الجمعة 18 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
العظماء والأقزام (1)

العظماء والأقزام (1)

كان أستاذنا الراحل مفيد فوزى صاحب مصطلح حزب أعداء النجاح وكان يطلقه على هؤلاء الكارهين للنجاح والقابعين فى فشل ذواتهم.



والحقيقة أن فى كل مجتمع، هناك فئة من الناس لا تطيق رؤية النجاح يتجسد فى الآخرين. هؤلاء ليس لديهم طموح حقيقى ولا إرادة للتميُّز، لكنهم يملكون موهبة قاتلة: تحطيم كل من يحاول أن يصنع الفارق. إنهم حزب غير رسمى، لا يجتمع أفراده فى قاعات مغلقة، لكنهم ينشطون فى كل مكان، فى العمل، فى الإعلام، فى وسائل التواصل الاجتماعى، وحتى بين الأقارب والأصدقاء.

هؤلاء هم «أعداء النجاح»، الذين يجدون فى نجاح الآخرين إهانة شخصية لهم، لأن تألق غيرهم يفضح عجزهم ويكشف ضحالة إنجازاتهم. وكما يقول المثل: «إذا لم تستطع أن تكون عظيماً، فحاول أن تقلل من شأن العظماء».

لماذا يحارب الأقزام العظماء؟

النفوس الصغيرة لا تتحمل رؤية النفوس الكبيرة وهى تتألق. الشخص الناجح يذكر الفاشل بعجزه، ويضعه فى مواجهة مباشرة مع تقصيره وإهماله لنفسه. لذلك، بدلاً من أن يحاول أعداء النجاح تحسين أنفسهم، يختارون الطريق الأسهل: التشكيك، التقليل، التشويه، والافتراء.

هؤلاء يختبئون خلف أقنعة زائفة:

• الناقد «الموضوعي» الذى لا يرى إلا السلبيات، حتى فى أكثر النجاحات وضوحًا.

• المثقف «الساخر» الذى يسخر من كل إنجاز بحجة «أنها مجرد ضجة إعلامية».

• المحلل «الخبير» الذى يدّعى معرفة خفايا الأمور، ويقلل من شأن كل من يحقق شيئًا ملموسًا.

• المرأة الحقودة الكارهة للحياة ولم تنل الرجل الذى تريده ورفضها أو العكس.

لكن الحقيقة تبقى واحدة: النجاح يظل نجاحًا، والفشل يظل فشلًا، مهما حاولوا خلط الأوراق.

• التاريخ لا يرحم الفاشلين

لو نظرنا عبر التاريخ، لوجدنا أن العظماء كانوا دائمًا محاصرين بحزب أعداء النجاح. كم من مبدع أو عالم أو قائد واجه حروب التشكيك والتقليل؟

• توماس إديسون سُخر منه لأنه فشل مئات المرات قبل أن ينجح فى اختراع المصباح الكهربائى.

• ألبرت أينشتاين قيل عنه فى صغره إنه متخلف عقليًا، لكنه غير وجه العلم الحديث.

• نجيب محفوظ تعرض لهجوم شديد فى حياته، لكنه أصبح أول عربى يحصل على نوبل فى الأدب.

هؤلاء وغيرهم كثر، لم يلتفتوا للسهام المسمومة، بل جعلوا إنجازاتهم هى الرد القاطع على المشككين.

كيف تتعامل مع أعداء النجاح؟

إذا كنت ناجحًا، فمن الطبيعى أن يخرج لك أعداء النجاح، لأن الضوء يجذب الظلال. لكن بدلاً من الانشغال بهم، إليك بعض النصائح للتعامل معهم:

1 - لا تبرر نجاحك: نجاحك هو دليل كافٍ على قيمتك، فلا تضيّع وقتك فى إقناع من لا يريد الاقتناع.

2 - استمر فى التقدم: أفضل رد على المشككين هو المزيد من النجاح.

3 - اختر معاركك بحكمة: لا تنجرّ إلى معارك لا تستحق، فبعض الانتقادات ليست إلا محاولات لجرك للأسفل.

4 - كن واثقًا بنفسك: لا تدع كلمات المحبطين تزرع الشك فى قدراتك.

فى النهاية، يبقى الفرق واضحًا بين الناجحين والفاشلين: الناجحون يصنعون الإنجازات، والفاشلون يصنعون الأعذار. أما حزب أعداء النجاح، فهم مجرد صدى بلا أثر، وضجيج بلا قيمة.

فى الأسبوع المقبل نواصل