المصريون فى أمان

رصد الجهود الحكومية: رضا رفعت
فى قلب التحديات الاقتصادية، تبرز مصر كنموذج رائد فى بناء شبكة أمان اجتماعى قوية، تحمى ملايين الأسر وتدفعهم نحو مستقبل أكثر شمولية. خلال الـ10 سنوات الأخيرة، شهدت برامج الحماية الاجتماعية فى البلاد قفزة نوعية، من دعم نقدى وعينى، إلى تطوير بنية تحتية وتمكين اقتصادى، بهدف أساسى هو تحسين جودة حياة المواطنين الأكثر احتياجًا وتحقيق تنمية مستدامة.
تتصدر مصر المشهد عربيًا وإفريقيًا فى الإنفاق على الحماية الاجتماعية، مخصصةً 17% من ناتجها المحلى الإجمالى لهذا القطاع الحيوى، وفقًا لتقرير التنمية البشرية الأخير للبنك الدولى. هذه المخصصات شهدت نموًا غير مسبوق؛ من 229 مليار جنيه فى 2014 إلى 732.6 مليار جنيه فى موازنة 2025/2026، بنمو سنوى مركب يبلغ 12.3%. هذا التزايد يعكس قفزة هائلة فى التمويل الحكومى الذى ارتفع بنسبة 35% فى عام واحد فقط، حيث أكد وزير المالية أحمد كجوك أن الحكومة تهدف لتخفيف الأعباء عن الفئات الأولى بالرعاية، من خلال زيادة مخصصات دعم السلع التموينية والخبز، بالإضافة إلى رفع مخصصات برنامج «تكافل وكرامة» لتصل إلى 54 مليار جنيه فى العام المالى الجديد.
وفقًا لدراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات، ساهمت هذه البرامج بشكل فعال فى خفض معدلات الفقر من 32.5% عام 2018 إلى 25.7% عام 2025. كما انخفضت نسبة الفقر بين الأسر المستفيدة من هذه البرامج تحديدًا من 32% إلى 24% خلال خمس سنوات، مما يؤكد التأثير المباشر لشبكات الأمان الاجتماعى على تحسين الظروف المعيشية.
فى هذا السياق أظهرت دراسة صادرة عن منظمة يونيسف بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ومؤسسات بحثية أخرى أن نسبة الفقر متعدد الأبعاد فى مصر بلغت 21% من السكان فى عام 2022، مع مساهمة البعدين الخدمى والتوظيفى بأعلى نسبة (19% لكل منهما) فى هذا المؤشر.

ويُعدّ هذا المؤشر أداة استراتيجية لرسم سياسات مكافحة الفقر بشكل أكثر دقة وشمولية، ويُقترح اعتماده ضمن المتابعة الدورية لبرامج الحماية الاجتماعية.
ويُعد برنامج «تكافل وكرامة» أكبر برنامج دعم نقدى فى المنطقة العربية، وقد انطلق فعليًا فى عام 2015 بهدف تقديم تحويلات نقدية مشروطة (تكافل) لدعم الأسر فى مجالات الصحة والتعليم، وغير مشروطة (كرامة) لكبار السن وذوى الإعاقة، بهدف تحسين الظروف المعيشية وتقليل الفقر.
وشمل البرنامج إجمالى 7.7 مليون أسرة على مدار عشر سنوات، مع تخارج 3 ملايين أسرة من البرنامج لتحسن أوضاعها الاقتصادية، ليبلغ العدد الحالى للمستفيدين 4.7 مليون أسرة بنهاية 2025. بدأ البرنامج بـ1.7 مليون أسرة مستفيدة عام 2014.
وزاد التمويل الحكومى للبرنامج من 3.7 مليار جنيه عام 2014 إلى 55 مليار جنيه فى 2025/2026، مع ارتفاع متوسط المساعدة الشهرية من 325 جنيهًا إلى 1,200 جنيه للأسرة الواحدة، وفق تقارير مجلس الوزراء ووزارتى التضامن الاجتماعى والمالية.
الأسر المستفيدة من «تكافل» تتلقى الدعم النقدى المشروط بحضور الأطفال للمدارس بانتظام (بنسبة لا تقل عن 80% من أيام الدراسة) وتلقى الأم وأطفالها الرعاية الصحية الأولية واللقاحات الدورية فى الوحدات الصحية. هذا الربط المباشر يضمن استثمار الدعم فى رأس المال البشرى للأجيال القادمة. أما «كرامة» فيوفر شبكة أمان للفئات غير القادرة على العمل أو الكسب، مثل كبار السن فوق 65 عامًا وذوى الإعاقات الشديدة، دون شروط تعليمية أو صحية، مع التركيز على توفير حياة كريمة لهم.

البرنامج يعتمد على قاعدة بيانات موحدة ودقيقة للمستفيدين، يتم تحديثها باستمرار بالتعاون مع جهات حكومية أخرى مثل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وزارتى الصحة والتربية والتعليم. وهو ما يمنع الازدواجية ويضمن وصول الدعم لمستحقيه الفعليين.
كما تشمل البرامج الفرعية المتصلة بـ«تكافل وكرامة»، توفير بطاقات تموين ذكية للأسر المستفيدة لضمان الحصول على السلع الأساسية المدعمة، والإعفاء من المصروفات الدراسية لأبناء الأسر المستفيدة فى جميع المراحل التعليمية، وحتى دعم الالتحاق بالجامعات والكليات المهنية من خلال منح ومساعدات إضافية. هذا النهج الشمولى يهدف إلى كسر حلقة الفقر متعدد الأبعاد.
وفى شأن متصل، استجابت مصر بفعالية لأزمة جائحة «كوفيد-19»، حيث أدرجت 500 ألف أسرة جديدة فى البرنامج خلال 2020-2021. كما استخدمت بيانات التعداد السكانى 2023 لتحديد 1.2 مليون أسرة متضررة من الأزمة وإدراجها فورًا فى برامج الدعم، مما يعكس مرونة البرنامج وقدرته على الاستجابة للصدمات.
لم يقتصر الدعم على النقد المشروط، بل شمل حزمة متكاملة من الدعم التموينى، والإعفاء من المصروفات التعليمية (حتى 20% فى المدارس الخاصة لغير القادرين)، ومساعدات تكافؤ الفرص التعليمية فى مرحلة التعليم الجامعى، وخدمات التأمين الصحى الشامل، وغيرها، وفق تقارير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ووزارة التضامن.

شمول اقتصادى
أظهرت نتائج البنك الدولى أن مبادرة «فرصة» الاقتصادية، المنبثقة عن برنامج تكافل وكرامة، حققت استفادة لنحو 26,321 مستفيدًا بحلول ديسمبر 2023، مع تركيز 75% من المستفيدين على النساء و67% على محافظات الصعيد المتأخرة. ويسهم هذا التوجه نحو النقد الإضافى فى كسر دائرة الفقر عبر توفير فرص عمل حقيقية للأسر الفقيرة
وأفادت تقارير متخصصة، أن موازنة وزارة التضامن الاجتماعى خصصت 41 مليار جنيه لصرف التحويلات النقدية لحوالى 4.7 مليون أسرة خلال عام 2024، مع استفادة 93% منهم أيضًا من بطاقات الدعم التموينى، مما يرفع كفاءة وصول الدعم إلى المستحقين
وفى إطار تعزيز جودة الحياة فى المناطق الريفية، جاءت مبادرة «حياة كريمة» التى انطلقت فى يوليو 2019 كأضخم مشروع تنموى فى تاريخ مصر. تهدف المبادرة إلى تطوير شامل للبنية التحتية والخدمات وتمكين المواطنين اقتصاديًا واجتماعيًا فى الريف المصرى. استهدفت المرحلة الأولى 4741 قرية و34 ألف تابع، ويستفيد منها أكثر من 58 مليون مواطن، وتجاوز حجم الاستثمارات فى المرحلة الأولى 700 مليار جنيه، وفق تقارير رئاسة مجلس الوزراء والمبادرة.
أما فى البنية التحتية، فلم يقتصر العمل على توصيل المياه والصرف الصحى، بل شمل أيضًا تطوير شبكات الكهرباء، ومد الطرق، وإنشاء مجمعات خدمية متكاملة تضم مكاتب بريد، وحدات تضامن اجتماعى، مراكز شباب، ومراكز تكنولوجية لتقديم الخدمات الحكومية إلكترونيًا. فى الجانب الاقتصادى، دعمت المبادرة إنشاء مجمعات صناعية صغيرة ومتوسطة فى القرى، وتوفير التمويل متناهى الصغر للمشروعات الحرفية والزراعية، بالإضافة إلى برامج تدريب مهنى مكثفة للشباب والمرأة على الحرف المطلوبة فى سوق العمل. كما ركزت المبادرة على الجانب الصحى من خلال تطوير المستشفيات والوحدات الصحية وتزويدها بأحدث الأجهزة، وتنظيم قوافل طبية متخصصة.

وفى جانب التعليم، تم بناء وتطوير المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، وتجهيزها بالفصول الذكية ومعامل الحاسوب، مما ساهم فى تحسين البيئة التعليمية وتقليل التسرب الدراسى.
ولم يغفل الجانب الاجتماعى والثقافى، فتم إنشاء وتجديد مراكز الشباب والملاعب والمسارح، بالإضافة إلى برامج التوعية المجتمعية حول الصحة والتعليم والبيئة، مما يعزز التماسك الاجتماعى ويساهم فى بناء الإنسان المصرى.
وتُدار هذه المبادرة بالتعاون الوثيق بين المؤسسات الحكومية، منظمات المجتمع المدنى، والقطاع الخاص، مما يضمن كفاءة التنفيذ واستدامة المشروعات.
وشملت الإنجازات الرئيسية الانتهاء من مشروعات الصرف الصحى فى 1560 قرية بحلول نهاية 2023، وتوصيل مياه الشرب النظيفة إلى حوالى 100% من المنازل فى القرى المستهدفة.
بالإضافة إلى إنشاء وتطوير 13000 فصل دراسى و1300 وحدة صحية ومركز طبى، وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل. وقامت المبادرة بتوصيل الغاز الطبيعى إلى 1.2 مليون منزل ريفى فى الصعيد، مما خفض استخدام الفحم بنسبة 70% فى هذه المناطق. ولتعزيز التنمية المستدامة، تم تدريب 2 مليون شاب على الحرف الرقمية عبر منصات «مهارة تك»، مع توفير 500 ألف فرصة عمل فى مجال التعهيد الإلكترونى فى قرى «حياة كريمة». وتستهدف مصر إدراج 10 آلاف قرية ضمن مبادرة «القرى الذكية» بحلول 2030 التى توفر خدمات إنترنت فائق السرعة ومراكز تدريب رقمية مجانية، تقارير الوزارات المعنية.
ولضمان الأمن الغذائى وحماية المواطنين من تقلبات الأسعار، تستمر برامج الدعم الغذائى ودعم السلع التموينية.
يستفيد حاليًا نحو 64 مليون مواطن من بطاقات التموين، بينما يستفيد نحو 71 مليون مواطن من دعم الخبز. بلغت مخصصات دعم السلع التموينية ورغيف الخبز فى موازنة 2025/2026 نحو 160 مليار جنيه. تقدم الحكومة سلعًا أساسية مثل الأرز والزيت والسكر والمكرونة بأسعار ثابتة ومدعمة، مما يضمن توافر الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار مقبولة، وفق تقارير وبيانات الوزارات المعنية.

الرعاية المتكاملة
توسعت مظلة الرعاية الصحية لتشمل جميع المواطنين من خلال نظام التأمين الصحى الشامل، الذى بدأ تطبيقه الفعلى فى يوليو 2019 فى 6 محافظات: بورسعيد، الإسماعيلية، الأقصر، جنوب سيناء، أسوان، والسويس. بلغ عدد المنتفعين المسجلين فى هذه المحافظات حوالى 6.5 مليون مواطن حتى نهاية 2023. يقدم النظام أكثر من 2000 خدمة طبية متكاملة، ويهدف إلى التغطية الكاملة لجميع محافظات الجمهورية بحلول عام 2030.
وقد تم إدراج علاجات الأمراض النادرة والمكلفة، مثل ضمور العضلات، ضمن التغطية التأمينية بتكلفة 3 مليارات جنيه سنويًا، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1567 لسنة 2023، مما يمثل نقلة نوعية فى رعاية الحالات الخاصة. وساهم افتتاح 100 عيادة متنقلة فى الصعيد فى خفض وفيات الأمراض المزمنة من 14% إلى 8% وزيادة الكشف المبكر عن سرطان الثدى إلى 65% بين السيدات الريفيات، مما يعكس وصول الخدمات الصحية الوقائية إلى المناطق النائية وفق تقارير الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل، ووزارة الصحة والسكان، ومجلس الوزراء.
فى الوقت نفسه لا يزال برنامج معاش الضمان الاجتماعى قائمًا لتوفير دعم نقدى للفئات التى لا تستطيع العمل أو لا تنطبق عليها شروط «تكافل وكرامة»، مثل الأيتام والأرامل والمطلقات وكبار السن الذين ليس لديهم معاشات.
ولدعم العمالة غير المنتظمة، سعت الحكومة لتوفير شبكة أمان ودمجهم فى مظلة التأمينات الاجتماعية والصحية.
بلغ عدد العمالة غير المنتظمة المسجلة فى مديريات القوى العاملة أكثر من 5 ملايين عامل، وتم صرف منحة استثنائية (500 جنيه) لثلاثة أشهر لأكثر من 3 ملايين عامل غير منتظم خلال جائحة كوفيد-19.
تمكين المرأة
لتمكين المرأة اقتصاديًا والارتقاء بدورها القيادى، انطلقت مبادرة «مستورة» فى عام 2017 بهدف تقديم قروض ميسرة بلا فوائد تصل إلى 50 ألف جنيه عبر تطبيق «مستورة ديجيتال» مع متابعة أسبوعية، وذلك لتمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للمرأة المعيلة. وقد حصلت 25 ألف مستفيدة على تمويل إجمالى 450 مليون جنيه عام 2024، وتركزت 70% من المشروعات فى الصناعات الغذائية والحرف اليدوية.
كما تم تمويل 500 ألف مشروع صغير للمرأة المعيلة فى قرى الصعيد، منها 30% فى الصناعات الغذائية. تم أيضًا إنشاء مراكز إنتاجية مجهزة فى كل قرية، مثل 120 معصرة زيتون فى مطروح و300 وحدة إنتاج أجبان فى الفيوم، مزودة بأجهزة تعبئة وتغليف لضمان الجودة، بإدارة نسائية كاملة، مع تصدير 30% من الإنتاج للخارج.
ولا تقدم مبادرة «مستورة» فقط القروض الميسرة، بل توفر أيضًا برامج تدريبية متخصصة فى إدارة المشروعات والتسويق الرقمى، لمساعدة السيدات على تحويل أفكارهن إلى مشروعات حقيقية ومستدامة.
ويتم تتبع هذه المشروعات بشكل دورى من خلال فريق من المتخصصين لضمان نجاحها وتذليل أى عقبات تواجهها المستفيدات.

بالإضافة إلى ذلك، تضمنت برامج التمكين زيادة نسبة تمثيل المرأة فى المناصب القيادية داخل المؤسسات الحكومية والخاصة المرتبطة ببرامج الحماية الاجتماعية. تم تدريب السيدات على مهارات التفاوض، التخطيط الاستراتيجى، وإدارة فرق العمل، مما أهلهن لتولى أدوار قيادية مؤثرة. كما تم إطلاق حملات توعية واسعة النطاق لتعزيز دور المرأة فى المجتمع، ومكافحة العنف ضدها، وتشجيع مشاركتها السياسية والاقتصادية. هذا النهج المتكامل يعزز من مكانة المرأة ليس فقط كمستفيدة من الدعم، بل كشريك فاعل فى عملية التنمية.
ودرّب مشروع «المرأة الريفية الرقمية» 100 ألف سيدة على استخدام منصات التسويق الإلكترونى، مما رفع مبيعات مشروعاتهن بنسبة 45%. كما درّب 50 ألف سيدة على إدارة المشروعات عبر منصة «مهارات المستقبل» التابعة لليونيسف، مما خفض معدلات فشل المشروعات بنسبة 40%. زادت نسبة القيادات النسائية فى لجان إدارة البرامج الاجتماعية من 10% إلى 35% خلال ثلاث سنوات، وتم تعيين 15 سيدة كمديرات تنفيذيات فى صندوق «حياة كريمة»، يشرفن على توزيع 30% من ميزانية المبادرة.
رعاية كبار السن
فى إطار رعاية كبار السن، جاءت مبادرة «بينا» لشباب الجامعات فى عام 2018 التى تهدف إلى توفير رعاية اجتماعية وصحية لكبار السن فى دور الرعاية ودمج الشباب فى العمل التطوعى. تم تطوير ورفع كفاءة أكثر من 100 دار مسنين فى 20 محافظة، وصدر قانون رقم 19 لسنة 2024 بشأن رعاية حقوق المسنين. وتم توفير 5 آلاف «رفيق مسن» مدرب فى 27 محافظة، مع تركيب أجهزة استشعار ذكية فى منازلهم للتنبيه الطبى الطارئ.
وزاد عدد مراكز الرعاية النهارية من 50 إلى 200 مركز خلال عامين، بتكلفة 1.2 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بكبار السن، فإن قانون رقم 19 لسنة 2024 بشأن رعاية حقوق المسنين لم يقتصر على توفير معاشات أو خدمات صحية، بل ضمن لهم الحق فى العيش فى بيئة آمنة وكريمة، والحصول على الرعاية الاجتماعية والصحية الشاملة، بالإضافة إلى تسهيل مشاركتهم فى الأنشطة الثقافية والترفيهية.
وتساهم أجهزة الاستشعار الذكية فى منازلهم فى مراقبة حالتهم الصحية والتنبيه فى حالات الطوارئ، مما يوفر طبقة إضافية من الأمان والرعاية الوقائية.
أما بالنسبة لذوى الهمم، فإن إصدار 5.3 مليون بطاقة خدمات متكاملة يُعد إنجازًا ضخمًا، حيث تضمن هذه البطاقة حصولهم على حزمة من الامتيازات والخدمات، بما فى ذلك التخفيضات فى وسائل المواصلات، الإعفاءات الجمركية على السيارات المجهزة، الأولوية فى الخدمات الحكومية، والحصول على الأجهزة التعويضية. ويلعب صندوق «عطاء» لدعم ذوى الإعاقة يلعب دورًا حيويًا فى توفير التمويل اللازم للمشروعات التى تخدم هذه الفئة، بما فى ذلك توفير الأجهزة التعويضية المتقدمة التى تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعى لمساعدتهم على الحركة والاندماج.
كما أن تدريب المعلمين وتجهيز الفصول الدراسية يهدف إلى تحقيق الدمج الشامل لذوى الإعاقة فى التعليم، مما يفتح لهم آفاقًا أوسع للتعلم والتطور، كما أطلقت مصر أيضًا منصة «إمكان» لذوى الإعاقة بالشراكة مع «مايكروسوفت»، بتوفير فرص عمل عن بُعد فى مجالات البرمجة والتصميم الرقمى.
حماية الأسرة
تم توسيع مظلة الإعفاءات من المصروفات الدراسية لتشمل طلاب المدارس الخاصة غير القادرين بنسبة 20%.
ويتم توفير وجبات مدرسية مدعمة بالبروتين النباتى لـ12 مليون طالب بالشراكة مع منظمة الأغذية العالمية، مما ساهم فى خفض سوء التغذية بين الأطفال من 18% إلى 9% وزيادة الحضور المدرسى فى المناطق النائية بنسبة 22%.
ولحماية الأسرة، تم إطلاق برنامج «مودة». تم تدريب 10 آلاف كادر للتربية الإيجابية، وإلزام 500 ألف شاب مقبل على الزواج بدورات تأهيلية نفسية وقانونية، مع إصدار «شهادة الزواج المسئول».

وانخفضت نسبة الطلاق خلال العام الأول من الزواج من 34% إلى 22% منذ تطبيق البرنامج.
وفى الأثناء شهدت مصر تحولًا رقميًا شاملًا فى برامج الحماية الاجتماعية لتعزيز الكفاءة والشفافية. تم إصدار 10 ملايين بطاقة لبرنامج تكافل وكرامة وبطاقات الخدمات المتكاملة وكارت الفلاح. ونجحت وزارة التضامن الاجتماعى فى تحويل 75% من المستفيدات إلى المحافظ الإلكترونية عبر تطبيق «ميزة»، مما أدى إلى خفض التكاليف الإدارية بنسبة 30% وزيادة الشمول المالى فى الريف من 28% إلى 52%.
وأدخلت مصر نظام «البصمة الوراثية» لربط المستفيدين بالسجلات الصحية والتعليمية، مما ساهم فى خفض حالات التلاعب بنسبة 40%. واستُخدم الذكاء الاصطناعى لتحليل بيانات الدخل والإنفاق، والتنبؤ بالأسر المعرضة للفقر قبل 6 أشهر من وصولها إلى خط الفقر.
كما أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية تطبيق «راقب» لمتابعة توزيع الدعم بشكل مباشر، مع إتاحة البيانات للجمهور عبر خرائط تفاعلية.
وأطلقت وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى «المرصد الاجتماعى الوطني»، الذى يغطى نحو 5.3 مليون أسرة مستفيدة من برنامج تكافل وكرامة. ويهدف المرصد إلى رصد التغيرات المعرفية والسلوكية والاجتماعية للمستفيدين على المدى القصير والبعيد، وتقديم بيانات آنية لصناع القرار لتحسين فعالية البرامج..
التمويل الدولى
تلقى برنامج «تكافل وكرامة» إشادة دولية واسعة، حيث أبرمت مصر شراكة مع البنك الدولى عام 2015 لتمويل مشروع «شبكات الأمان الاجتماعي» بقرض قيمته 900 مليون دولار. كما وقّعت شراكة عام 2023 لتمويل مشروعات التمكين الاقتصادى بقيمة 500 مليون دولار، وركزت المشروعات على تنمية الصعيد وسيناء، بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبى لدعم برامج دمج ذوى الإعاقة.
وتستهدف الحكومة جذب 500 مليون دولار إضافية من الاتحاد الأوروبى بحلول 2030 لدعم برامج ذوى الإعاقة.
وتهدف مصر إلى تصدير نموذج «تكافل وكرامة» لدول أخرى، حيث تُظهر التجربة المصرية أن الجمع بين الدعم النقدى والتمكين الاقتصادى والتحول الرقمى يُسرع تحقيق العدالة الاجتماعية، رغم التحديات المتبقية مثل التضخم ونقص الخبرات.
وتبنت مصر استحداث منصة دولية رفيعة المستوى للحماية الاجتماعية، تستضيفها مصر سنويًا بالتعاون مع البنك الدولى، مما يعكس دورها الريادى فى هذا المجال.
وتستهدف «رؤية مصر 2030» ربط كل جنيه يُنفق على الحماية الاجتماعية بتحسين فى مؤشر التنمية البشرية باستخدام نظام تقييم قائم على الذكاء الاصطناعى. وتتجه الجهود نحو توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل فئات أكثر تضررًا، مع التركيز على ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه بكفاءة وشفافية. يستمر التحول الرقمى كأداة محورية فى تحقيق هذا الهدف. كما يُنفذ برنامج «التموين الأخضر» لاستبدال الأكياس البلاستيكية بأخرى قابلة للتحلل فى مراكز توزيع السلع المدعومة.