الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فريدة فهمى: الفن حرمنى من الأمومة

دائما عندما يذكر اسم فرقة رضا لا بد أن يأتى إلى ذهننا الأيقونة فريدة فهمى فراشة الفرقة ونجمتها الأشهر التى وصفها كاتبنا الكبير إحسان عبدالقدوس فى أحد مقالاته عندما شاهدها فى عروض الفرقة فى أواخر الخمسينيات أنه عندما رآها ترقص شعر أنها ابنته أو أخته من فرط قربها للناس وإيمانها بما تقدمه.



 

وبرغم اعتزالها الرقص فى سن 43 سنة لكن ظلت هى نجمة الفرقة التى مر على إنشائها 65 عاما. فريدة احتفلت بهذه المناسبة على طريقتها من خلال مذكراتها التى صدرت باللغة الإنجليزية روت من خلالها رحلتها مع الفرقة واحتفت بمئوية ميلاد رفيق دربها على رضا الذى احتل الفصل الأهم فى حياتها. وفى الأيام الأخيرة من 2024 ومن داخل منزلها بحى الزمالك فريدة فهمى اختصتنا بحوار تفتح فيه صندوق ذكرياتها وتستقبل معنا 2025.

 

 

 

 

■ صدرت فى مايو الماضى مذكراتك باللغة الإنجليزية قبل النسخة المصرية التى فى طريقها للخروج للنور.. فما السبب؟

- هذا له أسبابه فأنا لى تلاميذ كنت أدرس لهم الرقص فى العالم كله وظللت أدرس الرقص حتى وقت قريب وبالتحديد حتى عام 2016 فوجدت أنهم مهتمون بتاريخى ومشوارى مع الرقص ففضلت أبدأ بالمذكرات باللغة الإنجليزية وإن شاء الله تصدر قريبا مذكراتى باللغة العربية والتى بالتأكيد سيضاف لها تفاصيل جديدة.

■ وما الذى حرصت أن تقوليه عن نفسك فى المذكرات؟

- المذكرات غلب عليها الطابع الإنسانى أكثر منه الجانب التقنى فقد ركزت فيها على طفولتى ومشوارى مع الرقص وأهمية والدى الدكتور حسن فهمى فى حياتى كذلك والدتى وكيف بدأت العلاقة مع عائلة رضا وزواجى أنا وشقيقتى بعلى ومحمود رضا كذلك تكوين الفرقة والصعوبات التى واجهتنا وسفرياتنا للخارج وأسلوب تدريس الرقص.

 والحقيقة أن فرقة رضا التى تكونت قبل 65 عاما كانت مثالا مشرفا لمصر فى الخارج وصنفت ضمن أفضل 12 فرقة استعراضية فى العالم وشاهدنا ما لا يقل عن 40 رئيس دولة داخل وخارج مصر وتستحق أن يكتب عنها مجلدات ومجلدات وليس فصلاً فى مذكراتى فقط.

 

 

 

■ هل من الممكن فى يوم من الأيام أن نرى هذه المذكرات تتحول لعمل فنى عن حياة فريدة فهمى؟

- أرفض وبشدة لأنهم لن يستطيعوا أن يقدموا عملاً بمستوى الفرقة وتاريخها، علاوة على أن السير الذاتية التى تم تقديمها لم تكن على المستوى.

■ من ضمن الفصول الموجودة فى المذكرات فصل عن رحلة علاجك فى موسكو فى أوائل السبعينيات بعد عملية جراحية فى ظهرك.حدثينا أكثر عن هذه الأزمة الصحية؟

- الموضوع بدأ بنوع من الخشونة فى ظهرى وجزء منه وراثى ومع الحركة والشغل الكثير الموضوع زاد وكنت مهددة بالتوقف عن الرقص فى هذا الوقت فتحدث زوجى للسيدة أم كلثوم وبدورها توسطت لى عند الرئيس السادات وسافرت روسيا بدون مرافق ولحسن حظى أن الملحق الثقافى فى روسيا كان أحد تلاميذ والدى وساعدنى فى الالتحاق بأحد المستشفيات لتلقى العلاج.

تقول: هناك فوجئت وأنا فى رحلة العلاج ببوكيه ورد أحمر مرسل من الرئيس السادات مع سكرتيره وهذا النوع من الورود لا يزرع إلا فى الكريملن فى هذا الفصل من السنة وبعد عملية الاستشفاء الدكتور أعطانى حدًا أقصى خمس سنوات حتى أعتزل الرقص.

■ وهل كان قرار الاعتزال فى سن 43 سنة سهلاً بالنسبة لك خاصة أنك كنتِ فى قمة نجوميتك؟

- أنا استكفيت وقتها من الرقص مع أن هناك راقصات تستمر فى الرقص حتى سن متأخرة.

تكمل: فأنا لى نظرية فى الأمر وهى إنى اعتزل الرقص فى عز شهرتى والناس «عايزانى» ولا أستمر ويكون الجمهور استكفى منى وفى نفس الوقت مستوى الفرقة تدهور وخنقها الانفتاح وكثرة الفنادق وهروب راقصى الفرقة للمسارح الليلية والكباريهات بحثا عن المادة.

■ دائما كان السؤال المهم: لماذا لم تقدم فرقة رضا أفلاما استعراضية بعد إٍجازة نص السنة وغرام فى الكرنك؟

- السبب أن الوزير الذى تولى فى الوقت الذى قدمنا فيه فيلم غرام فى الكرنك رفض وقتها أن نستكمل مشوارنا فى السينما. فى سنة 1966 كانت الفرقة فى قمة شهرتها وقدمنا أفكارا لفيلمين للوزير بعد «غرام فى الكرنك» لكنه رفض ففرقة رضا كانت تحت إشراف وزارة الثقافة منذ عام 1960 مثل غيرنا من الفرق التى انتقلت تبعيتها للدولة فى ظل عدم قدرتنا على تمويل الفرقة ودفع الأجور لأعضائها ونفقات الاستعراضات من ملابس وديكورات وغيره فكان الحل أن تصبح الفرقة تحت إشراف وزارة الثقافة وهو بالمناسبة ليس تأميما كما روج البعض وبدأت الفرقة تصعد وتحقق نجاحا أكبر لكن للأسف بسبب مشاكل التمويل فإن عددًا من أعضاء الفرقة بدأوا يبحثون عن مصادر دخل أخرى وسافروا فى عقود للخارج.

 

 

 

■ هل صحيح أن الموسيقار سيد مكاوى هو أول من لحن لفرقة رضا؟

- فعلا العروض الأولى لفرقة رضا كانت من ألحان أحمد صدقى وسيد مكاوى بعدها جاء الموسيقار على إسماعيل قائد أوركسترا وأكمل مشوار الألحان للفرقة.

■ كيف ترين فكرة ترميم الكلاسيكيات والتى كان من ضمنها فيلم «غرام فى الكرنك»؟

-  سعيدة جدا بهذا الأمر لأنه يحفظ تراثنا وبمناسبة فيلم «غرام فى الكرنك» هناك قصة طريفة حدثت أثناء تصوير الفيلم فى الأقصر وبالتحديد الاستعراض الأخير والذى كنا نصوره طوال الليل ونرتاح فى النهار.

فى هذا الوقت جاء وزير الثقافة ومعه الكاتب الفرنسى أندريه مالرو يريد أن يحضر التصوير لكن وجدنا نايمين فى الفندق بعد تصوير ساعات طويلة ونحن لم نكن على علم بالزيارة فقلك «دول جايين يتفسحوا فى الأقصر وبياكلوا فى أتة محلولة» وجاء لنا فى المساء فى معبد الكرنك أثناء تصوير الاستعراض واستقبلناه وقدمنا الرقصة كاملة تحية للضيف وبعدها على رضا شكر الوزير والضيف على الزيارة وكان يريد استكمال التصوير لكن الوزير لم يعجبه الكلام وكان يريد أن نقدم عرضا خاصا بدلا من أن نستكمل التصوير واختلف على رضا من وقتها مع الوزير.

■ عشت 34 عامًا كزوجة للمخرج الكبير على رضا مايسترو ودينامو فرقة رضا.. كيف تصفين هذه الرحلة؟

- عشتِ حياة مثالية مع على رضا فقد احتوانى بدون ما يحسسنى بفرق السن وأنا كنت زوجة مثالية ووالدى كان بيحبه ودائما كان السند والدعم والحبيب والصديق وعمره ما خنقنى أو كذب أو اتعصب عليا وحافظ عليا.

■ هل قرار عدم الإنجاب كان قرارا مشتركا بينك وبين زوجك؟

- من قال إننى لم أكن أريد أن أصبح أما يوجد امرأة على وجه الأرض لا تريد أن تصبح أما والحقيقة كانت هناك محاولات حتى أنجب واتعذبت مع الأطباء لكن لم يكن هناك نصيب.

 

 

 

■ وكيف كان يرى المخرج الكبير على رضا عدم تكريمه وهو على قيد الحياة ؟

-  بالتأكيد كان متأثرا ولكن لا يتكلم فقد كان يعلم قيمته جيدا ومعتزا بكرامته إلى أبعد الحدود وربما كان هذا أحد أسباب مرضه.

■ هل صحيح أنه كان يريد سحب اسم رضا من الفرقة؟

- نعم بالفعل لكن محمود أقنعه بالعدول عن الفكرة بسبب حبه للكيان الذى بناه فمحمود رضا كان يعتبر الفرقة ابنته التى لا يسطيع أن يتبرأ منها مهما كان غاضبا منها علاوة أن على رضا مرض فى أواخر أيامه وأصيب بالسرطان وتوفى.

■ ألم تفكرى فى عمل متحف يضم ملابس فرقة رضا التى تم استخدامها فى عروضهم الشهيرة خاصة فى العصر الذهبى للفرقة؟

- ليس فى استطاعتى، وبالتالى فإن فيلمى «غرام فى الكرنك وأجازة نص السنة» هما التوثيق الوحيد المتاح حاليا لتاريخ فرقة رضا ونفس الأمر بالنسبة لأرشفة الرقصات فالتليفزيون هو الذى كان يصور عروض الفرقة على شرائط، وأعتبر بعض المسئولين فى التليفزيون المصرى هم المسئولين عن ضياع  كثير من تاريخ فرقة رضا فى عصرها الذهبى.

■ فى ركن الجوائز التى تحتفظين بها فى منزلك ما أهم التكريمات التى تعتزين بها فى مشوارك؟

- كلها اعتز بها فمثلا حصلت من الرئيس عبدالناصر على وسام العلوم والفنون من الطبقة الثانية وعمرى 24 سنة وقبلها الملك حسين كرمنى فى الأردن وأعطانى كوكب الأردن أيضا تكريم الرئيس السيسى الذى كانت سعادتى به لا توصف ولا يمكن أن أصف جمال هذه اللحظة وقلت له وأنا بستلم التكريم «كدا أموت بكرا وأنا فرحانة». 

 

 

 

■ بالعودة لبدايات حبك للرقص.. هل حقيقى إنك رقصتِ وأنتِ طفلة فى أحد مدرجات جامعة القاهرة؟

- تضحك وتجيب قائلة: كانت أيام فمنذ طفولتى ووالدتى اكتشفت فىّ موهبة الرقص وكانت تحب التفصيل ففصلت لى جلبابا يشبه الزى الصعيدى المزخرف واتصورت وكان عمرى 7 سنوات والإيقاع كان بيجذبنى ووالدى كان متفتحا جدا ووقف أمام اعتراض العائلة لاتجاهى للرقص والتى كانت معترضة أيضا على زواجى من على رضا لكن بعد وقت بسيط الموضوع تغيربدعم بابا ووقوفه بجانبي.

■ ماذا أخذتِ من والدك الدكتور حسن فهمى ووالدتك الإنجليزية؟

- تعلمت منه إنى أسمع جيدا وأفهم وعلمنى اللغة العربية الصحيحة وأفهم تاريخ الأماكن التى أزورها وأقرأ وجهات النظر المتعددة.

أما والدتى فعلمتنى أهمية  الوعد وأنى عندما أعِد أوفى، وعندما تزوجتْ بوالدى تعلمتْ اللغة العربية وتمكنتْ من مصطلحاتها.

■ حدثينا عن علاقتك بنجوم ونجمات العصر الذهبى للسينما المصرية؟

- كان لعلى ومحمود رضا 9 أشقاء منهم صلاح رضا الذى كان فى سنى واتربينا مع بعض، لكن لم يكن هناك وقت أمامى لتكوين علاقات فالمسرح دائما يأخذ كل وقت الفنان ودائما كنت مشغولة بالتدريب والبروفات.

■ من هى الراقصة التى تستمتعين بمشاهدتها؟

- دائما أحب أتفرج على كاريوكا وسامية جمال فقد كانتا تنتميان للمدارس التلقائية فى الرقص بمعنى أنهما لا تقدمان نفس الرقصة بنفس الخطوات.

أيضا نبوية مصطفى وكيتى ودائما أحب أتفرج على رقص سامية جمال لأن لها حركات خاصة والحقيقة أن نجمات الرقص الشرقى فى مصر أصبحن جزءا من تراثنا مثل الموال والربابة وعزف القانون.

■ لماذا لم تكملى مشوارك فى السينما؟

- عشقى كان الوقوف على المسرح وأنا بعتبر نفسى محظوظة لأنى حققت حلمى المستحيل بدعم أسرتى. وعندما بدأت أمثل كان من باب التجربة والتعليم ووالدى وعلى زوجى شجعانى أن أدخل هذا العالم لكن المسرح والرقص كانا العشق الأول.

■ حياة فريدة فهمى دائما تتسم بالهدوء والبعد عن أى صراعات.كيف استطاعت تحقيق هذه المعادلة؟

- كما ذكرت لك كنت من المسرح للبيت ومن البيت للمسرح، والرقص كان حياتى وعالمى محصورا فيه ومحمود رضا كان أستاذى وزميلى وزوج أختى وعلى زوجى هو سندى ووالدى هو مستشارى وأنا محظوظة أن هؤلاء الرجال كانوا محاوطنى بحبهم ودعمهم.

■ كيف ترين اتجاه النجمات لعمليات التجميل حاليًا؟

- للأسف هذا ما جعلهن كلهن شبه بعض وهناك نجمات أحبهن لكن شوهن جمالهن الربانى بعمليات التجميل مع أن ملامحهن جميلة.

■ وهل هناك ممثلة تحبين متابعة أعمالها؟

- بتعجبنى روبى خاصة فى «سجن النسا» و«أهو دا اللى صار». 

■ بالمناسبة هل تسمعين أغانى مهرجانات؟

- نعم فمشكلتنا فى مصر أن هناك تفاوتا بين الأجيال وأنا بيفرق معايا الموسيقى وبالنسبة لأغانى الراب فهى لا تشبهنا.

■ وما علاقتك بالسوشيال ميديا؟

- لا علاقة وليس لدى إلا صفحة واحدة على الفيس بوك تديرها صديقتى الإسترالية «كيتى» بجانب موقع باللغة الإنجليزية يضم مقالاتى عن تقنيات الرقص.