الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأمريكيون حائرون.. يفكرون.. يتساءلون

كيف استولى «الشرير الخارق» على سلطة «ترامب»؟

قبل مرور مائة يوم من الولاية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية كدولة تعانى من انقسامات عميقة وتأثير متزايد لرجال الأعمال على السياسة، مع تواصل إصدار قرارات ترى نخب أمريكية متعددة أنها تعكس توجهات إمبريالية واستراتيجية أوسع للسيطرة على الموارد والمناطق ذات الأهمية الاقتصادية فضلًا عن عدة قرارات أثارت جدلًا واسعًا وأدت إلى غضب قطاعات كبيرة من الشعب الأمريكى، كان أبرزها العفو عن 1500 شخص من أنصار ترامب الذين شاركوا فى الهجوم على مبنى الكونجرس الأمريكى فى 6 يناير 2021 بعد خسارته الانتخابات السابقة.



ترامب أعلن أيضًا الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ اعتراضًا على سياساتهما ومعتبرًا أنهما لا تخدمان المصالح الأمريكية، كما ألغى 78 إجراءً تنفيذيًا اتخذتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن تتعلق بتغيُّر المناخ، الهجرة، تكاليف الأدوية، وعقوبات على مستوطنين إسرائيليين.

وأعاد ساكن البيت الأبيض حظر دخول المتحولين جنسيًا فى الجيش الأمريكى، كما أنهى حق المواطنة بالولادة وحظر منح الجنسية للأطفال المولودين لمهاجرين غير شرعيين أو لأشخاص يحملون تأشيرات مؤقتة قائلًا كنا نمنحه لـ «العبيد».

 

 

 

وأعلن دونالد الطوارئ على الحدود الجنوبية مع المكسيك، واصفًا تدفق اللاجئين بـ«الغزو»، وأمر بوقف قبول اللاجئين لمدة أربعة أشهر، وأعاد هيكلة العمل الفيدرالى وجمد التعيينات باستثناء الوظائف العسكرية وألغى برامج «التنوع» الحكومية وقيد الحماية الوظيفية.

وأقدم الرئيس الجديد على تغيير اسم «خليج المكسيك» إلى «خليج أمريكا»، كما حدد الجنس قانونيًا بالاعتراف بجنسين فقط، «الذكر والأنثى»، ما أثار انتقادات من مجتمع المتحولين جنسيًا والمدافعين عن حقوقهم.

وأخيرًا قال إنه سيستعيد قناة بنما، مبررًا ذلك بوجود تأثير صينى متزايد فى المنطقة وبأن المعاملة الحالية للسفن الأمريكية غير عادلة.

هذه القرارات، وأخرى غيرها ساهمت فى زيادة الانقسامات داخل المجتمع الأمريكى وأثارت نقاشات حادة حول توجهات الإدارة وسياساتها.

 

 

 

غضب شعبى 

سريعًا اندلعت احتجاجات بولاية كاليفورنيا طالب فيها المحتجون الكونجرس بالتصدى لـ «إيلون ماسك»، الرئيس التنفيذى لشركة «سبيس إكس» و«تسلا» والذى أصبح مستشارًا لترامب للكفاءة الحكومية، وهتف أحد المحتجين قائلًا «أنت تعمل لصالحنا، وليس لصالح ماسك! تذكر قسمك»، فيما حذرت لافتة أخرى: «عندما يتجسس على حساباتك المصرفية، ستتخلص منه».

وانتقد المحتجون ما أسموه «الأفعال الشنيعة» التى يتم التوقيع عليها يوميًا والتى تقيد الحريات الشخصية، والحقوق المدنية، والبرامج الاجتماعية، والمساعدات الخارجية. 

كما حاول الناشطون والناخبون الضغط على الجمهوريين فى الكونجرس للوقوف فى وجه ترامب وماسك، اللذين يتهمونهما بمحاولات غير قانونية للاستيلاء على السلطة. 

فى مكاتب الكونجرس، ووكلاء تسلا، وقاعات المدينة فى جورجيا وويسكونسن، عبّر العديد من المحتجين عن قلقهم إزاء التخفيضات المقترحة من الجمهوريين لبرنامج «ميديكيد» (Medicaid) والتى قد تستقطع مليارات الدولارات من الميزانية المخصصة لتوفير الخدمات الطبية للفئات الأكثر احتياجًا، مما يهدد التأمين الصحى لنحو 80 مليون أمريكى من البالغين والأطفال المستفيدين من البرنامج.

 

 

 

كما يعارض العديد من الفئات الشعبية الأمريكية التأثير المتزايد لما يسمى بـ «إدارة كفاءة الحكومة» التى يقودها ماسك، وجهود إدارة ترامب لإلغاء الوكالات الفيدرالية التى يعتمد عليها المواطنون للحصول على الخدمات الأساسية.

تقول صحيفة الجارديان البريطانية إن المحتجين قالوا: فكرة أن شخصًا لم يتم انتخابه، وليس لديه تفويض للقيادة، فضلًا عن كونه أغنى رجل فى العالم، يتخذ إجراءات ديكتاتورية خارج النمط المعتاد لصناع القرار الأمريكى، جعلته يبدو منفصلًا عن القيم الأمريكية والمبادئ الديمقراطية الأساسية، مما أثار موجة كراهية ضده.

ورغم كل هذه الانتقادات تتزايد ثقة ترامب فى صديقه الملياردير التقني، واستجابة لمطلبه، أصدر ترامب مذكرة تأمر الوكالات بـ«إيقاف جميع الأنشطة المتعلقة بالالتزامات أو صرف جميع المساعدات المالية الفيدرالية مؤقتًا»، مما أدى إلى شل مليارات الدولارات المخصصة للبرامج الفيدرالية، مثل الإغاثة من الكوارث وأبحاث السرطان.

وفور صدور هذا القرار وُجِّهت لماسك انتقادات عديدة، ووصِف بـ«الشرير الخارق» و«شيطان العصر الحديث»، حيث اتهمه النشطاء والديمقراطيون بتدبير استيلاء «معادٍ» و«غير قانونى» على الحكومة الفيدرالية.

 

 

 

ومنذ ولوجه إلى البيت الأبيض اتخذ الرئيس التنفيذى لشركة «سبيس إكس» و«تسلا»، عدة قرارات أثارت جدلًا وانتقادات واسعة فى الولايات المتحدة. من أبرزها توفير خدمة «ستارلينك» عبر الأقمار الصناعية فى مناطق النزاع، مثل أوكرانيا وغزة، القرار الذى اعتبر تدخلًا مباشرًا لشركة خاصة فى السياسات الدولية.

كما أن ماسك دائم التدخل فى الشئون السياسية الأوروبية ومن ذلك دعمه لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى المتطرف. وهو ما قوبل بانتقادات من قادة أوروبيين، مثل المستشار الألمانى أولاف شولتس والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، اللذين اعتبرا أن ماسك يتجاوز حدوده بالتدخل فى شئون دولهما الداخلية. 

إيلون استمر فى إطلاق تصريحاته المثيرة للجدل تجاه القادة الأوروبيين فى سلسلة من التغريدات والمقالات، حيث وصف المستشار الألمانى أولاف شولتس بـ«الأحمق غير الكفء»، وطالب باستقالته.

وهاجم الرئيس الألمانى فرانك شتاينماير، مما أثار استياءً واسعًا فى الأوساط السياسية الأوروبية.

 

 

 

داخليًا شكك ماسك فى دقة المدفوعات التى تقدمها إدارة الضمان الاجتماعى (SSA)، كمحاولة لإعادة هيكلة برامج الرعاية الاجتماعية، كما هاجم صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، واتهمها بالكذب بعد نشرها تقريرًا حول أداء منصته الإلكترونية «إكس». وهو الهجوم الذى أثار تساؤلات حول تعامله مع النقد الإعلامى وحرية الصحافة. 

وأعلن ماسك إغلاق وكالة المساعدات الأمريكية «USAID»، فى تعدٍّ على صلاحيات الكونجرس، نظرًا لأنها أُنشئت بموجب تشريع صادر عنه. 

ووجد ماسك نفسه فى مواجهة عاصفة من الانتقادات بعد منشور على منصته «إكس» تساءل فيه عن غياب محاولات لاغتيال الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن أو نائبته كامالا هاريس.

هذه المواقف والقرارات، من بين أخرى، ساهمت فى إثارة نقاشات حادة حول تأثير إيلون ماسك على السياسة والمجتمع فى الولايات المتحدة.

مكاسب متبادلة

تطورت العلاقة بين ماسك، وترامب بشكل ملحوظ خلال ولاية ترامب الثانية، مما أدى إلى صفقات واتفاقات ذات فوائد متبادلة، بدأت بتولى ماسك إنشاء «وزارة كفاءة الحكومية» (DOGE)، وهى وكالة جديدة على مستوى مجلس الوزراء تهدف حسب مرسوم إنشائها إلى تحسين كفاءة العمل الحكومى.

وحصلت شركات ماسك، مثل «تسلا» و«سبيس إكس»، على عقود حكومية وإعانات تُقدّر بحوالى 20 مليار دولار، فى حين قدم ماسك تبرعات تجاوزت 250 مليون دولار لحملة إعادة انتخاب ترامب رئيسًا.

وعلى مر السنوات واجه ماسك عدة اتهامات أبرزها اتهامه بالنازية بعد أدائه «التحية النازية» خلال تجمع حاشد للرئيس ترامب فى يناير الماضي، كما اتُهم بترويج نظريات معادية للسامية.

 

 

 

تصاعد نفوذ ماسك كان له دوره فى استفزاز الشعب الأمريكى وتعميق حالة الاستقطاب بين الجمهوريين والديموقراطيين.

وأظهرت أربع استطلاعات مختلفة أن الأمريكيين، حتى وإن لم يعتبروا ماسك منبوذًا، لديهم تحفظات حقيقية حول النفوذ الكبير الذى استحوذ عليه هذا الرجل فاحش الثراء وغير المنتخب، ووفقًا استطلاعات رأى أجرتها مؤسسة يو جوف الأمريكية أن ما بين 11 و13% فقط من الأمريكيين يريدون أن يكون لماسك «تأثير كبير» فى إدارة ترامب، وانخفاض كبير عن 27% الذين قالوا الشيء نفسه فى نوفمبر، واليوم، يقول أربعة أضعاف هذا العدد إنهم لا يريدون أن يكون لماسك أى تأثير على الإطلاق.

وليس الديمقراطيون فقط من يعارضون هذه الفكرة. حيث أظهرت الاستطلاعات انخفاض معدل من يوافقون على نفوذ ماسك فى إدارة ترامب من 20% إلى 6% الشهر الماضى.

المثير للسخرية أن الجمهوريين أنفسهم حلفاء ترامب وماسك قد انخفضت ثقتهم فى ماسك من 47% إلى ما بين 21% حاليًا، فيما كشف استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضى أن 53% من الأمريكيين لا يريدون لماسك دورًا بارزًا فى إدارة ترامب.

كذلك أظهر استطلاع لوكالة «نورك» الأمريكية الشهر الماضى أن 60% من الأمريكيين لا يحبذون فكرة أن يعتمد الرئيس على ملياردير كمستشار للسياسات.

ويقول منتقدو ماسك إن خطورته السياسية فى أساليبه القاسية، ومدى قوة صلاحياته التى يستغلها فى استهداف وكالات تحظى بشعبية كبيرة، لذا فإن وجود شخصية غير محبوبة مثل ماسك على رأس جهود الإدارة الأمريكية غير مثالى سياسيًا ويُفقِد ترامب الكثير من رصيده المتبقى لدى الأمريكيين.

ومثالًا على تزايد نبذه من أبناء شعبه يومًا بعد يوم، كشف استطلاع وكالة أسوشيتد برس ووكالة «نورك» الأمريكية حول «إنشاء هيئة استشارية لكفاءة الحكومة بقيادة إيلون ماسك والذى كان من المتوقع أن يلقى دعمًا قويًا؛ نظرًا لأهدافه الإيجابية واسمه البريء، لكنّ الأمريكيين صوتوا برفضهم بنسبة 39% مقابل 29% فقط وافقوا عليه فقط بسبب «ماسك».

استقطاب سياسى 

مع استثناءات قليلة، ظل الجمهوريون صامتين بينما تحرك ترامب بسرعة لتطهير الحكومة من النقاد، وفصل المدعين الفيدراليين، وإرباك التحالفات الديمقراطية، وتعزيز سيطرته على سلطة الإنفاق فى الكونجرس.

فى المقابل، يواجه الديمقراطيون فى الكونجرس ضغوطًا متزايدة لاستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما فى ذلك احتمال رفض تمرير الميزانية الحكومية الجديدة، لتعطيل أجندة الرئيس.

وأوقفت الدعاوى القضائية التى رفعها المدعون العامون الديمقراطيون والنقابات والمجموعات القانونية التى تشكلت خلال إدارة ترامب الأولى بعض الإجراءات التى اتخذتها الإدارة من خلال برنامج «دوج» الذى يديره ماسك.

 

 

 

وأدت التخفيضات القاسية لبرنامج «دوج»، ووصوله إلى بيانات دافعى الضرائب الحساسة إلى موجة من الدعاوى القضائية والاحتجاجات فى جميع أنحاء أمريكا.

وتظل أكبر الأزمات التى تواجه الأمريكيين فى ولاية ترامب الثانية هى ارتفاع أسعار البيض والحليب، وسط تصاعد المطالب بخفض الأسعار. كما تزايدت المخاوف من تهديدات الحكومة بفرض رسوم جمركية وإجراء تخفيضات واسعة النطاق لميزانية العديد من المؤسسات الاجتماعية.

الغضب من أفعال ترامب وماسك لم يقتصر على المعاقل الليبرالية وساحات المعارك فى الكونجرس، بل امتد أيضًا إلى المناطق المحافظة التى دعمت ترامب فى الانتخابات الأخيرة.

حتى فى جورجيا، شن الناخبون هجومًا حادًا على عضو الكونجرس ريتش مكورميك، عبر الهتافات الساخرة ضد نهج ماسك القاسى تجاه الحكومة الفيدرالية، وتصريحات ترامب بأن «أوكرانيا هى من بدأت الحرب مع روسيا»، إضافة إلى منشور البيت الأبيض على وسائل التواصل الاجتماعى الذى شبه ترامب بـ«الملك»، فى اقتباس من غلاف صحيفة «التايم» الأمريكية.

ولتخفيف الأزمة وتهدئة موجات الغضب، عقد الديمقراطيون فى الكونجرس جلسات لمناقشة تأثيرات تخفيض ميزانية الإدارات، واقتراح تمويل الحكومة الجمهوري، بحضور حشد من العمال الفيدراليين الذين عبّروا عن قلقهم من فقدان وظائفهم.

وفى 21 فبراير الماضى، نجح الجمهوريون فى مجلس الشيوخ فى تمرير مشروع قانون الميزانية بقيمة 340 مليار دولار، بعد جلسة ماراثونية شهدت معارضة شديدة من الديمقراطيين. والمشروع يهدف إلى تمويل عمليات الترحيل الجماعى وتعزيز أمن الحدود، وهى من الأولويات الرئيسية لإدارة ترامب.

انتخابات التجديد النصفى لن تُعقد حتى عام 2026، وبحلول ذلك الوقت، ما الذى سيتبقى من الحكومة الفيدرالية بعد تدمير ترامب وماسك لها؟ هذا هو أكبر مخاوف الأمريكيين.

وبالفعل، تسعى إدارة ترامب إلى إعادة تشكيل الحكومة الأمريكية بسرعة، وتأثير قراراته يُشعر به عالميًا، من وقف المساعدات الخارجية إلى الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ.

العقلية الاستعمارية

وبخلاف قراراته التى تهدف لإعادة هيكلة الولايات المتحدة سياسيًا واجتماعيًا، هناك قرارات أخرى تتعلق بإعادة هيكلة أمريكا جغرافيًا، وفقًا لخطط بطابع استعمارى، إذ يسعى ترامب دائمًا للاستيلاء على شىء عالمى كبير كما فكر سابقًا فى «الضرورة المطلقة» لشراء أمريكا لجزيرة جرينلاند الدانماركية!

بينما قد تبدو محاولة ترامب لمحو اسم «المكسيك» من خليج المكسيك رمزية، إلا أنها قد تحمل عواقب وخيمة، تنذر بفكر خطير يهدف إلى استحواذ إقليمى واقتصادى على هذه المياه ومواردها، مما يعزز الطموحات الإمبريالية الأمريكية فى المنطقة.

وفى مقال لموقع كومون الأمريكى دريمز بعنوان «الإمبريالية الأمريكية» يشير أمر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التنفيذى إعادة تسمية خليج المكسيك بـ «خليج أمريكا» إلى أجندة أعمق تسعى إلى محو الهوية التاريخية وتأكيد الهيمنة الإمبريالية على منطقة تعانى بالفعل من تاريخ طويل من السياسات التدخلية.

وفى جوهره، تُعد هذه خطوة لتوسيع إمبراطورية الولايات المتحدة عن طريق محو وجود المكسيك من مكون جغرافى معترف به منذ قرون.

ورفضت المكسيك رسميًا هذا التغيير فى الاسم، مؤكدًة أنه لا يحق لأى دولة أن تغير من تلقاء نفسها هوية مورد طبيعى يمتد عبر عدة حدود.

وتقول وسائل إعلامية متعددة إنه بينما قد يكون موضوع الملكية محل نقاش، فمن الصحيح أن الولايات المتحدة تدعى السيطرة على جزء كبير من الخليج، حيث حددت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أن المياه الإقليمية الأمريكية تمتد لمسافة 12 ميلًا بحريًا من شواطئها، كما تدير الحكومة الفيدرالية الأمريكية البحار والأجزاء المغمورة من الجرف القارى الخارجى أيضًا.

محو كلمة «المكسيك» من الخرائط الأمريكية ليس أمرًا مستغربًا؛ إنه جزء من نمط طويل من العنصرية ضد المكسيكيين فى الولايات المتحدة، بدءًا من استخدامهم كبش فداء سياسى وتصعيد العسكرة على الحدود وصولًا إلى الخطاب العنيف الذى يؤجج جرائم الكراهية. 

لكن هذه الخطوة تتجاوز ذلك، فهى تتماشى مع استراتيجية أمريكية أوسع بكثير للسيطرة على نصف الكرة الغربي والتى تعود إلى مبدأ مونو لعام 1823، الذى ادعى أن للولايات المتحدة الحق فى تحديد من يؤثر فى أمريكا اللاتينية، لتبرير تدخلاتها العسكرية فى تلك المنطقة.

ولا تكمن أهمية خليج المكسيك فى كونه موقعًا ذا أهمية تاريخية، بل إنه غنى أيضًا بالنفط والموارد الطبيعية، ويلعب دورًا حيويًا فى التجارة الإقليمية ومصايد الأسماك وإنتاج الطاقة، حيث يستضيف بعضًا من أهم احتياطيات النفط البحرية فى أمريكا الشمالية.

وحسب «كومون دريمز» فإن الولايات المتحدة لديها تاريخ طويل فى محاولة السيطرة على هذه الموارد، بما فى ذلك دعم مقاطعات شركات النفط ضد الصناعة الوطنية المكسيكية فى ثلاثينيات القرن الماضى وتوقيع اتفاقيات تجارية تفضل الشركات الأمريكية على السيادة المكسيكية.

وحتى لو قامت «جوجل» بتطبيق هذا التغيير داخل الولايات المتحدة فقط، فإنه يطبع الفكرة بأن الحقائق يمكن إعادة صياغتها لخدمة أجندة سياسية.

وتشهد منطقة الخليج دمارًا بيئيًا يتجلى فى تسربات النفط المدمرة وتدهور النظم البيئية البحرية، ويتفاقم هذا الدمار مع استمرار الشركات الأمريكية والأجنبية فى استغلال موارد المنطقة دون أى اعتبار للأضرار طويلة المدى.

علاوة على ذلك، اقترح ترامب فرض رسوم جمركية على كل من المكسيك وكندا إذا لم تستجيبا لمطالبه بوقف الهجرة غير الشرعية والحد من تهريب المخدرات.

وتمتد مخططات ترامب إلى عسكرة الأراضى المكسيكية حيث أعلن عن توغلات عسكرية داخل المكسيك لمحاربة عصابات المخدرات، وقال إنه سيصنف عصابات المخدرات المكسيكية على أنها «منظمات إرهابية» والتى يغذيها الطلب الأمريكى على المخدرات غير القانونية والأسلحة المصنعة فى الولايات المتحدة التى يتم تهريبها إلى المكسيك، حسب صحيفة الاندبندنت البريطانية.