السبت 8 فبراير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«المبدعون» فضحوا «الإخوان» بـ«الصوت والصورة»

نجوم الشعب وقوته الناعمة فى السينما والدراما التليفزيونية والإذاعة كانوا ومازالوا سلاحًا فعالاً ومؤثرًا ودائما فى قلب الأحداث، ولأن ثورة 30 يونيو كانت طوق نجاة المبدعين من قبضة من حرموا الفن وجرموا الإبداع فقد كانوا من أكثر أسلحة الردع لكشف زيفهم للشعب رافعين رايات الجهاد من أجل الوطن بالصوت والصورة.  



وعلى مدار السنوات الأخيرة وجهت القوة الناعمة ضربات موجعة على الشاشة بعدما تنبئوا بخطورة الفكر الإرهابى منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات وحذروا منه ولهذا انتفضوا فى وجه جماعة الإخوان الإرهابية وانضموا إلى صفوف المواطنين من أمام وزارة الثقافة وأشعلوا شرارة ثورة 30 يونيو التى أنقذت مصر من المتطرفين، ثم تعاظمت رسالتهم على الشاشة بتقديم أعمال لكشف زيف المتأسلمين وفضحهم بوثائق خيانتهم للوطن مثل «ثلاثية الاختيار وهجمة مرتدة والقاهرة كابول» ومسلسل «التنظيم السرى» فى الإذاعة وأخيرا فى مسلسل «الحشاشين».

ضربة البداية

حكاية المتأسلمين حكاية طويلة بدأت على الشاشة بمغامرات جريئة لعادل إمام والكاتب وحيد حامد فاتحدا لكشف ملف الإرهاب فى السينما بفيلم «الإرهاب والكباب»عام 1992، إخراج شريف عرفة بتناول كوميدى يحمل رسالة للمجتمع، وتدور أحداثه حول (أحمد فتح الباب) الموظف فى شركة المياه الذى يتوجه إلى مجمع التحرير لاستخراج الأوراق لنقل ابنه إلى مدرسة أخرى، وهناك يصطدم بالعقبات الإدارية، ويجد نفسه متورطًا فجأة فى حمل سلاح، وإشهاره وسط المواطنين، ليتخذ بعض الرهائن وينضم إليه بعض الموجودين وسرعان ما تأتى قوات الشرطة لتحاصر المكان.

وبعد عامين تعمق عادل إمام بشكل أكبر فى محاربة الإرهاب وقدم فيلم «الإرهابى» تأليف الكاتب لينين الرملى إخراج نادر جلال، والفيلم علامة بارزة فى مكافحة الإرهاب على الشاشة وتناول قصة «على عبدالظاهر» المنضم لإحدى الجماعات التكفيرية، والذى يتعرض لحادث عقب اغتياله أحد الضباط، وخلال معايشته لأسرة عالجته، ومع مروره بالعديد من المواقف تتغير وجهة نظره وطريقة تفكيره ليحاول تصحيح حياته بعد ذلك، ونتيجة لرفضه أفكار الجماعة يقومون بقتله، ويعد هذا الفيلم من أكثر الأفلام الموضوعية لأنه تناول طريقة تعامل الجماعات التكفيرية من الداخل والخارج مع المنضمين إليها، وكذلك نظرتهم للمجتمع وقضاياه، كما قدم رصدًا لظاهرة العنف التى كانت منشرة فى مصر بذلك التوقيت.

وفى عام 1995، كرر الزعيم عادل إمام التعاون مع الثنائى وحيد حامد وشريف عرفة فى تجربة جديدة تتناول الإرهاب والتطرف، حيث قدم الثلاثى فيلم «طيور الظلام» والذى تناول قصة ثلاثة محامين أصدقاء، تفرقهم الظروف ومصالحهم، وهم «فتحى نوفل» الذى يستغل قدراته القانونية فى الوصول لمركز مدير مكتب أحد الوزراء، و«على الزناتى» الذى ينضم إلى الجماعات المتطرفة ليحقق مكاسب مالية بالدفاع عنهم، و«محسن» ذو الميول الاشتراكية، الذى يعيش كموظف عادى، ويقبل وظيفة بسيطة ويكتفى براتبه فقط دون أى طمع فى الحياة.

 

 

 

المستند الأول

بين فيلمى الإرهاب والكباب وطيور الظلام فتح الكاتب وحيد حامد نفس الملف فى الدراما التليفزيونية بمسلسل «العائلة» عام 1994، قام بطولته محمود مرسى، ليلى علوى، وعبدالمنعم مدبولى من إخراج إسماعيل عبدالحافظ وهو أول مسلسل تناول خطر الإخوان، والتطرف الدينى.

تدور أحداثه فى مصر وقت حرب الاستنزاف وما تلاها، من خلال عمارة وسكانها وعلاقتهم ببعضهم البعض، وحول الأسرة التى تفقد أحد أبنائها فى الحرب وتأثير ذلك عليها، كما يتناول قضية الإرهاب والفقر وكيف أن الأخير يسهم فى الانجراف وراء التيارات المتطرفة.

ومن الأعمال الفنية المهمة التى بحثت فى تاريخ جماعة الإخوان ومن يسمون أنفسهم رجال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتقرب من عقيدتهم كان مسلسل «الجماعة» تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد، عام 2010، وشارك فى بطولته إياد نصار، بينما قدم الجزء الثانى فى 2017، وضم نخبة من أبرز نجوم التمثيل أبرزهم صابرين، وعبدالعزيز مخيون، ونضال الشافعى.

وبين الجماعة الجزء الأول والثانى برزت أعمال حاربت الفكر الإرهابى فى مقدمتها مسلسل الداعية عام 2013، من بطولة الفنان هانى سلامة، وتأليف مدحت العدل، إخراج محمد جمال العدل وهو من الأعمال التى تناولت فساد حكم الإخوان وقياداتهم، كما تناول سياستهم وأفكارهم، وتضمن المسلسل مشاهد لهتافات عديدة ضد حكم المرشد والمطالبة بإسقاطه، وتدور أحداثه فى إطار اجتماعى حول فكرة الدعوة إلى لم الشمل بالمودة والالتحام مهما تباعدت وجهات النظر، وقد تجسد ذلك فى شخصية الداعية الإسلامى المتحفظ وليس المتطرف (هانى سلامة)، والذى يعمل بإحدى القنوات الفضائية الدينية، وبمرور الوقت يتعرف على عازفة الكمان (بسمة) التى تتعلق بحبه ويبادلها هو الآخر نفس الشعور، ويجد نفسه مؤمنا بدور الفن الراقى ومدى قوة تأثيره على المجتمع الذى يعيش فيه، إلا أنه فى النهاية يجد أن التزامه الدينى يقف حائلا بينه وبينها!

كشف الزيف

فى عام 2015 بمسلسل «أستاذ ورئيس قسم» يخوض عادل إمام موقعة أخرى ضد الإرهاب وتظهر فيه قصة أستاذ كلية الزراعة والذى يحاول قبل ثورة يناير أن يرسخ للأفكار اليسارية الداعمة للحرية والحق فى حياة اجتماعية كريمة، ونتيجة لذلك يدخل السجن ولا يخرج إلا بعد ثورة يناير.

وعقب الثورة تزداد أفكار أستاذ الزراعة حتى يسجنه الإخوان، بينما تكون ثورة 30 يونيو بمثابة طوق النجاة بالنسبة له، وجسدت أحد المشاهد التى تحكى أحداث 25 يناير فى ميدان التحرير، أن الإخوان الإرهابيين كانوا يقومون بضرب أى شخص يشتبهون فيه دون التأكد من هويته، وفى أحد مشاهد المسلسل فى الحلقة الأولى، يظهر أحد أساتذة الجامعة وهو من الجماعة الإرهابية، وهو يجتمع مع رئيس الحرس الجامعى ورئيس الجامعة وبعض الأساتذة الموالين للنظام، وهو يهاجم فى التيار اليسارى، ما أظهر الجماعة فى صورة «المنافقين».

وفى مسلسل «مولانا العاشق»، الذى قام ببطولته مصطفى شعبان، ويتناول مجموعة من القضايا السياسية؛ تعرض لحياة أحد أعضاء الإخوان المنشقين عنها، بدعوى اكتشافه لزيف الأفكار التى تقوم عليها الجماعة الإرهابية.

 

 

 

فى نفس العام دخلت الإذاعة على الخط بمسلسل «التنظيم السرى» تأليف ثروت الخرباوى وبث على شبكة البرنامج العام. 

يتحدث المسلسل عن شخصيات عديدة من داخل جماعة الإخوان الإرهابية وهم عبدالرحمن السندى، زعيم التنظيم السرى، وهى الشخصية الرئيسية فى العمل، بجانب شخصيتى حسن البنا، ومحمود عبدالحليم.

المسلسل بطولة طارق لطفى، وفتحى عبدالوهاب، وحسن الرداد، وإخراج صفى الدين حسن وتناول وقائع لا يعرفها الناس عن الإخوان وما كان يدور داخل التنظيم السرى للإخوان وكيف نشأ، وكذلك جزء مهم للغاية فى حياة هذا التنظيم مثل علاقة الإخوان الوثيقة بالإنجليز؟ فضلا عن اللغز الثالث وهو من قتل حسن البنا؟ ومن المتوقع أن يقدم المسلسال على شاشة التليفزيون بمعالجة درامية بشكل مختلف.

ثلاثية الاختيار

من عام 2020 وحتى عام 2023 تسجل القوة الناعمة أروع وثيقة تاريخية ضد التطرف بثلاثية الاختيار ومسلسلى «هجمة مرتدة» و«القاهرة كابول» وبما فى ذلك مجهودات الدولة فى كشف مخططات الجماعات الإرهابية واستهداف مصر فى الداخل والخارج وحققت هذه الأعمال نجاحا كبيرا بفضل مصداقية الأحداث من قلب الواقع ومن واقع سجلات رسمية لتكون أفضل امتداد للجيل السابق لهم.

ثلاثية «الاختيار» بطولة أمير كرارة كريم عبدالعزيز وياسر جلال وإخراج بيتر ميمى وهى من أبرز الملاحم فى تاريخ الدراما وحدث فنى ووثيقة مهمة تكتب التاريخ بصدق وتستكمل صورة الدراما الوطنية التى بدأت بمسلسلى «دموع فى عيون وقحة» و«رأفت الهجان» من واقع ملفات المخابرات المصرية، ويكشف «الاختيار» الدور الاجتماعى والوطنى للفن ونجوم الشعب، حيث تناول الجزء الأول الذى حمل عنوان «ملحمة البرث» حياة أحمد صابر المنسى قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذى استشهد فى كمين بمدينة رفح المصرية عام 2017 أثناء التصدى لهجوم إرهابى فى سيناء، وفى الجزء الثانى الذى حمل عنوان «رجال الظل» استعرض بطولات رجال الشرطة المصرية فى مواجهة اﻷخطار التى تعرض لها الوطن بعد سقوط جماعة الإخوان اﻹرهابية فى العام 2013، مع التركيز على أحداث فض اعتصام رابعة الإرهابى وأحداث كرداسة.

وفى الجزء الثالث الذى حمل عنوان «القرار» كشفت أحداثه تفاصيل مذهلة عن تحركات الجماعة الإرهابية حول ما شهدته مصر خلال السنوات التى أعقبت 25 يناير، والأسباب التى أدت إلى وصول جماعة (الإخوان المسلمين) الإرهابية إلى رأس السلطة، والأزمات التى لحقت بمصر فى تلك الفترة التى سببت فى حالة غضب شعبى على الجماعة، والتى انتهت باندلاع ثورة 30 يونيو، وقد أثارت الحلقة الأخيرة من المسلسل، أصداءً واسعة، بعد استعراض أزمات جماعة الإخوان خلال فترة حكم الإخوان، التى امتدت عامًا واحدًا. 

وكان ما يعرضه المسلسل يوميًا شرح لسياسات الإخوان، التى أدت إلى خروج الشعب المصرى ضدهم، حديث المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعى.وفى الحلقة الأخيرة من المسلسل نشرت تسريبات حول تلويح الجماعة بحرق البلاد فى الساعات الأخيرة من وجودهم فى السلطة، كما عرضت الحلقة أيضًا تسريبًا غير مؤرخ ظهر فى أدلة القضية المعروفة بـ«قضية التخابر الكبرى» يجمع القيادى الإخوانى أيمن شوقى الخطيب، وخالد سعد مساعد خيرت الشاطر ومشهد تواجد قتلة الرئيس الراحل أنور السادات فى احتفال ذكرى حرب أكتوبر 1973 والذى كان بمثابة «إعلان نهاية» عهد الإخوان.

وتكشف أحداث المسلسل أن جماعة الإخوان انقلبت على وعودها للقوى الوطنية والثورية، ولم ينفذوا أيًا منها، بل قاموا بإقصاء القوى الوطنية ولم يرضوا بالتوافق وأثبوا أنهم فشلة ومستبدون بل إن تابعين لجماعة الإخوان أعلنوا انشقاقهم وتبرؤهم منهم بعدما سارت الجماعة فى تشكيل ميليشيات وجماعات قتالية فى التظاهرات كانت تمارس كل أشكال العنف ضد القوى السياسية. 

وفى واحدة من أفضل أعمال الدراما الوطنية قدم نجوم الشعب مسلسل «الحشاشين» من تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج بيتر ميمى بطولة كريم عبدالعزيز الذى كشف جذور الإرهاب وتاريخهم الأسود من 1000 عام، والذى يروى فصلًا مهمًا فى تاريخ العالم العربى والإسلامى والصراعات بين الفرق الطائفية والمذهبية التى تلعب أدوارها المتباينة فى صناعة العنف ونشوء ظاهرة الإسلام السياسى التى مثلت صداعا فى دماغ الوطن من خلال جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.