
د عزة بدر
أمير الشعراء وفن الواو
كتب أمير الشعراء أحمد شوقى الشعر، والنثر، والرواية، والمسرح الشعري.
وهيأت له فطرته، وذائقته الموسيقية أن يبدع فى شعر العامية بعض القصائد التى تغنى بها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وهي: «النيل نجاشي». و«فى الليل لما خلي»، و«بلبل حيران».
فهل كتب أمير الشعراء أيضًا قصائد من فن الواو؟!
يقول الشاعر عبدالستار سليم فى كتابه «واو عبدالستار سليم» إن أحمد شوقى عندما قال فى قصيدته «الليل لما خلى»:
«الفجر شقشق وفاض
على سواد الخميلة
لمح كلمح البياض
من العيون الكحيلة»
فإن ذلك لا ينتمى لفن الواو، ووجهة نظره: «أن التربيع هنا لم يعط فن «الواو» برغم اتفاق قافيتى الشطرتين الأولى والثالثة، والثانية والرابعة، ولا اختار له تعبيراته المناسبة، ولا ألفاظه الموحية، ولا لهذا التربيع طعم «الواو».
ولكننى أرى أن لأمير الشعراء قصائد مجهولة قد ينتمى بعضها لفن الواو، وقد اكتشفت هذه القصيدة التى لم تنل من النقاد والشعراء الاهتمام الكافى بتحليلها، ودراستها، وذكر نسبها إلى فن الواو، وهى القصيدة التى كتبها أحمد شوقى عن عرس ابنه «علي» وهى قصيدة بعنوان: «دار البشاير» وهذه الدار هى «كرمة ابن هانئ» التى سكنها أمير الشعراء على النيل.
وفيها غنى الموسيقار محمد عبدالوهاب قصيدة كتبها شوقى عن عرس ابنه على وأراها تنتمى لفن الواو إذ يقول لابنه وعروسه:
حرة تصونك وتصونها / وتقوم بدارك وشئونها
وتشوف عيونك وعيونها / دخلة ولادك والحنة
دنيا جميلة قوم خدها / ستك وبالمعروف سيدها
قوم يا عريسنا بوس إيدها / وصلّ واطلب واتمني
.. وإذا كان فن «الواو» يعتمد على التربيع «أربعة أبيات»، وإذا كان فنًا سماعيًا، وليس فن كتابة، فهذه القصيدة لشوقى من فن «الواو» كما أرى.
ومن المهم أن نورد هذه القصيدة المجهولة لشوقي، ونستعيد هذا العرس الـذى أقيم فى كرمة بن هانئ التى سكنها أمير الشعراء، واستبشر بسكناها فسماها «دار البشاير»، وجعلها عنوان القصيدة التى يقول فيها لابنه:
دار البشاير مجلسنا / وليل زفافك مؤنسنا
إن شاء الله تفرح يا عريسنا / وإن شاء الله دايمًا نفرح بك
على السعادة وعلى طيرها / ادخل على الدنيا وخيرها
فرحة تشوف فى ابنك غيرها / وتعيش لأهلك ولصحبك
الشمس طالعة فى التُلي/ وردة وعليها توب فلى
مَلحة فى عين اللى ما يصلى / ولا يقولشى تتهني
.. وقد وردت هذه القصيدة فى كتاب للشاعر مصطفى عبدالرحمن.
.. إذن لم يكن غريبًا على شوقى أن ينصت لما حوله من فنون القول، وفى قصائده ما يدل على ذلك، تسمع فى قصيدته: «النيل نجاشى»
صوت الفلايكى: «رد الفلايكى بصوت ملايكى / قال: مرحبا بكم مرحبتين».
وننصت لشدو رجال البحر: «صلح لى قلوعك يا ريس/ هيلا هوب هيلا».. وبالتأكيد قد استمع شوقى إلى فن الواو، وتأثر به فى بعض قصائده العامية.