الأربعاء 30 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«ماكرون».. أكثر من مجرد زيارة

«ماكرون».. أكثر من مجرد زيارة

تشكل زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى مصر محطة سياسية وتاريخية بالغة الأهمية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين القاهرة وباريس، أو على مستوى القضايا الإقليمية والدولية، وفى القلب منها القضية الفلسطينية. وتأتى هذه الزيارة فى توقيت حساس، إذ تمرّ المنطقة بتحديات غير مسبوقة، وتُبرز مصر فيها دورًا محوريًا يعكس قوتها ومكانتها المتعاظمة على الساحة الدولية.



لقد كان فى استقبال ماكرون رجل الدولة الذى بات العالم ينظر إليه بإعجاب واحترام، الرئيس عبدالفتاح السيسى. لم تكن الزيارة مجرد لقاء بروتوكولى، بل كانت إشادة مباشرة من رئيس دولة كبرى بحكمة السيسى، واعترافًا أوروبيًا بدوره القيادى فى تثبيت الاستقرار فى المنطقة، ومواجهة الإرهاب، وتحقيق التنمية. وقد أثبت السيسى خلال السنوات الماضية أن مصر قادرة على أن تكون ركيزة للأمن، ومركزًا للحوار، وجسرًا بين الشرق والغرب.

 

 

 

خان الخليلى.. سحر التاريخ وعبق الحضارة

من بين المحطات اللافتة فى زيارة ماكرون إلى مصر، كانت جولته فى حى خان الخليلى التاريخى، والتى جاءت لتبرز البعد الثقافى والروحى الذى تحمله القاهرة للعالم. فى قلب هذا الحى العريق، حيث تتداخل الحرف اليدوية مع المعمار الإسلامى الأصيل، سار الرئيس الفرنسى وسط الأزقة الضيقة، متأملًا عبق التاريخ، ومتفاعلًا مع المصريين والبائعين الذين استقبلوه بحفاوة بالغة.

وعكست الجولة انبهار ماكرون بالثراء الثقافى المصرى، حيث صرّح خلال الزيارة:

«خان الخليلى ليس مجرد سوق، بل متحف حى للحضارة العربية الإسلامية... إنه وجه مصر الذى يعانق الزائر بروح دافئة وحقيقية».

هذا المشهد أرسل رسالة قوية للعالم، بأن مصر ليست فقط بلد التاريخ، بل بلد يحتفى بحضارته ويعرضها بكرامة وفخر. كما شكّلت الجولة دعاية سياحية من الطراز الرفيع، أعادت تسليط الضوء على القاهرة الإسلامية كمقصد ثقافى وسياحى لا مثيل له.

وفى ظل الجهود المصرية الحالية لإحياء السياحة، فإن هذه الجولة فى خان الخليلى، المصورة إعلاميًا بدقة، تعزز من صورة مصر كبلد آمن وجاذب لكل من يهوى التاريخ والروح الشرقية الأصيلة.

وحظيت جولة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون برفقة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى حى خان الخليلى باهتمام واسع من وسائل الإعلام الفرنسية. صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية وصفت الجولة بأنها «تجسيد للتقارب الثقافى بين مصر وفرنسا»، مشيرة إلى أن «ماكرون أبدى إعجابه بالحرف اليدوية التقليدية والتاريخ العريق الذى يمثله الحي».

من العريش.. رسالة إنسانية واستراتيجية

جولة الرئيس الفرنسى برفقة الرئيس المصرى أيضًا فى مدينة العريش تحمل رمزية كبيرة. فالعريش لم تعد مجرد مدينة حدودية، بل باتت تمثل نموذجًا لصمود الدولة المصرية أمام الإرهاب، ومسرحًا للدعم الإنسانى المستمر لأهالى غزة. فمستشفى العريش العام، الذى زاره ماكرون، يعكس مدى التزام مصر بدورها الإنسانى، وحرصها على تقديم المساعدة للشعب الفلسطينى دون تمييز.

هذه الجولة وجهت رسالة قوية للعالم مفادها أن مصر ليست فقط حاضنة للقضية الفلسطينية، بل فاعلة فيها بإنسانيتها، ودبلوماسيتها، وقدرتها على التأثير الفعلى.

انعكاسات الزيارة على السياحة ومكانة مصر الدولية

زيارة رئيس دولة بحجم فرنسا، خاصة فى هذا الظرف الدولى، تعتبر شهادة ثقة كبرى فى أمن مصر واستقرارها. 

كما تعزز الزيارة من مكانة مصر على الساحة الدولية، وتؤكد أنها طرف لا يمكن تجاوزه فى أى معادلة تخص الشرق الأوسط، سواء أمنيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا.

أما على صعيد القضية الفلسطينية، فقد جاءت الزيارة لتؤكد أن مصر ما زالت الحاضن الأول والداعم الأصيل للحقوق الفلسطينية. فالرئيس السيسى تحدث بلغة الحق والعدل، وأمام العالم كله، مطالبًا بوقف إطلاق النار، وفتح المجال للحل العادل والشامل، وهو موقف يتناغم مع الشرعية الدولية ويعبر عن الضمير العربى.