الأربعاء 15 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
ما وراء الحاضر

ما وراء الحاضر

يبدأ التفكير الشمولى بالقدرة على رؤية ما وراء الحاضر؛ حيث الصورة الكبرى لا  تقتصر على الأهداف قصيرة المدى.



نستطيع هنا أن نتعلم من قصة حبس نيلسون مانديلا الذى قضى 27 عامًا فى زنزانة رقم 5 ـ التى غيرت تاريخ الأمة ـ فكانت الزنزانة غير الآدمية لا تتعدى 6 أقدام، والسرير ليس سريرًا فعليًا، فكان يتكون من فراش وبعض البطانيات فقط. ورغم تلك الظروف كان دائمًا مُركزًا على هدف أعظم من مجرد حريته الشخصية، وهو تحويل جنوب إفريقيا إلى دولة موحدة ومتنوعة، تتجاوز جراح الماضى. 

فى نفس السياق سطر هنرى فورد مؤسس شركة فورد لصناعة السيارات مثالًا بجعل السيارات التى ينتجها فى متناول المواطن الأمريكى العادى أكثر من مجرد بيع السيارات؛ كان  الأمر يتعلق بتغيير المجتمع، مكنه وضوح الغرض من إحداث ثورة فى النقل والتصنيع، مما جعل المستحيل ممكنًا.

تطوير التفكير الشمولى، فى البداية هو فن النظر إلى ما وراء الظروف الحالية لرؤية السياق الأوسع. هناك استراتيجيات تمكننا من بناء هذا النوع من التفكير بفاعلية.

أولها هو الخروج من فقاعتنا بتوسيع آفاقنا. استلهم فورد، على سبيل المثال، من مراقبة مصانع تعبئة اللحوم وطبّق تلك الأفكار لإنشاء خط التجميع الأول فى عالم السيارات فأحدث ثورة.

وبالمثل، يكسر ملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك باستمرار الحدود التقليدية من خلال استكشاف صناعات يتجنبها الآخرون. فعندما أسّس شركة SpaceX، لم يكن هدفه مجرد بناء صواريخ؛ بل جعل السفر إلى الفضاء متاحًا، وصولاً للمريخ. لتطبيق ذلك: «أحط نفسك وتفاعل مع أفكار وصناعات وثقافات جديدة. احضر الفعاليات المختلفة، اقرأ بشكل واسع، وتواصل مع أشخاص تختلف تجاربهم عن تجاربك. كلما كانت مدخلاتك متنوعة؛ كان تفكيرك أكثر غنى».

وفى نفس الوقت، يمثل الاستماع للآخرين وطرح أسئلة أكبر فرصة مهمة لتحقيق الطموحات المرجوة، فالتعاون والحوار يؤديان إلى الابتكار. ستيف جوبز أحاط نفسه بأشخاص يتحدونه، مما شجع النقاش ووجهات النظر المختلفة. قاد هذا الانفتاح إلى تغذية أفكاره وتحولها إلى منتجات رائدة جمعت بين البراعة التقنية ولتصميم يركز على المستخدم.

وفى منظور آخر، اعتمد إيلون ماسك على الاستماع إلى الخبراء وطرح الأسئلة الجريئة. مثل سؤاله: «كيف يمكننا تحويل العالم إلى الطاقة المستدامة؟»- الذى أدى إلى نجاح تسلا- أو «ما هو مستقبل الذكاء الاصطناعى للبشرية؟»- مما دفعه لإنشاء OpenAI-، وهنا يبرز نهجه أهمية الاستماع والتعلم والهدف نحو التغيير المؤثر.

والتفكير طويل الأمد يجعلنا نتخذ قرارات أكثر حكمة ونتجنب اتخاذ خيارات قصيرة المدى قد تضر بنا فى المستقبل.

على سبيل المثال، جاك ويلش، الرئيس التنفيذى السابق لشركة جنرال إلكتريك، كان معروفًا بحرصه على التفكير فى استراتيجية الشركة بعيدًا عن ضغوط السوق اليومية. لقد كان يخصص وقتًا للتفكير فى كيفية تعزيز مكانة الشركة عالميًا، مما جعل قراراته دائمًا مبنية على أسُس قوية.

التفكير الشمولى ليس مجرد مهارة بل هو نمط حياة يساعدنا فى اتخاذ قرارات مستقبلية، اسأل نفسك: كيف يمكن لخطواتى الحالية أن تبنى غدًا أفضل؟ وكيف يمكننى أن أترك أثرًا يتجاوز حياتى الشخصية؟ ابدأ اليوم، وانظر للعالم، ستكتشف أن السماء ليست هى الحد بل البداية.