السبت 5 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كيف نجت مصــر من مخطط تفكيك الأوطان؟

على مدار الأعوام الماضية، ومنذ 2011 حتى الآن، تقف مصر فى قلب عاصفة إقليمية، استهدفت هدم الدول وتفكيك الأوطان والمجتمعات العربية، عبر أدوات داخلية وخارجية، بأجندات مرنة وأهداف ثابتة.. فمن بوابة الفوضى والهيمنة الإعلامية والدستورية، حاولت قوى مختلفة إسقاط مصر شأن دول عربية أخرى، إلا أن ما حدث فى 30 يونيو، كان فارقا فى معركة بقاء وطن وصمود أمة.



ومن خلال تحليلات نخبة من السياسيين والخبراء العسكريين، ترصد مجلة «صباح الخير»، كيف استطاعت مصر النجاة من مشروع خطير استهدف تفكيكها من الداخل، حيث كانت قاب قوسين من الانهيار الاجتماعى والمؤسسي، وواجهت حربًا مفتوحة من الشائعات والتشويه الممنهج ضد الجيش المصري.

 

 

 

وكيف كانت الجماعة المحظورة رأس الحربة فى تنفيذ مخطط دولي، لزعزعة تماسك واستقرار الدولة القوية، مستغلة أدوات إعلامية ومنظمات خارجية، لتنفيذ مشروع تفكيك الشرق الأوسط، الذى ما زال مستمرا بمسميات جديدة، وأدوات إخوانية إرهابية تعمل حتى الآن لإشعال الداخل المصري، هذا إلى جانب الأجندات الأجنبية التى تستهدف الداخل المصرى حماية لمصالحها.

 

 أكد اللواء ممدوح الجزار، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن مصر كانت على شفا حرب أهلية حقيقية قبيل ثورة 30 يونيو، حيث تسلل الانقسام السياسى والاجتماعى الذى ضرب المجتمع آنذاك إلى كل بيت وأسرة ومؤسسة، ونشأت حالة من التناحر داخل العائلات بين من يؤيد الإخوان أو تيارات السلفيين أو الوطنى من أنصار الرئيس الأسبق حسنى مبارك، كل ذلك كان انعكاسا مباشرا لحالة التفكك التى أصابت الدولة وقتها.

وأوضح الجزار، أن ثورة 30 يونيو جاءت فى توقيت مثالى لإنقاذ الدولة من هذا السيناريو التخريبي، مؤكدا أنها كانت ثورة تصحيح حقيقى لمسار الانحراف بعد 25 يناير، فجماعة الإخوان المحظورة وقتها وصلت إلى الحكم وسرقت الثورة من مفجريها، وسعت إلى فرض دستور يكرس سيطرتها دون العودة إلى الشعب، حيث مررته عبر برلمان شكلته من أنصارها فقط.

 

 

 

وأضاف أن الرفض الشعبى لحكم الإخوان، بدأ مع انهيار الثقة بسبب الفشل الواضح فى إدارة الدولة، وتجاهل وعود الـ«100 يوم»، وإجراء التعيينات داخل مؤسسات الحكم، بشكل تمحور حول الولاء التنظيمي، وليس الكفاءة أو الوطنية، ومع بروز ملامح الهيمنة على مفاصل الدولة، تحرك الشارع المصري، وبدأت الموجة الثورية التى أسقطت هذا المشروع.

وأشار إلى أن القوات المسلحة، وبموجب الدستور، كانت دائما فى صف الشعب، فالمادة 194 من دستور 1971، ثم المادة 200 فى دستور 2014، نصًا بوضوح على أن الجيش ملك للشعب، وأن مهمته حماية الدستور والديمقراطية، وهو ما دفعه للانحياز إلى الإرادة الشعبية فى 30 يونيو.

 واستعرض الجزار، التعديلات الدستورية التى أعقبت الثورة، والتى منحت الجيش دورا وطنيا مزدوجا، وهو حماية النظام الدستوري، والمساهمة فى التنمية الشاملة، مشيرا إلى أن القوات المسلحة أصبحت تشرف على المشروعات القومية الكبرى، لضمان سرعة الإنجاز وجودة التنفيذ، خاصة فى ظل الحاجة إلى تعويض التأخر فى التنمية على مدار عقود.

وقال إن تجربة قناة السويس الجديدة كانت المثال الأول على قدرة الدولة، تحت إشراف القوات المسلحة، على إنجاز ما كان مستحيلا، عبر منظومة عمل متواصلة على مدار الساعة، ساعدت فى تسريع وتيرة الإنجاز فى مشروعات الطرق، والكباري، والأنفاق، والمدن الذكية مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرهما.

 

 

 

واعتبر الجزار أن هذه الثورة، لم تحبط فقط مشروع الجماعة داخل مؤسسات الدولة، بل أسقطت مخططا دوليا متكاملا كان يستهدف سيناء، وتحويلها إلى إمارة معزولة، تستخدم لحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على حساب الأمن القومى المصري، مشيرا إلى أن هناك دلائل واضحة على التنسيق بين الإدارة الأمريكية حينها وقيادة الإخوان الإرهابية، فى محاولة لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء وهو ما كشفه بوضوح الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن»، الذى أكد أن المعزول محمد مرسى عرض عليه توطين فلسطينيين فى سيناء.

كما تم منح بعضهم بطاقات هوية مصرية، وهى كارثة تم إيقافها بثورة الشعب ودعم الجيش.

وأكد أن الدولة المصرية استطاعت تحقيق توازن دقيق، بين حماية استقلال قرارها السياسى والانفتاح على العالم، فالعلاقات الخارجية باتت تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التبعية، سواء مع الولايات المتحدة أو مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا، فى إطار سياسة تنويع الشراكات الاستراتيجية.

وأضاف أن مصر لا تغلق بابا مع أى طرف، لكنها أيضا لا تخضع لأى ابتزاز، وقد نجحت فى أن تجعل جميع الأطراف يدركون أن أمن واستقرار مصر لا يمس، وأن لها شبكة علاقات متوازنة مع العالم، تخدم مصالحها وتعزز مكانتها الإقليمية.

وأشار إلى أن التحدى الأكبر اليوم ليس فقط استكمال المشروعات، بل تثبيت وعى الشعب، والحفاظ على الروح الوطنية التى أفشلت مؤامرات الداخل والخارج، مؤكدا أن ما تحقق بعد 30 يونيو لم يكن حدثًا عابرًا، بل نقطة تحول فارقة أعادت بناء الدولة المصرية على أسس جديدة.

 صدام محتوم

من جانبه اعتبر اللواء سمير فرج، المفكر الاستراتيجى ومدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق، أن مصر مرت بأخطر مراحلها خلال عام حكم جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن الأوضاع كانت تتجه نحو صدام داخلى محتوم، خاصة مع سيطرة الجماعات الإرهابية على ميدانى رابعة العدوية والنهضة، وتحويلهما إلى معسكرات مسلحة للتمرد ضد مؤسسات الدولة. 

أكد أن مصر كانت على حافة حرب أهلية، ولولا حسم الدولة لهذا الملف، لغرقت البلاد فى دوامة من العنف المفتوح، فما حدث لم يكن مجرد فض لاعتصام، بل كان إعادة تصحيح لمسار الوطن، واستعادة السيطرة على مفاصل الدولة التى كادت تضيع.

 

 

 

ووصف اللواء سمير فرج، ثورة 30 يونيو، بأنها لم تكن مجرد تحرك شعبي، بل «ثورة تصحيحية»، جاءت لتعيد التوازن إلى الحياة السياسية، بعد أن انزلقت الدولة تحت حكم جماعة إرهابية لا تؤمن بالدولة الوطنية، وكان من الضرورى استعادة المسار وضبط البوصلة، مؤكدا أن المبادرة انطلقت من الشعب، بينما تولى الجيش دور الداعم والحامي، لا المحرك، فى مشهد يرسخ لفكرة الدولة المدنية المدعومة بمؤسسات قوية.

وأضاف أن مصر واجهت وما زالت تواجه حربا شرسة من الشائعات، والتشويه الإعلامى الممنهج ضد الجيش، التى بدأت قبل 30 يونيو، حين رفعت جماعة الإخوان شعارات إسقاط حكم العسكر، وعلقت مشانق رمزية لقادة الجيش فى ميدان التحرير، مؤكدا أن هذه الحملة ما زالت مستمرة حتى اليوم، عبر قنوات فضائية تبث من الخارج على مدار الساعة، وتدار جميعها من قبل عناصر تابعة للتنظيم الدولي.

وأشار اللواء فرج إلى أن الدرس الأهم الذى يجب استخلاصه من تلك المرحلة، هو عدم السماح مجددا بعودة الإخوان إلى الحياة السياسية، قائلا للأسف، كانت بداية التغلغل عندما منحهم الرئيس الراحل أنور السادات فرصة لمواجهة الشيوعيين، لكنها كانت خطوة تم استغلالها لاحقا للسيطرة على مفاصل الدولة، فالإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية، بل يرونها وسيلة مؤقتة للوصول إلى الحكم والاستحواذ عليه.

وتابع أن هناك دعما خارجيا ممنهجا لمشروع الإسلام السياسى فى المنطقة، لا سيما خلال فترة حكم الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، الذى كان يهدف إلى تمكين هذه التيارات من السيطرة على دول المنطقة، مستخدما جماعة الإخوان كأداة رئيسية لتنفيذ هذه الأجندة، وما أنقذ مصر لم يكن فقط حسم الدولة، بل وعى الشعب، وتماسك مؤسساتها وعلى رأسها الجيش، وهذه التجربة يجب أن تبقى فى ذاكرة الوطن كدرس لا ينسى.

 إجهاض الفوضى

فى حين رأى ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن ثورة 30 يونيو مثلت لحظة الحسم فى مواجهة مشروع واسع لإسقاط الدولة المصرية من الداخل، ولم يخرج الشعب المصرى رفضا لحكم جماعة الإخوان فقط، بل استشعارا لخطر أكبر كان يهدد وجود الدولة ذاته، ويسعى لنسف مؤسساتها وتفكيك بنيتها الوطنية.

وأوضح الشهابي، أن ما حدث بعد 2011 لم يكن مجرد اضطراب سياسي، بل انكشاف شامل لخريطة إقليمية خطيرة تستهدف مصر ودول الجوار، عبر إضعاف الجيوش الوطنية، وفتح الحدود أمام السلاح، وتمرير مخططات تقسيم صريحة ظهرت فى وثائق وتصريحات دولية، وهو ما جعل المعركة الوجودية أكثر وضوحا.

وأشار إلى أن الجماعة الإرهابية كانت الأداة التنفيذية لهذا السيناريو، حيث عملت على اختراق مؤسسات الدولة، ومحاصرة القضاء، وتهميش القوى السياسية، وتحويل القرار الوطنى إلى ورقة فى يد التنظيم الدولي، ولم تكن الجماعة تتحرك كطرف سياسى داخل الدولة، بل باعتبارها بديلا عنها.

ولفت الشهابى إلى أن الهجوم الممنهج على المؤسسة العسكرية، سواء عبر وسائل الإعلام الأجنبية أو منصات ممولة خارجيا، كان جزءا من حرب معلومات مركبة، استهدفت زعزعة الثقة بين الجيش والشعب، لكنّ صمود المواطنين، خاصة فى المناطق الريفية والشعبية، شكل جدار صد وطنيًا حافظ على تماسك الجبهة الداخلية.

 

 

 

وأكد أن وعى الشعب كان أسرع من تحركات كثير من النخب، وأن الخروج التاريخى فى 30 يونيو عبر عن إدراك جماعي، بأن مصر كانت على حافة الهاوية، وأن استعادة الدولة لم يكن خيارا بل ضرورة مصيرية، ووصف تلك اللحظة بأنها «انتفاضة للدفاع عن الهوية» .

كما أشار إلى أن الدور الخارجى فى دعم مشروع الإسلام السياسى كان واضحا، خاصة من بعض القوى الدولية التى حاولت فرض واقع جديد على مصر والمنطقة، مستخدمة جماعات العنف كسلاح سياسي، قبل أن تصطدم هذه المحاولات بصلابة المصريين ووحدتهم.

وأكد الشهابي أن ما تحقق من استقرار بعد الثورة يؤكد أن الشعب أحسن الاختيار، وأن الحفاظ على الدولة الوطنية يتطلب بقاء الوعى يقظا أمام أى محاولات تسلل جديدة، سواء كانت عبر الفوضى أو عبر الخطاب المضلل.

 مخطط مستمر

بينما حذر إسلام الكتاتني، الخبير فى حركات الإسلام السياسي، من أن ما تمر به المنطقة العربية اليوم، ليس سوى نسخة متطورة من مشروع قديم لتقسيم الشرق الأوسط، أُعيدت صياغته تحت مسميات جديدة مثل «الشرق الأوسط الجديد» و«الفوضى الخلاقة»، وكانت  مصر هدفا مركزيا لهذا المخطط، كما كانت أيضا من الدول القليلة التى أفشلته بفضل وعى شعبها وقوة جيشها الوطني.

وأوضح أن النسخة الأولى من هذا المشروع تعود إلى ما قبل قرن من الزمان، حين تقاسم المستعمرون الأوروبيون النفوذ بعد الحرب العالمية الأولى، عبر اتفاقية سايكس بيكو، أما النسخة الثانية، فقد بدأت فعليا منذ عام 2003 مع الغزو الأمريكى للعراق، ثم تسارعت مع اندلاع ما يسمى بثورات «الربيع العربي» فى 2011، ووصلت ذروتها مع سيطرة تنظيمات متطرفة على مناطق واسعة فى دول إقليمية.ويشير إلى أن هذا المشروع اعتمد بشكل كبير على جماعات الإسلام السياسي، وفى مقدمتها الإخوان، باعتبارها الآداة الأخطر والأكثر تنظيما لتنفيذ أهدافه فى المنطقة، وأضاف أن المحظورة قادت مشهد الفوضى فى العديد من الدول، مثل العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، حيث استغلت الغضب الشعبى والصراعات المحلية لتوسيع نفوذها وفتح الأبواب أمام التدخلات الخارجية.

ولفت الكتاتني، إلى أن الإخوان فى العراق كانوا من أوائل من رحبوا بالقوات الأمريكية أثناء الغزو، تحت مبرر الإطاحة بصدام حسين، وهو ما تكرر فى سوريا تحت عباءة ما سمى بـ«الثورة»، حيث تحولت الانتفاضة إلى حرب أهلية بعد دخول الجماعات المتطرفة .

وأكد أن ما كان يراد لمصر هو إعادة نفس السيناريو، لولا وعى شعبها الوطني، وتماسك جيشها الذى يمتلك عقيدة راسخة فى حماية الأمن القومي، وقال لولا انحياز الجيش المصرى لإرادة الشعب فى 30 يونيو، لكانت مصر اليوم فى أوضاع مأساوية.

وشدد على أن الهجوم على الجيش المصرى وتشويهه، كان جزءا من هذا المخطط، كما أن أدوات تفكيك الأوطان لم تقتصر على الإخوان وحدهم، بل شملت أيضا ما يسمى بـ«الليبراليين الجدد» الذين دعموا مشروع الفوضى بشكل غير مباشر.

وأضاف أن الجماعة الإرهابية المحظورة لم تنته كما يروج إعلاميا، بل ما زالت تعمل بنشاط فى الخارج، وتستخدم 8 أدوات رئيسية للوصول مجددا إلى الداخل المصري، هى قنوات فضائية تبث محتوى عدائيًا ضد الدولة، الاعتماد على مؤثرين إلكترونيين «يوتيوبرز» ولجان إلكترونية تنشر الشائعات وتبث الانقسام، مواقع إخبارية إلكترونية تتبنى خطابا معاديا للدولة، منظمات «حقوقية» موجهة تدافع عن الجماعة دوليا، وشركات علاقات عامة دولية تلّمع صورتها فى الغرب، وبعض النشطاء المحليين المتعاطفين مع الإخوان داخل مصر، ودعم غربى مباشر، خاصة من جهات فى الولايات المتحدة وبريطانيا، وتوظيف الإعلام الخارجى لإثارة الأزمات وتضخيم الأحداث.

وأشار إلى أن هذه الأدوات مازالت تعمل على مدار الساعة، بهدف إشعال أى شرارة داخل مصر، من خلال حروب الجيل الرابع والخامس والسادس، التى تعتمد على تفكيك المجتمعات من الداخل، وبث الانقسامات، وتفريغ الدولة من تماسكها الوطني.

 

 

 

ونوه إلى أن أحد أخطر المحاولات الجارية التى جرت مؤخرا وهو الترويج لما سمى «قافلة صمود لدعم غزة» التى هدفت إلى  توريط مصر فى مواجهة تخدم أهداف التهجير الجماعى للفلسطينيين، مؤكدا أن هناك محاولات لإشعال الداخل المصرى عبر قنوات خارجية وتصوير الأمر على أنه دعم لقضية، بينما الهدف الحقيقى هو اجتذاب مصر إلى الفوضى.

وأكد الكتاتنى ضرورة توحيد الجبهة الداخلية، والتمسك بالوعى الجمعي، والاستمرار فى فضح هذه الأدوات الإعلامية والتنظيمية، محذرا من أن مخطط التفكيك لم يتوقف، بل يتطور، ويواصل العمل بأدوات جديدة.

 هوية راسخة

وأكد المفكر الكبير الدكتور عبدالمنعم سعيد عضو مجلس الشورى أن مصر لم تكن مجرد دولة تواجه مخططا للتفكيك، بل كانت ولا تزال حالة استثنائية فى المنطقة، تستند إلى عمق تاريخى وثقافى وجغرافى جعل فكرة إسقاطها أكثر تعقيدا من أى نموذج مشابه.

وقال سعيد إن الدول تتفكك أو تستمر بناء على مدى ترسخ فكرة «الدولة الوطنية» داخلها، مشيرا إلى أن مصر هى من أعرق دول الإقليم التى حافظت على تماسكها منذ آلاف السنين، فمصر لم تُصنع حديثا، بل هى نتاج آلاف السنين من التراكم الحضارى، والتعايش المستمر على ضفاف النيل، مر عليها الغزاة والمستعمرون من الإغريق، والرومان، إلى العرب والعثمانيين، لكنها لم تفقد ملامحها كدولة وأمة واحدة.

وأوضح أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة رد فعل شعبى عميق، ضد محاولة خطيرة لتغيير هوية مصر، وإدخال الدين بصيغ متطرفة إلى بنية الدولة، وهو ما يتنافى مع طبيعة المصريين، الذين عرفوا الاعتدال والتعايش منذ القدم، والمصريون بطبيعتهم لا يعرفون التطرف، ويعلمون أن الحياة المشتركة على نهر النيل تتطلب تفاهما لا صراعا.

وأشار إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية كانت تسعى إلى تقسيم المجتمع لطوائف وفئات،  وهو ما يتناقض مع روح الدولة الوطنية، مشيرا إلى أنهم خلال فترة الحكم انكشفت نواياهم الحقيقية، وظهرت خطورة مشروعهم.

وأشار سعيد، إلى المخاطر التى أعقبت 2011، قائلا إن الإخوان وأتباعهم حيثما حلوا، يصنعون أطرافًا مسلحة وأجندات مذهبية تزرع الانقسام، ويتبعون استراتيجية واضحة، وهى عندما يكونون فى موقف ضعف يلجئون إلى خطاب المظلومية، وعندما يتمكنون، يسعون إلى فرض الهيمنة والتمكين وإقصاء الآخرين.

وأضاف أن الإنذارات الكبرى بوجود أخطار داهمة، بدأت مع محاولات فرض دستور يخدم الجماعة، وقرارات رئاسية غير دستورية تعطل مبدأ الفصل بين السلطات، فضلا عن حملات إعلامية موجهة تم تمويلها وتوجيهها لتزييف وعى المصريين وتغيير رموزهم، بل إنهم دعوا قتلة الرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى احتفالات 6 أكتوبر، وهو ما شكل صدمة مجتمعية عميقة.

 

 

 

وتابع أن المشروع الإخوانى كان يستهدف تفكيك الدولة من الداخل، عبر تغييرات دستورية تخلق تمييزا بين المواطنين، وتنال من التماسك الوطني، كما أن سيناء كانت مهددة بأن تكون إمارة إرهابية، ضمن خطة أوسع لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية فى المنطقة، إلا أن المخطط أُحبط بفعل تحرك الدولة ووعى شعبها.

 

 

 

وأكد أن مصر لم تنجُ بالصدفة، بل لأنها أمة ذات جذور، تتكون من أرض ونهر وحدود وشعب، بها مؤسسات راسخة، وجيش وطنى لطالما كان عنصر وحدة لا انقسام، ورغم محاولات البعض لتكرار سيناريوهات العراق وسوريا، فإنهم فشلوا، لأن مصر دولة تملك مقومات البقاء، أكثر من أى دولة أخرى فى الإقليم.