السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

حكايات من دفتر شهداء العسكرية المصرية: فى أعلى الدرجات

دفتر العسكرية المصرية مليء ببطولات الشهداء، خير أجناد الأرض الذين ضحوا بدمائهم من أجل تراب هذا الوطن، استشهدوا ليحيا الشعب المصرى.. فعلى مر العصور والحروب التى خاضتها مصر رفع جيشها شعار «النصر أو الشهادة»، فمنذ حرب 1948 حتى نصر أكتوبر 1973، قدم الشعب المصرى أبناءه للذود عن تراب هذا الوطن، فانتصرت مصر بقواتها المسلحة.



وعندما تعرضت مصر لخطر الإرهاب فى 2013، تصدى له جنودنا البواسل، وتركوا خلفهم أمًا وزوجة وابنًا، وهبوا لحماية رمال سيناء، وصانوا الأمانة التى سلمها لهم جيل أكتوبر المجيد، فحرروها وعمروها، ووأدوا فى أرضها خفافيش الظلام من خلال العملية الشاملة، حتى عادت سيناء محررة، وستبقى بجهود جيشها وشعبها وقيادتها السياسية.

فى ذكرى يوم الشهيد الذي استشهد فيه «الفريق عبدالمنعم رياض» على الخطوط الأمامية فى الجبهة إبان حرب الاستنزاف يوم 9 مارس 1969، نحيى ذكراه العطرة بإحياء سيرة بعض من أبنائه الشهداء الذين ساروا على دربه، وحملوا الأمانة بعده.

التقينا أسرة الشهيد رائد أحمد محمد الشحات الذى استشهد فى إحدى المداهمات بمنطقة بئر العبد، كما التقينا أسرة الشهيد رائد مهندس سامح عبدالجواد الذى استشهد أثناء تأدية عمله فى قوات حفظ السلام.

 

 

 

 

زوجة الشهيد أحمد الشحات:

(بئر العبد)

بثبات الأبطال، وشموخ الأم المصرية، قابلتنى السيدة إيمان -زوجة الشهيد رائد أحمد محمد الشحات- الذى استشهد 19 يونيو 2021 فى منطقة بئر العبد بشمال سيناء أثناء إحدى المداهمات التى قام بها الجيش خلال العملية الشاملة فى سيناء.

قالت زوجة الشهيد: «كان زوجى بطلًا من أبطال الجيش المصرى، ولم أكن أعلم أنه كان يخدم فى سيناء غير بعد سنة من ذهابه، فكل ما قاله لى إن وحدته كانت فى الإسماعيلية، وعندما علمت وعاتبته، قالى لى: «علشان ما تقلقوش على».

وبالرغم من ذلك كان يؤكد لى أنه بعيد عن الخطر، لكن الحقيقة التى اكتشفتها بعد استشهاده أنه كان يقوم بعمليات ومداهمات طوال الوقت خاصة أن المخابرات والاستطلاع يكونان دائمًا فى الطليعة.

تكمل: «علمت أيضًا بعد استشهاده ببطولاته التى قام بها فى سيناء من زملائه وقادته، ومن مواطنين يعيشون فى بئر العبد، وكانوا شهودًا على استبساله ضد الإرهابيين».

وتحكى السيدة إيمان عن السنوات التى عاشتها معه، وأثمر عنها أولاد الشهيد، سجي- 8 سنوات، وحمزة 6 سنوات تقول: كان من أطيب الناس، فلم يكن سندًا لى ولأولاده فقط، بل كان سندًا لجميع من حوله، وكل من يعرفهم ويعرفونه، يخدم كل من يلجأ إليه، كان نعم الزوج ونعم الأب والابن، فكان الولد المفضل عند عائلته لأخلاقه وتواضعه وأدبه الشديد، كل صفة دمثة كانت مجمعة فى شخصه، كل من يراه كان يقول عنه: ملاك يمشى على الأرض».

وتضيف: «أحاول الآن أن أغرس فى أطفالى كل الصفات التى عهدتها فيه، فدائمًا ما أتحدث عنه معهم، فبمجرد أن أقول: بابا كان بيعمل كذا، أجدهم يطبقون ذلك وكأنه أمامى.

وتشير: «الغريب أن طفلى حمزة كان يبلغ من العمر عامين، وعلى الرغم من ذلك يتذكره ويتذكر مواقف والده معه بدقة شديدة».

وأكدت زوجة الشهيد أن الدولة والجيش المصرى لم يدخرا جهدًا فى تكريم الشهيد أحمد الشحات، فقد كرمه الرئيس فى يوم إفطار فى شهر رمضان، كما قامت الدولة بوضع اسمه على مدرسة ببلدته «كفر هورين» بالمنوفية، ويراها الأولاد فى كل مرة نذهب فيها على المقابر لزيارته. وأيضًا فى كتيبته قاموا بعمل تكريم له، وتحدثوا مع الأولاد عن أبيهم الراحل، وكان سجى وحمزة فى غاية الفخر بأبيهما».

تكمل: «كانت هناك عدة تكريمات أخرى فى جهات كثيرة، مثل: الهيئة العربية للتصنيع، وفى بداية كل يوم دراسى يصطحب أحد زملائه أولادى إلى مدارسهم، ويقومون بتكريمهم وتكريم سيرة أبيهم الشهيد البطل».

 

 

 

 

زوجة الشهيد سامح عبدالجواد: آخر رسالة: «ابنى على أمانة»  وكان يد عو بالشهادة فى قيام الليل

 

شهيد الواجب

الشهيد البطل رائد مهندس سامح السيد موسى عبدالجواد، من مواليد أكتوبر 1993 مدينة العاشر من رمضان، محافظة الشرقية، تخرج فى الكلية الفنية العسكرية عام 2018، الدفعة55. واستشهد مارس 2022، بعد أن سافر إلى دولة مالى، ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إثر اصابته بانفجار عبوة أثناء تأدية عمله.

قالت السيدة آلاء زوجة الشهيد: «تزوجت عام 2019، ورزقنا الله بـ«على»، بعدها بعام تم ترشيح الشهيد للسفر ضمن قوات حفظ السلام، وقد رشح إليها لتميزه الشديد، ونجاحه فى تنفيذ مشاريع مجمع البنوك بالعاصمة الإدارية الجديدة، فقد التحق بقوات حفظ السلام الدولى فى فبراير عام 2021 فى دولة مالى وتولى خدمته فى كتيبة النقل المصرية حتى استشهاده».

تروى: آخر مكالمة بينى وبينه، كان فى طريقه لإحدى المأموريات والتأمين، فاتصل بى بعد أن وجد شبكة الاتصال متاحة، لأن المناطق النائية والقرى بمالى كان الإرسال فيها ضعيفًا للغاية، فتحدث معى واطمأن على أحوالنا، ثم طلب منى أن أتصل بوالدته لأخبرها أنه يريد أن يتواصل معها، وبالفعل تحدث إلى والدته، وكانت آخر مكالمة بينه وبينها.

تقول: «ثم أرسل شات قال لى فيه: «على أمانة».

خفت كثيرًا خاصة أنه كان يقوم بمداهمات كثيرة، ولم يقل لى ذلك فى أى مرة من المرات.

 

 

 

انقطعت بعدها اتصالاته، وانتظرت ثلاثة أيام حتى بدأت أقلق وجاء يوم الخميس، ولم أستطع الانتظار فاتصلت بأخيه، وهو ضابط أيضًا حتى يستطيع التواصل مع كتيبته بمالى، والاطمئنان عليه. ونمت ووضعت التليفون تحت المخدة حتى أرد عليه إن حاول الاتصال بى، فاستيقظت الجمعة صباحًا على هاتف فى أذنى، وقال لى: أنا فى مكان كويس، وعلمت بعدها أن الهاتف جاء لى وقت استشهاده.

علمنا بموعد استشهاده يوم الجمعة مساء، بعد إتمام المهمة فى طريق العودة للمعسكر، فكان وقتها يستقل إحدى المدرعات، فانفجرت فيها عبوة ناسفة.

أضافت زوجة الشهيد سامح عبدالجواد: عشت مع زوجى البطل جميع مراحل حياته منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وعندما التحق بالكلية الفنية العسكرية، كان من أوائل دفعته، لم أخف من فكرة التحاقه بكلية عسكرية لأننى مؤمنة بأنه قدر ونصيب، وحياتنا وأعمارنا مكتوبة قبل مولدنا.

 

 

 

 

وختمت قائلة: كانت روح زوجى معلقة بالشهادة، لم يكن يتحدث معنا عن أمنيته بها، لكنى سمعته إحدى المرات وهو يصلى قيام الليل الذى كان يحرص عليه، وهو يناجى الله بالشهادة، ويلح بها فى الدعاء وهو ساجد، فنال ما يريد بعد أن هيأها الله له، واستشهد قبل أن يعود لمصر بشهر واحد.