السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
رحلة النجاح

رحلة النجاح

فى كتابه «أحيانًا تكسب.. وأحيانًا تخسر»، قال جون سى ماكسويل: «النجاح هو رحلة، وليس هدفًا. الطريق إلى النجاح مفروش بالأخطاء، ولكننا نتعلم من تلك الأخطاء ونواصل المضى قدمًا». 



الطريق إلى النجاح ليس دائمًا خطًا مستقيمًا. فى أغلب الأحيان، يكون مليئًا بالعثرات والفشل ولحظات الشك. ومع ذلك، كل فشل هو درس يقربنا خطوة أخرى نحو أهدافنا وأحلامنا. وهذا ما يراه سويتشيرو هوندا، مؤسس شركة هوندا موتور، فى رحلته المليئة بالتحديات والقدرة على التحول من الفشل إلى النجاح.

فى 1906، وُلد سويتشيرو هوندا فى اليابان لأسرة متواضعة. كان والده يمتلك ورشة لصيانة الدراجات الهوائية، حيث لم يحصل هوندا على تعليم رسمى، وترك المدرسة فى سن الـ15 ليشبع شغفه بالميكانيكا. ثم سافر إلى مدينة طوكيو بحثًا عن عمل، استمرّ هناك لمدة 6 سنوات. ورغم حماسه وعمله الجاد، كانت محاولاته الأولى فى عالم الأعمال مليئة بالفشل.

بدأ هوندا مشروعًا صغيرًا لكنه واجه صعوبة كبيرة فى إثبات نفسه، كما كانت لديه مشكلات تتعلق بتكنولوجيا التصنيع. أكبر خيبة أمل مر بها كانت عندما ورد نحو 50 حلقة مكبس لمراقبة الجودة فى شركة تويوتا موتور - كان لديه عقد لتوريد عدد من حلقات المكبس للشركة - ولم يستوف سوى 3 حلقات المعايير المطلوبة. لكن تويوتا رفضت هذا المنتج تمامًا. وكان ذلك الرفض بمثابة اختبار صعب، لكنه اختار أن يتعلم من الفشل بدلًا من الاستسلام.

ففى عام 1948، أسس هوندا شركة «هوندا موتور» وبدأ فى تصنيع الدراجات النارية. كانت السنوات الأولى صعبة للغاية، حيث كانت الشركة على حافة الإفلاس عدة مرات. لكنه من خلال التجربة والخطأ، طوّر دراجته النارية هوندا كوب التى سرعان ما حققت نجاحًا واسعًا، وكانت نقطة التحول فى مسيرته المهنية.

لكن هوندا لم يتوقف عند هذا الحد. حتى بعد نجاحه فى صناعة الدراجات النارية، كان عليه مواجهة تحديات جديدة عندما قرر التوسع بالدخول إلى صناعة السيارات. فكان أول طراز له، بعيدًا عن النجاح الذى كان يأمله. حتى ابتكر هوندا سيارته سيفيك فى السبعينيات، التى أصبحت معروفة بكونها صغيرة اقتصادية وصديقة للبيئة. ورمزًا للجودة والابتكار.

بحلول الثمانينيات، كانت هوندا قد أصبحت علامة تجارية معروفة فى جميع أنحاء العالم بجودة سياراتها ودراجاتها النارية. نتعلم من قصة هوندا أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة لتحقيق النجاح. وكما قال روبن شارما فى كتابه «مانيفستو البطل اليومى»: «احتضان الفشل: الفشل هو جزء قيم من عملية التعلم»، وهذه هى روح هوندا، كل فشل هو فرصة جديدة للتطور والنمو. ولا يعبر عن ضعف، بل مجرد خطوة ضرورية نحو النجاح.

اليوم، يستمر إرث هوندا فى الشركات التى تحمل اسمه، وفى الروح التى ترسخت فى عالم السيارات والدراجات النارية، التى تجسد الابتكار والصمود.

قال جون ماكسويل فى كتابه «كيف يفكر الناس الناجحون»: «التفكير الناجح لا يتوقف أبدًا. يتعلم الشخص الناجح من كل فشل، ويحول كل عقبة إلى فرصة جديدة للنمو».

إن رحلة سويتشيرو هوندا ليست مجرد قصة عن شخص نجح، بل دعوة لنا جميعًا لاحتضان الفشل كجزء من مسيرتنا نحو النجاح. إذا تعلمنا من أخطائنا وواجهنا تحدياتنا بثبات، فإننا سنكتشف أننا قادرون على تحقيق أكثر مما نتخيل.