شركاء فى مسيرة التنمية والازدهـار

متابعة المندوب الرئاسى: ياسمين خلف
فى مستهل جولة خليجية شملت دولتى قطر والكويت، وبالعاصمة القطرية الدوحة التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الزيارة أخاه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، للتباحث حول سبل تعزيز التعاون الثنائى فى شتى المجالات، ومناقشة التطورات الإقليمية، خاصةً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة. كما عقد الرئيس لقاءً مع ممثلى مجتمع الأعمال القطرى لبحث فرص التعاون الاقتصادى.
فى الديوان الأميرى بالعاصمة الدوحة، التقى الرئيس السيسى بسمو الأمير تميم بن حمد آل ثانى، أمير دولة قطر، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمى، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وترأس الرئيس وسمو الأمير اجتماعاً موسعاً ضم وفدى البلدين، أعقبه جلسة مباحثات ثنائية بين الزعيمين، حيث رحّب سمو الأمير بزيارة الرئيس، مؤكداً أنها تمثل تتويجاً للزخم المتنامى فى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
ومن جانبه، أعرب الرئيس السيسى عن تقديره لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مشدداً على أهمية تعزيز أواصر التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، لا سيما عبر زيادة حجم التبادل التجارى وتعزيز الاستثمارات القطرية فى مصر، بما يلبى تطلعات الشعبين الشقيقين.
وشهد اللقاء تبادلاً للرؤى بين الزعيمين حول الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ومعالجة الوضع الإنسانى المتدهور هناك، من خلال السعى لتوفير المساعدات الإنسانية بالكميات الكافية لتجنب الكارثة الإنسانية التى يواجهها القطاع، بالإضافة إلى تبادل الرهائن والمحتجزين.
وأكد الزعيمان رفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وشددا على ضرورة دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين، مع العمل على إيجاد أفق سياسى ينتهى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وناقش الزعيمان عدداً من القضايا والتطورات الإقليمية، وفى مقدمتها الأوضاع فى سوريا ولبنان والسودان، حيث أكدا أهمية الحفاظ على وحدة تلك الدول وسلامة أراضيها، وحماية مقدرات شعوبها واستقرارها.
مجتمع الأعمال
إلى هذا، التقى الرئيس السيسى بممثلى مجتمع الأعمال القطرى، بحضور الشيخ محمد بن عبّد الرحمن آل ثانى رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، وعلى بن أحمد الكوارى وزير المالية القطرى، وعبد الله بن حمد العطية وزير البلدية القطرى، والدكتور أحمد بن محمد السيد، وزير الدولة لشئون التجارة الخارجية بوزارة التجارة والصناعة القطرية، والشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، وممثلين عن غرفة تجارة وصناعة قطر ورابطة رجال الأعمال القطريين، وبمشاركة واسعة من كبرى الشركات العاملة فى السوق القطرية.
واستهل الرئيس حديثه بالإشارة إلى أن العالم واجه تحديات كبرى خلال السنوات الماضية، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا، مرورًا بالتذبذبات الحادة فى أسواق الغذاء والطاقة، وصولًا إلى التوترات التجارية الراهنة، التى قد تلقى بظلالها على الاقتصاد العالمى والنظام التجارى متعدد الأطراف، لافتًا إلى أن هذه المعطيات تستوجب تكاتف الجهود لتعزيز التكامل الاقتصادى العربى، وتعميق التعاون بين الدول العربية، مشددًا على أهمية دور مجتمع الأعمال فى تحقيق هذه الأهداف.
ودعا الرئيس السيسى الشركات القطرية ورجال الأعمال القطريين إلى توسيع حجم استثماراتهم فى مصر، مؤكدًا أن مصر تُعد فرصة واعدة للمستثمرين، لما تمتلكه من موقع استراتيجى فريد، وقوى عاملة ماهرة بتكلفة تنافسية، إضافةً إلى أسعار الطاقة الملائمة، واتفاقيات التجارة الحرة التى تربطها بالدول العربية والإفريقية، فضلاً عن البنية التشريعية المشجعة للاستثمار.

كما استعرض الرئيس تنوع الفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر والتى تشمل قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات التحويلية، والطاقة الجديدة والمتجددة، والسياحة، وغيرها من المجالات التى تسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات فيها، مع التركيز على توطين الصناعة وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، خاصة الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى انفتاح الجانب المصرى على شكل الشراكة التى يمكن الدخول فيها مع المستثمرين القطريين الراغبين فى العمل فى مصر.
وفى هذ السياق، أكد الرئيس أن مصر بها بيئة آمنة ومستقرة مواتية للاستثمار، وذلك لكونها مستقرة، ليس فقط بسبب الإجراءات الأمنية المتخذة، وإنما لوجود مجتمع واع ومدرك ومتفهم لأهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وأضاف الرئيس: إن مصر تواصل تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى، وبناء المدن الجديدة والذكية، إلى جانب تطوير منظومة النقل والمواصلات والموانئ فى مختلف أنحاء البلاد، فضلًا عن تدشين ممرات ومراكز لوجستية دولية متكاملة بالقرب من الموانئ البحرية.
واستعرض وزير الاستثمار المزايا التنافسية لمصر كجهة جاذبة للاستثمار الخارجي، وبالأخص القطري، فضلاً عن القطاعات التى تستهدف الدولة جذب استثمارات أجنبية مباشرة فيها، على غرار قطاعات الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الزراعة، اللوجستيات، الطاقة الجديدة والمتجددة، التعليم، السياحة والصحة.
وشهد الاجتماع حوارا تفاعليا بين الرئيس ورجال الأعمال وممثلى كبرى الشركات القطرية، تطرق إلى سبل تعزيز التعاون التجارى والاستثمارى، حيث أكد الرئيس أن الاقتصاد المصرى قد مر خلال السنوات السابقة بفترات صعبة، إلا أن الدولة اتخذت الإجراءات الإصلاحية اللازمة، وأنه لم تعد هناك مشكلة فى تحويل العوائد بالعملات الصعبة إلى خارج مصر بالنسبة لأى مستثمر، مضيفا أن أجهزة الدولة المعنية تسعى للحد من الإجراءات ذات الصلة لاستصدار التراخيص للمستثمرين، وتعمل على تطبيق فكرة الشباك الواحد والرخصة الذهبية.
وأوضح الرئيس أن استهداف زيادة عدد السائحين الذين تستقبلهم مصر سنويا من 16 إلى 30 مليون سائح هو أمر يتعين تحقيقه فى ظل المقومات الكبيرة التى تتمتع بها مصر فى مجال السياحة.
وأشار إلى أن الدولة أنشأت بالفعل سبع محطات لوجستية للربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، بما فى ذلك الموانئ ذات الصلة والتى تم ربطها بشبكة طرق قوية، داعيا المستثمرين القطريين لزيارة تلك المحطات، مؤكدًا أنه توجد فرصة سانحة للمستثمرين القطريين للاستثمار فى مجال اللوجستيات.
واضاف أن الدولة المصرية جهزت بالفعل حوالى من 2 إلى 3 ملايين فدان للاستصلاح الزراعي، وأن الدولة منفتحة على الشراكة للعمل فيها مع مستثمرين، خاصة من قطر، مشيرا إلى أن الدولة منفتحة كذلك على الدخول فى شراكة مع مستثمرين قطريين فى مجال صناعة السيارات، خاصة أن مصر لديها البنية الصناعية اللازمة والسوق الكبيرة التى تسمح باستهلاك السيارات المنتجة، خاصة السيارات الكهربائية.
وأوضح أن الدولة منفتحة كذلك لاستقبال استثمارات فى مجالات التعليم خاصة بناء الجامعات، والصحة، بما فى ذلك بناء مستشفيات عالمية، والسياحة لمضاعفة عدد الغرف السياحية فى مصر وإنشاء منتجعات ومدن سياحية على السواحل المصرية، وفى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما فى ذلك إمكانية النظر فى إنتاج أجهزة التليفون المحمول فى مصر، وكذا فى مجال الطاقة، حيث تسعى مصر إلى تحقيق هدف الوصول إلى نسبة %42 من الطاقة المنتجة لتكون طاقة جديدة ومتجددة عام 2030.
وفى ختام اللقاء أشار الرئيس إلى أن العلاقات الاقتصادية المصرية - القطرية شهدت نقلة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية، مختتما اللقاء بتوجيه رسالة إلى مجتمع الأعمال القطرى مفادها أن أبناء الشعب المصرى يرحبون بهم فى مصر كشركاء فى مسيرة التنمية والازدهار.