الجمعة 18 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فى منطقة الكورينالى بروما!

فى منطقة الكورينالى بروما!

الكورينالى فى الإيطالية تعنى قصر الرئاسة، وبتلك المنطقة الخلابة حيث المبانى التاريخية العريقة، والدرج المتعدد، والمحيطين بالقصر لأخذ الصور التذكارية، فى تلك الأجواء دعيت من أحد الأصدقاء الإيطاليين ذوى الجذور المصرية لحفل موسيقى متميز، للسوبرانو المقدونية تمارا انجيلوفسكا، بمصاحبة البيانيست الإيطالى المعروف باولو شيبيليا. 



كان الحفل ممتعاً بهيجاً، قدما خلاله عدداً من المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية لمؤلفين كثر، منهم موتسارت، دونيزيتى، بيللينى، فيردى، وغيرهم. استمتعنا بالصوت الغنائى الساحر، والآداء التكنيكى العالى الذى تميزت به تمارا، وبخاصة عند أدائها المساحات الصوتية الحادة والتى استطاعت بتمكنها الوصول لها بأريحية تؤكد براعتها فى الغناء، كما ساعدها على توصيل إحساسها بسهولة، حالة الانسجام والهارمونى بينها وبين عازف البيانو، الذى صاحبها بعزفه بلغة العيون قبل العزف بأصابعه المرنة، وإن استشعرت قدرته المتميزة فى الأداء المنفرد عن المصاحبة.

لم تكن الحالة الممتعة تكتمل لولا وجودنا فى كنيسة سان سيلفيسترو والتى تقع فى هذا الموقع الفريد بوسط العاصمة الإيطالية روما. تلك الكنيسة العتيقة التى يرجع تاريخها إلى القرن التاسع الميلادى، بينما ذكرت فى عام 1030 تحت اسم كنيسة سانت ستيفانو، وظلت هكذا حتى عام 1507 فى عهد يوليوس الثانى الذى عهد بها إلى الرهبان الدومينيكان، حيث بدأوا فى توسيعها وترميمها، ومع انتقال الدومينيكان إلى كاتدرائية سانت ماريا سوبرا مينيرفا تم نقل الكنيسة إلى عائلة ثياتينز الذين أخذوا على عاتقهم مسئولية الزخارف والنقوش الداخلية البديعة فى أسقف وجدران الكنيسة.

وفى عام 1877 تم توسعة الطريق المؤدى إليها فتسبب فى خفض مستوى الشارع حوالى تسعة أمتار، ما دعا لهدم مصليتين وتفكيك جزء من السقف، ولمداواة هذا المنسوب المنخفض صممت واجهة خارجية جديدة تحجب الفارق فى المستوى الأفقى، وشيد هذه الواجهة المهندس المعمارى أندريا بوسيرى فيتشى ووضع بوابة مزخرفة وهمية، بينما الوصول للكنيسة من خلال بوابة جانبية صغيرة يتبعها درج، واللافت فى الأمر، أنك ترى بناية ذات واجههة أثرية تاريخية، لكن لا يمكن أن تدرك أنك ستكتشف هذا الارتفاع وهذه النقوش والزخارف الفنية داخل مبنى ذى مدخل ضيق لا يعكس تلك العظمة والحالة الروحانية الدينية بمجرد أن تطأ قدمك هذا المكان.

داخل الكنيسة قبة واحدة فاخرة مطلية بالذهب، نقوشها بارزة، وجدارية أبدعها بوليدورو دا كارافاجيو وماتورينو، وأبرزا جانباً من حياة القديستين كاترين سيينا ومريم المجدلية. كما تفنن فى نقوش القبو الكائن بها كافاليير داربينو، وعلى الجانب الآخر نجد كنيسة باندينى الفخمة ثمانية الشكل التى بناها أوتافيانو ماسكيرينو، وتم إلحاقها بالكنيسة عام 1580 بناء على طلب الكاردينال باندينى، وتم إثراء الجزء الداخلى بلوحة المذبح لسكيبيون بولزون، ولوحات جدارية لدومينيشينو والجاردى وموتشى. ومن الجناح الأيسر يمكن للزائرين الخروج من دير مايكل أنجلو، وهو شرفة صغيرة مزينة منذ حوالى القرن السادس عشر.

وسط عبق التاريخ وجمال النقوش الجدارية والأسقف المزخرفة بفن متقن انتزعنا من واقعنا ليجتذبنا فى حالة سمعية بصرية جمالية اكتملت بروح المحبة والصداقة فى منطقة الكورينالى.