ذات أرصفة حربية، وأرصفة أخرى لتخزين البضائع العامة وساحات تخزين الحاويات، ومحطة استقبال ركاب، ومطار مدنى يتكون من ممر بطول 3650 مترًا وعرض 60مترًا وترمك مدنى يتسع لنحو ثمانى طائرات وصالة ركاب لاستيعاب 600 راكب فى الساعة وبرج مراقبة بطول 58 مترًا.
تحتوى قاعدة برنيس أيضا على العديد من ميادين الرماية، وتشمل مستشفى عسكريًا مجهزًا بأحدث التجهيزات الطبية، كما تضم محطة لتحلية مياه البحر بطاقة 3400 متر مكعب فى اليوم، وقد تم ربط جميع المنشآت بشبكة من الطرق الرئيسية بإجمالى أطوال 40كيلو مترا وطرق داخلية بالقاعدة العسكرية بأطوال تصل إلى 110 كيلومترات أعمال الشبكات والمرافق وعدد من الأعمال الصناعية لمواجهة أخطار السيول.

تتنوع المنشآت العسكرية لقاعدة برنيس العسكرية، حيث تضم فى الشق البحرى رصيفًا حربيًا بطول ألف متر وعمق 14 مترًا تسمح بمتطلبات الوحدات البحرية ذات الغاطس الكبير مثل الميسترال والفرقاطات والغواصات، فيما تضم القاعدة العديد من ميادين التدريب، وجارى العمل على إنشاء ميناء تجارى يضم عدة أرصفة بطول 1200 متر وعمق 17 مترًا وعدد من المنشآت الخدمية.
وتأتى الأهمية الاستراتيجية لقاعدة برنيس العسكرية من وقوعها فى أقصى الجنوب الشرقى لمصر، كما أن هذه المنطقة متلازمة مع أهمية مضيق هرمز، ومع أهمية الخليج العربى على خريطة الاستراتيجيات العالمية، لأنها تعد سهلا ساحليا ضيقا وسط سلاسل جبال البحر الأحمر تمنح تفوقا استراتيجيا لمن يتحصن ويتركز بها، وعندها تتوافر أقل مساحة بحرية على شاطئ البحر الأحمر بين مصر والسعودية، وأقل مساحة طيران بين مصر والخليج العربى كله، كما تعد نقطة عبور استراتيجية إلى منطقة القرن الإفريقى، ونقطة التقاء بحرية وجوية بين قارتين وثلاثة بحار استراتيجية ومحيطين كبيرين. وقد أدخلت فى قاعدة برنيس العسكرية، أحدث الفرقاطات ولنشات الصواريخ والغواصات وحاملات المروحيات الميسترال بما لها من خواص استراتيجية وتكتيكية تعزز من القدرات الهجومية والدفاعية للجيش المصرى، ليكون على أهبة الاستعداد فى أى وقت.
- قاعدة 3 يوليو العسكرية:
افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى قاعدة 3 يوليو العسكرية شهر يوليو عام 2021 بمنطقة جرجوب، غرب محافظة مرسى مطروح فى الساحل الشمالى الغربى لمصر. وأقيمت بها مناورة (قادر- 2021) بحضور عدد كبير من رؤساء ووزراء دفاع العالم.
تقع قاعدة 3 يوليو على البحر المتوسط فى منطقة جرجوب بالمنطقة الغربية فى مرسى مطروح، قرب الحدود الليبية، فتبعد (140) كم عن حدود مصر الغربية، و300 كم عن قاعدة الإسكندرية البحرية، على مساحة تزيد على (10) ملايين متر مربع.
وتعد هذه القاعدة العسكرية الجديدة التى استغرق بناؤها عامين وثلاثة أشهر، من أهم القواعد المصرية فى المنطقة الغربية، حيث تمثل البعد الاستراتيجى لقاعدة «جرجوب» فى تأمين المنطقة الاقتصادية من الساحل الشمالى المصرى على البحر المتوسط.
وتأتى الأهمية الاستراتيجية لهذه القاعدة فى ظل عدم الاستقرار الذى تشهده المنطقة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، خاصة على الاتجاه الغربى الذى يشهد تزايدًا فى أعداد الجماعات الإرهابية والمرتزقة، وأيضا لتوفير الدعم المادى لتجميع قتالى قادر على مجابهة جميع التهديدات على الاتجاه الاستراتيجى الغربى، والسيطرة على المناطق الحاكمة بنطاقه، فضلا عن أهميتها فى إحكام السيطرة على الحدود البحرية الغربية والمياه الاقتصادية للدولة بهدف حماية المشروعات القومية والاقتصادية للدولة، إلى جانب تعزيز إجراءات الأمن البحرى على الاتجاه الغربى من مكافحة تهريب البضائع والأسلحة والمخدرات، والهجرة غير الشرعية.
وقد انضمت لقاعدة 3 يوليو البحرية 47 قطعة جديدة، منها: الفرقاطة فرنسية من طراز «FREMM- تحيا مصر» لدعم أسطول الفرقاطات المصرية فى البحرين الأبيض والأحمر، كما انضمت حاملات الهليكوبتر الفرنسية من طراز ميسترال والتى تمثل قوة هائلة متعددة القدرات ومتنوعة المهام فى المنظومة القتالية للبحرية المصرية، كذلك تم تزويد البحرية بالفرقاطة الشبحية «جوويند- Gowind-2500»، هى صفقة وقعتها مصر مع الجانب الفرنسى، بالإضافة إلى اللنشات السريعة والقوارب «الزودياك- الرفال» الخاصة بنقل الضفادع البشرية.
وهناك أيضا الفرقاطتان الإيطاليتان من طراز «فریم بيرجامینی» هما «الجلالة» و«برنيس»، والغواصات الألمانية طراز 209 / 1400، وهى تعد الأحدث والأكثر تطورًا فى عالم الغواصات، بالإضافة إلى عدد من لنشات الصواريخ المتطورة، ولنش صواريخ «أحمد فاضل» من طراز «مولينيا»، وعدد آخر من السفن القتالية من كوريا الجنوبية.
كما تضم القاعدة العديد من ميادين التدريب، فضلا عن إنشاء ميناء تجارى يضم عدة أرصفة بحرية. وتشمل قاعدة 3 يوليو البحرية (74) منشأة، بالإضافة إلى مهبط طائرات ملحق به قاعة لاستقبال كبار الزوار وعدد من ميادين التدريب ومركز للعمليات مزود بأحدث المنظومات، وآخر للتدريبات المشتركة، ورصيف حربى بطول (1000) متر وعمق (14) مترًا، وعدد من الأرصفة التجارية بطول (2200) متر وعمق (17) مترًا وبرج لمراقبة الميناء بارتفاع (29) مترًا وحاجزين للأمواج بطول (3650) مترًا، فضلًا عن مدينة سكنية للإعاشة.

تنوع مصادر السلاح
التقينا اللواء أ.ح نصر سالم -رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، فقال لنا: إن الجيش المصرى فى 30 يونيو وقف بجانب شعبه، ونزل على رغبته بعد أن رفضوا حكم الإخوان، وكانت لديهم نظرة مستقبلية، فبعد مرور 12 عامًا نستطيع الآن أن نرى الثمار والمكاسب على الأرض.
كانت البداية فى 30 يونيو 2013، عندما فوجئت مصر بموقف الولايات المتحدة الأمريكية التى كانت تحاول به الضغط على القرار المصرى وإرادة الشعب المصرى عندما منعت العمرة الدورية الخاصة ببعض معداتنا التى حصلنا عليها منها، ولم يتموا عقود التسليح التى كانت بيننا وبينهم، وأوقفوا جميع تلك الصفقات، وكان ذلك مؤشر خطير. ومن هنا كان لابد أن تتخذ مصر قرارا لا يعرضها لمثل هذه المواقف.
وكلنا نعلم أن أى جيش فى العالم يتكون من 3 مكونات رئيسية، أولها: التسليح، ثانيها: الجندى، ثالثها: القائد.
وللتسليح شروط معينة، أولها: أن يكون أفضل من العدو أو على الأقل يساويه، لكن لا يقل عنه، ثانيها: أن يكون السلاح ملائمًا لنا ولمناخنا ولطبيعة مسرح العمليات، ثالثا: الاستمرار فى إمداد الجيش بالسلاح أثناء الحرب، أو قطع غياره.
ولكى نستطيع أن نحقق هذه الشروط، فالأفضل أن نصنع هذا السلاح بأيدينا وفى دولتنا، وهذا شرط فى غاية الصعوبة لأنه مكلف جدًا جدًا، ويحتاج إلى تطوير مستمر وسريع، ويحتاج أيضا إلى تسويق مستمر فى دول أخرى، مما قابل بعض المشاكل فى بداية الأمر نظرا للامكانيات التى كانت متاحة آنذاك بعد 30 يونيو. فقامت مصر بالخطة البديلة وهى استيراد السلاح من دولة أخرى، لكن بشرط أن تكون صديقة لى، وعدوة لعدوى بحيث ضمان إمدادها المستمر لى بالسلاح، وعدم استخدامه كورقة ضغط. ولذا قامت مصر باعتماد استراتيجية تعدد مصادر التسليح، بحيث إنه لو قامت دولة بمنع التسليح، سأحصل عليه من دولة آخرى.
وهذا ما فعلته مصر، وقامت به، فحصلت على السلاح من أكثر من دولة، وبالتالى انفتحنا على معظم دول العالم المتقدمة، فحصلنا على أسلحة من فرنسا وألمانيا والصين وروسيا وأمريكا.
فقامت مصر بتغيير استراتيجية التسليح فى غضون 12 عاما، فضلا عن قيامها الآن بتصنيع أسلحة مصرية بأيدى أبنائها وتسويقها.

فكر واستراتيجية جديدة
ويؤكد اللواء أ.ح د. محمد الغبارى- مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق أن ثورة 30 يونيو جاءت كوسيلة لإنقاذ الشعب المصرى من مخطط تقسيمه، وسقوط بلده، فبعد 25 يناير كانت هناك حالة من عدم الأمان لدى الشعب كله، واندست بعض العناصر المخربة وحاولت الوقيعة بين الجيش والشرطة والشعب، وخلق حرب أهلية بين المصريين التى كانت هدفًا من أهداف حروب الجيل الرابع، فحاول المجلس العسكرى معالجة الأمور بسرعة، ولم يكن قرار نزول الجيش إلى الشارع بالقرار السهل، أو اليسير، فالمهمة الأساسية لأى جيش هى النزول على الحدود والدفاع عن الوطن، لكن موضوع نزوله فى شوارع البلد نفسها أمر مختلف، ويحتاج لدراسة ووقت لحدوثه. لكن القوات المسلحة المصرية بمجرد أن احتاجها شعبها، نزلت ولبت النداء. وحفظت الأمن الداخلى والحدودى فى ظل الانفلات الأمنى والغضب والمرحلة الثورية حتى الانتقال إلى شرعية دستورية، وانتقال السلطة إلى رئيس مدنى منتخب.
وقام المجلس العسكرى بتسليم السلطة عن طريق إجراء انتخابات رئاسية، تولى على إثرها محمد مرسى السلطة.
وبعد أن سلم الجيش السلطة وعاد إلى ثكناته، تسلمت جماعة الإخوان الحكم، وحاولت بشتى الطرق أخونة مؤسسات الدولة العميقة، وأخونة الجيش والعبث فيه، لكن القوات المسلحة المصرية أبت ذلك، وتصدت لكل المحاولات.
ومع ازدياد الضغط على الشعب المصرى، قرر النزول لعزل مرسى، وجماعته ولم يرد الجيش نداء شعبه، وخرج ببيان يمهل القوى السياسية أسبوعا لتجلس مع بعضها البعض وتتفق على نقاط محددة ترضى الشعب المصرى، لكن الإخوان أبوا أن يفعلوا ذلك، ثم خرج الفريق السيسى مرة أخرى، وأمهلهم 48 ساعة قبل أن يتدخل الجيش.
وكانت النتيجة هى خير جواب، وتم عزل مرسى نزولا على رغبة الجماهير التى تعدت الـ30 مليون شخص، وتم الاتفاق على خارطة طريق.
وبذلك انتصر الجيش لإرادة الشعب، وأثبت أن ولاءه الأول والأخير لشعبه وليس لحاكم ليضرب للناس أعظم مثالا للتضحية والوفاء والذود عن الوطن والشعب.
ويضيف اللواء الغبارى أنه لولا 30 يونيو ما أصبحت مصر سيدة مصيرها، ولولاها لسقطت مصر فى مخطط تقسيم الدول العربية الذى سقطت فيه للأسف بعض الدول العربية، والذى كان الإخوان أداة من أدوات هذا المخطط.
أنقذت 30 يونيو مصر أيضا من محاولة أخونة الجهاز الإدارى الذى يمثل مفاصل الدولة، ويتحكم فى 7 ملايين مصرى، كما أنقذت سيناء من بيعها.
وحين قامت 30 يونيو أتت بفكر واستراتيجية جديدة جعلت العالم يشعر بمصداقية الثورة، وخاصة بعد أن بدأت مصر فى إقامة مؤتمرات عالمية لتعريف العالم بأهدافها، وأن أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر ستتعامل مع جميع الدول وفق مبدأين يسير عليهم حتى الآن: المصالح المتبادلة، والمصالح المشتركة.

وبدأت فى إنشاء مشروعات قومية مشتركة مثل مشروع الضبعة النووى مع روسيا، والاتجاه إلى تنويع مصادر السلاح من ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، أمريكا، وإقامة قواعد عسكرية مثل: محمد نجيب العسكرية الشمالية- أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط، وقاعدة برنيس فى البحر الأحمر، وغيرهما من القواعد الأخرى، وكل ذلك لم يكن موجودا قبل 30 يونيو.
وأيضًا أمنت مصر حدودها وأمنها القومى بتزويد الأسطول البحرى بأحدث نظم التسليح العالمية مثل المسترال التى تعد قاعدة عسكرية بحرية متنقلة، فامتلكت منها اثنتين: جمال عبدالناصر، وأنور السادات. الأمر نفسه بالنسبة للقوات الجوية التى تزودت بالمقاتلة الرافال والسوخوى- 35 التى تمتلكها أفضل جيوش العالم، فأصبحت مصر تحمى أرضها ضد أى تهديد سواء لها، أو لأشقائها، لتكون رمانة الميزان فى المنطقة العربية.
وأصبحت مصر تسير على خطة مستقبلية تعتمد على أهداف (قريبة- متوسطة- بعيدة)، بدلاً من الخطة الخمسية التى كانت تسير وفقا لها قبل 30 يونيو، وذلك لتحقيق تنمية شاملة مستدامة فى كل المجالات.
ويضيف اللواء الغبارى: إن مصر غيرت فى استراتيجيتها تجاه القوات المسلحة بعد 30 يونيو من خلال مستويين: المستوى الأول: الشكل والتنظيم، المستوى الثانى: تزويده بالأسلحة الحديث التى تعمل فى مختلف الظروف والأجواء، فبدأ التغيير الاستراتيجى فى مسرح العمليات باتجاهاته الأربعة: الشمال الشرقى أو الشمالى الغربى أو الغربى أو الجنوبى. ومن هنا فكرت مصر فى بناء القواعد العسكرية التى مثلت قوة ردع فى محيطها القريب من أى تهديد، وبالتالى توفر فى استخدام القوات والأسلحة، وبالتوازى قامت مصر بتنويع مصادر السلاح مع فرنسا وإيطاليا والصين، وشراء القطع التى تدعم القوات البرية والبحرية والجوية، وأقرت استراتيجيتها فى تعدد منافذ الحصول على هذه القطع، فضلاً عن قيامها بالتصنيع المشترك، والتصنيع المستقل فى ترسانة البحرية بالاسكندرية. فاستفادت مصر على جميع الأصعدة، وسلحت جيشها بأهم القطع البرية والجوية والبحرية من فرقاطات ولنشات وطائرات وحاملات ومسترال وصواريخ، فضلاً عن منظومات الدفاع الجوى قصيرة وطويلة المدى.
ومن هنا تغير التوازن بتغير القوات المسلحة المصرية، وإعادة تشكيلها فى 12 عاما من 30 يونيو وحتى الآن. ثم بدأ الجيش فى مرحلة فى غاية الأهمية وهى التدريب الشاق وتفتيشات الحرب التى أظهرت القوة القتالية للقوات المسلحة، وأضافت إلى كفاءتها.

ثقة المصريين فى قيادتهم السياسية
وقال اللواء أ.ح فؤاد فيود- الخبير العسكرى بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا: يتراءى للقاصى والدانى أن الجيش المصرى قد تطور تطورا هائلا فى مجال التسليح والتشكيلات العسكرية، وأقرب مثال على ذلك هو تفتيش الحرب الأخير الذى جرى فى إحدى الوحدات بالإسماعيلية، فتبين للعالم كله الدرجة التى وصلت إليها مصر، فلم نعد نستورد السلاح فقط، بل أصبحنا نصنعه فى مصانعنا الحربية، فضلا عن تنويع مصادر السلاح، فلم نعد نعتمد على مصدر واحد لشراء القطع العسكرية كما كان قبل 30 يونيو، فظهرت القوة واتضحت للعالم كله.
وأشار اللواء فيود إلى أن مصر تغيرت بعد 30 يونيو، واقتحمت مجالات جديدة، وتبنت القيادة السياسية المنتخبة ملفات تطوير فى جميع المجالات، فلولا الأمن والأمان الذى استعادته مصر بعد هذه الثورة، وإنقاذ البلد من مخطط الفوضى، ما كانت البلد تستطيع أن تسترد وضعها الإقليمى، ومكانتها السياحية كبلد يقصدها الجميع.
وعلى الصعيد السياسي، اتجهت مصر لعقد شراكات وعلاقات مع دول لم تكن تدخل فى الإطار السياسى والدبلوماسى لمصر فى إفريقيا وآسيا وأوروبا، وأصبح لنا علاقات بالأطراف المتعددة مثل روسيا وأمريكا، وحتى تركيا وقطر الذين أصبحوا يتهافتون على إقامة علاقات دبلوماسية وفق للشروط والمطالب المصرية.
هناك أيضا ملف الإرهاب الذى نجحت مصر فى القضاء عليه، فنحن الدولة الوحيدة التى حاربت الإرهاب بمفردها، وبالوكالة عن الدول الأخرى، وبالفعل استطاعت أن تجتث جذور الإرهاب من أرضنا بدم شهدائنا الأبرار من قواتنا المسلحة وشرطتنا المصرية.
واختتم اللواء فيود حديثه بأن كل ما سبق لم يأت من فراغ، بل من ثقة الشعب المصرى والتفافه حول رئيسه وقيادته السياسية التى إذا طلب منها أى شىء، تلبى النداء.