الخميس 10 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
«عَجوبة».. من فن الواو

على فكرة

«عَجوبة».. من فن الواو

فن الواو فن مصرى أصيل، اشتهر فى صعيد مصر، وهو فن شعرى سماعى.



وقد تجلى فى القص الملحمى فى السيرة الهلالية، وبرع فيه كثير من الشعراء من أهل الصعيد مثل على النابى، وحسن الفرشوطى، وأحمد القوصى، وحسن القفطى، وعبدالستار سليم، وكلهم من قنا.

وتعد الشاعرة وداد الهوارى رائدة لفن الواو الذى تكتبه المرأة الصعيدية، وقد أصدرت ديوانها «عَجوبة» واحتوى على العديد من القصائد المهمة، وتقول الشاعرة عن هذا الفن الذى تملكه، ويملكها: «الواو كاتبنى، وقارينى صفانى ورد، وعطوره واللى عارفنى، قرينى ناقشنى ورد فى سطوره».

وتتميز أشعارها بطرافة الجمع بين اللغة الشفاهية الصعيدية، ولغة العصر، فتطعم أشعارها بمفردات عصرية كقولها:

«ياللى انت جيت للواو

وقعدت.. ع السلم

دا اللى يقول: تشاو

غير اللى ع يسلم».

وفى ديوانها «عجوبة» تكتب الشاعرة عن الغربة والاغتراب، كما تصفر الأثر الاجتماعى لها على المرأة وعلى الأسرة فتقول:

«الغربة لقمة فى قِدْر

ليها النصيب يقسم

فيه ناس هتاكلك جذر

والبذر يتقسم».

ثم تعاتب المسافر الذى تستلبه الغربة فتقول: «أهش فيك يا طير

ارجع لبنيتك

ترجع، تعاود، تطير

ركن الفراق.. بيتك».

وتمضى الشاعرة راصدة معاناة النساء حين يسافر عائلها، ويطول غيابه:

«الأم حظها مال

من يوم ما عرفتكم

من أب فات لعيال

لغربة عشقتكم

بقينا نسا ورجال

ونسينا دنيتنا

يا دنيا غلبتنا».

وتعود أولى قصائد الشاعرة من فن الواو إلى ديوانها «أولنا بير مسعود» الصادر عام 2007، وتقول عن هذا الفن فى ديوانها «عجوبة»:

«الواو كتبنى قصايد

وفنى أصلى صعيدى

تعال شوف الحصايد

واعلمك فك صيدى».

وتصف الشاعرة فى ديوانها هذا الفن بأن فيه الحكمة، وفيه الدواء فتقول:

«الفن واو موزون

يجمع يقول حكمة

ومن تراث مخزون

بيعشق الحكمة».

ويعد ابن عروس الشاعر المصرى هو رائد هذا الفن، ولد وعاش فى قنا، وكان شعره من فن الواو يمثل روح المقاومة ضد ظلم المماليك، وكان لا يبوح باسمه حتى لا يتعرض لبطشهم فكان يستخدم عبارة: «وقال الشاعر».

وقد وصفت الشاعرة وداد الهوارى تأثير كلماته عليها، وهى طفلة عندما سمعت أشعاره من جدتها «جليلة» التى كانت تمزج الحدوتة بمربعات الواو، فعاشت موسيقاها فى داخلها، لذا فهى تهدى ديوانها لجدتها، ومما كانت تنشده الجدة عن ابن عروس وحفظته وداد قوله:

«إن سرحت الناس روّحت

وإن راحت كنت سارح

وإن فرحت الناس نوحت

وإن ناحت كنت فارح».

والقصيدة تحث المرء على ألا يكون فى قومه مثل الشريك المخالف دون رؤية أو هدف، كما تحكى الشاعرة عن جدتها التى كانت تؤكد على معنى الانتماء، ما يؤكد أن المرأة المصرية هى حافظة التراث، والأمينة عليه، وهى الذاكرة الحاضرة للفن والإبداع، وهى المؤمنة بالكلمة الشاعرة المؤثرة تكتبها، وتنشدها، وتحفظها للأجيال.