الحب فى زمن الأنبياء 1
«إنى قد رزقت حبها»

رشدى الدقن
«إنى قد رزقت حبها»..
الجملة دى تحديدًا وقفت قدامها كتير.. الرسول عليه الصلاة والسلام بيعترف بحبه الشديد للسيدة عائشة..
مش بس كده ده.. بيعتبره رزق من الله.
يا الله على الجمال.. يعنى الإسلام دين الحب... مش زى ما ناس كتير بتصورلنا.
.. أيوه هو دين الحب.. الحب فى الإسلام طاعة.. الحب عبادة وإيمان.. مودة ورحمة.. الحب لا كان عمره عيب ولا حرام.. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة عرفوا الحب والهيام..رقوا وعشقوا وذابوا.. وعلمونا الوفاء.
لو حد سألك إيه أشهر قصة حب؟ بدون تفكير هتقول له روميو وجوليت.. ويمكن تقول قيس وليلى... عنتر وعبلة.
لكن تعرف إيه أجمل قصة حب فعلًا فى التاريخ؟
.. قصة حب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة.
مش مصدقنى.. مستغرب.. طيب تعالى أحكى لك قصة الحب الجميلة دى.. وإزاى الرسول صلى الله عليه وسلم إدانا دروس فى الحب والحياة؟ إزاى كان فيه غيرة وخصام ولهفة وفرحة وعفو... وكمان هجر وصلح..
درس كامل للرجالة والستات.. إزاى تعيش سعيد فى بيتك، وإزاى تفخر بحبك لزوجتك وتتباهى بيه كمان.

قصة الحب العظيمة دى بدأت بحلم جميل.. سيدنا جبريل عليه السلام زار رسول الله فى المنام وأعطاه صورتها..وقال له هذه زوجتك فى الدنيا والآخرة.
الرسول كان بيفخر بحب السيدة عائشة.. عمرو بن العاص وهو راجع منتصر من غزوة من الغزوات سأل الرسول من أحب الناس إليك؟ بلا تردد قال:عائشة.
فقال: من الرجال يا رسول الله؟
رد: أبوها.
شفت الجمال والعذوبة والرقة والرقى والفخر.. تكريم ما بعده تكريم.. النبى بيدينا درس حقيقى فى الأخلاق... بحب عائشة.. وكمان زيادة فى تكريمها ما قالش.. الصديق أبوبكر، قال أبوها.
لم يخجل أن يقول لهم «أنا بحب مراتى».
ولم يخجل أن ينطق اسمها، لم يقل «المدام» ولا «الجماعة»، بكل بساطة.. قال: «عائشة».
للأسف الرجال الآن بيكتبوا أول حرف من اسم العروسة فى دعوة الفرح.. وقال يعنى من باب الغيرة.. مش عاوز حد يعرف اسمها.. قال يعنى بيغير عليها.
طيب قصة الحب الراقية الجميلة دى ماكانش فيها غيرة وخصام وتصالح؟ كان فيها كل ده وأكتر.
تخيلوا معايا كده الرسول فى بيت السيدة عائشة ومعه الصحابة.. ودخل خادم يحمل طبقًا فيه أكل، وقال للرسول الكريم: هذه هدية من زوجتك «زينب بنت جحش».
تخيلوا المشهد.. الخادم يقف حاملًا الهدية.. والنبى الكريم مع أصحابه ينظرون إليه، والسيدة عائشة تخرج مسرعة ترمى الطبق على الأرض فينكسر، والأكل يقع على الأرض.

قبل ما أقول لكم النبى الكريم اتصرف إزاى فى هذا الموقف.. عايز كل واحد فيكم وكل واحدة تتخيل إن ده حصل فى بيته قدام أصحابه.. هيتصرف إزاى؟ هيعمل إيه؟
والله مش بعيد يبقى فيها خراب بيوت.. طلاق على أقل تقدير.. إن لم يكن هناك جرحى وقتلى ومستشفيات وبوليس.
شفتم مجرد التفكير عكر مزاجكم إزاى؟
تعالوا بقا نشوف النبى صلى الله عليه وسلم كيف تصرف فى هذا الموقف؟.. درس جديد فى الرحمة والرقة.. نظر للصحابة وقال: «غارت أمكم».
يعنى السيدة عائشة غيرانة..
ونزل على الأرض يجمع ما تبقى من الأكل والطبق ويأكل منه.. وقال للسيدة عائشة: هاتى طبق تانى بدل اللى اتكسر ورجعيه مع الخادم.
يعنى.. لا شوفنا خناقة ولا قضية خلع.. ولا ضرب ومستشفيات.. ولا أصحابى هيقولوا إيه عليّا دلوقتى؟
مودة ورحمة حقيقية.. حب وأدب من المولى عز وجل.. «أدبنى ربى فأحسن تأديبى».
الغيرة بس اللى كان النبى بيتصرف فيها بهذا الشكل الراقى؟ أبدًا والله.
شوفوا فى الخصام كان بيعمل إيه؟
خلاف بين النبى وزوجته.. خلاف زى أى خلاف ممكن يحصل دلوقتى وبكرة بين أى اتنين متجوزين..
جابوا سيدنا أبوبكر الصديق.. يحكم بينهم.. سألها النبى: «أبدأ أنا ولا تبدئى انتي؟»..
مين فينا يحكى المشكلة ووجهة نظره الأول؟ «شفتم الاحترام للزوجة؟» حتى فى الخصام بيخيرها تحكى هى الأول ولا هتسمح له يحكى هوا؟
قالت: ابدأ أنت ولا تقل إلا حقًا..
سيدنا أبوبكر سمع الكلمة وقام عايز يضربها!! هوا النبى ممكن يقول غير الحق؟!
مش قال أنا بنتى مابتغلطش.. أنا بنتى عندها حق.
النبى تدخل وحماها من أبيها.. وهى هربت.. ووقفت خلف الرسول الكريم.. الذى قال لصاحبه: إحنا هنحل مشكلتنا بمعرفتنا.. ونظر للسيدة عائشة وابتسم.
يا الله على الرحمة والمودة والحب…
هذا الحب كان يدفع النبى ليشرب مكان ما تشرب، ويأكل مكان ما تأكل ويناديها يا «عائش».
كانت لما تحس بوجع فى رأسها وتقول «وا رأساه»، فكان يرد عليها ويقول «بل أنا وا رأساه»، تخيل بيـتألم لألمها؟!!
مش قلت لكم هذه أجمل قصة حب فى التاريخ.

قصة تحقق قول الله تعالى: «وَمِنَ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسِكُمُ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً».
يا ريت كلنا نتعلم من قصة حب النبى.. يا ريت الرجال تتعلم من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم.. كيف تحب وتحمى بيتها وتضع الزوجات فى المكانة اللائقة بهن.