السبت 7 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
مجلس الشيوخ الإيطالى «قصر ماداما»

مجلس الشيوخ الإيطالى «قصر ماداما»

دعيت من أحد أصدقائى الإيطاليين لحضور ندوة ثقافية مهمة بمقر مجلس الشيوخ الإيطالى، الذى يقع فى منطقة أثرية زاخرة بالحضارة المتجذرة فى الأبنية المحيطة، وبالقرب من ميدان نافونا الشهير، ومن حسن الحظ أن المسئولين اهتموا بحضورنا وأخذونا فى جولة داخل المبنى التاريخى وتعرفنا على تفاصيله، حيث بنى فى القرن الخامس عشر من قبل عائلة ميديشى الفلورنسية، وترجع تسميته لمارجريت هابسبورج ابنة الإمبراطور تشارلز الخامس والمعروفة باسم مدام النمساوية، والتى أقامت بالقصر كحق انتفاع بعد رحيل زوجها أليساندرو دى ميديشى. فيما بعد تملكته الدولة وأصبح مقرًا لمجلس الشيوخ، ويعرف مجازًا للعامة باسم قصر ماداما.



يعود تاريخ القصر لملاكه من رهبان البينديكتين من دير فارفا لمدة خمسة قرون، وانتقلت ملكيته بعدها لعائلة ميديشى عندما اشتراه الكاردينال جيوفانى دى ميديشى (البابا ليون العاشر)، وأجرى بعض الترميمات المهمة بالقصر، وبعد طرد عائلة ميديشى من فلورنسا أخذ منها جيوفانى مقرًا رومانيًا للعائلة، وتوسع نطاقها، وبعد نقل ما تبقى من مكتبة العائلة، أصبح القصر أحد مراكز نشر الثقافة الإنسانية. وظلت تنتقل حيازة القصر بين بعض أفراد سلالتهم نظرًا للظروف الاقتصادية التى مروا بها، إلى أن بات منفى لعائلة ميديشى بعد طردهم من فلورنسا مرة أخرى.

سقف القصر مزين بدرع يتوسطه صورة نعامة فى إشارة إلى مارجريت، وبين تعاقب ملاك ومستأجرى القصر احتفظ الكاردينال ديل مونتى بغرفة موسيقية لوضع لوحة عازف العود بجوار لوحة الموسيقيين للرسام الشهير كارافاجيو، كما تتزين بعض الجدران بلوحات فنانين آخرين منهم تشيزارى مكارى.

يحتفظ المبنى بواجهة تنتمى لعصر الباروك بفخامته صممها باولو ماروسيلى وانتهى منها عام 1642، ويظهر عليها أكثر من مائة أسد، وقام بالتصميم الداخلى وزخرفة الأسقف تحت إشراف توسكان رومانو مونانى، ورغم التوسع وتزيين القصر لم يعد يهتم أفراد عائلة ميديشى للإقامة بالقصر، بينما أقامت به السيدة فيولانتى بياتريس فى القرن الثامن عشر وعززت دوره بمسرح لتقديم حفلات.أصبح القصر عامًا للدولة بعد شرائه من البابا بنديكت الرابع عشر عام 1755، وخضع لأعمال تطوير وتجديد، واستحدث به مكاتب المحكمة الجنائية لحاكم روما، ومقر الشرطة، ولهذا أطلق عليه فى هذه الفترة اسم قصر الحكومة الجديد.تبدلت الإدارات والاستخدامات للمبنى على مدار مراحل زمنية مختلفة، ومنذ عام 1871 اتُّخذ قرار باعتباره مجلسًا للشيوخ واجتمع المجلس به لأول مرة فى نوفمبر من نفس العام.

الحقيقة تشعر بحالة من الهيبة داخل القصر، وخاصة داخل قاعة أعضاء مجلس الشيوخ والتى شهدت كثيرًا من الأحداث التاريخية، فى تلك اللحظة تذكرت الزيارة الخاصة التى قمنا بها كأعضاء للمجلس القومى للمرأة لمجلس النواب المصرى، وما أسعدنا بالتنقل والتجول داخل أروقته عظمة البناء الفاخر ومعماريته الشامخة والشاهدة على أحداث وفترات مهمة من عمر وطننا الحبيب، التصميم المعمارى المستدير يعطى طابعًا متفردًا للبناء الذى استقبل أول جلسة عام 1924، أجنحة متعددة كل منها له رونق مميز، والقاعة الكبرى قطرها 22مترًا وارتفاعها 30 مترًا، أما قبة المبنى فمزخرفة من الخارج بأشرطة تميز شكل البناء، وبالتأكيد فإن قيمته التاريخية شاهدة على قرن من الزمان من تاريخ المحروسة.

ما بين مصر وإيطاليا محطات أعيشها وذكريات أتحسسها، فتعيدنى بذاكرتى إلى وطنى الأعز والملاذ الأقرب إلى القلب، والذى أعرف قيمته وأقدرها بل وتتضاعف يومًا بعد يوم.